جينات مختلفة لحدوث الاكتئاب لدى الأعراق البشرية

رصدت لدى الأوروبيين والصينيين

جينات مختلفة لحدوث الاكتئاب لدى الأعراق البشرية
TT

جينات مختلفة لحدوث الاكتئاب لدى الأعراق البشرية

جينات مختلفة لحدوث الاكتئاب لدى الأعراق البشرية

أفادت دراسة حديثة أجريت على السكان غير الأوروبيين، ومعظمهم من سكان شرق آسيا؛ وتحديداً من الصين، بأن هناك 5 متغيرات جينية جديدة مرتبطة بالاكتئاب.
كما وجدت أن هذه الجينات تختلف عن تلك التي لدى المجموعات الأوروبية، فالأشخاص المتحدرون من أصل شرق آسيوي أقل عرضة للإصابة بالاكتئاب مع ارتفاع مؤشر كتلة الجسم لديهم، وذلك على عكس النتائج التي توصلت إليها دراسات سابقة على مشاركين من أصل أوروبي فقط أشارت إلى أن ارتفاع مؤشر كتلة الجسم يؤدي إلى احتمالات أعلى للإصابة بالاكتئاب.

السمنة والاكتئاب

في دراسة على أشخاص يتحدرون من أصول أوروبية، أجرى فرنشيسكو كازانوفا، أستاذ علم الوراثة في كلية الطب بجامعة إكستر البريطانية، وزملاؤه دراسة نشرت في 16 يوليو (تموز) 2021 بمجلة «Human Molecular Genetics»، قامت بتحليل بيانات 145668 فرداً في المملكة المتحدة للتأكد من الروابط بين «مؤشر كتلة الجسم (BMI)» ونتائج الصحة العقلية. وقام الباحثون بتقييم مجموعتين من المتغيرات الجينية وكانت مجموعة واحدة من الجينات تؤدي إلى زيادة الوزن رغم أنها أكثر صحة من الناحية الأيضية، بينما ساهمت المجموعة الأخرى من الجينات في زيادة الوزن وكانت غير صحية من الناحية الأيضية. وقدمت الدراسة دليلاً إضافياً على أن ارتفاع مؤشر كتلة الجسم يؤدي إلى احتمالات أعلى للإصابة بالاكتئاب ويقلل من الرفاهية. وباستخدام علم الوراثة لفصل الآثار الأيضية والنفسية والاجتماعية، أشارت الدراسة إلى أنه في حال عدم وجود آثار أيضية ضارة، تظل السمنة سبباً للاكتئاب وتقليل الرفاهية. ورغم حجم العينة الكبير؛ فإن أهم قيود الدراسة هو أن المشاركين كانوا من أصل أوروبي فقط؛ لذا فإن هذه النتائج ليست قابله للتعميم.

