وسام حنا: الفن استفزاز ولا أراهن على الجمال في الأدوار

كلمته في «الموركس» أحدثت ضجة ويقول لـ«الشرق الأوسط»: عدّلتها

TT

وسام حنا: الفن استفزاز ولا أراهن على الجمال في الأدوار

عدل وسام حنا في كلمته الصاخبة ليلة «الموركس دور». نصحه الأهل والأصدقاء بتخفيف النبرة، فاستجاب في اللحظة الأخيرة. ينقل أجواء المقربين منه: «يا وسام، ما يجري أكبر منك. لن تستطيع تغيير شيء. رح تروح بالمغليطة (سيُقضى عليك)». هل تخاف؟ «بالطبع لا»، يجيب «الشرق الأوسط»، «لكنني مللتُ التسبب لأهلي بالقلق».
حمل آلام الناس وهو يتسلم جائزة أفضل ممثل عن دوره في مسلسل «سر». وألقى خطاباً نال حرارة التصفيق. كثر أرادوا فناناً يصعد إلى المسرح، فيوقظ الضمائر بكلمته. وسام حنا «فش الخلق». كان صوت الشباب اللبناني المقهور والصرخة في وجه المقتلة: «انتظرتُ من الجميع أن يأتي بخطاب صارخ. التلطيف لم يعد يجوز. البعض يعد للعشرة والبعض يحفظ خط الرجعة. إننا في عمق أفظع أزمة في تاريخ لبنان الحديث، ودمر مدينتنا انفجار مروع. السكوت بعد اليوم مرفوض».
أمطره زملاء شباب بالاتصالات بعد كلمته التي هزت «السوشيال ميديا»، ما أعاد إليه بعض الثقة بالناس. يتحدث عن «لدغة» يتسبب بها مقربون ومن ظنهم أصدقاء أوفياء.
ويعلن فقدان الثقة تماماً بالأشخاص. يؤلم وسام حنا إحساسٌ بأنه «منبوذ»: «إن نجحتُ أُنتقد، وإن اجتهدتُ أُنتقد، وإن لبست على طريقتي وتسلمتُ جائزة. البعض لا يعرف الحب. أبذل جهداً لتقديم الشخصية، وأعمل مع زملاء بتلقائية، فإذا بأصوات تقول: إنه ملك جمال وعارض أزياء. هو طارئ على المهنة ونحن أكاديميون. حركة الاتصالات بعد كلمتي، أعادت ترميم بعض الثقة. لا تخلو الحياة من أولاد الأصل».
يسافر الأسبوع المقبل إلى ألبانيا للمشاركة في مسلسل سعودي ينطلق تصويره في الثاني من أكتوبر (تشرين الأول): «أؤدي شخصية جديدة لم ألعبها من قبل». اكشف المزيد يا وسام. يعتذر. يسعده «الاختراق» وكسب جائزة «الموركس» من دون الانتماء إلى شركتَي الإنتاج الضخمتين في لبنان، اللتين توزعت بينهما الجوائز («الصباح إخوان» و«إيغل فيلمز»)، «ولو لم يجدوا في الدور مهارة لما التفتوا إليّ ووجدوا أنني أستحق الفوز». نسأله عن التحضير للشخصية، وهل يحبطه همسٌ يُردد أنه دخيل على التمثيل؟ يحسم القيل والقال: «لا أراهن على جمالي في الأدوار. أنظر جيداً إلى خصمي أمامي، وأخوض الشخصية كأنني في مباراة. أدرس الخصم وأتعمق في الدور، فكيف إن كان الخصم بحجم بسام كوسا، وأمام كاميرا المخرج مروان بركات (في مسلسل «سر»)؟ بالطبع لن أنام الليل».
هذا بعد التحضير للشخصية مع مدربين في علم الدراما والنفس: «أتحضر في الكواليس مع أساتذة، ثم أضع ما تعلمته بين يدي المخرج. أترك له القرار الأخير». نوع وسام حنا مُجدد، يمقت الروتين. هو طالب حقوق، ترك القوانين وطارد الضوء.
يرفض أن يشبه أحداً: «فقط نفسي». لفت حضوره على مسرح «الموركس» بالبزة المتأرجحة بين الزيتي والأخضر. الرجاء الإجابة بصراحة: هل تتعمد لفت النظر؟ «بل أتعمد أن أكون أنا. هذه شخصيتي. وأرفض قمع ما أريد من أجل ما يريده الآخرون. الفن هو استفزاز، والأزياء أيضاً. على الأشياء ألا تظل راكدة. عليها فتح باب للنقاش أو طرح علامات استفهام».
يتساءل، لِمَ ننتظر سهرات الـ«أوسكار» أو الـ«ميت غالا» حتى الفجر من أجل مشاهدة أزياء النجوم الغريبة، ونرفض نجماً عربياً لديه أسلوبه الخاص؟ «إننا منفتحون على الموضة، ولا بد من وجود سباق يشق الطريق نحو تقبل التجديد. سأكون أنا السباق».
أُحبط مرات وشعر بأنه يفقد الأمل، ثم لملم النفس ورسم لها جناحين لتعيد التحليق. إننا كأوطاننا، نتحطم ثم ننفض عنا الحطام. يوافق وسام. يذكر كم كانت الحماسة عالية مع اندلاع ثورة أكتوبر، ثم خفت كل شيء. كان من المنادين بالعنف الثوري وبقطع الطرق، «والجميع انتقدني». لم يجد في ثورة العرس والرقص قدرة فعالة على نسف الطبقة الحاكمة واجتثاث مَن فقروا اللبنانيين وذلوهم في الأفران وعلى محطات البنزين. «وصفوني بالأرعن المتمرد. الآن لم تعد تنفع كل أشكال الثورة. فرغوا الناس من الطاقات وجعلوا أقصى الطموحات إشباع البطن».
هل من حل أم أن جميع الدروب قد ضاقت؟ في وسام حنا حس ثوري لا يرتاح. يدعو إلى وعي الشباب: «انتبهوا ممن يريدون شراءكم بصفيحة بنزين وصندوق مساعدات. مصير لبنان معلق بالانتخابات المقبلة. هي الفرصة الأخيرة للتغيير وإلا على الدنيا السلام. مَن فقروكم سيحاولون خديعتكم بوهم إيجاد الحلول. لعبة السلطة مكشوفة وعليكم الانتباه».
يستعيد أسطورة الضوء في آخر النفق: «سينتهي الكابوس مهما طال الوقت». نرجو معاً أن نشهد هذه الولادة، بعدما شهدنا الموت على قيد الحياة. ماذا عن السعادة؟ متى يشعر المرء بأنها ممكنة وليست على الإطلاق أضغاث أحلام؟ يتنهد وسام حنا: «السعادة هي الشعور براحة البال. لا أحد سعيد في لبنان. ينشغل البال حيال أنفسنا وحيال من نحب. لِمَ ينبغي الخوف دائماً على عائلتي؟ هل القلق قدر؟ من يملك راحة البال، يملك أجمل الأيام».


