إعادة صياغة حكايات الناس عن القطط مسرحياً

عرض فني تفاعلي لفرقة «خيوط» المصرية

إحدى لقطات العرض المسرحي (الشرق الأوسط)
إحدى لقطات العرض المسرحي (الشرق الأوسط)
TT

إعادة صياغة حكايات الناس عن القطط مسرحياً

إحدى لقطات العرض المسرحي (الشرق الأوسط)
إحدى لقطات العرض المسرحي (الشرق الأوسط)

لطالما تراوحت الروابط بين الإنسان والقطط بين التدليل أو التوجس، الرعاية والإهمال، وغيرها من المشاعر الغريزية مع هذا الكائن الحي.
تلك الروابط الشعورية الغنية ظلت محور عالم صفحة «قطط مصر» Cats of Egypt على «فيسبوك» منذ تأسيسها عام 2019. وذلك من خلال عرض صور للقطط مصحوبة بحكايات على لسانها في محاولة لجعل حكاياتها مرئية أكثر للبشر، لا سيما غير المتعاطفين مع الحيوانات بشكل عام.
لكن حكايات القطط غادرت «فيسبوك» أخيراً إلى خشبة المسرح، عبر عرض فني من تنظيم مبادرة «قطط مصر» وفرقة «خيوط» المسرحية التي اكتسبت شهرة على مدى السنوات الخمس الماضية لتقديمها ما يُعرف بفن مسرح إعادة التمثيل التفاعلي.
«لا يعتمد العرض على نص مسبق، إنما على ارتجال الممثلين لمواقف الدراما المسرحية مباشرة بعد سماعهم قصصاً من الجمهور، في محاولة للتفاعل معها وترجمتها لحكايات مسرحية»، بحسب ما تقول منسقة فريق خيوط والممثلة سارة رفعت.
وتضيف سارة رفعت لـ«الشرق الأوسط»: «العرض أقرب للعبة الجماعية، حيث تكون حكايات الجمهور عن القطط هي بداية الخيط، تبدأ واحدة من الجمهور في حكي مؤثر عن قطتها التي لازمتها خلال فترة مرضها الطويل، وآخر تحدث عن انقسام عائلته في استقبال قطة في المنزل ما بين ترحيب وكراهية، ومع كل حكاية كانت الفرقة المسرحية تلتقط خيوط الحكي وتقوم بإعادة تمثيل الحكاية على المسرح.
تروي سارة رفعت لمحة عن تاريخ مسرح إعادة التمثيل كشكل تفاعلي من المسرح الارتجالي، الذي تم تأسيسه على يد كل من الفنانين جوناثان فوكس وجو سالاس عام 1975. قائلة: إنه عبارة عن عملية فنية يشارك فيها الجمهور بحكي قصص من حياتهم الشخصية، عقب ذلك يقوم فريق من الممثلين والموسيقيين بتحويل القصة إلى مجموعة من المشاهد الارتجالية التي تحاكي خبرة صاحب الحكاية الأصلية.
ويمزج أداء الممثلين على المسرح بين حركات الجسد، والرقص، وتوظيف الموسيقى والأغنيات: «لغة الجسد كثيراً ما تكون تعبيراً رمزياً عن الحكايات الشخصية التي تحملها رسائل الجمهور، فالممثلون على المسرح تفاعلوا مع حكايات الجمهور التي تنوعت بين الفقد، والارتباط الكبير بالقطط كجزء أصيل من الحياة، وحتى قدرتها على إنقاذ أصحابها أحياناً».
كما تطرقت بعض المشاهد لتقمص القطط نفسها في بعض الأحيان، كمشهد أدته واحدة من ممثلات الفرقة وهي تحاكي قطة مستاءة من وجودها في عيادة طبية.
ولعل تلك الرسائل التي خرجت من بين جمهور العرض المسرحي، هي شكل جديد للتفاعل كما يرى محمد حسن، مؤسس «صفحة قطط مصر»، صاحبة فكرة العرض، ويقصد به التفاعل خارج دائرة صفحة «فيسبوك» الافتراضي، إلى عالم فني معاصر.
يقول محمد حسن لـ«الشرق الأوسط»: «عبر صفحة (فيسبوك) كنا دائماً نسعى لحكي قصص القطط في الشارع، وفي البيوت، نحاول أن نتقمص مشكلاتهم، وتحدياتهم وحتى أحلامهم، فنكون صوت تلك الكائنات التي لا صوت لها». ويضيف: «فكرنا في المسرح التفاعلي لا لمجرد أن يكون عرضاً فنياً بقدر ما أردنا أن يكون إعادة صياغة لحكايات الناس مع القطط»، وكشف أنه من المنتظر أن يقوموا بتكرار تجربة العروض الفنية حول القطط في محاولة لـ«تغيير نظرة الناس عن الحيوانات وعدم التفات الكثير منهم لاحتياجاتها»، على حد تعبيره.


مقالات ذات صلة

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

صدر حديثاً عن دائرة الثقافة في الشارقة العدد 62 لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 من مجلة «المسرح»، وضمَّ مجموعة من المقالات والحوارات والمتابعات حول الشأن المسرح

«الشرق الأوسط» (الشارقة)
يوميات الشرق برنامج «حركة ونغم» يهدف لتمكين الموهوبين في مجال الرقص المسرحي (هيئة المسرح والفنون الأدائية)

«حركة ونغم» يعود بالتعاون مع «كركلا» لتطوير الرقص المسرحي بجدة

أطلقت هيئة المسرح والفنون الأدائية برنامج «حركة ونغم» بنسخته الثانية بالتعاون مع معهد «كركلا» الشهير في المسرح الغنائي الراقص في مدينة جدة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق أشرف عبد الباقي خلال عرض مسرحيته «البنك سرقوه» ضمن مهرجان العلمين (فيسبوك)

«سوكسيه»... مشروع مسرحي مصري في حضرة نجيب الريحاني

يستهد المشروع دعم الفرق المستقلّة والمواهب الشابة من خلال إعادة تقديم عروضهم التي حقّقت نجاحاً في السابق، ليُشاهدها قطاع أكبر من الجمهور على مسرح نجيب الريحاني.

انتصار دردير (القاهرة )
الاقتصاد أمسية اقتصاد المسرح شهدت مشاركة واسعة لمهتمين بقطاع المسرح في السعودية (الشرق الأوسط)

الأنشطة الثقافية والترفيهية بالسعودية تسهم بنسبة 5 % من ناتجها غير النفطي

تشير التقديرات إلى أن الأنشطة الثقافية والفنية، بما فيها المسرح والفنون الأدائية، تسهم بنسبة تتراوح بين 3 و5 في المائة من الناتج المحلي غير النفطي بالسعودية.

أسماء الغابري (جدة)

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».