مهرجان قرطاج السينمائي يحتفل مجدداً بسينما العرب وأفريقيا

انطلق بفيلم تشادي بديع

«أميرة»
«أميرة»
TT

مهرجان قرطاج السينمائي يحتفل مجدداً بسينما العرب وأفريقيا

«أميرة»
«أميرة»

كشف أحد المطلعين على أعمال مهرجان قرطاج التي بدأت دورته الجديدة يوم أمس (السبت)، بأنّ بعض المهرجانات الأخرى في الجوار العربي تدفع مبالغ نقدية مقابل ألا يذهب صانع الفيلم إلى مهرجان آخر. بذلك ينفرد المهرجان الدافع بعدد من الأفلام التي تقوّيه وتميّزه عوض أن تذهب إلى مهرجانات منافسة. مهرجان قرطاج السينمائي المتخصص بالسينما العربية والأفريقية هو أحد هذه المهرجانات المنافسة.
على هذا الأساس، مهرجان أيام قرطاج السينمائي لا يدفع. لم يدفع لشراء عرض فيلم في حياته منذ تأسيسه سنة 1966 وحتى هذه الدورة الثانية والثلاثين التي تنتهي في السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) 2021.
أسسه الناقد الراحل الطاهر الشريعة على أن يُقام مرّة كل سنتين. في عام 2015 تقرر أن يُقام المهرجان سنوياً. بذلك دخل عرين منافسة طبيعية مع مهرجانات عربية أخرى تُقام سنوياً، بينها مهرجان القاهرة ومهرجاني دبي وأبوظبي اللذين توقفا إثر نجاح لم يسبقه مثيل على خارطة المهرجانات العربية.
تولى المنتج نجيب عياد إدارته، سنة 2018 بعدما انتقل المهرجان من يد إلى يد طوال عقدين ماضيين، لكن المنية وافته في العام التالي ليتسلم المخرج والمنتج التونسي رضا الباهي المرموق هذه الإدارة في العام الماضي والعام الحالي.
مسابقات
سابقاً ما كان السؤال عما إذا كان من الممكن ضم السينما العربية إلى السينما الأفريقية السوداء في مسابقة واحدة. في دورات الثمانينات والتسعينات تموضع هذا السؤال حول الهوية ذاتها من منطلق أن السينماتين مختلفتان في كل شيء ما عدا استخدامهما الفيلم الخام (لم يكن الديجيتال موجوداً آنذاك). بدت السينما العربية أكثر غزارة وأكثر حضوراً وتقدّماً، في أساليب العمل والصنعة والإنتاج كما على صعيد المواهب في الكتابة والإخراج والتمثيل عن رفيقتها الأفريقية.
لكن هذا الحال تبدّل خلال السنوات القليلة الماضية، لا من حيث إن الجمع بين الأفريقي والعربي بات تقليداً ناجحاً فقط، بل كذلك من حيث إنه بات للسينما الأفريقية مواهبها وإنتاجاتها المهمّة هي التي لم تخل فعلياً من المواهب منذ سنوات بعيدة وإن تناثرت وتباعدت كماً.
مسابقة هذا العام تحتوي، بطبيعة الحال، على هذا التوازي المثير ولو على نحو غير متعادل. في مواجهة ثمانية أفلام عربية (مع اعتبار أن الصومال عضو في جامعة الدول العربية) هناك أربعة أفريقية في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، وفي مقابل عشرة أفلام عربية في مسابقة الأفلام القصيرة هناك فيلمان من الجوف الأفريقي (من رواندا والسنغال).
في مسابقة الفيلم الوثائقي الطويل 8 أفلام عربية و4 أفريقية. أما مسابقة الفيلم الوثائقي القصير فيجمع بين 6 أفلام عربية و3 أفريقية. هذه المسابقات الرسمية الأربعة تُضاف إليها مسابقة خامسة تحمل عنوان «السينما الواعدة»، وتتمثل أيضاً في غلبة للسينما العربية (8 أفلام في مقابل فيلمين من عمق القارّة).
لجنة التحكيم للأفلام الروائية الطويلة والقصيرة يقودها الأكاديمي الإيطالي إنزو بورسلي وتضم فيلماً للمخرج المغربي داود أولاد السيد والناقد التونسي سفيان بن فرحان والزميل طارق الشناوي من مصر.
المخرجة الإماراتية نجوم الغانم تشترك في لجنة تحكيم الأفلام القصيرة التي ترأسها الفرنسية صوفي سالبو.
دفتر رئيس المهرجان مليء بالملاحظات الدقيقة والخواطر والتفاصيل، لكنه مثله لا يُذاع له سر. رضا الباهي حريص على أن يترك للدورة الجديدة مهمّة الحديث عن نفسها وهي تعد بأن تكون دورة أخرى ناجحة، هذا رغم الظروف السياسية الأخيرة وإن كانت هذه الظروف معتادة في ركب دولة شهدت تجاذبات القوى السياسية داخلها ومن حولها.
يقول رضا الباهي في حديث خاص: «سعينا لأن تتمثل في الدورة الجديدة معظم الدول العربية المنتجة للأفلام. لدينا على سبيل المثال أفلام من السعودية وقطر ومصر وتونس والجزائر والمغرب ولبنان وسوريا وليبيا واليمن والصومال. وشخصياً فوجئت بعدد الذين تقدّموا بأفلامهم إلينا قبل انعقاد الدورة».
ويترجم الباهي المسألة رقمياً:
* عدد الدول المشاركة: 45 دولة.
* عدد أقسام المهرجان: 11
* عدد الأفلام التي عرضت على المهرجان: 750 فيلماً
* عدد الأفلام المختارة 255 فيلماً.
* عدد الأفلام الطويلة التونسية: 18 فيلماً.
فيلم الافتتاح
الافتتاح من نصيب الفيلم التشادي- الفرنسي «لينغوِي - روابط مقدّسة» للمخرج التشادي محمد صالح هارون. كما عادته في أفلام السابقة «الرجل الذي يصيح» (2010) و«دارات» (2013) يتناول المخرج حكاية شائكة بأسلوبه الهادئ الذي لا يسعي لإثارة المشاهد عبر إيقاع أو تفعيل درامي قد يستجيب لدواعي من خارج قناعاته.
