السعودية تتأهب لأول إصدار حكومي للسندات الخضراء

مسؤولون يؤكدون التوجه لتنمية السوق المالية وزيادة أدوات التمويل الصديقة للبيئة

انعقاد مؤتمر حوارات القطاع المالي في السعودية بتأكيد التوجه لتوسيع التمويل الأخضر (الشرق الأوسط)
انعقاد مؤتمر حوارات القطاع المالي في السعودية بتأكيد التوجه لتوسيع التمويل الأخضر (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تتأهب لأول إصدار حكومي للسندات الخضراء

انعقاد مؤتمر حوارات القطاع المالي في السعودية بتأكيد التوجه لتوسيع التمويل الأخضر (الشرق الأوسط)
انعقاد مؤتمر حوارات القطاع المالي في السعودية بتأكيد التوجه لتوسيع التمويل الأخضر (الشرق الأوسط)

كشفت السعودية، أمس، عن توجهات صريحة في سياق السياسة المالية بإطلاق الإصدارات الخضراء، وتبني سوق التمويل الصديق للبيئة، في وقت أعلنت فيه المضي بتنمية السوق المالية، والدفع بفتح الاستثمار لرساميل المستثمرين الأجانب في خطى انتقال الاقتصاد إلى مراعاة البيئة وتنوع مصادر الدخل.
وأكد محمد الجدعان، وزير المالية السعودي، أن بلاده ملتزمة باتفاقية باريس للتقليل العالمي من الغازات الدفيئة عبر أسواق المملكة المالية بقدر إيمانها بالاستدامة، مشدداً على أن القطاع المالي أحد الممكنات الرئيسية لتعزيز جهود المملكة لتحقيق أهدافها نحو الاستدامة.
وشدد الجدعان على إصرار عدة مؤسسات حكومية على إطلاق «السندات الخضراء»، وقيام عدة شركات مدرجة في أسواق «تداول» السعودية بوضع مفهوم «الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات وانعكاساتها في النظام المالي العالمي» على رأس أولويات استراتيجياتها.
وأفصح وزير المالية أن شركة الكهرباء السعودية أصدرت شرائح ثنائية عالمية من الصكوك الخضراء بقيمة 1.3 مليار دولار، التي تم الاشتراك بها بأربعة أضعاف المتوقع، موضحاً أن العمل جارٍ على إطلاق مؤشر «الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات وانعكاساتها على النظام المالي العالمي» في الأسواق المالية المحلية بواسطة «تداول» السعودية، وكثير من الأنشطة في مجال الاستدامة المالية في المملكة.
وشدد الجدعان بالمشاركة في برنامج تطوير القطاع المالي، بالمحاذاة مع وزارة المالية، والبنك المركزي السعودي، وهيئة سوق المالية، لتطوير العمل على النظام المالي المستدام في المملكة.
ولفت الجدعان، في كلمة له أمس ألقاها بالنيابة عنه مساعد وزير المالية للسياسات المالية الكلية والعلاقات الدولية عبد العزيز الرشيد في فعالية «حوارات مؤتمر القطاع المالي»، إلى أنَّ بناء مخطط النظام المالي المستدام للمملكة يعد خطوة استراتيجية في مسيرة «رؤية المملكة 2030» نحو الاستدامة، والالتزام بمفهوم «الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات وانعكاساتها على النظام المالي العالمي»، مبيناً أن مبادرة «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر» تظهر بوضوح خريطة الطريق لحماية البيئة، وسيتم الإعلان عن مزيد من التفاصيل لاحقاً.
وأوضح الجدعان أنّ الطاقة المتجددة تقع في قلب متطلبات الطاقة للمشاريع الضخمة، بالإضافة للفاعلية والدقة التي تقودها تطبيقات التكنولوجيا المتقدمة التي ستعمل على جذب التمويل المستدام. وتعد شركة تطوير البحر الأحمر مثالاً واضحاً، إذ ستقوم بتأمين قرض بنحو 14.120 مليار ريال، وأول «ريال بواسطة التسهيلات الائتمانية للتمويل الأخضر».
ووفق الجدعان، فإن الحكومة السعودية طبقت حلولاً مالية مستدامة مبتكرة لتصميم البيئة بشكل لا يستدعي دفع الأموال للشركات لتجديد الإضاءة أو وحدات التكييف في المدارس والمستشفيات والمباني الحكومية، مع مشاركة نسبة مئوية من توفير الطاقة، في ظل عائد من النفقات الرأسمالية في فترة لا تتجاوز 20 شهراً، بعد تطبيق المملكة لأحدث التكنولوجيات في مجال تحلية المياه، وذلك بسبب تحسن فاعلية الطاقة، مؤكداً تعهد الحكومة بمضاعفة جهودها لتحقيق وعودها وأعمالها التي أعلنت عنها.
