كاظم الساهر يفتتح «أمسيات خالدة» في «إكسبو دبي»

غنّى التحف وأطلق أغنيات جديدة فأبهر وسَحَر

كاظم الساهر في افتتاح «أمسيات خالدة» من «إكسبو دبي»
كاظم الساهر في افتتاح «أمسيات خالدة» من «إكسبو دبي»
TT

كاظم الساهر يفتتح «أمسيات خالدة» في «إكسبو دبي»

كاظم الساهر في افتتاح «أمسيات خالدة» من «إكسبو دبي»
كاظم الساهر في افتتاح «أمسيات خالدة» من «إكسبو دبي»

حمل كاظم الساهر حكايات أيامه الحلوة والمرة إلى قبة الوصل في «إكسبو دبي». بالأسود الأنيق، برصانة الفنان وهيبته، يطل بعد غياب عامين عن المسارح. يذكر عمراً مر على هيئة بحث لا يتوقف عن أفكار جديدة، واستفادة من كل فرصة متاحة لتعلم الموسيقى والتعمق باللغة العربية.
بصوته، يصافح السنوات برسالة مُختصرة. يخبرها أنه لم يستسلم يوماً، واجتهد لتصبح الموسيقى مسرحاً للشعر. مبهرة الصورة من كل الجهات. تقول الإعلامية ندى الشيباني إن أكثر من 26 كاميرا صوّرت الحدث ونُقل إلى أصقاع العالم بأحدث التقنيات السمعية والبصرية. تغطي الكواليس والتحضيرات لقناة «أبوظبي»، ناقلة افتتاح السهرة الأولى من «أمسيات خالدة»، مع تطبيق «شاهد» و«إم بي سي 4» وصفحات «إكسبو». من منازلنا، يرفعنا القيصر إلى الغيم المبلول برذاذ الخريف. لا يزال مدهشاً كرجفة العناق الأول.
مذهل كيف تُحدث الأضواء النغمات وتُرسل إليها كلمات السر. المكان المستدير ككون، يُذعن للحظة الانخطاف ويسلم نفسه لها. كل العناصر في وضعية استجابة خلابة للنسيج المنسجم: الشكل الهندسي المرتقي إلى الضخامة البديعة؛ تموج الأضواء المسيطرة على المساحة الشاسعة كأنها «تبتلعها» لتُخرجها من أحشائها على شكل ولادة جديدة لتركيبة تضج بالحياة فتأسر العين والقلب. يُضاف مكون ثالث هو مزيج الحنجرة والقصيدة، فيرتفع الحيز في مرتبته، ويتخطى كونه ديكوراً هائلاً يعانق دهشة الشاشات العملاقة وتكنولوجيا الصوت والصورة، ليصبح المكان المستدير ككون، والفنان الحاضر برهبة، انفلاشاً للفخامة بأقصاها وللسحر بوَقْعه الأخّاذ والجمال بما يملك من أناقة وانفعالات وسفر على جناحَي طير.
لساعتين، امتد الحفل. فنان من العراق يغني في دبي المستقبل والخليج الواثق من أحلامه، إلى العالم المسلطة أنظاره على «إكسبو» المشاريع والفرص. محظوظة المرأة التي يناديها الرجل «سيدتي» ويُلقي أمام نارها جمر القصائد. المرأة التي تجعل الحبيب يبحر في زمن الحب ويتوه بين أمواجه: «ليتني أقدر أن أغرق في حبك أكثر». امرأة الحماقات الجميلة والفوضى العطرة، و«يا مساء الورد يا عصفورتي».
يفتتح الغناء بـ«عيد العشاق»، مؤكداً بالثلاثة: «رائع، رائع، رائع». صورته على الشاشات العملاقة، في داخل قبة الوصل وخارجها، حيث المشاهدون بالملايين، والخافقة قلوبهم بالملايين، والمحظوظات إن وجدن حبيباً يهديهن الرقة؛ والمتحسرات إن لم يجدنه، فإذا بالقيصر يوقظ الآهات الحبيسة، ويضع إصبعه على جرح الحلم والوهم.
تتبدل الأضواء وفق جو الأغنيات؛ فتارة يطغى البنفسجي على المسرح الضخم، وتارة الأصفر وخلطة الأحمر والأزرق كالياقوت. يُلام القيصر لتكراره بعض الغناء في حفلاته، فيأتي إلى دبي في افتتاح حفلات «أمسيات خالدة» الشهرية، بالإصرار على الروائع، مع ثلاثية غنائية جديدة، وآه على وجع القلب!