في البؤرة شخصيتان أم اسمها أمينة (أشواق أباكر) وابنتها الشابة ماريا (ريحان خليل عليو). الأولى تفاجأ بتصرّفات ابنتها الشابة التي أخذت تختلف طبائعها عن المعتاد. أخذت تنزوي بعيداً وتتقلب في كوابيسها ليلاً. تلحق بابنتها سراً إلى المدرسة لتكتشف أنها طُردت منها بسبب حملها. يترك هذا الاكتشاف أثراً كبيراً على الأم الملتزمة دينياً. هي، لحين، موزّعة العاطفة والشأن بين التزامها الديني (كانت تؤم المسجد وتستمع لنصائح الإمام المنتمي إلى الإخوان المسلمين) وبين التزامها بوضع ابنتها التي تبوح لوالدتها برغبتها في الإجهاض.
ما يجعل المسألة عميقة وجدانياً والحكاية هي أنّ الأم خاضت هذا الركب سابقاً إذ أنجبت وهي عازبة من قبل، وواجهت ردات فعل متوقعة ونبذ أهلها لها. وحين تجد أنّ الدائرة تعود بها إلى ماضيها، تتخذ القرار في مساعدة ابنتها على الإجهاض رغم القوانين الصارمة. بذلك تختار أي التزام تريده لنفسها ولابنتها.
الأم هي المحور لكل ما نراه. هي أكثر من حضور الأم في فيلم «ستموت في العشرين» لأمجد أبو العلا، مثلاً. في البداية نراها تعمل على انتزاع الأسلاك من داخل إطارات السيارات وبيع الإطارات كوقود. ليست المهنة التي تتمناها أي امرأة لنفسها (ناهيك عن الرجل) لكنه التقديم الشامل لكي نعرف أي نوع من المرأة المجاهدة هي أمينة. لاحقاً لا تحارب أمينة صمتاً بل جهراً وتسعى لتغيير مصير ابنتها. تنفيذ هارون الهادئ المُشار إليه يوازيه قدراً عدم رغبته في الخطابة ولا في تقديم ما هو صدامي، بل البحث من داخل المؤسسة الاجتماعية عن التقاليد والتحديات. الروابط المقدّسة هنا هي نسائية: الأم وابنتها من ثمّ شقيقتها الصغرى وإحدى معارفها. يشكل هذا الثلاثي السعي لإيجاد حل للمشكلة الحادة وهي الإجهاض. يتبنى المخرج، طبيعياً، حرية الفعل. لكن أحد أهم رغبات المخرج الإشارة إلى كيف تستطيع النساء تكوين الموقف الملزم وإنقاذ الوضع بتضامن فريد. هذا كان شأن فيلمه السابق مباشرة Grigris حين تلتقي نساء القرية على الدفاع عن حقوقهن.
أفلام العرب في المسابقة
إذ يقود «لينغوي - روابط مقدّسة» الأفلام التي ستليه، نجد في خضم مسابقة الفيلم الروائي الطويل مجموعة متعددة الاتجاهات والأساليب بعضها يتمحور كذلك حول المرأة ووضعها وحقوقها.
المرأة هي في فيلم عمر الزهيري «ريش» من خلال الزوجة التي يتحوّل زوجها إلى دجاجة (ولو أن الزوج بذلك يعكس حال الهوية المنزوعة منه).هي المرأة أيضاً في الفيلم المصري - الفلسطيني «أميرة» لمحمد دياب حين تكتشف الفتاة (تارا عبّود) أنّ الرجل الذي ربّاها ليس والدها. تبعات ذلك صادمة مع سؤال يتبلور، كما سنرى في رسالة أخرى، لمن قد يكون والد أميرة الحقيقي وما علاقة كل ذلك بأمها وأبيها القابع في أحد السجون الإسرائيلية.
كل من «ريش» و«أميرة» تنافسا على جائزة مهرجان الجونة في دورته الخامسة مؤخراً (حيث خرج «ريش» بجائزة أفضل فيلم عربي) ويتنافسان الآن في قرطاج.
كذلك فعل الفيلم المغربي «علي صوتك» لنبيل عيوش الذي يدور أيضاً حول الفتاة الشابّة واختياراتها اليوم. كعادة أفلام عيوش يتقدّم الإعلان عن الغاية الخطابية كل شيء آخر، فإذا بالفيلم يميل لترويج الفكرة وللترفيه أساساً. شيء معاكس تماماً لفيلم محمد صالح هارون.
الأفلام الأخرى الآتية من الدول العربية للاشتراك في هذا المسابقة هي «حلم» لعمر بلقاسمي (الجزائر) و«الريح وحدها» لكريم قاسم (لبنان) وثلاثة أفلام تونسية هي «فرططو الدهب» (كما هو العنوان الفعلي) لعبد الحميد بوشناق و«مجنون فرح» لليلى أبو زيد و«عصيان» للجيلالي السعدي.
على صعيد مختلف، يتساءل المرء عن كيف يقاوم بعض المخرجين اللبنانيين والليبيين الوضع الحاضر في البلدين لإنتاج وتوفير أفلام حديثة. هناك فيلمان لبنانيان آخران في العروض القرطاجية هما «كوستا برافا» لمونيا عقل و«الغضب» لماريا إيفانوفا، عدا ما قد يلتقطه الحاضر من أفلام مبعثرة بين التسجيلي الطويل («أعنف حب» لإيليان الراهب) والأفلام القصيرة على نوعيها الروائي وغير الروائي.
بالنسبة للأفلام الليبية المندرجة في قسم يستضيفها، هي خمسة عشر فيلماً يعود أقدمها (فيلم بعنوان «80») إلى سنة 2012. وثلاثة منها من إنتاج هذه السنة هي «رؤى ليلية» لبكر فارس ومحمود الفتحالي و«الباروني» لأسامة رزق و«كلاب العقيد الضالة» لخالد شميس.
الأفلام الإحدى عشر الباقية تعود لسنوات ما بعد 2012 و2021 وتشمل «أرض الرجال» لألو خريس خليفة (2015)، و«السجين والسجّان» لمهند الأمين (2019)، و«طريق العودة» لمالك المغربي (2020).
متى أُنتجت هذه الأفلام وكيف صُنعت؟. هذا واحد من الحوافز التي تجعل من مهرجان أيام قرطاج السينمائية حفلاً فنياً وثقافياً لا يذبل.