وأكد التزام بلاده كلياً بالعمل مع الحكومات والمنشآت التجارية حول العالم لتزويد المجتمع والأجيال المقبلة، والعالم بأسره، باقتصاد أكثر استدامة، يقوم على مفهوم «الحوكمة البيئية والاجتماعية، وحوكمة الشركات وانعكاساتها في النظام المالي العالمي»، والتمويل المستدام، منوهاً بأن المملكة مصرة على الريادة والقيادة قولاً وفعلاً، على حد تعبيره.
ومن جانبه، قال الرئيس التنفيذي المكلف للمركز الوطني لإدارة الدين بالسعودية، هاني المديني، إن المملكة على المدى القريب جداً ستصدر أول إصدار أخضر من السندات أو الصكوك. وأضاف في تصريحات فضائية أدلى بها لقناة «العربية» أمس، على هامش مؤتمر القطاع المالي، أنه خلال الأسابيع الماضية تم تعيين بنوك لإعادة هيكلة إطار عمل للتمويل المستدام، وذلك لتنويع قنوات التمويل، وتوسيع قاعدة المستثمرين، وتمويل انتقالها إلى اقتصاد أكثر مراعاة للبيئة.
وأشار إلى أن الحكومة ستدرس أيضاً التمويل المدعوم من وكالات ائتمان التصدير، بالإضافة إلى الصكوك والسندات التقليدية، مضيفاً أن مبلغ التمويل خلال العام الحالي يقدر بنحو 124 مليار ريال، حيث بنهاية أغسطس (آب) الماضي بلغ المبلغ المحول لوزارة المالية أكثر من 100 مليار ريال، على أن تحصل على المبلغ المتبقي خلال الربع الرابع من العام الحالي.
وأشار المديني إلى أن المملكة دخلت إلى السوق الدولارية وعملة اليورو خلال السنة الحالية، مع التركيز على سوق الريال، ومع احتمالية الدخول إلى السوق الدولارية مرة أخرى عن طريق الصكوك.
ومن جانبه، شدد الدكتور فهد المبارك، محافظ البنك المركزي السعودي (ساما)، على ضرورة العمل على تشريعات تعزز الاستثمارات لمواجهة التغير المناخي، مشيراً إلى أن التغير المناخي يمثل تهديداً حقيقياً على اقتصادات العالم وربحية الشركات، مبيناً أن المملكة تخطو خطى ثابتة في هذا المجال، وقد أطلقت مبادرة السعودية الخضراء الطموحة بأجندة تعالج مخاطر متعددة للتغير المناخي، من بينها إزالة 130 مليون طن من انبعاثات الكربون الضارة باستخدام تكنولوجيا الكربون النظيفة.
وذكر محافظ البنك المركزي السعودي أن المملكة تشارك ضمن الجهود الدولية لمواجهة تحديات التغير المناخي، وقادت في السنة الماضية مجموعة العشرين التي تبنت الاقتصاد الكربوني، منوهاً بسعي دول مجموعة العشرين إلى تقليل وإزاحة انبعاث الغازات، متناولاً إطلاق المملكة مبادرة السعودية الخضراء لمواجهة المخاطر المتعلقة بانبعاث الغازات، وللقضاء على 130 ألف طن من انبعاثات الكربون عن طريق استخدام التقنية النظيفة.
وأوضح المبارك، في كلمته خلال افتتاحه الدورة الثانية لمؤتمر القطاع المالي في الرياض أمس، أن المنظمات المالية تبحث عن إيجاد هياكل مناسبة لمراقبة وإدارة المخاطر المتعلقة بالتغير المناخي، مبيناً حرص المملكة على دفع عجلة التغيرات، لتكون هناك تشريعات واستثمارات مناسبة على مستوى القطاع الخاص لتسهيل عملية التنمية الاقتصادية، منوهاً بالجهود السعودية الجديدة التي بذلت حتى الآن لتحسين الاستدامة العالمية، مؤكداً أنه سيتم تقديم كثير من الحزم لتشجيع القطاع الخاص، وتسريع عمل الحوكمة.
إلى ذلك، أفصح محمد القويز، رئيس هيئة السوق المالية السعودية، في مؤتمر حوارات القطاع المالي أمس، عن أن البورصة السعودية ستنهي العام الحالي على الأرجح بأكثر من 30 إدراجاً جديداً، مشيرا إلى أنه يتوقع زيادة في أدوات التمويل الصديقة للبيئة في المملكة، مدعومة بنمو في سوق الدين المحلية، ومشاركة أكبر من مستثمرين أجانب.