مقالات ذات صلة

دراما السيرة الذاتية للمشاهير حق عام أم خاص؟

يوميات الشرق أحمد زكي مجسداً شخصية عبد الحليم حافظ (يوتيوب)

دراما السيرة الذاتية للمشاهير حق عام أم خاص؟

تصبح المهمة أسهل حين تكتب شخصية مشهورة مذكراتها قبل وفاتها، وهذا ما حدث في فيلم «أيام السادات» الذي كتب السيناريو له من واقع مذكراته الكاتب الراحل أحمد بهجت.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق أحمد مكي يقدم شخصية «شمس الغاوي» في رمضان 2025 (حسابه بموقع فيسبوك)

«الغاوي» رهان أحمد مكي الجديد في الدراما الرمضانية

يراهن الفنان المصري أحمد مكي على خوض ماراثون «الدراما الرمضانية» المقبل بمسلسل «الغاوي» الذي يشهد ظهوره بشخصية مختلفة عما اعتاد تقديمه من قبل.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق تخرج أمل بوشوشة من ذلك الصندوق الذي يصوّر الحياة بحجم أصغر (حسابها في «فيسبوك»)

أمل بوشوشة... «شوطٌ كبير» نحو الذات

تعلم أمل بوشوشة أنّ المهنة قد تبدو جاحدة أسوة بمجالات تتعدَّد؛ ولا تنتظر دائماً ما يُشبع الأعماق. أتاح «المهرّج» مساحة لعب أوسع. منحها إحساساً بالخروج من نفسها.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري مصطفى شعبان (حسابه على فيسبوك)

مصطفى شعبان يخطف الاهتمام بالحديث عن كواليس زواجه

خطف الفنان المصري مصطفى شعبان الأنظار بعد حديثه للمرة الأولى عن كواليس حياته الشخصية وزواجه قبل أشهر عدّة.

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق انطلق عرض الموسم الثاني من «Squid Game» قبل أيام (نتفليكس)

«الحبّار 2» يقع ضحيّة لعبته... المسلسل العائد بعد 3 سنوات يخسر عنصر الدهشة

بعض المسلسلات لم يُكتب لها أن تفرز مواسم جديدة، إنما عليها الاكتفاء بمجد الموسم الواحد. لكن يبدو أن فريق «لعبة الحبّار» لم يستوعب هذا الأمر.

كريستين حبيب (بيروت)

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.