الأمم المتحدة تحذّر من «شبح المواجهة» في لبنان

غوتيريش يطالب بتحقيقات «شفافة» في انفجار المرفأ واغتيال لقمان سليم

TT

الأمم المتحدة تحذّر من «شبح المواجهة» في لبنان

وصف مسؤول كبير في الأمم المتحدة الوضع في لبنان بأنه «خطير للغاية»، داعياً كل الأطراف إلى «تلافي التصريحات النارية»، ومنها خصوصاً تهديدات الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله ضد «حزب القوات اللبنانية» ورئيسه سمير جعجع. وإذ حض على «تجنب شبح تجدد المواجهة»، شدد على أهمية إجراء تحقيقات «نزيهة وشفافة» في انفجار مرفأ بيروت وفي اغتيال الناشط المعارض لـ«حزب الله» لقمان سليم.
وعقد مجلس الأمن جلسة مغلقة مساء أول من أمس (الأربعاء) لمناقشة أحدث تقرير للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش حول تطبيق القرار 1559 واستمع إلى إحاطة من الأمين العام المساعد لشؤون الشرق الأوسط وآسيا في دائرة الشؤون السياسية وبناء السلام خالد خياري. وعلمت «الشرق الأوسط» من دبلوماسي حضر الجلسة المغلقة أن خياري قدم عرضاً شاملاً لآخر التطورات في لبنان، انطلاقاً من تقرير غوتيريش. وإذ وصف الوضع الحالي بأنه «خطير للغاية»، كرر «النصح» لجميع الفرقاء بضرورة «الابتعاد عن الخطابات النارية والتزام الحوار في مقاربة المشكلات بين الأطراف كافة».
وعرض خياري التحديات التي تواجهها الحكومة اللبنانية الجديدة، مشيراً إلى أن «الشعب اللبناني يعاني أزمة متفاقمة وعسراً شديداً». وحض حكومة ميقاتي على «تنفيذ خطة إصلاح ملموسة تلبي حاجات الشعب اللبناني وتطلعاته، بما في ذلك إجراء الانتخابات التشريعية في موعدها»، مشجعاً على «ضمان مشاركة المرأة بصورة كاملة في كل قطاعات الحكومة، وكذلك في الانتخابات المقبلة». وقال إنه «من الأهمية بمكان إجراء تحقيق نزيه وشامل وشفاف في الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت» في أغسطس (آب) 2020 «بما يتماشى مع مطالبة الشعب اللبناني بمحاسبة المسؤولين عنه»، مكرراً أيضاً مطالبته بـ«إجراء تحقيق شامل وشفاف بخصوص مقتل لقمان سليم».
وكرر رأي غوتيريش بأن «معالجة الحالة الاجتماعية - الاقتصادية الخطيرة أمر أساسي ليس فقط من أجل مواطني لبنان ولضمان استقراره، بل لأن الأزمة تؤدي أيضاً إلى تآكل مؤسسات الدولة، مما يفتح المجال للجهات الفاعلة من غير الدول لملء هذا الفراغ». وعبر عن «القلق» مما سماه «الأثر الأمني للأزمات المتداخلة»، ملاحظاً أن الأجهزة الأمنية «تواجه مطالب متزايدة لا تستطيع دوما تلبيتها، وهي تتعرض لضغوط لوجيستية ومالية متزايدة». وأضاف أن الدعم المادي المقدم من المجتمع الدولي للجيش اللبناني «يشكل أمراً بالغ الأهمية للحفاظ على دور الجيش كضامن لاستقرار لبنان». ولفت إلى أن الحوادث الأمنية التي وقعت بين لبنان وإسرائيل تذكر «بالمخاطر التي يشكلها الاحتفاظ بأسلحة خارج سلطة الدولة واستمرار وجود الميليشيات المسلحة في لبنان»، مندداً بشدة بإطلاق الصواريخ من جنوب لبنان إلى داخل إسرائيل وبإطلاق النيران من إسرائيل، وما تلاه من غارات جوية لأن ذلك «يمكن أن يؤدي بسهولة إلى تقويض الاستقرار عبر الخط الأزرق وإلى تجدد النزاع».
