5 مقاعد و157 مرشحاً في دائرة انتخابية واحدة ببغداد

ملصقات دعائية لمرشحين في الانتخابات العراقية ببغداد (أ.ب)
ملصقات دعائية لمرشحين في الانتخابات العراقية ببغداد (أ.ب)
TT

5 مقاعد و157 مرشحاً في دائرة انتخابية واحدة ببغداد

ملصقات دعائية لمرشحين في الانتخابات العراقية ببغداد (أ.ب)
ملصقات دعائية لمرشحين في الانتخابات العراقية ببغداد (أ.ب)

انفردت الدائرة الـ12 من بين دوائر محافظة بغداد الـ17 بنيل اهتمام كبير يختلف ليس عن دوائر بغداد، بل ربما عن كل الدوائر الانتخابية الأخرى في كل العراق. فالقانون الانتخابي الجديد قسّم العراق إلى 84 دائرة انتخابية، يتم الفوز فيها طبقاً لأعلى الأصوات للفائز الواحد لا للقائمة التي كان معمولاً بها في الدورات الانتخابية الأربع الماضية.
وفي حين أزاح هذا القانون هيمنة زعامات الخط الأول الذين كان بعضهم يحوز مئات آلاف الأصوات؛ مما يتيح لهم توزيعها على المقربين من مرشحي كتلتهم، فإنه أتاح المجال لتبيان مدى أهلية المرشح للفوز بأعلى الأصوات في هذه الدائرة أو تلك من بين عشرات المرشحين. ومع أن هناك مخاوف من سيطرة المال السياسي أو السلاح في بعض المناطق، فإن هناك مخاوف من إمكانية أن يكون للعشيرة الدور الأكبر في إيصال بعض مرشحيها ممن لا يمتلكون مؤهلات بالقياس إلى آخرين كفوءين ينافسونهم في المنطقة نفسها، لكنهم بلا عمق عشائري.
وإن كان هذا الجدل قائماً في العديد من المحافظات والمناطق، لكن الدائرة الـ12 في بغداد والتي تضم مناطق وأحياء مشهورة، مثل «المنصور والعامرية وحي الجامعة والجهاد»، وأحياء ومناطق شاسعة في ضواحي العاصمة العراقية بغداد استحوذت على أكبر قدر من الاهتمام بين المراقبين والمواطنين. وفي حين يتنافس عدد من الكتل السياسية على هذه الدائرة؛ كون الفوز فيها - مثلما يقول أحد أبرز مرشحيها النائب الحالي في البرلمان العراقي حسين عرب «يكاد يختزل كل مجلس النواب، فضلاً عن كونها تكاد تكون مفتاح الفوز في مناطق أخرى»، فإن أبرز تحالفين يتنافسان فيها هما التحالفان السنيان (تقدم) بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي و(عزم) بزعامة خميس الخنجر. وطبقاً لما يقوله عرب في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، فإن «هذه المنطقة شاسعة جداً، بل ربما هي الأكبر في بغداد، فضلاً عن كونها تضم خليطاً من المكونات العراقية مثل السنة والشيعة والأكراد والمسيحيين، كما أنها أكبر تجمع من حيث الناخبين وعددهم أكثر من 531 ألف ناخب، وهو عدد كبير جداً ويتنافس على مقاعدها الخمس نحو 157 مرشحاً».
ويضيف عرب «هناك مرشحون دخلوا حيز الترشيح في هذه الدائرة من ثلاث محافظات أخرى غير محافظة بغداد، وهي الأنبار وبابل والكوت». وأوضح، أن «هذه الدائرة يطلق عليها أم الدوائر وتحتوي على أكبر المرشحين لجهة انتماءاتهم السياسية، وكونهم معروفين كنواب حاليين وسابقين، فضلاً عن أن هذه الدائرة حظيت بأكبر دعاية انتخابية وأنفقت فيها أموالاً طائلة بسبب شدة التنافس الذي بلغ أحياناً حد التناحر بين القوى والأحزاب فيها».
وبشأن الذين رشحوا عن هذه المنطقة من محافظات أخرى، يقول عرب، إن «فرص هؤلاء المرشحين لن تكون سهلة لأن ما يغلب على هذه الدائرة هي المناطقية، وبالتالي فإن من سيكون له الحظ الأوفر هم المرشحون من أبناء هذه المناطق مع أن من حق أي مرشح وفق القانون الجديد أن يرشح على أي منطقة».
ومن بين أبرز المرشحين عن هذه الدائرة، بالإضافة إلى حسين عرب، وهو نائب حالي في البرلمان، محمد الكربولي وهو من محافظة الأنبار وفاز مرتين بالبرلمان العراقي عن تلك المحافظة، والدكتور هيثم الجبوري، رئيس اللجنة المالية في البرلمان العراقي وهو من أهالي محافظة بابل، وحيدر الملا، العضو السابق في البرلمان العراقي، وإن كان ينتمي إلى محافظة البصرة، لكنه يسكن بغداد منذ سنوات طويلة فضلاً عن الشيخ إياد الجبوري وهو من ريف محافظة بغداد.
وفي حين ينتظر حيدر الملا، اليوم، نتيجة الطعن الذي قدمه إلى المحكمة الاتحادية بعد الشكوى التي رفعها ضده محمد الكربولي وآخرين، فإنه يرى في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن «الذين رشحوا عن الدائرة الـ12 لكي ينافسوا المرشحين من أهاليها وممن عملوا لصالح الناس هم الذين رفضتهم مناطقهم ومحافظاتهم بعد أن فشلوا فيها وانكشفت أساليب بعضهم الملتوية؛ الأمر الذي جعلهم يجرّبون حظهم في هذه الدائرة»، مبيناً أن «كل المؤشرات تدل على أنهم لن يحصلوا على ثقة الناس هنا؛ وهو ما جعلهم يلجأون إلى أساليب التسقيط».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.