انقلابيو اليمن يمنعون الوقود عن مناطق الشرعية لافتعال أزمة جديدة

محال مغلقة في مدينة تعز اليمنية أمس احتجاجاً على تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد (أ.ف.ب)
محال مغلقة في مدينة تعز اليمنية أمس احتجاجاً على تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد (أ.ف.ب)
TT

انقلابيو اليمن يمنعون الوقود عن مناطق الشرعية لافتعال أزمة جديدة

محال مغلقة في مدينة تعز اليمنية أمس احتجاجاً على تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد (أ.ف.ب)
محال مغلقة في مدينة تعز اليمنية أمس احتجاجاً على تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد (أ.ف.ب)

منعت الميليشيات الحوثية، أخيراً، دخول ناقلات الوقود القادمة من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأقدمت على إحراق نحو عشرين ناقلة في المنفذ الجمركي الذي استحدثته في مناطق التماس بمحافظة البيضاء، في خطوة الهدف منها افتعال أزمة وقود جديدة وتعزيز السوق السوداء.
وتأتي هذه الخطوة من قِبل الميليشيات بعد أن فشلت خططها لإقناع المستوردين بتحويل بضائعهم عبر ميناء الحديدة، وقيامها بإغلاق الطرق الرئيسية التي تمر فيها البضائع وتربط مناطق سيطرتها بميناءي عدن والمكلا.
وقال مستوردون، لـ«الشرق الأوسط»، إن شركة النفط التي تديرها ميليشيات الحوثي أبلغتهم أنها ستصادر أي شحنات وقود قادمة من مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، وألزمتهم بالحصول على ترخيص نقل مسبق من قبلها، بهدف فرض جبايات ورسوم جمركية إضافية بعد أن فشلت في إجبار المستوردين والشركات الملاحية على تحويل البضائع إلى ميناء الحديدة الخاضع لسيطرتها.
وبحسب ما أفاد به المستوردون، فإن ميليشيات الحوثي أحرقت أكثر من 20 ناقلة محملة بالوقود في إحدى النقاط التابعة لها بمديرية ذي ناعم بعد خلاف مع ملاكها، حيث احتجزتها لعدة أيام في هذا المنفذ المستحدث بموجب تعليمات مشرفي الميليشيات في ذلك الحاجز بحجة أن الشحنة لم تحصل على تصاريح مسبقة.
وأكد المستوردون أن مشرفي الميليشيات كانوا يريدون مصادرة الكمية ليقوموا بعد ذلك ببيعها في السوق السوداء، وأن الخلاف تصاعد بين الطرفين قبل أن تطلق عناصر الميليشيات النار بحجة طرد المحتجين، وتتسبب في إشعال الحريق في الناقلات.
ووفق تقرير لشبكة أنظمة الإنذار المبكر بالمجاعة، فإنه ورغم توفر الوقود في المحطات الخاصة فإنه يباع بأسعار غير رسمية، إذ ظلت الأسعار أعلى بكثير خلال أغسطس (آب) الماضي، وبلغت الزيادة نسبة 29 في المائة و21 في المائة على التوالي من الأسعار الرسمية.
كما أسهمت أزمة الوقود المستمرة في زيادة أسعار غاز الطهي في العام الحالي، ويرجع ذلك جزئياً إلى استخدام غاز الطهي كوقود بديل للحافلات الصغيرة.
وبحسب بيانات منظمة الأغذية والزراعة، وصلت الأسعار غير الرسمية لغاز الطهي في المناطق الخاضعة لسيطرة ميليشيات الحوثي إلى أعلى مستوياتها بأكثر من 10900 ريال يمني لكل 20 لتراً في أواخر أغسطس (آب)، بزيادة قدرها 60 في المائة مقارنة بالأسعار في يوليو (تموز) 2020 (الدولار يساوي نحو 600 ريال في مناطق سيطرة الميليشيات).
وبينما يواصل مسؤولو الأحياء في مناطق سيطرة الميليشيات تزويد بعض الأسر بمخصصات شهرية من أسطوانات الغاز بالأسعار الرسمية، فإنه لا تحصل عليها جميع الأسر المسجلة في الوقت المناسب، ولا تكفي المخصصات لتلبية احتياجات الأسر الكبيرة. ولهذا، زاد الاعتماد على الحطب كمصدر بديل للوقود بالنسبة للعديد من الأسر الفقيرة ومتوسطة الدخل، بحسب البيان نفسه.
وفي المناطق التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية، أظهرت بيانات منظمة الأغذية توفير الوقود بشكل جيد في المحطات الرسمية بعد وصول دفعات جديدة من منحة الوقود السعودية. ومع ذلك، ظلت الأسعار الرسمية للديزل والبنزين مرتفعة وزادت أكثر في أغسطس لتصل إلى 578 و566 ريالاً للتر على التوالي. وهذه الأسعار - بحسب البيانات ذاتها - هي أكثر من ضعف الأسعار التي كانت عليها في الوقت نفسه من العام الماضي. كما يتوفر غاز الطهي في مناطق سيطرة الحكومة، رغم أن الأسعار تقترب من ضعف ما كانت عليه في الوقت نفسه من العام الماضي.
وفي الوقت نفسه، زاد إجمالي المواد الغذائية المستوردة عبر جميع الموانئ البحرية والبرية الرئيسية في اليمن خلال الأشهر الستة الأولى من العام الحالي بمقدار 31 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وتؤكد هذه التقارير أن الصراع العنيف الذي دخل عامه السابع الآن أدى إلى شل الاقتصاد اليمني، ولا يزال المحرك الرئيسي لانعدام الأمن الغذائي. وبالإضافة إلى الآثار المباشرة للقتال، أدى عدم الاستقرار السياسي، والنقص الحاد في العملات الأجنبية، والمزيد من انخفاض قيمة العملة المحلية، إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية وانخفاض كبير في الدخل، ما أوجد ضغوطاً اقتصادية متزايدة على الأسر.


مقالات ذات صلة

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

تواصل الجماعة الحوثية إجراء تغييرات في المناهج التعليمية، بإضافة مواد تُمجِّد زعيمها ومؤسسها، بالتزامن مع اتهامات للغرب والمنظمات الدولية بالتآمر لتدمير التعليم

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تقرير جديد لفريق الخبراء الأُمميّين المعنيّ باليمن يكشف عن تعاون الحوثيين مع تنظيم «القاعدة»، و«حركة الشباب» الصومالية، وابتزاز وكالات الشحن الدولية.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي توقعات بإقصاء من يرفضون المشاركة في فعاليات الجماعة الحوثية من وظائفهم (رويترز)

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

بدأت الجماعة الحوثية بإعداد آلية لدمج عدد من مؤسسات الدولة وتقليص الهيكل الإداري لها وتغيير مهامها في سبيل المزيد من السيطرة والنفوذ عليها وأدلجتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

غارات تستهدف الحوثيين... وغروندبرغ يطالبهم بإطلاق الموظفين الأمميين

عنصر حوثي خلال تجمُّع في صنعاء يحمل مجسماً يحاكي طائرة من دون طيار (إ.ب.أ)
عنصر حوثي خلال تجمُّع في صنعاء يحمل مجسماً يحاكي طائرة من دون طيار (إ.ب.أ)
TT

غارات تستهدف الحوثيين... وغروندبرغ يطالبهم بإطلاق الموظفين الأمميين

عنصر حوثي خلال تجمُّع في صنعاء يحمل مجسماً يحاكي طائرة من دون طيار (إ.ب.أ)
عنصر حوثي خلال تجمُّع في صنعاء يحمل مجسماً يحاكي طائرة من دون طيار (إ.ب.أ)

في الوقت الذي جدد فيه المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ مطالبته للحوثيين بإطلاق سراح الموظفين الأمميين فوراً، تواصلت، الثلاثاء، الضربات الغربية لليوم الرابع على مواقع الجماعة المدعومة من إيران مستهدفة محافظتي الحديدة والبيضاء.

جاءت هذه التطورات في وقت أفادت فيه هيئة بريطانية مختصة بالأمن البحري بأن سفينة أبلغت عن تعرُّضها لهجمات لم تصبها أثناء وجودها في جنوب البحر الأحمر، حيث يشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن منذ نحو عام تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

في هذا السياق، أفاد مكتب غروندبرغ في بيان، الثلاثاء، بأنه التقى في مسقط بكبار المسؤولين العُمانيين والمتحدث باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها محمد عبد السلام.

وبحسب البيان، ناقش المبعوث الأممي التدابير اللازمة لمعالجة الأزمة الاقتصادية في اليمن، وتحسين الظروف المعيشية، والاستجابة للتطورات الإقليمية. كما استكشفت المناقشات سبل تعزيز الالتزامات نحو عملية سياسية يمنية شاملة.

وفي اجتماع غروندبرغ مع المتحدث باسم الحوثيين، ذكر البيان أنه طالب أيضاً بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع موظفي الأمم المتحدة وغيرهم من المعتقلين تعسفياً.

