مسرحية «إيزيس»... تجسيد صراع الخير والشر بأداء حركي مبهر

العمل مُستلهم من الأسطورة المصرية القديمة

الملصق الدعائي لمسرحية «إيزيس»
الملصق الدعائي لمسرحية «إيزيس»
TT

مسرحية «إيزيس»... تجسيد صراع الخير والشر بأداء حركي مبهر

الملصق الدعائي لمسرحية «إيزيس»
الملصق الدعائي لمسرحية «إيزيس»

في عام 1955، أصدر عميد المسرح العربي توفيق الحكيم مسرحيته الشهيرة «إيزيس»، التي تستلهم أشهر الأساطير المصرية القديمة والتي سرعان ما تمت ترجمتها إلى السويدية، وقدمت في الإذاعة هناك. وفي عام 1986 عرضت المسرحية على خشبة المسرح القومي بمصر من إخراج الفنان الراحل كرم مطاوع الذي جعل العمل يأخذ الصبغة الغنائية الموسيقية. وقد أثار تجسيد العمل انقساماً كبيراً في الوسط الثقافي، ففي الوقت الذي أيد فيه البعض تغييرات مطاوع، فإن كثيرين انتقدوه بدعوى تشويه نص الحكيم ومن هؤلاء الأديب المصري الراحل يوسف إدريس.
وبعد كل هذه السنوات تعيد فرقة «فرسان الشرق للتراث» التابعة لدار الأوبر المصرية والتي أسسها الفنان وليد عوني لتقديم نسخة جديدة من الأسطورة في قالب أكثر إغراقاً في طابعه الغنائي الموسيقي لفت الأنظار بقوة بسبب خصوصيته الفنية والتي جعلت العمل يعاد عرضه أكثر من موسم، آخرها على خشبة مسرح دار الأوبرا ضمن فعاليات الدورة الـ14مهرجان المسرح القومي.
وبحسب عالم الآثار المصري، الدكتور حسين عبد البصير، مدير متحف مكتبة الإسكندرية، فإن تلك الأسطورة ظهرت للمرة الأولى ضمن «متون الأهرام» على غرف جدران الدفن بالأهرامات، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: أن «الأسطورة تجسد قيم التفاني والولاء والإخلاص العائلي حيث تدور أحداثها حول اغتصاب (ست)، الذي يمثل الفوضى والعنف والشر والموت عرش مصر من أخيه (أوزوريس) الذي يمثل الحكم الشرعي، بجانب معاني الخير والقوة المانحة للحياة والعدل، هنا يأتي دور إيزيس التي تنصف زوجها أوزوريس انتصاراً لقيمة العدل فتسعى خلف جثمانه الذي مزقه (ست) إلى 42 قطعة، وقام بنثرها في مختلف أقاليم البلاد». تنجح الزوجة الوفية في مهمتها النبيلة، يعود زوجها للحياة وتنجب منه ابنها «حورس»، بحسب الأسطورة الذي يكمل ما بدأته والدته ويخوض صراعاً مريراً ضد «ست» ينتهي بهزيمة الأخير وعودة العدل واستقرار «حورس» ملكاً على عرش البلاد جالباً معه الخير والنماء والاستقرار.
على مستوى المضمون، حاول صناع مسرحية «إيزيس» في نسختها الجديدة التركيز على التفاصيل التي أغفلتها المعالجات السابقة للأسطورة مثل محبة المصريين لأوزوريس الذي علّم الناس فنون الزراعة وتخطيط القرى والمدن وتشريع القوانين، وكيف أثار ذلك أخيه «ست» فلجأ إلى حيلة إقامة حفل كبير، وأعد تابوتاً من الذهب الخالص بعد أن أعلن أنه سيكون من نصيب الشخص الذي يدخله ويكون مطابقاً لحجمه. كان الأمر مجرد لعبة للترفيه عن الضيوف، أو هكذا بدت للوهلة الأولى، وعندما حل الدور على الملك المغدور ليشارك في اللعبة، المصممة أساساً للغدر به، دخل التابوت، وبادر أتباع «ست» بإحكام الغطاء على التابوت وحملوه وألقوه في النيل، ليجرفه التيار إلى فينيقيا «لبنان» ثم تحمله الأمواج إلى الشاطئ وتنبت فوقه شجرة بالقرب من ساحل جبيل لتخفيه تماماً عن العيون. بحسب الأسطورة المصرية الشهيرة.
وانتقد يوسف إدريس تركيز المسرحية (في النسخة الأقدم) على الرقصات والأداء الحركي لعشرات الممثلين والديكورات الصاخبة على حساب الحس الإنساني واللحظات الحميمة داخل العمل مثل اللقاء بين إيزيس وابنها بعد خمسة عشر عاماً. فيما أكد الحكيم أنه لم يقصد بعمله استعراض عقائد المصريين القدماء وإنما تقديم شخصيات الأسطورة في إطار إنساني، لا سيما موضوع وفاء الزوجة.
غير أنه وفي النسخة الأحدث، سعت مخرجة ومصممة العرض كريمة بدير إلى تجسيد الصراع الدرامي بين الخير والشر عبر التحكم في الأداء الحركي لثلاثين راقصاً وراقصة، ولعبت الإضاءة التي صممها رضا إبراهيم دوراً حاسماً في خلق معادل بصري، شديد الحيوية والإبهار، لإبراز مشاعر الغيرة والحسد والتآمر والاشتهاء التي تموج بها القصة الأصلية عبر تدفقات لونية ما بين الأصفر والأحمر والأزرق، كما نجحت موسيقى محمد مصطفى رجب، في أن تكون مرآة سمعية صادقة لحالات التحول في البناء الدرامي من الهدوء والاسترخاء إلى التوتر والعنف.


مقالات ذات صلة

بنغازي الليبية تبحث عن الضحكة الغائبة منذ 12 عاماً

يوميات الشرق أبطال أحد العروض المسرحية ضمن فعاليات مهرجان المسرح الكوميدي في بنغازي (وال)

بنغازي الليبية تبحث عن الضحكة الغائبة منذ 12 عاماً

بعد انقطاع 12 عاماً، عادت مدينة بنغازي (شرق ليبيا) للبحث عن الضحكة، عبر احتضان دورة جديدة من مهرجان المسرح الكوميدي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

صدر حديثاً عن دائرة الثقافة في الشارقة العدد 62 لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 من مجلة «المسرح»، وضمَّ مجموعة من المقالات والحوارات والمتابعات حول الشأن المسرح

«الشرق الأوسط» (الشارقة)
يوميات الشرق برنامج «حركة ونغم» يهدف لتمكين الموهوبين في مجال الرقص المسرحي (هيئة المسرح والفنون الأدائية)

«حركة ونغم» يعود بالتعاون مع «كركلا» لتطوير الرقص المسرحي بجدة

أطلقت هيئة المسرح والفنون الأدائية برنامج «حركة ونغم» بنسخته الثانية بالتعاون مع معهد «كركلا» الشهير في المسرح الغنائي الراقص في مدينة جدة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق أشرف عبد الباقي خلال عرض مسرحيته «البنك سرقوه» ضمن مهرجان العلمين (فيسبوك)

«سوكسيه»... مشروع مسرحي مصري في حضرة نجيب الريحاني

يستهد المشروع دعم الفرق المستقلّة والمواهب الشابة من خلال إعادة تقديم عروضهم التي حقّقت نجاحاً في السابق، ليُشاهدها قطاع أكبر من الجمهور على مسرح نجيب الريحاني.

انتصار دردير (القاهرة )

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.