راحتك النفسية مرتبطة بما يجري في بطنك

محاولات علمية لفهم دور بكتيريا الأمعاء في القلق والاكتئاب وانفصام الشخصية

* استشارية في الباطنية
* استشارية في الباطنية
TT

راحتك النفسية مرتبطة بما يجري في بطنك

* استشارية في الباطنية
* استشارية في الباطنية

يبدو أن ثمة دعماً علمياً جديداً، يُضاف إلى الأدلة العلمية السابقة، للمقولة القديمة بأن راحة وسلامة الحالة النفسية للإنسان مرتبطة بمدى سلامة وراحة عمل الجهاز الهضمي لديه. وأحد جوانب ذلك، دراسة المراجعة التحليلية الشاملة التي نشرت ضمن عدد 15 سبتمبر (أيلول) من مجلة «جاما» للطب النفسي JAMA Psychiatry، وكانت بعنوان «اضطرابات تكوين ميكروبيوتا بكتيريا الأمعاء في الاضطرابات النفسية».

البكتيريا والدماغ

وجاءت الدراسة التي أجراها باحثون من بريطانيا وألمانيا، محاولة للإجابة عن سؤال: هل الاضطرابات النفسية ناتجة من حصول تغيرات في ميكروبيوتا (البكتيريا الصديقة) في الأمعاء Gut Microbiota؟
ومعلوم، وفق ما يذكره مركز علم الوراثة البيئية والصحة البيئية بجامعة واشنطن، أنه تعيش في أجسامنا أكثر من 100 ترليون من الميكروبات (أي 10 أضعاف عدد الخلايا البشرية الحية المكونة لجسم الإنسان). وغالبيتها بكتيريا تعيش في أمعائنا؛ لتساعد على هضم طعامنا، ولتنظيم جهاز المناعة لدينا، وللحماية من البكتيريا الأخرى التي تسبب الأمراض، ولإنتاج أنواع من الفيتامينات.
والأهم هنا، أن لها تأثيرات على الدماغ والسلوك والنفسية. وفيما يخص الجهاز الهضمي، ترتبط الحالة النفسية وكفاءة عمل الدماغ بالجوانب الأربعة التالية:
- مدى تنوع ووفرة البكتيريا الصديقة في الأمعاء.
- نوعية مكونات التغذية التي يتناولها المرء.
- الإصابات المرضية في أجزاء الجهاز الهضمي، مثل فشل الكبد وحساسية الأمعاء وقروح المعدة والقولون العصبي وغيره.
- اضطرابات عملية الهضم لأي سبب كان، وتأثيراتها على توفر المعادن والفيتامينات والعناصر الغذائية الأخرى لصحة الجهاز العصبي.
ومن خلال هذه الدراسة الحديثة، أتم الباحثون البريطانيون والألمان إجراء مراجعة شاملة وتحليلية لنتائج 59 دراسة طبية سابقة تناولت بالبحث جانب تأثيرات اضطراب أو نقص تواجد نوعيات معينة من بكتيريا الأمعاء.

اضطرابات نفسية

ولخص الباحثون استنتاجاتهم بالقول «تراكمت الأدلة السابقة المشيرة إلى أهمية اضطرابات ميكروبيوتا الأمعاء في العديد من الاضطرابات النفسية. ووجدنا أن اضطرابات ميكروبيوتا الأمعاء (إما نقص البكتيريا المضادة للالتهابات أو زيادة البكتيريا المحفزة للالتهابات) كانت مرتبطة مع الاكتئاب والاضطراب ثنائي القطب وانفصام الشخصية والقلق».
وعلقت فيكتوريا نيكولوفا، الباحثة الرئيسية من مركز الاضطرابات العاطفية في كينغز كوليدج لندن، على نتائج الدراسة بالقول «من الواضح أن الأطباء في حاجة إلى زيادة الوعي بأهمية صحة الأمعاء، عند التفكير في علاج بعض الاضطرابات النفسية». وأضافت قائلة «وفي حين أن هناك ثروة من الأدلة التي تشير إلى أن الخلل في تكوين ميكروبيوتا الأمعاء مرتبط بعدد من الاضطرابات النفسية، لم تكن هناك أي محاولات لتقييم خصوصية هذا الدليل، أي في كل نوع من الاضطرابات النفسية ما هي نوعية الاضطراب المرافق لها في بكتيريا الأمعاء».
ويتضمن التفكير الحالي في مجال دراسة مشاكل الصحة العقلية، تكهنات علمية قوية بأن المشاكل النفسية، قد ترتبط بالميكروبيوم في الأمعاء أو الاضطرابات الأخرى في أحشاء البطن. ويشار إلى هذا النظام من الاتصالات والتواصل بين الجهاز الهضمي والدماغ باسم «محور الأمعاء والدماغ» Gut - Brain Axis. وعلى سبيل المثال، يتكهن بعض الباحثين بأن العدوى الميكروبية في الجهاز الهضمي أو خيارات التغذية السيئة أو تناول المضادات الحيوية دونما داع طبي، كلها يمكن أن تؤثر سلباً على مستعمرات البكتيريا الصحية في الأمعاء وعلى عمل الجهاز الهضمي. وهو ما يُعطل محور الأمعاء والدماغ، ويتداخل مع العمل الطبيعي للدماغ واعتدال الحالة النفسية. وكمثال لذلك، هناك دراسة سابقة بعنوان «ميكروبيوم الأمعاء والاكتئاب: كيف تؤثر الميكروبات على طريقة تفكيرنا»، تم نشرها ضمن عدد أغسطس (آب) 2020 لمجلة «كيوريوس للعلوم الطبية» Cureus Journal of Medical Science، وقال فيها الباحثون من معهد كاليفورنيا لعلوم الأعصاب السلوكية وعلم النفس «ترتبط أنواع معينة من النظم الغذائية بتحسين الصحة العقلية. وأحد الأمثلة على ذلك هو نظام البحر الأبيض المتوسط الغذائي، الذي يشجع على الأكل الصحي، على عكس النمط الغربي.
وميكروبيوم الأمعاء عندما يكون في حالة صحية جيدة، قد يغير الآثار الضارة للنظام الغذائي الغني بالدهون، ويحسن الحالة المزاجية والسلوك. أما تعديل تكوين ميكروبيوم الأمعاء، من خلال التغذية السليمة وأطعمة البروبيوتيك، فإنه يساعد أيضاً في تقليل القلق والاكتئاب واضطرابات المزاج».

أطعمة تحسين المزاج

وإضافة إلى جانب سلامة حالة بكتيريا الأمعاء، فإن جانب تأثير نوعية مكونات التغذية له علاقة وثيقة بالاضطرابات النفسية. وتفيد رابطة القلب الأميركية AHA، بأن «من السهل ملاحظة العلاقة بين النظام الغذائي غير الصحي وزيادة حجم البطن ومحيط الخصر. إلا أن من الصعب على البعض إدراك الارتباط بين نوعية الغذاء وصحة الدماغ. ولكن الخبراء يتفقون على أن الأكل الصحي ضروري لصحة الدماغ. وأن الأطعمة والأنظمة الغذائية المفيدة لصحة القلب هي مفيدة أيضاً لصحة الدماغ».
وفي طرح آخر تحت عنوان «أطعمة جيدة للمزاج»، ذكرت رابطة القلب الأميركية أن هناك بعض الأطعمة المحددة التي يجب الانتباه إليها لتحسين المزاج. ومنها: الفواكه والخضراوات، وأحماض أوميغا - 3 في الأسماك والمكسرات، والشوكولاته. وقالت «كمكافأة خاصة، قد تحتوي الشوكولاته على خصائص تعمل على تحسين الحالة المزاجية وحتى تقليل التوتر. لكن تذكر، المفتاح هو اختيار الشوكولاته الحقيقية الداكنة، وباعتدال».
وتعلق الدكتورة ليزا موسكوني، طبيبة الأعصاب بكلية طب وايل كورنيل في نيويورك، قائلة «من بين جميع أعضاء أجسامنا، فإن الدماغ هو العضو الأعلى والأسهل تضرراً من النظام الغذائي السيئ. وبدءاً من بنية هيئته، ووصولاً إلى قدرته على الأداء، يحتاج كل جانب من جوانب الدماغ إلى الغذاء المناسب».
وتوضح الدكتورة كريستين يافي، أستاذة الطب النفسي في جامعة كاليفورنيا، أن اتباع نظام غذاء البحر المتوسط، الغني بالفواكه والخضراوات والأسماك والمكسرات، والحد من تناول اللحوم الحمراء والصوديوم والسكريات المضافة والحلويات، قد يؤدي إلى تحسين القدرة الإدراكية. ومن المهم التفكير في الأطعمة الضارة بالدماغ، كالدهون المشبعة الحيوانية المصدر، وتقول «عندما نأكل وجبة دسمة وسكرية ونعاني من أعراض مثل الخمول وضباب الدماغ والنعاس، فإن هذه الأعراض لا تنشأ في المعدة ولكن في الدماغ».

اضطرابات متداخلة

وهناك تداخل مُحيّر بين أعراض اضطرابات الحالة النفسية واضطرابات الجهاز الهضمي. وفي مقالة علمية تم نشرها في أبريل (نيسان) الماضي بعنوان «اتصال القناة الهضمية بالدماغ»، يقول باحثو كلية طب جامعة هارفارد «الدماغ والجهاز الهضمي مرتبطان ارتباطاً وثيقاً.
انتبه إلى الاتصال بين القناة الهضمية والدماغ. إن العلاقة بين الدماغ والأمعاء ليست مزحة. يمكن أن يرتبط القلق بمشاكل المعدة والعكس صحيح. وللدماغ تأثير مباشر على المعدة والأمعاء، والجهاز الهضمي حساس للحالة العاطفية. الغضب والقلق والحزن والغبطة، كل هذه المشاعر وغيرها يمكن أن تؤدي إلى ظهور أعراض في القناة الهضمية. وهذا الاتصال يسير في كلا الاتجاهين. يمكن أن ترسل الأمعاء المضطربة إشارات إلى الدماغ، تماماً كما يمكن للدماغ المضطرب إرسال إشارات إلى القناة الهضمية. لذلك؛ يمكن أن تكون معدة الشخص أو الضائقة المعوية، سبباً أو ناتجاً من القلق أو التوتر أو الاكتئاب».

8 أطعمة في تغذيتك اليومية لرفع المزاج والحالة النفسية

> يذكر أطباء الأعصاب في مايوكلينك، أن ثمة أدلة جديدة على أن ما تأكله يُحدث فرقاً في خطر الانحدار في قدرات الإدراك المعرفي للذهن، في أي مرحلة من العمر. وأفادوا بأنه تم تطوير «النظام الغذائي المتوسطي لتأخير التنكس العصبي» MIND Diet للتركيز على الأطعمة التي تؤثر على صحة الدماغ، وبالتالي المزاج والحالة النفسية. ومنها العناصر الثمانية التالية:
- الخضراوات الورقية: وجد الباحثون أن الخضراوات ذات الأوراق الليفية، مثل الكرنب والسبانخ والخس، لها تأثير في خفض خطر الإصابة بالخَرَف والانحدار الإدراكي. وهي غنية بالمغذيات المرتبطة بصحة أفضل للدماغ، مثل: حمض الفوليك، فيتامين إي E، الكاروتينات، والفلافنويدات. وقد وُجد أن تناول حصة غذائية واحدة يومياً منها، يؤدي إلى تباطؤ حدوث شيخوخة الدماغ.
- الفواكه: وفي دراسة استمرت 20 عاماً على 16 ألفاً من كبار السن، ممن يأكلون التوت والفراولة (الغنيين بالفلافنويدات الحمراء المضادة للأكسدة)، وجد أنه كان لديهم أبطأ معدلات من الانحدار الإدراكي. أما تناول الموز فله تأثير إيجابي في رفع المزاج، من خلال: غناه بفيتامينات مجموعة بي (التي تساعد على تصنيع النواقل العصبية الجيدة للحالة النفسية مثل الدوبامين والسيروتونين)، وغناه بألياف البريبيوتيك Prebiotics من الكربوهيدرات المعقدة (ألياف نباتية متخصصة تعمل على تحفيز نمو البكتيريا في الأمعاء). وتجدر ملاحظة أن ألياف البريبيوتيك تختلف عن البروبيوتك Probiotics، التي هي أطعمة تحتوي على بكتيريا صحية حيّة مثل لبن الزبادي (كما سيأتي).
- المكسرات: وإضافة إلى غناها بالألياف ودهون أوميغا (المفيدة لصحة الدماغ)، وغناها بمعادن الزنك والسيلينويم (التي نقص أي منها يزيد من احتمالات الاكتئاب)، فإن المكسرات توفر للجسم التربتوفان، وهو حمض أميني مسؤول عن إنتاج السيروتونين المعزز للمزاج النفسي. كما أنها مليئة بفيتامين E القابل للذوبان في الدهون، والمعروف بخصائصه الوقائية للمخ. تناول كمية 30 غراماً في اليوم من المكسرات (المحمصة والخالية من الملح)، خمس مرات في الأسبوع على الأقل.
- زيت الزيتون: ويضعه باحثو مايوكلينك ضمن العناصر الرئيسية للتغذية الصحية للدماغ MIND Diet، ويقولون «هناك مكون صحي آخر، وهو زيت الزيتون. حيث يوصي الباحثون باستخدامه كزيت طهي أساسي في وجباتك. ابحث عن زيت الزيتون شديد البكورة، واختر الزجاجة الداكنة، حيث إن الضوء يتسبب في فساد زيت الزيتون بسرعة».
- الأسماك الدهنية: مصدر وفير لأحماض أوميغا - 3 الدهنية الصحية للمزاج والدماغ؛ لأنها تساهم في نمو خلايا الدماغ، وزيادة سيولة غشائها، وسهولة انتقال الإشارات العصبية منها وإليها. وأظهرت بعض الدراسات، أن تناول دهون أوميغا - 3 من الأسماك يُقلل من حدة الاكتئاب، ويُحسن من الشعور بالفرح والنشاط، ويُخفض مستويات بيتا أميلويد في الدم (البروتين الذي يتراكم في أدمغة الأشخاص المصابين بمرض ألزهايمر). وتناول السمك مرتين في الأسبوع يُعطي الجسم احتياجه من هذا الدهن الصحي. وخاصة الأنواع الدهنية والتي تحتوي على نسبة منخفضة من الزئبق، مثل السلمون وسمك القد والتونة الخفيفة المعلبة.
- الشوكولاته الداكنة: مسحوق الكاكاو الطبيعي (غير قطع الشوكولاته المشبعة بالدهون والسكريات)، غني بالعديد من المركبات التي ترفع الحالة المزاجية وتعمل كوقود لتعزيز عمل الدماغ. كما يسهم في إطلاق سلسلة من المركبات التي تعطي شعوراً بالرضا، مثل: الكافيين، الثيوبرومين Theobromine، وإن - أسيليثانولأمين N - Acylethanolamine. ويحتوي على نسبة عالية من مركبات الفلافونويد Flavonoids، التي ثبت أنها تزيد من تدفق الدم إلى الدماغ، وتقلل الالتهاب، وتعزز صحة الدماغ. كما لاحظت بعض الدراسات أن نكهة ورائحة الشوكولاته تعزز الشعور بالراحة في المزاج. وفي هذا، فإنها شبيهة بتأثير القِرْفة على الحالة المزاجية للدماغ. والشوكولاته الداكنة هي الاختيار الصحي (نسبة 70 في المائة من الكاكاو الطبيعي).
- الشاي والقهوة: قد يوفر الكافيين الموجود في فنجان القهوة أو الشاي الصباحي أكثر من مجرد زيادة التركيز الذهني على المدى القصير. ووفقا لأبحاث عدة، قد يساعد الكافيين والعديد من المركبات الكيميائية الصحية الأخرى في القهوة والشاي، في ترسيخ الذاكرة وتحسين الحالة المزاجية والنفسية. كما يزيد من إفراز الناقلات العصبية المعززة للمزاج، مثل الدوبامين والنورادرينالين.
- لبن الزبادي: عملية تخمير البكتيريا الصحية في الحليب تسمح بهضم سكريات الحليب وتكوين أحماض خفيفة. ومن خلال هذه العملية، يتم نمو البروبيوتك (البكتيريا الصحية) في الأمعاء. وإحدى فوائد تلك البكتيريا إنتاج مركبات السيروتونين، وهي ناقل عصبي مهم في الدماغ ويؤثر على العديد من جوانب السلوك البشري، مثل الحالة المزاجية، والاستجابة للتوتر، والشهية، والدافع الجنسي. ويتم إنتاج ما يصل إلى 90 في المائة من السيروتونين في الجسم عن طريق مجموعة البكتيريا الصحية في الأمعاء. وإضافة إلى ذلك، يُسهم تناول اللبن الزبادي في تسهيل الخلود إلى النوم.