وقال غوتيريش إن الانتشار الواسع للأسلحة خارج سيطرة الدولة ووجود الميليشيات المسلحة وعمليات إطلاق الصواريخ «أمور تقوض الأمن والاستقرار في لبنان، وتشكل انتهاكا للقرارين 1559 و1701»، معبراً عن «القلق البالغ» من «احتفاظ (حزب الله)، وباعترافه، بقدرات عسكرية كبيرة ومتطورة خارج سيطرة حكومة لبنان». وطالب كل الأطراف بـ«الامتناع عن القيام بأي نشاط عسكري داخل لبنان أو خارجه، بما يتماشى مع شروط اتفاق الطائف والقرار 1559»، مشدداً على أهمية أن تصون الأطراف كافة هذا الاتفاق وأن تنفذ أحكامه من أجل «تجنب شبح تجدد المواجهة بين المواطنين اللبنانيين».
وطلب من الدولة اللبنانية أن «تكثف جهودها لتنفرد وحدها بسلطة حيازة الأسلحة واستخدام القوة في كل أنحاء أراضيها»، داعياً الحكومة والجيش إلى «اتخاذ جميع التدابير اللازمة لمنع (حزب الله) والجماعات المسلحة الأخرى من الحصول على الأسلحة وبناء قدرات شبه عسكرية خارج نطاق سلطة الدولة». وأشار إلى الدعوات الصادرة عن شرائح عديدة من اللبنانيين من أجل التنفيذ الكامل للقرار 1559 ورفض حيازة السلاح خارج نطاق مؤسسات الدولة، وقال إن «احتفاظ (حزب الله) بالسلاح لا يزال مسألة مثيرة للانقسام داخل المجتمع اللبناني». وأكد أن استمرار مشاركة «حزب الله» في النزاع السوري «ينطوي على خطر إقحام لبنان في النزاعات الإقليمية ويطرح مخاطر زعزعة استقرار لبنان والمنطقة»، بالإضافة إلى أنه «دليل على عدم تقيد (حزب الله) بنزع سلاحه، ورفضه الخضوع للمساءلة أمام مؤسسات الدولة». وأضاف «يظل من دواعي القلق أيضا ما تفيد به التقارير من مشاركة (حزب الله) وعناصر لبنانية أخرى في القتال الدائر في أماكن أخرى في المنطقة». وإذ تجنب ذكر إيران بالاسم، قال إنه «ينبغي لبلدان المنطقة التي تربطها بـ(حزب الله) علاقات وثيقة أن تشجع على نزع سلاحه وتحويله إلى حزب مدني صرف».
وكذلك ندد غوتيريش «بشدة بكل الانتهاكات لسيادة لبنان وسلامته الإقليمية، لأنها تقوض الثقة في الأجهزة الأمنية والمؤسسات الحكومية اللبنانية، وتشيع القلق لدى السكان المدنيين»، معبراً عن «القلق البالغ» خصوصاً من استخدام الجيش الإسرائيلي بشكل متكرر للمجال الجوي اللبناني لضرب أهداف في سوريا. وطالب إسرائيل بـ«التقيد بالتزاماتها بموجب قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وسحب قواتها من الجزء الشمالي من قرية الغجر ومنطقة متاخمة شمال الخط الأزرق، وكذلك التوقف فوراً عن التحليق بطائراتها داخل المجال الجوي اللبناني».


