سائحو جزيرة «لا بالما» يرفضون قضاء عطلتهم بالقرب من «بركان ثائر»

ثوران بركان جزيرة «لا بالما» الإسبانية (إ.ب.أ)
ثوران بركان جزيرة «لا بالما» الإسبانية (إ.ب.أ)
TT

سائحو جزيرة «لا بالما» يرفضون قضاء عطلتهم بالقرب من «بركان ثائر»

ثوران بركان جزيرة «لا بالما» الإسبانية (إ.ب.أ)
ثوران بركان جزيرة «لا بالما» الإسبانية (إ.ب.أ)

بعد ثوران بركان جزيرة «لا بالما» الإسبانية، قام السياح بشكل محموم بإلغاء خططهم للسفر لتلك الجزيرة. وقال خوسيه رامون باوزا، وهو عضو إسباني في البرلمان الأوروبي، إنه قد تم إلغاء ما يتراوح بين 60 و80 في المائة من الحجوزات الخاصة بشهر أكتوبر (تشرين الأول)، خلال أقل من شهر منذ ثوران البركان، حسب وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ).
يشار إلى أن البركان الذي يوجد في جنوب الجزيرة التي تحظى لدى السائحين بشهرة أقل من شهرة جزر الكناري الأخرى مثل تينيريفي وفويرتيفنتورا وجران كناريا ولانزاروتي، ثار في 19 من سبتمبر (أيلول) الماضي للمرة الأولى منذ 50 عاما.
ولم يتمكن علماء البراكين من تحديد المدة التي سيظل فيها البركان نشطاً، كما أنهم يخشون من أن يستمر النشاط البركاني الأحدث لعدة أشهر. ونتيجة لذلك، فإن فنادق الجزيرة، التي كانت نسبة الإشغال بها تبلغ 70 في المائة من قبل، صارت حالياً غير قادرة إلا على تأجير 15 في المائة فقط من غرفها، بحسب باوزا، الذي نقلت عنه وكالة «أوروبا برس» القول: «إننا نحتاج إلى المزيد من الدعم، الذي يتضمن دعماً من مؤسسات الاتحاد الأوروبي».
وتعد جزر الكناري من بين أكثر الوجهات شعبية لقضاء العطلات في أوروبا، ولكن جزيرة «لا بالما» صارت تحظى بشعبية أكبر بين المسافرين الذين يحاولون تجنب الشواطئ المزدحمة والفخاخ السياحية. كما تحولت «لا بالما»، التي تضم عدداً قليلاً فقط من الفنادق الكبرى، إلى قبلة لممارسي رياضة السير لمسافات طويلة، بالإضافة إلى كونها مكاناً رائعاً لمشاهدة النجوم. إلا أنه بحسب الأرقام الرسمية، فقد تسببت الحمم البركانية حتى الآن في تدمير أكثر من 1000 مبنى منذ بدء ثوران البركان، بالإضافة إلى أجزاء من المناطق الزراعية والبنية التحتية في الجزيرة. وقد تم نقل ما يقرب من 6000 شخص، ومن بينهم بعض السائحين، إلى بر الأمان.
وبينما ربما تكون الخطط التفصيلية القليلة التي تضعها الجزيرة، ما زالت تقنع عدداً قليلاً من المسافرين الشجعان لكي يستمروا في الالتزام بحجوزاتهم، يشعر المسؤولون بحالة من القلق بسبب تأثير البركان على صناعة السياحة في الجزيرة. من جانبه، شدد مفوض السياحة في لا بالما، راؤول كاماتشو، على أهمية تلك الصناعة للجزيرة، لا سيما للسكان الذين يسعون لتوفير سبل لإعادة بناء جزيرتهم.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».