خطف فيلم «أميرة» قلوب الجمهور عند عرضه في مهرجان «الجونة» السينمائي المصري ضمن مسابقة الأفلام الروائية الطويلة التي ينافس على إحدى جوائزها بقوة، حسب نقاد. شارك في إنتاج الفيلم كل من مصر والأردن والسعودية والإمارات، وكشف المنتج محمد حفظي المشارك في إنتاجه، أنّ ميزانيته تخطت 350 ألف دولار، وشاهده نحو 1500 شخص بكثير من التوتر والقلق، إذ طرح حلقة جديدة في سياق الأزمة الفلسطينية لم تتطرق إليها السينما من قبل، تتعلق بـ«أطفال الحرية» الذين يولدون عبر تلقيح صناعي من نطفة الآباء الذين يؤسَرون في المعتقلات الإسرائيلية لسنوات طويلة.
وسلّط الفيلم الضوء على هذه القضية من خلال «أميرة» المراهقة التي تتدفق حيوية، وتمارس هوايتها في التصوير الفوتوغرافي، تعيش مع الأم والجدة والعم في غياب الأب، تركّب «أميرة» صورة تجمعها بأبيها عن طريق الفوتوشوب، فهي لم تلتقِه منذ مولدها إلا خلال زيارات متكررة مع الأم تتم عبر حاجز زجاجي يفصل بينهم، يطمح الأب في إنجاب طفل آخر، وبعد رفض من الزوجة توافق، لكن أزمة تتفجر بهذه الخطوة حين يكتشف الأطباء عقم الزوج ووجود عيب خلقي يَحول دون إمكانية إنجابه في الماضي والحاضر، فتطال الاتهامات الجميع، وتواجه «أميرة» أزمة إثبات هويتها، وتتشكك في كل شيء بعدما تتم مساءلتها، تتحول «أميرة» من مراهقة صغيرة إلى فتاة ناضجة تصر على معرفة هويتها وتسير في طريق محفوف بالمخاطر والأسئلة الشائكة.
يعد الفيلم ثالث الأفلام الطويلة للمخرج محمد دياب بعد فيلميه «676» الذي تناول قضية التحرش ونال 20 جائزة دولية، و«اشتباك» الذي افتتح قسم «نظرة ما» في مهرجان «كان» عام 2016. وعبّر دياب عن سعادته بهذا الاستقبال الحافل للفيلم في عرضه الأول بالشرق الأوسط بعد مشاركته في مهرجان «فينسيا» خلال دورته الفائتة ضمن برنامج «آفاق» وحصوله على ثلاث جوائز هي «لانتيرنا ماجيكا»، و«إنترفيلم» إضافةً إلى جائزة «لجنة تحكيم Cict - UNESCO».
دياب ذكر خلال المؤتمر الصحافي الذي عُقد له على هامش عرض الفيلم في «الجونة»، أنّ فكرة الفيلم جاءته بعدما طالع خبراً في إحدى الصحف عام 2012 جاء فيه أنّ الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية قرروا الإنجاب عن طريق تهريب النطف الخاصة بهم خارج السجن لتُلقّح في رحم الزوجة، وسموا هذه العملية «أطفال الحرية» ورأيت أنّ هذه القضية يمكن طرحها في فيلم برؤية شكسبيرية.
قدم المخرج رؤية بصرية رائعة للفيلم بحساسية فائقة، وإيقاع متصاعد لم يفلت منه، وأداء صادق لأبطاله: الممثل الفلسطيني علي سليمان الذي يجسد شخصية الأب، والفنانة الأردنية صبا مبارك التي لعبت دور أم لشابة تحاصرها الاتهامات، إلى جانب الممثلين زياد بكري ووليد زعيتر، والممثلة الشابة تارا عبود، الأردنية من أصول فلسطينية، التي تتحمل جانباً كبيراً من عبء الفيلم، وتعبّر ببراعة عن الشخصية التي تمر بانفعالات متباينة، بين الضحك والبكاء والصدمة والانهيار، والتحدي الذي يسكنها مع النهاية الميلودرامية التي تصدم الجميع.
وأكدت الممثلة تارا عبود في تصريحات لـ«لشرق الأوسط» أنّ ترشيحها للفيلم جاء من خلال الفنانة صبا مبارك التي شاركت بالتمثيل معها في المسلسل الأردني «عبور» الذي عُرض في شهر رمضان الماضي، وهي من قامت بترشيحها للمخرج محمد دياب الذي كان يبحث بدوره عن ممثلة بمواصفات معينة لشخصية «أميرة».
وأضافت عبود: «سعيدة جداً لاختياري لهذا الدور الذي يناقش قضية تؤرق المجتمع الفلسطيني وهي قضية (تهريب النطفة) للمسجونين ويسلط الضوء على فلسطينيين يقضون أعمارهم وراء القضبان، إذ تظل القضية الفلسطينية هي قضية العرب جميعاً».
وبشأن استعدادها لأداء الشخصية التي تعيش مشاعر متضاربة تقول: «ساعدني المخرج محمد دياب كثيراً، على المستويين الفني والشخصي، فقد عاملني مثل شقيقته الصغرى، وكان يوجّهني في أثناء التصوير وساعدني في التحضير للدور، كما اختار لي أفلاماً أشاهدها قبل بدء التصوير لأستفيد منها، بالتأكيد كنت أشعر بالتوتر والقلق لأقدم أفضل أداء وكنت أفكر قبل كل مشهد كيف سأقدمه بطريقة مختلفة، كما شعرت بالثقة لوجود الفنانة صبا مبارك بجانبي وتجسيدها دور أمي».
مشيرةً إلى أنّها أحبت شخصية «أميرة» لأنها رغم كل الظروف الصعبة التي عاشتها، إنسانة قوية، ترغب في اتخاذ قراراتها وتحمل مسؤوليتها.
وعلى الرغم من أنّها تواصل دراستها للطب في الأردن، فإنّ تارا عبود تؤكد حبها للتمثيل وتأمل في أن تجمع بين التمثيل الذي تحبه والطب الذي تتطلع لممارسته، حسبما تقول: «سأجمع بين الاثنين، هذا ما أقوم به حالياً، لكن لا أعرف ما الذي سيصير في المستقبل، فقد أضطر لاختيار أحدهما»، ونوهت تارا عبود إلى أنهم صوّروا 13 نهاية للفيلم، لكن الجميع تحمس لهذه النهاية لصدقها رغم صدمتها.
«أميرة» يناقش «أطفال الحرية» في فلسطين برؤية شكسبيرية
«أميرة» يناقش «أطفال الحرية» في فلسطين برؤية شكسبيرية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة