حكومة ميقاتي تسعى لإعادة «وصل ما انقطع» في علاقات لبنان مع العرب

رئيس الوزراء اللبناني (د.ب.أ)
رئيس الوزراء اللبناني (د.ب.أ)
TT

حكومة ميقاتي تسعى لإعادة «وصل ما انقطع» في علاقات لبنان مع العرب

رئيس الوزراء اللبناني (د.ب.أ)
رئيس الوزراء اللبناني (د.ب.أ)

أعلن رئيس مجلس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، أمس، أن حكومته ستقوم بكل ما هو مطلوب لإعادة وصل ما انقطع في علاقات لبنان مع العرب، وذلك رداً على تحليلات تتحدث عن علاقات لبنان بالدول العربية.
جاءت تصريحات ميقاتي في بيان له خلال استقباله في مدينة طرابلس، شمال لبنان، شخصيات ووفوداً شعبية. وقال ميقاتي: «نسمع الكثير من التحليلات الصحافية التي تتناول علاقات لبنان بالدول العربية وصلت إلى حد تسويق البعض لوساطات مزعومة وسلبيات مطلقة في المقابل». وقال إن الحكومة «ستقوم بنفسها بكل الخطوات المطلوبة لإعادة وصل ما انقطع في علاقات لبنان مع الإخوة العرب، ونعلم في المقابل حرص الأشقاء العرب على المحافظة على وحدة لبنان وحمايته من أي أخطار قد تحيط به».
وأشار ميقاتي إلى أن لبنان «لطالما شكّل رسالة لتجسيد المحبة والتعايش بين الأديان، ولطالما سارع الإخوة العرب لانتشاله من عثراته، كلمّا ألمّت به المحن، انطلاقاً من تفهمهم الأخوي لخصوصية وتنوع نسيجه السكاني». وأضاف: «صحيح أننا نمرّ بأصعب مرحلة في تاريخ لبنان والتحديات الداهمة كبيرة، والناس تأمل من الحكومة عملاً إنقاذياً ينتشلها من المآسي المختلفة التي تعاني منها، وهو أمر ندركه جيداً، وبدأنا القيام بما يجب فعله لوضع الأمور على سكة الحل».
ويعوّل ميقاتي «على التعاون الكامل داخل الحكومة، وكذلك مع المجلس النيابي لإقرار المشاريع الضرورية لتحريك العجلة الاقتصادية وعملية الإصلاحات المطلوبة».
وتتصاعد الدعوات للحكومة لتحقيق إنجازات في ظل الأزمات الاقتصادية والمعيشية القائمة. ورأت النائبة ستريدا جعجع أن «على الحكومة الجديدة الإسراع في الإنجاز، لأن الظرف استثنائي والأزمة كبيرة جداً والمواطن اللبناني لا يمكنه الانتظار، فالمُهل تعدّ في هذه الظروف بالساعات لا بالأيام والأسابيع»، لافتةً إلى أن «ما يجب البدء به من أجل إعطاء نفحة أمل للبنانيين هو العمل سريعاً على إقرار بعض الإصلاحات المتصلة بموضوع الكهرباء، وحل أزمة المحروقات والدواء وإعادة استئناف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، الأمر الذي من شأنه إعطاء بعض الثقة للبنانيين بدولتهم وبالتالي خفض نسبة الهجرة المرتفعة جداً في الآونة الأخيرة».
من جهته، رأى عضو تكتل «لبنان القوي» النائب إدي معلوف، في حديث إذاعي، أن «هناك إصلاحات منتظرة من الحكومة، وأن جزءاً كبيراً من هذه الإصلاحات يحصل في مجلس النواب»، مبدياً الاستعداد للتعاطي بإيجابية وسرعة لتحقيقها. ورأى أنه «لا توافق بين الفرقاء على كل الإصلاحات، فلكل فريق وجهة نظره»، متوقعاً أن «تكون أكثرية القوى السياسية قد توصلت إلى قناعة بضرورة أخذ الملاحظات البناءة في عين الاعتبار، لأن الوقوف في وجه الإصلاحات يؤدي إلى الضرر».
وعن المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، رأى أن «الأمور أصبحت واضحة وهذه المرة الموضوع جدي، فإلقاء اللوم على الغير فيما خص الخسائر لم يعد يجدي»، آملاً «ألا يحاول أحد نفض يده من مسؤوليته». وشدد على ضرورة «ألا يكون المودعون الحلقة الضعيفة بسبب ثقتهم بالمصارف»، متمنياً العمل بجدية للخروج من الأزمة.



سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
TT

سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)

مع دخول الحرب التي أشعلها الحوثيون عامها العاشر، لا يزال ملايين من النازحين يعانون جراء غياب الخدمات ويعيشون في تجمعات تفتقر لأبسط مقومات الحياة، حيث تشكل أزمة المياه النظيفة في مناطق الساحل الغربي لليمن واحدة من صور المعاناة التي يعيشها النازحون بسبب الحرب.

يقول حسن، وهو أب لأربعة أطفال وصل إلى منطقة «يختل» قبل خمس سنوات، إنهم يسيرون لساعات من أجل جلب بضعة صفائح من الماء، وفي بعض الأيام، يعود وأطفاله خالي الوفاض، حيث يبدو أن المياه تفرّ بعيداً عن متناول اليد.

الصراع من أجل المياه في اليمن تفاقم بسبب سنوات الحرب (الأمم المتحدة)

ولأن الحرب أجبرت أكثر من 4.5 مليون يمني على ترك منازلهم، فقد لجأ الكثير منهم إلى قرى ريفية مثل «يختل» القريبة من ميناء المخا على ساحل البحر الأحمر، ومع وصول المزيد من الأسر النازحة، وغالباً لا يحملون سوى الملابس على ظهورهم، زاد الضغط على الموارد الشحيحة بالفعل.

