«رابطة جنوب آسيا» تلغي قمتها في نيويورك

TT

«رابطة جنوب آسيا» تلغي قمتها في نيويورك

جرى إلغاء اجتماع وزراء خارجية رابطة جنوب آسيا للتعاون الإقليمي (سارك) بسبب إصرار باكستان على السماح لطالبان بتمثيل أفغانستان في اجتماع الرابطة والذي كان مقرراً عقده أمس السبت، 25 سبتمبر (أيلول)، على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة. وذكرت مصادر في وزارة الخارجية الهندية أن غالبية الدول الأعضاء في رابطة «سارك» رفضت تلبية طلب باكستان بالسماح لنظام طالبان بتمثيل أفغانستان في الاجتماع غير الرسمي. وأصدرت نيبال، التي كان من المفترض لها استضافة الاجتماع، بياناً قالت فيه إن منصات الاجتماع ألغيت بسبب «عدم موافقة جميع الدول الأعضاء».
تعتبر أفغانستان أحدث دولة عضو في «رابطة جنوب آسيا للتعاون الإقليمي» بعد أن تم قبولها في عام 2007 لتنضم إلى سبع دول أعضاء أخرى هي الهند وبنغلاديش وبوتان ونيبال وجزر المالديف وسريلانكا وباكستان. وتم إنشاء سكرتارية «سارك» في «كاتماندو» في 17 يناير (كانون الثاني) 1987، ويعتبر أعضاء «سارك» من بين أكبر الدول المساهمة بقوات في بعثات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة. وتضم المجموعة أيضاً تسعة مراقبين، هم الصين والاتحاد الأوروبي وإيران وجمهورية كوريا وأستراليا واليابان وموريشيوس وميانمار والولايات المتحدة. وقد عُقد ما مجموعه 18 قمة لـلرابطة بين عامي 1987 و2014. وتوقف نشاط «سارك» عندما دعت الهند إلى «العزلة الدبلوماسية» لباكستان في عام 2016 عقب الهجوم الإرهابي على معسكر في أوري وجامو وكشمير، والذي أسفر عن مقتل 19 جندياً. وفي وقت لاحق، قاطعت الهند قمة «سارك» 2016، التي كان من المقرر أن تستضيفها باكستان. ورغم ذلك، في عام 2020، قام رئيس الوزراء ناريندرا مودي بمبادرة لعقد قمة للمنظمة تركز على التعاون بشأن فيروس (كوفيد) وأعلن عن إنشاء صندوق «سارك كوفيد».
، منذ رحيل حكومة أشرف غني في أفغانستان، لم تعترف الأمم المتحدة بعد بحركة طالبان لقيادة أفغانستان. لم يكن مجرد اعتراف، فقد تم وضع بعض الوزراء المحتملين في الحكومة التي تقودها طالبان على القائمة السوداء وفرضت عليهم عقوبات دولية باعتبارهم إرهابيين.
لم تعترف أي دولة من دول «سارك» باستثناء باكستان حتى بشكل غير رسمي بطالبان. وأصرت باكستان على عدم السماح لأي من ممثلي الحكومة الأفغانية بقيادة أشرف غني بحضور اجتماعات «سارك» بأي ثمن، وأرادت تمثيل طالبان بشكل رمزي في الاجتماع الإقليمي المخطط له، مع كرسي فارغ تحت اسم (أمير خان متقي - وزير خارجية طالبان بالإنابة). ومع ذلك، وافقت «سارك» على إبقاء كرسي أفغانستان فارغاً دون أي تعيين لوزير خارجية طالبان، وهو ما رفضته باكستان. ولأن عقد اجتماعات «سارك» الرئيسية يتطلب إجماعاً من الأعضاء، ولأن العديد من الأعضاء لم يعترفوا بعد بطالبان، فلم يُجد اقتراح باكستان نفعاً. ويبدو أن هذه الخطوة كانت محاولة للضغط على «سارك» لمنح شرعية بحكم الأمر الواقع لحكم طالبان في أفغانستان. من اللافت للنظر أن أمير خان متقي قد صُنف على أنه إرهابي ويُعاقب على ذلك بموجب قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. ووفقاً للدبلوماسي السابق في أفغانستان راجيف شارما، «فبعد اجتماع الهند ودول أخرى مع المتحدثين باسم طالبان، فإن السماح لهم بتمثيل أفغانستان في «سارك» كان من شأنه أن يضفي الشرعية على طالبان ويكون بمثابة اعتراف رسمي بحقها في الحكم. وبصرف النظر عن باكستان التي تتمتع بعلاقات وثيقة مع طالبان ولا سيما مجموعتها الفرعية العنيفة شبكة «حقاني»، لم يعترف أي من أعضاء «سارك» الآخرين بطالبان، وبعضهم يشكك صراحة في شرعيتها».
الأسبوع الماضي، خلال اجتماع «منظمة شنغهاي للتعاون»، أشار رئيس الوزراء مودي إلى طالبان على أنها حكومة غير شاملة، وطالب الدول الأخرى التفكير ملياً قبل قبول النظام في أفغانستان.
يدرك أعضاء «سارك» بدرجة كبيرة خطر انتشار الإرهاب من أفغانستان في ظل نظام طالبان، مع قلق بنغلاديش على وجه الخصوص من تأثيره على التطرف داخل حدودها. معترفاً بالأمر نفسه، ذكر مودي أن «التطورات في أفغانستان يمكن أن تؤدي إلى تدفق غير مضبوط للمخدرات والأسلحة غير المشروعة والاتجار بالبشر». لم تكن الترتيبات الأخرى في «سارك»، بما في ذلك التجارة الإقليمية، قادرة على الانطلاق نهائياً بسبب العداء الدائم بين الجارين الكبيرين. يعتقد خبراء الاقتصادي والنقاد السياسيون الذين سئموا من التركيز اللامتناهي على التوترات السياسية، وغالبيتها حول كشمير، أنه من غير المرجح أن تدرك «سارك» إمكاناتها ككتلة تجارية ومحرك للنمو الإقليمي. ومن الواضح أن الوقت قد حان للدول الأعضاء لوضع ترتيبات تجارية بديلة وعدم السماح لخمول «سارك» بإعاقة التقدم في تحقيق أهداف الاتحاد الجديرة بالاهتمام.
للتغلب على هذا، كان هناك حديث بالفعل عن مجموعة منفصلة من شأنها أن يصبح الاسم «سارك ناقص 1». والآن، مع وجود طالبان في كابل، وقيام باكستان بدور الوصي المحلي لها، لا بد أن يظل التعاون الإقليمي في جنوب آسيا مجرد وهم. اختتم شارما قائلاً: «قد يكون الوقت قد حان لمواجهة حقيقة أنه لا توجد فرصة حقيقية لإحياء رابطة جنوب آسيا للتعاون الإقليمي المحتضرة بالفعل».