من شعر نزار قباني، يسأل: «ما هو المطلوب مني؟»، وقد اعتذر من الناس لنسيان بعض كلماتها. تحرق امرأته أعصابه. يسألها كيف يكون رجلها الأول، وما المطلوب حتى يدخل بحرها ويستلقي على دفء رمالها. هذه المرأة المحظوظة نفسها التي تتنقل بين قصائده، مالكة مفاتيحها ومسيطرة على أنفاسه.
ومن جديده، غنى «كله كذب هذا الزعل، قلبي عليه نار اشتعل»، و«حبيبي وأتدلل عليه». ترقص الألوان في لعبة الضوء الذي يستلقي على الغناء كأنه طفله، والقيصر لساعتين يقهر القلوب المسكينة ويرميها على الأرصفة في الليالي المقمرة. وحين يهبط الظلام، يتوجه إلى الحبيب بجمال التراث العراقي، فتتحول الكاف إلى شين، «ويجي الليل وأحشيلك ولو رِدِتْ حتى أبشيلك، يجي الليل وأحشيلك»، مع نصيحة تُسديها صفعات الحياة: «اعقل يا مجنون/ علينا كلنا عيون». لا حلول وسطى في الحب: «أكون أو لا أكون»، واعترافات خطيرة: «أنا طفلك، أنا رجلك/ أنا بعضك، أنا كلك». يغني ويرفع اليد على طريقته في تسلق درجات السلطنة، فيصفق الحاضرون ويتنهد عاشقون خلف كاميراتهم وتغريداتهم وحدائق الذكريات بأشواكها وورودها.
لا بد من الروائع، ويا أيها القيصر لا تكف عن تكرارها وإن لام اللائمون. ننتظرها في كل الحفلات: «زيديني عشقاً»، ما أدفأها! ما أروعها! ما أقربها إلى الروح! يغني «دقيت باب الجار... كل ظنتي بابي/ ذاكرتي صارت عدم من فرقت أحبابي»، ويغني «آه وآهين من غيرتها/ ما تنام العين من تزعل حضرتها»، لكن لا جمال يضاهي الثوابت: «أشعر بالبرد فغطيني/ أشعر بالخوف من المجهول فآويني». لا جمال يضاهي: «يا رمل البحر وروح الروح ويا غابات الزيتونِ». ولا حفل يكتمل من دون واحدة من التحف: «هل عندكِ شك؟»، مع الدربكة، سيدة الإيقاع، و«قاتلتي ترقص حافية القدمين»، ثم «قولي أحبكَ»، و«لا لا لالا»، فنستعيد سريعاً الصبايا في فساتينهن البيض، يشبكن الأيدي مع القيصر ويرقصن الدبكة.
كم طالبه كثر بغناء «أنا وليلى» في ليالي بيت الدين الجبلية، قبل «كوفيد» والانهيار والانفجار اللبناني. كان القمر بدراً ذلك الصيف، والهواء يميل إلى البرودة. القيصر يستجيب ولو من خارج برنامج السهرة. في «إكسبو»، اختار «مدرسة الحب»، «والإنسان بلا حزن ذكرى إنسان». أجمل من دلع الأنثى، منذ «الله من دلع النساء وكيدهن»، و«دلوعتي، خاصمتها، صالحتها»؛ يشعر بعد العُمر أن الكيل طفح: «بطلن دلع يا نسوان!»، مع ضحكة عريضة، كأنها تحرضهن على العكس؛ «وابتسم هدي أعصابك، خلي راسك بين إيدي»، كما في أغنية «ها حبيبي»، الدافئة في صخب العتب، والنبع لحظة التفجر وخروج الماء الصافي من الجوف.
يشكر الإمارات ويلمح في الأرجاء أحلامها وطموحاتها واحترامها الإنسان. ومن أشعار حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد، يغني: «حدثيني عن حديث المقل وعن الشوق وليل الغزل»... «آه ما أجمل لون الخجل». وما أجمل السهرة ومزاجها! هذا العراقي يمسح التعب. يقتلع الشظايا المستقرة في الروح ويهدئ عواء الذئاب. فخامة الرائع.