مخاطر جينية
على صعيد آخر، يعدّ البحث المنشور في «مجلة الجمعية الطبية الأميركية (JAMA)» للطب النفسي في 29 سبتمبر (أيلول) 2021 أكبر دراسة في المخاطر الجينية للاكتئاب أجريت على السكان غير الأوروبيين باستخدام بيانات من سكان شرق آسيا؛ ومعظمهم من الصين. فقد حدد الباحثون 5 متغيرات جينية جديدة مرتبطة بالاكتئاب، لكنهم وجدوا أن الجينات المرتبطة بالاكتئاب تختلف عما لدى المجموعات الأوروبية، كما أن ارتفاع مؤشر كتلة الجسم لا يرتبط بتعريض الآسيويين أكثر للاكتئاب.
ووفرت الدراسة الجديدة فهماً أفضل للبيولوجيا الأساسية للاكتئاب من خلال تحديد الاختلافات في طريقة ارتباط الجينات بالاكتئاب في مجموعات سكانية مختلفة. وتمكنت كارولين كوتشينباكر عالمة الأوبئة الوراثية في «يونيفرسيتي كوليدج لندن» والمؤلفة الرئيسية في الدراسة وزملاؤها في الصين وتايوان من الوصول إلى مجموعات البيانات الجينومية لشرق آسيا. وأمضى الباحثون نحو عامين في الجمع بين البيانات الخاصة بالمشاركين من شرق آسيا في مختلف المشاريع التي أجريت في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والبر الرئيسي للصين وتايوان بواسطة المؤسسات المتعاونة وهي بنك «China Kadoorie Biobank» الذي جمع بيانات جينومية عن نصف مليون مشارك صيني في دراسة تايوانية عن اضطراب الاكتئاب الشديد، وشركة «andMe 23» الأميركية المختصة في الجينوميات والتكنولوجيا الحيوية، و«مبادرة صحة المرأة الأميركية» وهي سلسلة من الدراسات السريرية التي بدأتها معاهد الصحة الوطنية الأميركية، و«البنك الحيوي (Biobank)» في المملكة المتحدة الذي يبحث في مساهمات كل من الاستعداد الوراثي والتعرض البيئي؛ بما في ذلك التغذية ونمط الحياة والأدوية. وقد شارك في الدراسة ما مجموعه 194548 فرداً (بمتوسط عمر تقريبي 51.3 عاماً وبمعدل 62.8 في المائة من النساء) وشمل المشاركون 15771 فرداً يعانون من الاكتئاب، و178777 فرداً من أصول شرق آسيوية. وقد استخدم الباحثون مجموعة من التدابير لتحديد الاكتئاب؛ بما في ذلك المقابلات السريرية المنظمة، وسجلات الرعاية الصحية الطبية، واستقصاءات الأعراض، والمسوحات المكتملة ذاتياً، في تحليل واسع للجمع بين الاكتشافات وحالات الاكتئاب، واستخدمت مجموعة البحث هذه البيانات الموحدة لتحديد كيفية ظهور الاكتئاب في مجتمع الدراسة وتحديد المتغيرات الجينية التي تكون أكثر أو أقل شيوعاً لدى المصابين بهذه الحالة.

عوامل خطر مختلفة
كان للعلماء هدفان أساسيان: تحديد ما إذا كانت الجينات المرتبطة بالفعل بالاكتئاب في الدراسات التي أجريت على مجموعات من أصل أوروبي بشكل أساسي مرتبطة بالحالة في مجموعة غير أوروبية. والهدف الثاني هو البحث عن جينات خطر جديدة في مجموعة البيانات التي جرى جمعها.
ولأجل معالجة الهدف الأول؛ قامت المجموعة بتقييم 102 من عوامل خطر الاكتئاب المعروفة من الدراسات السابقة، ووجدت أن 11 في المائة فقط منها كانت مرتبطة بالاكتئاب في مجموعة شرق آسيا.
وعلى العكس من ذلك؛ وجد الباحثون 5 جينات جديدة مرتبطة بالاكتئاب في مجموعة البيانات الخاصة بهم، وتمكنت المجموعة من ربط أحد المتغيرات بمستويات التعبير عن جين يدعى «LMX1A» الذي يشفر بروتيناً مشاركاً في تطوير الدوبامين dopamine وهو ناقل عصبي يلعب أدواراً مهمة عدة في الخلايا العصبية بالدماغ والجسم. علاوة على ذلك؛ عندما قارن العلماء نتائج القلب والأوعية الدموية للمرضى المصابين بالاكتئاب في المجموعات الأوروبية مقابل مجموعات شرق آسيا وجدوا حالات جسدية مختلفة جداً مرتبطة بالمرض. فقد ارتبط خطر الاكتئاب سلباً من الناحية الوراثية بـ«مؤشر كتلة الجسم (BMI)» لدى الأفراد المتحدرين من أصل شرق آسيوي، على عكس النتائج الخاصة بالأفراد المتحدرين من أصل أوروبي، وهي نتائج تصفها كوتشينباكر بالمدهشة.
ثم قارن الباحثون الأشخاص في مجموعة البيانات الخاصة بهم الذين يعيشون في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة مع أولئك الذين يعيشون في الصين وتايوان لاختبار تأثير الاختلافات البيئية والثقافية على عوامل الخطر الجينية للاكتئاب. وأظهر التحليل اختلافات جينية مرتبطة بالاكتئاب في المجموعتين مما يدعم فكرة أن العوامل البيئية أو الاجتماعية والثقافية تلعب دوراً في تأثير الجينات على خطر الإصابة بالاكتئاب.
وتتفق لوسيا هيندورف؛ عالمة الأوبئة في «المعهد القومي لأبحاث الجينوم البشري (NIH)» في الولايات المتحدة، في بحثها وزملائها المنشور في 13 أكتوبر (تشرين الأول) 2021 في مجلة «Cell Genomics»، في أن حجم العينة الكبير للدراسة وإدراجها الأشخاص الذين يعيشون في كل من الغرب وآسيا هي نقاط القوة في العمل؛ «إذ أصبح تسلسل الجينوم مؤخراً تقنية تنميط جيني قابلة للتطبيق لاستخدامها في دراسات الارتباط على مستوى الجينوم (GWASs)، مما يوفر إمكانية تحليل نطاق أوسع من التباين على مستوى الجينوم؛ بما في ذلك المتغيرات النادرة».


