أليك بولدوين مصدوم بعد قتله مديرة تصوير فيلمه

أطلق النار عليها بالخطأ من {مسدس لعبة}

أليك بولدوين يتحدث في الهاتف وقد بدا عليه الجزع بعد إطلاقه النار  بالخطأ على مديرة تصوير ومخرج فيلمه الجديد (أ.ب)
أليك بولدوين يتحدث في الهاتف وقد بدا عليه الجزع بعد إطلاقه النار بالخطأ على مديرة تصوير ومخرج فيلمه الجديد (أ.ب)
TT

أليك بولدوين مصدوم بعد قتله مديرة تصوير فيلمه

أليك بولدوين يتحدث في الهاتف وقد بدا عليه الجزع بعد إطلاقه النار  بالخطأ على مديرة تصوير ومخرج فيلمه الجديد (أ.ب)
أليك بولدوين يتحدث في الهاتف وقد بدا عليه الجزع بعد إطلاقه النار بالخطأ على مديرة تصوير ومخرج فيلمه الجديد (أ.ب)

قبل الساعة الثانية بعد ظهر يوم الخميس (أول من أمس) بقليل، تم إبلاغ بوليس مدينة سانتا في ولاية نيو مكسيكو، بوقوع إصابة خطرة خلال تصوير فيلم في مزرعة بونانزا كريك الواقعة جنوبي المدينة. للحال انتقلت الشرطة إلى مكان التحقيق بينما قامت طائرة مروحية بنقل شخصين تعرضا للإصابة. المخرج جوول سوزا (48 سنة) ومديرة تصويره هالينا هوتشينز (42 سنة). الأول ما زال تحت العناية الفائقة والثانية توفيت قبل أن تحط الطائرة في باحة مستشفى «نيو مكسيكو هوزبيتال» في مدينة ألبوكواركيو.

هل هو حادث؟
التفاصيل غير واضحة تماماً لكن التحقيق جارٍ. وشوهد الممثل أليك بولدوين خارجاً من مكتب الشرطة بعينين دامعتين. وعلاقته بالحادث مؤكدة من حيث إنه هو من أطلق النار على المخرج ومديرة التصوير اللذين كانا يقفان على بعد يسير. السلاح المستخدم كان مسدس - لعبة من نوع خاص عادة ما يتم استخدامه في الأفلام. ليس معروفاً ما هو المشهد الذي كان يدور ولماذا تطلب إطلاق النار وإذا ما كان تم إطلاق النار خلال التصوير الفعلي أو خلال التحضير لتصوير مشهد.
ما هو مؤكد أن هذا النوع من المسدسات كثير الاستعمال في الأفلام التي تتطلب حمله مثل هذا الفيلم (وعنوانه Rust). والمعتاد أن يشرف مسؤول الأسلحة في الفيلم على التأكد من سلام المسدس وتوضيبه حتى لا ينطلق الرصاص الفارغ منه في غير وقت استخدامه. هذا يعزو بأن التحقيقات تدور حول هذه المسؤولية بالتحديد ولماذا منح الممثل المعروف مسدساً جاهزاً للاستعمال أو إذا ما كان الممثل أخطأ في التصويب.
من الوصف الذي يمكن الخروج به من خلال الحادث هو أن الكاميرا كانت تواجه الممثل الذي كان عليه إطلاق النار وأن الرصاصة (أو الرصاصات) اتجهت بالفعل صوب المخرج ومديرة تصويره هوتشينز الأوكرانية الأصل التي كانت باشرت العمل في الولايات المتحدة قبل أعوام قليلة.
لكن البوليس، حتى كتابة هذا التقرير، لا يذكر كلمة «حادث» بل يترك الوصف مفتوحاً حتى اكتمال التحقيقات خشية استباق نتائج التحقيق وتحسباً في أن يكون هناك دافع ما وليس خطأ ميكانيكياً غير مقصود.
الفيلم هو وسترن مستقل (بكلمة أخرى صغير الميزانية) تشترك في إنتاجه بضع مؤسسات بينها شركة إنتاج يرأسها الممثل أليك بولدوين نفسه. ويدور حول رجل اسمه هاردن رست (يقوم بدوره بولدوين) يحاول حماية حفيده من قرار بشنقه بعدما تسبب الصبي بمقتل رجل من حيث لا يقصد.
إنها مفارقة أن القصة تخرج عن نطاق الفيلم الذي تدور فيه لتصبح الحال الفعلي لما وقع.

حوادث سابقة
وبينما لا توجد، حتى الآن، تهمة جنائية لا على الممثل - المنتج بولدوين ولا على أي طرف آخر في الفيلم إلا أن أحداثاً مماثلة وقعت من قبل في أكثر من فيلم. هناك حادثتان بارزتان سابقتان في هذا المضمار، الأولى وقعت سنة 1984 عندما قام الممثل جون - إريك هكسوم بإطلاق النار على نفسه وتوفي بعد ستة أيام من الحادثة.
حدث ذلك ما بين تصوير مشهدين متلاحقين لهكسوم عندما كان هكسوم يلهو بالمسدس المستخدم للتصوير غير مدرك أن رصاصة فارغة ما زالت في قمرته.
نتيجة ذلك أن أصاب نفسه إصابة بالغة وتوفي بعد ستة أيام عن 26 سنة.
الحادثة الشهيرة الثانية وقعت سنة 1993 وذهب ضحيتها براندون لي (ابن الممثل بروس لي). خلال تصوير فيلم The Crow أطلق ممثل النار مباشرة على براندون فقتله على الفور.
التحقيقات هناك توصلت أن خطأ في الرصاص الفارغ المستخدم في ذلك المسدس أدى إلى الحادث. براندون كان في الثامنة والعشرين من العمر.
بالعودة إلى حادثة فيلم «رست» فإن الشعور بالخسارة واضح من حيث إن القتيلة كانت عضوة فاعلة في «نقابة مدراء التصوير الأميركية» في لوس أنجليس التي لم تبخل فوراً بكلمات تعزية قالت فيها إن هوتشينز كانت «إحدى الفنانات الصاعدات في مجال عملها وكانت شخصية رائعة وإيجابية تشق طريقها بنجاح». وإن النقابة «تشعر بالحزن الشديد لرحيلها».
التصوير مغلق الآن وحتى إشعار آخر ولو أن هناك من يردد بأن فريق الفيلم سيعاود العمل عليه خلال الشهر المقبل. لكن ما هو أكثر ترجيحاً هو استكماله سيتأخر كثيراً عن ذلك الموعد أولاً لفداحته وثانياً بسبب تكلفة إغلاقه غير المحسوبة وثالثاً لضرورة البحث عمن يستطيع أن يكمل الفيلم وما إذا كان أليك بولدوين سيرغب في ذلك فعلاً.
المزرعة التي يتم تصوير أفلام الوسترن فيها في ولاية نيو مكسيكو هي مدينة جاهزة تماثل بلدات الغرب الأميركي في ثمانينات القرن التاسع عشر.
وأول فيلم استخدم الموقع للتصوير كان «رجل من لارامي» (The Man From Laramie) بطولة جيمس ستيوارت وإخراج أنطوني مان سنة 1955.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».