ويأمل المبعوث الأممي أن تقود جهوده إلى تحقيق اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي ازدادت تعقيداً مع هجمات الحوثيين البحرية ضد السفن وتصعيدهم إقليمياً، وهو ما أدى إلى تجمد التوصل إلى اتفاق للسلام.

غارات غربية

ضمن العمليات التي تقودها واشنطن في اليمن منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي لإضعاف قدرات الحوثيين على مهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، أقرت الجماعة المدعومة من إيران بتلقيها، الثلاثاء، غارات لليوم الرابع على التوالي، وصفتها بـ«الأميركية البريطانية».

ونقل إعلام الحوثيين أن 3 غارات استهدفت منطقة الفازة التابعة لمديرية التحيتا الواقعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية التي تتخذ منها الجماعة منطلقاً لشن الهجمات البحرية، واستقبال الأسلحة الإيرانية المهربة.

واشنطن تقود تحالفاً لإضعاف قدرات الحوثيين على مهاجمة السفن (الجيش الأميركي)

وإذ لم تشر الجماعة إلى الأضرار الناجمة عن هذه الغارات، قالت إن غارة استهدفت سيارة في مديرية الصومعة في محافظة البيضاء، كما استهدفت غارتان نفذتهما طائرة أميركية من دون طيار أهدافاً في مديرية ذي ناعم والصومعة في المحافظة نفسها الواقعة إلى الجنوب الشرقي من صنعاء.

وكانت الجماعة اعترفت أنها تلقت، الاثنين، 7 غارات، وصفتها بـ«الأميركية والبريطانية»، استهدفت منطقة حرف سفيان شمال محافظة عمران، إلى جانب غارتين استهدفتا منطقة الرحبة في مديرية الصفراء التابعة لمحافظة صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

كما أقرت بتلقي 4 غارات استهدفت منطقة جربان في الضواحي الجنوبية لصنعاء، إلى جانب غارة استهدفت معسكر «الحفا» في صنعاء نفسها، وغارتين ضربتا منطقة حرف سفيان في محافظة عمران، يوم الأحد.

وبدأت الموجة الجديدة من الضربات الغربية المتتابعة، مساء السبت الماضي؛ إذ استهدفت 3 غارات معسكرات الجماعة ومستودعات أسلحتها في منطقتي النهدين والحفا في صنعاء.

صاروخ استعرضته الجماعة الحوثية في صنعاء (رويترز)

وفي حين بلغت الغارات الغربية التي استقبلها الحوثيون نحو 800 غارة، بدءاً من 12 يناير الماضي؛ لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية لأول مرة، في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، في استهداف المواقع المحصّنة للجماعة في صنعاء وصعدة، في رسالة استعراضية فُهمت على أنها موجَّهة إلى إيران بالدرجة الأولى.

وتقول الحكومة اليمنية إن الضربات الغربية ضد الجماعة غير مجدية، وإن الحل الأنجع هو دعم القوات الشرعية لاستعادة الحديدة وموانئها، وصولاً إلى إنهاء الانقلاب الحوثي، واستعادة العاصمة المختطفة صنعاء.

هجوم دون أضرار

في سياق التصعيد الحوثي ضد السفن، قالت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية إن سفينة على مسافة 70 ميلاً بحرياً جنوب غربي الحديدة باليمن أبلغت، الثلاثاء، عن انفجارات عدة في محيطها.

وبينما أضافت الهيئة أنه لم يتم الإبلاغ عن أي أضرار بالسفينة، وأن الطاقم بخير، لم تتبنَّ الجماعة الحوثية من جهتها المسؤولية عن هذه الهجمات على الفور.

يشار إلى أنه منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تبنّت الجماعة الحوثية قصف أكثر من 200 سفينة، وأدت الهجمات في البحر الأحمر إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

ويتهم مراقبون يمنيون الجماعة الحوثية بأنها وجدت في الحرب الإسرائيلية على غزة فرصة للهروب من استحقاقات السلام مع الحكومة اليمنية؛ إذ كان الطرفان قد وافقا، أواخر العام الماضي، على خريطة سلام توسطت فيها السعودية وعُمان، قبل أن تنخرط الجماعة في هجماتها ضد السفن، وتعلن انحيازها إلى المحور الإيراني.

وخلال الأشهر الماضية تبنّت الجماعة إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

من آثار الضربات الإسرائيلية على مدينة الحديدة اليمنية الخاضعة للحوثيين (أ.ف.ب)

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة؛ وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.