مقالات ذات صلة

77 عاماً على القرار 181... إسرائيل تتجاهل والفلسطينيون يتمنون «التقسيم»

خاص متظاهر يشارك في إحياء يوم التضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني في جوهانسبورغ الجمعة (إ.ب.أ)

77 عاماً على القرار 181... إسرائيل تتجاهل والفلسطينيون يتمنون «التقسيم»

بعد 77 عاماً على قرار التقسيم، يثبت من جديد أن «حل الدولتين» هو الأفضل والأمثل والأجدى. والحرب الأخيرة تثبت أكثر من ذي قبل أن سياسة الرفض لن تجلب سوى الويل.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي مشهد للدمار الذي خلفه القصف الإسرائيلي على منطقة مرجعيون في جنوب لبنان (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة: تنفيذ اتفاق وقف النار في لبنان لا يمكن أن يتم «بين ليلة وضحاها»

قالت منسقة الأمم المتحدة لشؤون لبنان، الجمعة، إن تنفيذ اتفاق وقف النار وانسحاب إسرائيل من الجنوب وتعزيز انتشار الجيش اللبناني، لا يمكن أن يتم «بين ليلة وضحاها».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
أوروبا جانب من الدمار جراء الغارات الروسية على أوكرانيا (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة قلقة بشأن «تصعيد جديد» للحرب في أوكرانيا

أعرب مسؤول كبير في الأمم المتحدة، اليوم (الأربعاء)، عن قلقه بشأن «تصعيد جديد» للحرب في أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي آليات للجيش اللبناني في قانا شرق مدينة صور تنتشر بعد دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ (رويترز)

​إسرائيل تفعل إجراءات أمنية في جنوب الليطاني مع دخول «وقف النار» حيز التنفيذ

انتقل الجيش الإسرائيلي من الحرب العسكرية إلى تطبيق إجراءات أمنية في منطقة جنوب الليطاني بجنوب لبنان مع دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي جنود من قوات «اليونيفيل» يقفون بجوار حفرة ناجمة عن غارة جوية إسرائيلية على طريق في منطقة الخردلي في جنوب لبنان في 27 نوفمبر 2024 بعد دخول وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» حيز التنفيذ (أ.ف.ب)

«اليونيفيل» تبدأ «تعديل» عملياتها في جنوب لبنان لتتلاءم مع «الوضع الجديد»

أعلنت «اليونيفيل» في بيان اليوم الأربعاء، أنها بدأت تعديل عملياتها في جنوب لبنان بما يتلاءم مع «الوضع الجديد» في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

الحوثيون يؤكدون استمرار «العمليات بالصواريخ والمسيّرات» ضد إسرائيل

مناصرون لجماعة الحوثي المتمردة يرفعون أسلحتهم خلال احتجاج مناهض لإسرائيل في صنعاء (إ.ب.أ)
مناصرون لجماعة الحوثي المتمردة يرفعون أسلحتهم خلال احتجاج مناهض لإسرائيل في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يؤكدون استمرار «العمليات بالصواريخ والمسيّرات» ضد إسرائيل

مناصرون لجماعة الحوثي المتمردة يرفعون أسلحتهم خلال احتجاج مناهض لإسرائيل في صنعاء (إ.ب.أ)
مناصرون لجماعة الحوثي المتمردة يرفعون أسلحتهم خلال احتجاج مناهض لإسرائيل في صنعاء (إ.ب.أ)

أكد زعيم المتمردين اليمنيين عبد الملك الحوثي، اليوم (الخميس) استمرار الهجمات التي تشنها قواته «بالصواريخ والمسيرات» ضد إسرائيل مهدداً بهجمات «أقوى وأكبر»، غداة بدء سريان وقف لإطلاق النار بين الدولة العبرية و«حزب الله» في لبنان.

وقال زعيم الحوثيين المدعومين من إيران في كلمة بثتها قناة «المسيرة» إنّ «العمليات من جبهة اليمن المساندة للشعب الفلسطيني بالقصف بالصواريخ والمسيّرات على العدو الإسرائيلي مستمرة».

وأطلق المتمردون الحوثيون في اليمن طائرات مسيّرة وصواريخ على إسرائيل بشكل منتظم منذ بدء حرب غزة في أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

كما استهدفوا سفن شحن يقولون إنها مرتبطة بإسرائيل أو متوجهة إليها في البحر الأحمر وخليج عدن، ما أدى إلى تعطيل هذا الطريق التجاري الحيوي بشكل كبير.

ووفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية»، قال الحوثي «آمل من الجميع في الجيش وعلى المستوى الشعبي أن ندرك مسؤوليتنا لنبذل الجهد ونستعين بالله ليعيننا على فعل ما هو أقوى وأكبر ضد العدو الإسرائيلي».

وفي السياق ذاته، أفاد تلفزيون «المسيرة» التابع للحوثيين، مساء اليوم (الخميس)، بأن طائرات أميركية وبريطانية شنت غارتين على محافظة الحديدة في غرب اليمن.

وأوضح التلفزيون أن الغارتين استهدفتا مديرية باجل، دون ذكر مزيد من التفاصيل.