مقالات ذات صلة

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
المشرق العربي عائلة سورية متوجهة إلى بوابة باب الهوى وتبدو على ملامحهم السعادة بالعودة إلى بلادهم (أ.ب)

تركيا تدين التوغل الإسرائيلي وتؤكد تصديها لأي محاولة لتقسيم سوريا

ندَّدت تركيا بالتوغل الإسرائيلي في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، وشدّدت على دعمها سيادتها ووحدتها وسلامة أراضيها، في حين اتخذت إجراءات لتسريع عودة السوريين

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي يتجمع الناس في سجن صيدنايا في دمشق بحثاً عن أحبائهم (أ.ف.ب)

سوريا «مسرح جريمة» قد تُفْتح أبوابه أخيراً للمحققين الأمميين

يأمل محققون أمميون يجمعون منذ سنوات أدلّة توثّق الفظائع المرتكبة في سوريا أن يتيح لهم سقوط بشار الأسد الوصول أخيراً إلى ما يشكّل بالنسبة إليهم «مسرح الجريمة».

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (الرئاسة التركية)

إردوغان ينتقد الصمت الدولي إزاء انتهاك إسرائيل حقوق الإنسان في فلسطين

انتقد الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، صمت المجتمع الدولي إزاء الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان في فلسطين.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي عناصر من «قوات سوريا الديمقراطية» يقفون عند مدخل أحد المقرات الحكومية بعد سيطرتهم على مدينة الحسكة شمال شرقي سوريا (إ.ب.أ)

الأمم المتحدة: «تحرير الشام» أرسلت حتى الآن «رسائل إيجابية» إلى السوريين

عدّ مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسن، أن «هيئة تحرير الشام» التي قادت الهجوم الذي أدى إلى إسقاط بشار الأسد «أرسلت حتى الآن رسائل إيجابية».

«الشرق الأوسط» (جنيف)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.