مقالات ذات صلة

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

صحتك مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

توصلت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا إلى أن اتباع نظام غذائي منخفض في أحماض أوميغا 6 وغني بأحماض أوميغا 3 الدهنية، يمكن أن يبطئ سرطان البروستاتا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
صحتك مرض ألزهايمر يؤدي ببطء إلى تآكل الذاكرة والمهارات الإدراكية (رويترز)

بينها الاكتئاب... 4 علامات تحذيرية تنذر بألزهايمر

يؤثر مرض ألزهايمر في المقام الأول على الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً، ولكن ليس من المبكر أبداً أن تكون على دراية بالعلامات التحذيرية لهذا الاضطراب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

وصل إلى بريد «استشارات» استفسار من أحد المرضى هو: «عمري فوق الستين، ولدي مرض السكري وارتفاع ضغط الدم. وتناولت (فياغرا) للتغلب على مشكلة ضعف الانتصاب.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
TT

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً يأملون أن يشكل بديلاً لأطقم الأسنان أو عمليات الزرع.

على عكس الزواحف والأسماك التي عادة ما تكون قادرة على استبدال أنيابها، من المعروف على نطاق واسع أنّ البشر ومعظم الثدييات الأخرى لا ينمو في فمها سوى مجموعتين من الأسنان. لكن تحت اللثة ثمة براعم نائمة من مجموعة ثالثة، بحسب رئيس قسم جراحة الفم في المركز الطبي التابع لكلية البحوث الطبية في أوساكا، كاتسو تاكاهاشي.

في أكتوبر (تشرين الأول)، أطلق فريقه تجارب سريرية في هذا المستشفى، موفراً لأشخاص بالغين دواء تجريبياً يقول الفريق الطبي إنّه قادر على تحفيز نمو هذه الأسنان المخفية. ويقول تاكاهاشي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إنها تقنية «جديدة تماماً» في العالم.

وغالباً ما يُنظر إلى العلاجات المستخدمة للأسنان المفقودة بسبب التسوس أو الالتهابات على أنها مكلفة وتتطلب تدخلاً جراحياً. ويؤكد تاكاهاشي، قائد المشروع، أن «استعادة الأسنان الطبيعية لها بالتأكيد حسناتها».

وتشير الاختبارات التي أُجريت على فئران وقوارض إلى أن وقف عمل بروتين «أوساغ-1» (USAG-1) يمكن أن يوقظ المجموعة الثالثة من الأسنان، وقد نشر الباحثون صوراً مخبرية لأسنان حيوانات نمت من جديد.

وفي دراسة نُشرت العام الماضي، قال الفريق إن «العلاج لدى الفئران فعّال في تجديد الأسنان، ويمكن أن يشكل اختراقاً على صعيد علاج تشوهات الأسنان لدى البشر».

«ليست سوى البداية»

في المرحلة الراهنة، يعطي أطباء الأسنان الأولوية للاحتياجات «الماسة» للمرضى الذين خسروا ستاً من الأسنان الدائمة أو أكثر منذ الولادة.

