السودان: 3 حركات مسلحة ترفض إجراءات البرهان

TT

السودان: 3 حركات مسلحة ترفض إجراءات البرهان

أعلن «المجلس القيادي» للجبهة الثورية الموقعة على اتفاقية سلام جوبا، أمس، رفضه القاطع لاستيلاء الجيش على السلطة في السودان و«الانقلاب على السلطة الانتقالية المدنية»، فيما حثّ وفد من جامعة الدول العربية يزور الخرطوم، جميع الأطراف السودانية لاعتماد الحوار وسيلة لحل الأزمة الراهنة.
واتهمت قيادات بارزة في تحالف «الحرية والتغيير»، قادة الجيش بالسعي إلى شقّ التحالف بعد أن فشلوا في اقتلاع اعتراف من الشارع بقيادتهم للمرحلة الانتقالية. ودعت «الجبهة الثورية»، وهي كتلة رئيسية في عملية السلام، إلى إطلاق سراح رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، وجميع المعتقلين السياسيين، دون قيد أو شرط. وتضم «الجبهة الثورية» كلاً من «الحركة الشعبية - بقيادة مالك عقار»، و«حركة جيش تحرير السودان - المجلس الانتقالي» بزعامة الهادي إدريس، و«تجمع قوى تحرير السودان» برئاسة الطاهر حجر.
وكان قادة الحركات الثلاثة أعضاء في مجلس السيادة الانتقالي الذي حلّه قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في الإجراءات التي أعلنها في 25 أكتوبر (تشرين الأول)، والتي تولي بموجبها السلطة في البلاد وحلّ مجلسي الوزراء والسيادة، وأقال جميع حكام الأقاليم ووكلاء الوزارات، وأعلن حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد.
وجددت الحركات المسلحة الثلاث، في بيان مشترك، التزامها بالوثيقة الدستورية التي تؤسس للشراكة بين العسكريين والمدنيين في فترة الحكم الانتقالي التي ينبغي أن تنتهي بانتخابات حرة ونزيهة في إطار التحول الديمقراطي في السودان. كما أعلنت الحركات الثلاث التزامها بضرورة تنفيذ اتفاق جوبا للسلام، الموقع في 2020.
واستنكرت «الثورية» استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين السلميين، كما أدانت الاعتقالات المتكررة للسياسيين وأعضاء لجنة إزالة التمكين ولجان المقاومة والناشطين.
وطالبت في البيان برفع حالة الطوارئ «لتهيئة المناخ للحوار الجاد الذي يحمي البلاد من الانزلاق إلى الهاوية»، مؤكدة حرصها على أمن واستقرار وسلامة البلاد ووقوفها مع مطالب الشعب السوداني.
وقالت مصادر في تحالف «الحرية والتغيير»، الذي يمثل الحاضنة السياسية لحكومة حمدوك المقالة، إن «قادة الانقلاب العسكري يحاولون استمالة بعض الأفراد في التحالف للاعتراف بالانقلاب، بعد أن فشلوا في الضغط على حمدوك لقبول تشكيل حكومة جديدة».
وأضافت المصادر أن تحالف «الحرية والتغيير» متوحد في موقفه الرافضة للانقلاب العسكري، ويعمل على إسقاطه، ويرفض أي تسوية لشرعنة الحكم العسكري الحالي. وأشار التحالف إلى أن كل القوى السياسية المنضوية في التحالف «انخرطت في عملية التصعيد السلمي المدني الذي ينتظم الشوارع والمدن، ويرفض أي حوار أو مساومة مع الانقلابين قبل إعادة الوضع الدستوري في البلاد».
إلى ذلك، التقى وفد الجامعة العربية أمس بكل من الفريق عبد الفتاح البرهان ورئيس الوزراء المعزول عبد الله حمدوك.
من جانبه، أكد الأمين العام المساعد السفير، حسام زكي، دعم الجامعة للتحول الديمقراطي في السودان، مبيناً أهمية الحوار واعتماده وسيلة أساسية للتعامل مع الأزمات التي تطرأ خلال عملية الانتقال الديمقراطي. وقال زكي إن اللقاء تطرق لعدة قضايا تتصل بالوضع الراهن، مشيراً إلى نقل موقف القيادة السودانية للأمين العام للجامعة العربية، مؤكداً «دعم الجامعة العربية للسودان في كل المراحل، ومراقبتها عن كثب مسيرة التحول الديمقراطي، وصولاً إلى بر الأمان».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.