اتهامات للانقلابيين بفبركة أحكام قضائية ضد الحمادي ورفيقاتها ودعوة لإطلاق سراحهن

TT

اتهامات للانقلابيين بفبركة أحكام قضائية ضد الحمادي ورفيقاتها ودعوة لإطلاق سراحهن

شكل الحكم بالسجن 5 سنوات الذي أصدرته أول من أمس سلطة الميليشيات الحوثية في العاصمة صنعاء بحق الفنانة وعارضة الأزياء اليمنية انتصار الحمادي وبعض من رفيقاتها المحتجزات بشكل تعسفي منذ فبراير (شباط)، الماضي، صدمة كبيرة في الأوساط الحقوقية والقانونية والمجتمعية في اليمن.
وكانت محكمة حوثية في صنعاء قد أصدرت أول من أمس حكماً ابتدائياً بالسجن خمس سنوات على الفنانة وعارضة الأزياء اليمنية انتصار الحمادي وزميلاتها، في محاكمة وصفت بـ«الصورية» واستمرت لأكثر من 15 جلسة. وذكرت مصادر مقربة من أسرة الحمادي لـ«الشرق الأوسط»، أن القاضي المنتمي سلالياً للجماعة المدعو أسامة الجنيد أصدر حكماً ابتدائياً قضى بحبس الحمادي واثنتين من زميلاتها 5 سنوات، بينما قضى الحكم الحوثي ذاته بالحبس مدة سنة مع إيقاف التنفيذ على المدانة الرابعة وفق تهم حوثية وصفت بـ«الباطلة» بينها الإخلال بالآداب العامة. وأشارت إلى أن أسرة الناشطة الحمادي سجلت اعتراضها على الحكم الابتدائي، حيث سيقدم المحامون طعونهم للمحكمة الحوثية الاستئنافية.
ووصفت الاتهامات الحوثية الموجهة للحمادي بـ«المفبركة»، معتبرة أنها تكشف الوجه القبيح للجماعة وكل ممارساتها الإرهابية وغير الأخلاقية المتبعة بحق المختطفات اليمنيات. وعدت المصادر ذلك الإجراء بأنه يندرج ضمن ما تمارسه الميليشيات من جرائم ابتزاز وقمع وترهيب بحق النساء وكل فئات وشرائح المجتمع اليمني. واتهمت سلطة الجماعة بقيامها طيلة جلسات محاكمات سابقة بإعداد وتجهيز حزمة من الأدلة والإثباتات الملفقة وغير الصحيحة ضد المختطفة الحمادي وصديقاتها كعادتهم دائماً قبيل بدء أي جلسة محاكمة غير قانونية بحقهن.
وعلى صعيد متصل، لاقى الحكم الحوثي الصادر بحق الفنانة اليمنية ردود فعل على المستوى المحلي فمن جهتهم أكد محامون وناشطون محليون بطلان ذلك الحكم كونه قد أعد من قبل سلطة الانقلابيين سلفاً.
وذكر الناشطون والمحامون بلقاءات مقتضبة لهم مع «الشرق الأوسط» أن الحمادي كانت قد بصمت بأوقات سابقة بشكل إجباري وهي معصوبة العينين على محاضر معدة سلفاً، وتم خلالها تلفيق تهم عدة مخلة بحقها دون وجود أي دليل سوى رفضها القاطع وصديقاتها المحتجزات لمطالب الجماعة بالقيام بأنشطة تجسس غير أخلاقية بهدف الإيقاع بشخصيات مناوئة للميليشيات، وعبروا عن رفضهم واستنكارهم الحكم التعسفي الذي صدر من قبل ما سميت بمحكمة غرب الأمانة الخاضعة لسيطرة الجماعة بصنعاء بحق 4 فتيات يمنيات، مؤكدين أن كل المحاكمات الحوثية السابقة بحق الحمادي ورفيقاتها تمت بطريقة هزلية ولا تمت للقانون بأي صلة.
وفي حين طالب القانونيون والناشطون المنظمات الحقوقية المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان بالتضامن مع الحمادي وزميلاتها ورفض هذا الحكم والعمل على إيقاف العنف المتزايد بحق مختلف الفئات والشرائح اليمنية. وجهوا الدعوة أيضاً إلى جميع الجهات المعنية لإدانة هذه الجريمة وممارسة الضغط على الانقلابيين للإفراج عن المختطفة الحمادي وزميلاتها وكافة المختطفات تعسفاً وكل المخفيين قسرياً والعمل على اتخاذ إجراءات رادعة ضد الجماعة.
واعتبروا أن تلك الممارسات والجرائم الحوثية المتكررة ضد نساء اليمن تأتي بعد أن بلغت ذروتها خلال السنوات القليلة الماضية.
وسبق للجماعة قبل شهرين تأجيل جلسات محاكمة الحمادي في ظل مماطلة حوثية مستمرة للبت بتلك القضية.
وبحسب مصدر مقرب من الناشطة تحدث في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط»، فإن التأجيل الحوثي المتعمد كان بذريعة تغيب القاضي المنتمي للميليشيات رغم إحضار الحمادي غير مرة إلى المحكمة التي قابلت ذلك بالإعلان عن التأجيل.
وفي منتصف أغسطس (آب) المنصرم، نقلت الميليشيات عقب تأجيل جلسة المحاكمة للمرة الثانية إلى قسم سجينات ما يعرف بـ«الحرب الناعمة» وهن النساء اللواتي تعتقلهن أجهزة الجماعة القمعية وتلفق لهن تهماً عدة.
ورغم الضغوط الدولية والمحلية ضد الانقلابيين، فلا تزال الجماعة ذراع إيران في اليمن ترفض حتى اللحظة الإفراج عن الفنانة الحمادي رغم عدم ثبوت التهم الموجة إليها.
واختطفت الميليشيات في 20 فبراير الفنانة الحمادي وصديقات لها، وهي ممثلة درامية وعارضة أزياء من أب يمني وأم إثيوبية، في أحد شوارع العاصمة صنعاء، وظلت منذ ذلك التاريخ غير معروف مكانها، قبل انطلاق حملة ضغط شعبية واسعة للكشف عن مصيرها ما أجبر الجماعة لإحالتها للقضاء الخاضع لسيطرتها.
وأشارت مصادر حقوقية في صنعاء بتصريحات سابقة لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الجماعة بررت جريمتها تلك باتهامها للمخطوفات بانتهاك قواعد اللباس الإسلامي التقليدي، في حين عد مراقبون محليون اختطاف الحمادي وسجنها جريمة لا تختلف عما تقوم به المنظمات الإرهابية بحق النساء مثل تنظيم «القاعدة» و«داعش» و«أنصار الشريعة» وغيرها.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».