مقالات ذات صلة

1.8 مليون زائر و5 جوائز عالمية في الجناح السعودي بـ«إكسبو الدوحة» للبستنة

يوميات الشرق تصميم الجناح مُستوحى من جبل طويق الذي شبه به ولي العهد همة السعوديين (واس)

1.8 مليون زائر و5 جوائز عالمية في الجناح السعودي بـ«إكسبو الدوحة» للبستنة

اختتمت السعودية مشاركتها في «إكسبو الدوحة 2023» للبستنة بحصادها 5 جوائز وأرقاماً قياسية عالمية، وتفاعل 1.8 مليون زائر للجناح السعودي الذي يُعدّ الأكبر في الحدث.

«الشرق الأوسط» (الدوحة)
يوميات الشرق الوزير سلمان الدوسري يتحدث خلال لقاء «سحور الإعلام» الثاني بالرياض (واس)

الدوسري: شاشة الحلم السعودي ستبث خبر المستقبل

شدّد الوزير سلمان الدوسري على أن الإعلام السعودي «سيكون لاعباً أساسياً وليس متفرج»، مؤكداً أن «الفرص الكبيرة، ولا مجال للتقاعس».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد السوق العقارية مرشحة للنمو في 2024 حتى بلوغ 100 مليار دولار في 2030 (واس)

3 أسباب أسهمت في تماسك السوق العقارية السعودية في 2023

حافظت السوق العقارية السعودية على مستوى صفقاتها السنوية في 2023 بتسجيلها قيمة إجمالية بنحو 277 مليار ريال (74 مليار دولار).

محمد المطيري (الرياض)
الاقتصاد تتضمن حزمة الحوافز المالية الإعفاء من ضريبة الدخل (واس)

السعودية: حوافز ضريبية جديدة لجذب المقرات الإقليمية للشركات العالمية

قالت السعودية، يوم الثلاثاء، إنها ستقدم «حزمة حوافز ضريبية جديدة لمدة 30 سنة» لدعم برنامج جذب المقرات الإقليمية للشركات العالمية، تتضمن الإعفاء من ضريبة الدخل.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق تُظهر هذه الصورة شعار «إكسبو الرياض 2030» في قصر المؤتمرات في «إيسي ليه مولينو» بضاحية باريس، في 28 نوفمبر 2023، عقب إعلان الهيئة الملكية السعودية لمدينة الرياض فوزها باستضافة «إكسبو 2030» لعام 2030، الحدث العالمي الذي يُقام كل خمس سنوات (أ.ف.ب) play-circle 01:43

172 عاماً من معرض «إكسبو الدولي»... تعرّف على الدول التي استضافت الحدث العالمي

منذ انطلاقته عام 1851 وحتى يومنا هذا، ساعد «إكسبو» البشرية على رسم مستقبل أكثر تقدماً من خلال جمع الناس والأمم تحت شعار مشترك هو التعليم والابتكار والتعاون.

شادي عبد الساتر (بيروت)

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.