ضرائب مراكز الدروس الخصوصية «المخالفة» تجدد الجدل في مصر

وسط مخاوف من تقنين أوضاعها عبر هذه الخطوة

بوستر دعائي لمركز دروس خصوصية عبر «فيسبوك»
بوستر دعائي لمركز دروس خصوصية عبر «فيسبوك»
TT

ضرائب مراكز الدروس الخصوصية «المخالفة» تجدد الجدل في مصر

بوستر دعائي لمركز دروس خصوصية عبر «فيسبوك»
بوستر دعائي لمركز دروس خصوصية عبر «فيسبوك»

أثار طلب مصلحة الضرائب المصرية، من مراكز الدروس الخصوصية بفتح ملفات ضريبية لها في مكاتبها المنتشرة في أنحاء الجمهورية جدلاً واسعاً في مصر، لا سيما أن هذه المراكز غير قانونية، وسط مخاوف من تقنين أوضاع هذه «السناتر» والاعتراف بوجودها رسمياً بعد تحصيل ضرائب منها.
ويقدر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الرسمي، إجمالي ما ينفقه المصريون على الدروس الخصوصية بنحو 47 مليار جنيه مصري سنوياً، وفق نتائج بحث الدخل والإنفاق 2017 – 2018، التي أعلنها الجهاز عام 2019.
وطالب رضا عبد القادر، رئيس مصلحة الضرائب المصرية، أول من أمس، «مَن يقوم بنشاط مراكز الدروس الخصوصية سواء جمعيات أو قاعات أو شقق أو عن طريق التدريس عبر الوسائل الإلكترونية وغيرها سواء مملوكة أو مؤجرة، مراكز رئيسية وفروعها، بضرورة التوجه إلى مأمورية الضرائب التي يقع في نطاقها المقر الرئيسي للنشاط وإخطار المأمورية بذلك سواء كان لديه ملف ضريبي أو أن يقوم بفتح ملف ضريبي جديد لهذا النشاط، وذلك في موعد أقصاه شهر من الآن».
وبدأت الدراسة بصفة رسمية في مصر الشهر الماضي، ويبلغ عدد الطلاب في التعليم الأساسي بمصر 24 مليوناً، مقسمين على 60 ألف مدرسة على مستوى المحافظات المصرية، حسب إحصائية وزارة التربية والتعليم، وتعاني بعض المحافظات من وجود كثافة عالية في الفصول تصل في بعض الأحيان إلى مائة طالب في الفصل.
ووفق عبد القادر، فإن هذه الخطوة تأتي «ضمن حرص وزارة المالية ومصلحة الضرائب على دمج الاقتصاد غير الرسمي في الاقتصاد الرسمي، بما يُسهم في حصر المجتمع الضريبي بشكل أكثر دقة، وإرساء دعائم العدالة الضريبية واستيفاء حقوق الخزانة العامة للدولة».
ورغم نفي مصلحة الضرائب تسبب هذا الطلب في إضفاء الصبغة القانونية على هذه المراكز، فإن الدكتور حسن شحاتة، الخبير التربوي المصري، يرى أنه كان من الأولى وضع ضوابط صحية وتعليمية لتنظيم عمل هذه المراكز قبل فرض الضرائب عليها. ويقول شحاتة لـ«الشرق الأوسط»: «هذا القرار يعد مجازفة كبيرة، ويشير إلى عدم الاهتمام بالطلاب». ويؤكد شحاتة أنه «ضد تجريم مراكز الدروس الخصوصية أو إباحتها من دون شروط، مطالباً بمعاملتها معاملة المدارس الخاصة التي تعمل في مصر وفق شروط وضوابط محددة.
وأشار إلى أن «وجود عجز في عدد الفصول والمُعلمين ووجود كثافات عالية يدفع أولياء الأمور إلى إرسال أبنائهم إلى مراكز الدروس الخصوصية التي سيفرض عليها مشروع تطوير التعليم الذي يعتمد على التقويم والتحليل تغيير طريقة التدريس بها».
ويؤكد عبد القادر أن «إخطار المأمورية بنشاط الدروس الخصوصية، وفتح ملف ضريبي لا يعد سنداً قانونياً لتقنين أوضاعها»، لافتاً إلى أنه في حالة عدم توجه من يقوم بنشاط مراكز الدروس الخصوصية إلى مأمورية الضرائب التي يقع في نطاقها المقر الرئيسي للنشاط وإخطار المأمورية سوف تقوم المصلحة بتطبيق أحكام قانون الضريبة على الدخل رقم 91 لسنة 2005 وتعديلاته وقانون الإجراءات الضريبية الموحد رقم 206 لسنة 2020، مؤكداً أن نشاط مراكز الدروس الخصوصية، كأي نشاط تجاري أو مهني ينتج عنه ربح، وبالتالي تحصل منه ضريبة، مشدداً على أن واقعة التهرب الضريبي من الجرائم المخلة بالشرف.
وانتقد متابعون هذه التصريحات، واعتبروها خالية من أي رسالة تهدف لتطوير التعليم وتبحث عن جني المزيد من الأموال فقط بصرف النظر عن تأثير ذلك على أولياء الأمور، حيث عبّروا عن مخاوفهم من اتجاه بعض تلك المراكز لرفع أسعارها.
وهو ما تؤيده تصريحات سعيد فؤاد، مدير المكتب الفني لرئيس مصلحة الضرائب، عندما قال في تصريحات تلفزيونية إن «مصلحة الضرائب دورها تحقيق العدالة الضريبية وليس التقنين»، مؤكداً أن السناتر تزاول نشاطاً تجارياً مثله مثل أي نشاط آخر، ولا بُد من خضوعها للنظام الضريبي.
ويرى الدكتور مصطفى رجب، الرئيس الأسبق لهيئة محو الأمية وتعليم الكبار، أن «ثقافة الدروس الخصوصية مترسخة في مصر منذ أكثر من 150 عاماً، عندما كان يتلقى أبناء الباشوات دروساً خصوصية في بيوتهم الفاخرة»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، أن «بعض الخطط التعليمية التي يضعها وزراء التعليم في مصر للحد من الدروس الخصوصية لا تتفق مع الواقع الصعب الذي يعيشه الطلاب في المدن والقرى البعيدة عن القاهرة».
ورغم عدم قانونيتها، فإن مئات المراكز تفتح أبوابها منذ شهر أغسطس (آب) الماضي، في معظم المحافظات، خصوصا لطلاب المرحلتين الإعدادية والثانوية، ولا تهتم بتطبيق الإجراءات الاحترازية المتعلقة بـ«كورونا»، بحسب مراقبين.