مقالات ذات صلة

«قطار الرياض» ينطلق غداً بـ 3 مسارات

الاقتصاد صورة جوية لـ«قطار الرياض» (الهيئة الملكية)

«قطار الرياض» ينطلق غداً بـ 3 مسارات

ينطلق يوم الأحد، «قطارُ الرياض» الأضخمُ في منطقة الشرق الأوسط، والذي يتضمَّن أطولَ قطار من دون سائق في العالم.

عبير حمدي (الرياض)
الاقتصاد خلال الجولة في «قطار الرياض» التي نظمتها الهيئة الملكية لمدينة الرياض للإعلاميين (الشرق الأوسط)

ينطلق الأحد... «قطار الرياض» يعيد هندسة حركة المرور بالعاصمة

ينطلق «قطار الرياض»، الأحد، بـ3 مسارات من أصل مساراته الـ6، الذي يتوقع أن يخفف من ازدحام السير في العاصمة السعودية بواقع 30 في المائة.

عبير حمدي (الرياض)
الاقتصاد ناقلة نفط يتم تحميلها في مصفاة رأس تنورة النفطية التابعة لـ«أرامكو السعودية» (رويترز)

شركات الطاقة السعودية تحقق 27.45 مليار دولار أرباحاً في الربع الثالث

حققت شركات الطاقة المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) أرباحاً بلغت نحو 102.94 مليار ريال سعودي (27.45 مليار دولار) خلال الربع الثالث من عام 2024.

محمد المطيري (الرياض)
الاقتصاد صورة جوية لـ«قطار الرياض» (الهيئة الملكية)

السعودية تتصدر دول «مجموعة العشرين» في انخفاض تكلفة النقل العام

تتصدر السعودية دول «مجموعة العشرين» في انخفاض أسعار تكلفة النقل العام، بالمقارنة مع متوسط دخل الفرد الشهري، وفق ما أظهرته بيانات تطبيق «درب».

عبير حمدي (الرياض)
الاقتصاد لقطات أثناء تجربة «مترو الرياض» خلال الفترة الماضية (الهيئة الملكية لمدينة الرياض) play-circle 02:15

«قطار الرياض» يحوّل العاصمة إلى منطقة اقتصادية أكثر جذباً للشركات العالمية

يرى مختصون لـ«الشرق الأوسط» أن «قطار الرياض» الذي افتتحه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، الأربعاء، سيحول العاصمة السعودية إلى منطقة اقتصادية.

بندر مسلم (الرياض)

«المركزي التركي» يؤكد استمرار سياسته المتشددة تماشياً مع توقعات التضخم

رئيس البنك المركزي التركي فاتح كارهان متحدثاً خلال اجتماع الجمعية العمومية لغرفة صناعة إسطنبول (إعلام تركي)
رئيس البنك المركزي التركي فاتح كارهان متحدثاً خلال اجتماع الجمعية العمومية لغرفة صناعة إسطنبول (إعلام تركي)
TT

«المركزي التركي» يؤكد استمرار سياسته المتشددة تماشياً مع توقعات التضخم

رئيس البنك المركزي التركي فاتح كارهان متحدثاً خلال اجتماع الجمعية العمومية لغرفة صناعة إسطنبول (إعلام تركي)
رئيس البنك المركزي التركي فاتح كارهان متحدثاً خلال اجتماع الجمعية العمومية لغرفة صناعة إسطنبول (إعلام تركي)

أكد البنك المركزي التركي استمرار دعم الموقف المتشدد في السياسة النقدية من خلال السياسات الاحترازية الكلية بما يتماشى مع تراجع التضخم.

وأكد البنك في تقرير الاستقرار المالي للربع الثالث من العام أنه «في واقع الأمر، مع مساهمة الإطار الاحترازي الكلي الذي قمنا بتعزيزه، يتحرك نمو الائتمان بما يتماشى مع تراجع التضخم».