مقالات ذات صلة

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

حذرت وزارة الصحة في قطاع غزة من توقف جميع مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود، إذ ترفض إسرائيل دخوله للقطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
صحتك سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

تعتمد الأوساط الطبية بالعموم في تحديد «مقدار وزن الجسم» على عدد الكيلوغرامات بوصفه «رقماً»

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

كشفت أحدث دراسة تناولت العوامل المؤثرة على ضغط الدم، عن الخطورة الكبيرة للحياة الخاملة الخالية من النشاط على الصحة بشكل عام، وعلى الضغط بشكل خاص.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك الصداع النصفي: خيارات العلاج المستهدف

الصداع النصفي: خيارات العلاج المستهدف

الصداع النصفي ليس مجرد صداع عادي يعاني منه الجميع في وقتٍ ما، بل هو اضطراب عصبي معقد يمكن أن يُشعر المريض وكأن العالم قد توقف.

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (جدة)
صحتك استشارات طبية: المغنيسيوم والنوم... وعدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول

استشارات طبية: المغنيسيوم والنوم... وعدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول

ما تأثير تناول المغنيسيوم الغذائي بالعموم، أو أقراص مكملات المغنيسيوم، على النوم؟

د. حسن محمد صندقجي

«الصحة العالمية»: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة

طفل مصاب بجدري القردة يتلقى الرعاية الصحية (أ.ب)
طفل مصاب بجدري القردة يتلقى الرعاية الصحية (أ.ب)
TT

«الصحة العالمية»: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة

طفل مصاب بجدري القردة يتلقى الرعاية الصحية (أ.ب)
طفل مصاب بجدري القردة يتلقى الرعاية الصحية (أ.ب)

قالت منظمة الصحة العالمية، اليوم الجمعة، إن تفشي جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة.

وعقدت لجنة تابعة لمنظمة الصحة العالمية اجتماعاً طارئاً في جنيف، اليوم الجمعة، لتقرير ما إذا كان فيروس جدري القردة «إمبوكس» لا يزال يمثل أزمة صحية عالمية.

وتجتمع اللجنة، التي تضم نحو 12 خبيراً مستقلاً، كل ثلاثة أشهر، بعد أن أعلنت منظمة الصحة العالمية، في أغسطس (آب) الماضي، حالة طوارئ صحية بسبب انتشار فيروس جدري القردة في القارة الأفريقية.

وتبحث اللجنة حالياً في سبل مواجهة سلالة جديدة من الفيروس تسمى «كليد 1 بي»، انتشرت من جمهورية الكونغو الديمقراطية، وقد تكون أكثر خطورة ومُعدية بشكل أكبر.

وقالت منظمة الصحة العالمية إنه جرى رصد أكثر من 50 ألف حالة مشتَبه بها من جدري القردة في البلدان الأفريقية، هذا العام، مع أكثر من 1800 حالة وفاة. ومن بين الإصابات جرى اكتشاف 12 ألف حالة في المختبرات.

وتعتزم منظمة الصحة العالمية تقديم تفاصيل حول نتائج مشاورات اللجنة، مساء اليوم الجمعة.