ويشير تاكاهاشي إلى أنّ الجانب الوراثي يؤثر على نحو 0.1 في المائة من الأشخاص الذين قد يواجهون صعوبة كبيرة في المضغ، وفي اليابان غالباً ما يمضون معظم مراهقتهم وهم يضعون كمامة لإخفاء الفجوات الواسعة في أفواههم. ويضيف أنّ «هذا الدواء قد يكون نقطة تحوّل لهم»؛ لذلك يستهدف الدواء الأطفال في المقام الأول، ويريد الباحثون إتاحته قبل عام 2030.

ولا يعرف أنغراي كانغ، وهو أستاذ في طب الأسنان لدى جامعة كوين ماري في لندن، سوى فريق واحد آخر يسعى إلى تحقيق الهدف المماثل باستخدام الأجسام المضادة لجعل الأسنان تنمو من جديد أو لإصلاحها.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول الخبير في تكنولوجيا المناعة وغير المنخرط في البحث الياباني، إنّ «مجموعة تاكاهاشي تقود المسار».

ويعتبر كانغ أنّ عمل تاكاهاشي «مثير للاهتمام ويستحق المتابعة»؛ لأنّ دواء للأجسام المضادة يستهدف بروتيناً مطابقاً تقريباً لـ«USAG-1» يُستخدم أصلاً لعلاج هشاشة العظام.

ويضيف: «السباق لتجديد أسنان الإنسان ليس قصيراً، لكنه مجموعة من سباقات الماراثون المتتالية، على سبيل التشبيه». ويتابع: «إنها ليست سوى البداية».

ويرى الأستاذ في علاج جذور الأسنان في جامعة هونغ كونغ، تشينفي تشانغ، أنّ طريقة تاكاهاشي «مبتكرة وتحمل إمكانات».

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «التأكيد على أن البشر يمتلكون براعم أسنان مخفية قادرة على إنتاج مجموعة ثالثة من الأسنان، هو مسألة ثورية ومثيرة للجدل».

ويشير إلى أنّ «النتائج التي لوحظت لدى الحيوانات لا يمكن دائماً ترجمتها بشكل مباشر إلى البشر». ويقول تشانغ إن نتائج التجارب على الحيوانات تثير «تساؤلات بشأن ما إذا كانت الأسنان الجديدة قادرة وظيفياً وجمالياً على أن تحل محل الأسنان المفقودة».

«في قمة السعادة»

يشير تاكاهاشي إلى أنّ موقع السنّ الجديدة في الفم يمكن التحكم به إن لم يكن تحديده، من خلال موقع حقن الدواء.

وفي حال نمت الأسنان في المكان الخطأ فيمكن نقلها عن طريق تقويم الأسنان أو الزرع، على حد قوله.

ولم يشارك أي مريض صغير يعاني من مشكلة خلقية في الأسنان في التجربة السريرية الأولى؛ إذ إن الهدف الرئيس هو اختبار سلامة الدواء لا فاعليته؛ لذا فإن المشاركين في المرحلة الحالية هم بالغون صحتهم جيدة خسروا سناً واحدة على الأقل.

ومع أنّ تجديد الأسنان ليس الهدف الصريح للتجربة هذه المرة، فإن هناك فرصة ضئيلة لحدوث ذلك للمشاركين، بحسب تاكاهاشي.

وإذا نمت أسنانهم، فسيكون الباحثون قد أكدوا أن الدواء فعّال لمَن يعانون من خسارة أسنان، وهو ما سيشكل نجاحاً طبياً. ويقول تاكاهاشي: «سأكون في قمة السعادة في حال حدث ذلك».

وقد تلقى هذه الأنباء ترحيباً خاصاً في اليابان التي تضم ثاني أعلى معدّل من السكان في العالم. وتظهر بيانات وزارة الصحة أن أكثر من 90 في المائة من الأشخاص الذين تتخطى أعمارهم 75 عاماً خسروا سنّاً واحدة على الأقل.

ويقول تاكاهاشي: «ثمة توقّعات عالية بأن تكون تقنيتنا قادرة بشكل مباشر على إطالة متوسط العمر الصحي المتوقع».