وأضاف التقرير، الذي أعلنه البنك، الجمعة، أنه بينما يتم تعزيز آلية التحويل النقدي، يتم تشكيل التسعير في الأسواق المالية بما يتماشى مع سياسة سعر الفائدة والتوقعات.

وفي تقييمه للسياسة الاقتصادية الحالية، قال رئيس البنك المركزي التركي، فاتح كاراهان في التقرير، إن «أسعار الفائدة على الودائع ستبقى عند مستويات داعمة لمدخرات الليرة التركية».

وأضاف كاراهان أن «استمرار عملية خفض التضخم يزيد من الاهتمام والثقة في أصول الليرة التركية، وأن الزيادة المطردة في حصة ودائع الليرة التركية مستمرة، وأدى الانخفاض الكبير في رصيد الودائع المحمية من تقلبات سعر الصرف إلى تعزيز قوة العملة التركية».

رئيس البنك المركزي التركي فاتح كاراهان (موقع البنك)

وتابع كاراهان أن «مزيج السياسات الحالي يدعم تحسين تصور المخاطر تجاه الاقتصاد التركي وانخفاض علاوة المخاطر، وانعكاساً لذلك؛ تعززت قدرة الاقتراض الأجنبي للشركات والبنوك».

وأوضح أنه بمساهمة انخفاض مستوى ديون الشركات، كان انعكاس تشديد الأوضاع المالية على مؤشرات جودة الأصول محدوداً، بالإضافة إلى التدابير الحكيمة وسياسات توفير البنوك والاحتياطيات القوية لرأس المال والسيولة بقيت المخاطر عند مستوى يمكن التحكم فيه.

كان كاراهان أكد، في كلمة خلال الاجتماع العادي لجمعية غرفة صناعة إسطنبول، الخميس، أهمية سياسات البنك المركزي بالنسبة للصناعة والإنتاج والاستقرار المالي، مشيراً إلى أن القدرة على التنبؤ ستزداد فيما يتعلق باستمرار عملية تباطؤ التضخم وما يتبعها من استقرار الأسعار.

وأضاف: «وبالتالي، يمكن اتخاذ قرارات الاستثمار والإنتاج والاستهلاك من منظور طويل الأجل».

وفي معرض تأكيده على أن عملية خفض التضخم مستمرة، قال كاراهان: «انخفض معدل التضخم السنوي لأسعار المستهلكين إلى 48.6 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو انخفاض كبير مقارنة بذروته في مايو (أيار)، ونتوقع أن ينخفض ​إلى 44 في المائة في نهاية العام.

وأضاف أن الاتجاه الرئيس للتضخم يتحسن التضخم، على الرغم من أنه أبطأ مما توقعنا في أشهر الصيف، وسيستمر التضخم، الذي انخفض بسرعة بسبب التأثير الأساسي، في الانخفاض مع تحسن التضخم الشهري في الفترة المقبلة، ونهدف إلى خفض التضخم إلى 21 في المائة بحلول نهاية عام 2025.

مسار التضخم الأساسي وتوقعاته تدفع «المركزي التركي» للحفاظ على سياسته النقدية المتشددة (إعلام تركي)

وتابع: «موقفنا الحازم في سياستنا النقدية سيستمر في خفض الاتجاه الرئيس للتضخم الشهري من خلال موازنة الطلب المحلي، وارتفاع قيمة الليرة التركية الحقيقية، وتحسن توقعات التضخم، لقد حافظنا على سعر الفائدة الذي رفعناه إلى 50 في المائة في مارس (آذار)، ثابتاً لمدة 8 أشهر، وسنواصل موقف سياستنا النقدية المتشددة حتى يتحقق الانخفاض وتتقارب توقعات التضخم مع النطاق المتوقع على المدى المتوسط (5 في المائة)».

بالتوازي، أعلن معهد الإحصاء التركي أن اقتصاد تركيا سجَّل نمواً بنسبة 2.1 في المائة في الربع الثالث من العام على أساس سنوي.

وكان اقتصاد تركيا سجل نمواً في الربع الأول من العام بنسبة 5.3 في المائة، وفي الربع الثاني بنسبة 2.4 في المائة.

وظلت توقعات النمو للعام الحالي ثابتة عند 3.1 في المائة، بحسب نتائج استطلاع المشاركين في السوق لشهر نوفمبر (تشرين الثاني)، الذي نشره البنك المركزي التركي، الأربعاء، في حين تراجعت التوقعات من 3.3 في المائة إلى 3.2 في المائة لعام 2025.