مقالات ذات صلة

«مَن الذي لا يزال حيّاً» يوثق أحوال الفلسطينيين الفارين من «جحيم غزة»

يوميات الشرق عرض الفيلم للمرة الأولى عربياً ضمن فعاليات «مهرجان القاهرة السينمائي» (الشركة المنتجة)

«مَن الذي لا يزال حيّاً» يوثق أحوال الفلسطينيين الفارين من «جحيم غزة»

وظيفة الفيلم، وفق المخرج السويسري نيكولا واديموف، ليست إخبار الجمهور بما حدث، بل مساعدته على الشعور به؛ لأن المعرفة بلا تعاطف لا تغيّر شيئاً.

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق علي الكلثمي شارك تفاصيل منهجه الإخراجي ورحلته داخل الصناعة السعودية (البحر الأحمر)

علي الكلثمي... المخرج السعودي الذي صاغ من السخرية رؤية سينمائية

حملت الجلسة كثيراً من الجدّية في التفاصيل التي قدَّمها علي الكلثمي عن عمله مع الممثلين...

إيمان الخطاف (جدة)
يوميات الشرق مشهد من فيلم افتتاح المهرجان «العملاق» من بطولة أمير المصري (المهرجان)

أمير المصري في «البحر الأحمر»... بطولة مزدوجة تقوده إلى لحظة تحوُّل لم يتوقَّعها

أمير المصري، الذي أصبح اسماً مألوفاً في سجل ضيوف المهرجان خلال السنوات الماضية، عاد هذا العام بنبرة مختلفة وحضوراً أكثر نضجاً.

إيمان الخطاف (جدة)
يوميات الشرق من اليسار فيصل بالطيور وأمير المصري ونسيم حميد بعد عرض «عملاق» في البحر الأحمر (أ.ف.ب)

ثلاثة أفلام تبحر في التاريخ غير البعيد

كلا الفيلمين يقدّمان مرآة لواقعٍ يطغى فيه اليأس على أحلام أبطاله، وسط سياق سياسي لا يتيح حياة طبيعية.

محمد رُضا (جدّة)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.


رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».


ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».