وفي ظل هذه الظروف، يتنافس السكان المتزايدون على الوصول إلى المياه والمأوى والخدمات الأساسية؛ مما يؤدي إلى تفاقم التحديات التي يواجهها كل من النازحين والسكان المحليين. كما أدى انخفاض خصوبة التربة وزيادة ملوحة مصادر المياه وارتفاع مستويات سطح البحر إلى تهديد الزراعة على طول الساحل الغربي، خصوصاً في هذه المنطقة.

لهذا؛ يجد سكان المنطقة، الذين اعتمدوا في السابق على الزراعة على نطاق صغير لإعالة أسرهم، أنه من المستحيل تقريباً زراعة المحاصيل أو إطعام مواشيهم، حيث أصبح المناخ معادياً بشكل متزايد لأساليب الزراعة التقليدية.

كما أن صيد الأسماك على نطاق صغير، الذي كان أيضاً شريان حياة للاقتصاد المحلي، في انحدار. ومع فشل المحاصيل وتناقص مخزون الأسماك، أصبح لدى السكان خيارات أقل.

مهمة صعبة

يقرّ محمد علي، وهو أحد سكان «يختل» بالصعوبة، حيث يستيقظ كل يوم قبل الفجر للبحث عن الماء، وهي مهمة تستهلك صباحاته وتستنزف طاقته، كما أن رحلاته اليومية إلى نقاط المياه المشتركة محفوفة بعدم اليقين، هل سيجد ما يكفي من المياه لأسرته أم لا.

وفق المنظمة الدولية للهجرة، تفاقم الصراع من أجل المياه بسبب سنوات الحرب التي دمَّرت البنية الأساسية التي كانت ذات يوم حيوية للبقاء؛ لأن نظام المياه، الذي تم بناؤه في الأصل لخدمة 200 منزل، أصبح الآن ممتداً إلى ما هو أبعد من حدوده، في محاولة لتلبية احتياجات أكثر من 1500 أسرة، بما في ذلك مئات النازحين الذين هربوا من العنف في مناطق خطوط التماس بين القوات الحكومية والحوثيين.

البحث اليومي عن المياه يستهلك وقت الأسر وطاقتها لفترة طويلة (الأمم المتحدة)

من خلال إعادة تأهيل خطوط الأنابيب وبناء نقاط مياه جديدة، ساعدت تدخلات المنظمة الأممية في تخفيف العبء على الأسر وتخفيف الصراع على الموارد. كما يعالج المشروع المخاطر الصحية من خلال ضمان حصول كل من المجتمعات المضيفة والأسر النازحة على وصول موثوق به إلى المياه النظيفة.

وجزءاً من هذه الجهود في منطقة «يختل»، يتم توسيع شبكة توزيع المياه. ويشمل ذلك تركيب أنابيب أكبر وبناء مرافق تخزين مياه إضافية، وضمان توزيع العرض المحدود بكفاءة عبر المجتمع.

وبحسب المنظمة الأممية، تم إدخال أنظمة ضخ المياه بالطاقة الشمسية؛ مما يوفر مصدر طاقة مستداماً يقلل من الاعتماد على الوقود الباهظ الثمن وغير المتاح في كثير من الأحيان، ومساعدة المجتمعات على تحمل التقلبات الجوية المتطرفة مثل الفيضانات بشكل أفضل.

مساعدة على الصمود

تتضمن جهود منظمة الهجرة الدولية ترقية نظام المياه لتحسين قدرته على الصمود في مواجهة الفيضانات، والتخطيط بعناية لتجنب المناطق المعرضة للفيضانات وإنشاء تدابير وقائية، بالإضافة إلى ذلك، سيتم تركيب أجهزة تعقيم المياه بالكلور الأوتوماتيكية لتطهير المياه.

وبينما يتم إحراز تقدم في منطقة «يختل»، تستمر صراعات مماثلة في أجزاء أخرى من الساحل الغربي اليمني وفقاً للمجتمع الإغاثي، ففي مخيم للنازحين في حيس، يشارك سامي، وهو أب لاثني عشر طفلاً، قصة مألوفة عن المشقة، ويذكر أن معظم الأشخاص الذين يذهبون لجلب المياه هم من الأطفال؛ فهم لا يذهبون إلى المدرسة لأنهم مضطرون إلى المساعدة.

الجفاف يهدد مناطق واسعة باليمن مما يتسبب في شح المياه (إ.ب.أ)

تؤكد المنظمات الإغاثية أن عدم القدرة على الحصول على المياه النظيفة أدى إلى حرمان أطفاله من التعليم؛ مما أجبرهم على القيام بدورة من الأعمال المنزلية اليومية.

وبغرض معالجة النقص الحاد في المياه، تشرف منظمة الهجرة الدولية على بناء بئر جديدة من شأنها أن توفر مياه نظيفة وموثوقة لآلاف الأسر النازحة والمجتمعات المضيفة.

تجزم المنظمات الإغاثية أنه ومن خلال توفير هذا المصدر الثابت للمياه، سيتم تخفيف العبء المادي على الأسر وتقليل المخاطر الصحية المرتبطة بالمياه الملوثة، لكن رغم ذلك، تظل التحديات هائلة، حيث يستمر تغير المناخ والأحداث الجوية المتطرفة في جميع أنحاء اليمن في تضخيم أزمة المياه؛ مما يزيد من ضغوط الصراع والنزوح.