مقالات ذات صلة

«إكسون موبيل» تستعد لحفر بئر جديدة للتنقيب عن الغاز في مصر

الاقتصاد اجتماع وزير البترول  والثروة المعدنية المصري كريم بدوي بمسؤولي شركة «إكسون موبيل» (وزارة البترول والثروة المعدنية)

«إكسون موبيل» تستعد لحفر بئر جديدة للتنقيب عن الغاز في مصر

ستبدأ شركة «إكسون موبيل» المتخصصة في أعمال التنقيب عن البترول وصناعة البتروكيماويات يوم 15 ديسمبر (كانون الأول) المقبل بأنشطة الحفر البحري للتنقيب عن الغاز.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مصريون يلجأون للمعارض لشراء احتياجاتهم مع ارتفاع الأسعار (الغرفة التجارية المصرية بالإسكندرية)

الغلاء يُخلخل الطبقة الوسطى في مصر... رغم «التنازلات»

دخلت الطبقة الوسطى في مصر مرحلة إعادة ترتيب الأولويات، بعدما لم يعد تقليص الرفاهيات كافياً لاستيعاب الزيادات المستمرة في الأسعار، فتبدلت معيشتها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال استقباله الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس وزراء قطر في العاصمة الإدارية الجديدة (مجلس الوزراء المصري)

مصر وقطر ستتعاونان في مشروع عقاري «مهم للغاية» بالساحل الشمالي

قال مجلس الوزراء المصري، الأربعاء، إن مصر وقطر ستتعاونان خلال المرحلة المقبلة في مشروع استثماري عقاري «مهم للغاية» في منطقة الساحل الشمالي المصرية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

حذّر تقرير أممي من زيادة نسبة خدمة الدين الخارجي في البلدان العربية، بعد أن تضخّم الدين العام المستحق من عام 2010 إلى 2023، بمقدار 880 مليار دولار في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الاقتصاد مقر البنك المركزي المصري بالعاصمة الإدارية الجديدة (رويترز)

تحويلات المصريين بالخارج زادت بأكثر من 100 % في سبتمبر

أظهرت بيانات البنك المركزي المصري، اليوم الاثنين، أن تحويلات المصريين بالخارج ارتفعت لأكثر من مثليها على أساس سنوي في سبتمبر (أيلول) الماضي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».