لعبت تطبيقات الهواتف الذكية مؤخراً دوراً كبيراً في تحسين حركة الأشخاص البدنية ودعمهم صحياً، لدرجة جعلت بعض الخبراء يعتقدون أنها تساهم بشكل كبير في علاج بعض المشكلات الصحية المزمنة التي يعاني منها الكثيرون حول العالم.
وتطرق تقرير أعدته شبكة «بي بي سي» البريطانية، إلى استخدام السويديين بشكل خاص لتطبيقات علاج المشكلات الصحية المزمنة، الذي زاد بشكل ملحوظ خلال العام الماضي، حيث استخدم واحد من كل 5 سويديين تطبيقاً رقمياً للرعاية الصحية في خريف 2020، وفقاً لمؤسسة الإنترنت السويدية، بما في ذلك واحد من كل 10 متقاعدين.
وقالت إيوا لينا راسماسون (55 عاماً)، من ستوكهولم، إنها كانت تعاني من آلام شديدة بالركبة جعلتها غير قادرة على التحرك بشكل سليم، بل كانت تجلس على السرير معظم الوقت، إلى أن استخدمت تطبيقاً جعلها الآن قادرة على أداء التمرينات القوية، وحمل الأوزان الثقيلة وركوب العجل.
وأوضحت راسماسون أن التطبيق الذي يدعى «Joint Academy»، ينشئ خططاً للتمارين الرياضية مصممة خصيصاً للمساعدة في تخفيف آلام المفاصل.
ويرسل التطبيق كل يوم إلى السيدة راسماسون تذكيراً بضرورة القيام بسلسلة من التمارين لمدة 5 دقائق، من بينها تمرين القرفصاء ورفع الساق.
ويحتوي التطبيق على مقاطع فيديو تساعد على أداء التمارين بشكل صحيح، وإذا قام المستخدم بإبداء معاناته من صعوبة تمرين بعينه أو تسببه في ألم كبير له، يقوم التطبيق بتعديل التمرينات لهذا المستخدم لجعلها أكثر ملاءمة له.
هناك أيضاً خاصية «الدردشة» داخل التطبيق حتى يتمكن الشخص من إرسال رسالة إلى اختصاصي علاج طبيعي لسؤاله عن أمر ما.
وتقول راسماسون: «يمكنني حقاً أن أشعر بالفرق بعد استخدام التطبيق». وأضافت: «عندما بدأت العلاج لأول مرة في مارس (آذار) 2020، لم يكن بإمكاني فعل إلا عدد قليل من تمارين القرفصاء، أما الآن فإنني أتمكن من أداء 21 تمرين قرفصاء بكل فخر، هذا إلى جانب قيامي برفع الحديد وركوب الدراجات، وقد حجزت رحلة تزلج عائلية للعام المقبل».
من جهتها، قالت أغنيتا سيجودين بورتينسون (58 عاماً)، إنها كانت ستضطر لإجراء جراحة في الفخذ لولا التطبيق. وأشارت إلى أن ألم الفخذ الذي شعرت به كان شديداً للغاية لدرجة أنها لم تستطع النوم ليلاً، وكانت تكافح لارتداء حذائها وجواربها في الصباح. وأضافت: «الآن كل شيء على ما يرام... عندما أمشي لفترة طويلة، قد أشعر بألم قليل عندما أعود إلى المنزل، لكن في الأوقات الأخرى، لا أشعر بذلك على الإطلاق».
وتم إطلاق تطبيق «Joint Academy»، في عام 2014 في السويد بهدف المساعدة في علاج هشاشة العظام. وقد قام بإطلاقه ليف داهلبيرغ، أستاذ جراحة العظام في جامعة لوند في جنوب السويد، وابنه جاكوب المتخصص في علوم الكومبيوتر.
ويقول مؤسسو التطبيق إنه يقدم بديلاً للانتظار في العيادات لفترة طويلة لتلقي العلاج الطبيعي، ويحل مشكلة توجيه المرضى نحو عمليات «عالية المخاطر» و«باهظة الثمن»، دون أن تتاح لهم فرصة تجربة علاجات أبسط أولاً.
وقال جاكوب إن قاعدة مستخدمي التطبيق زادت بشكل ملحوظ خلال تفشي وباء «كورونا»، حيث استخدمه ما يقرب من 50 ألف شخص منذ أبريل (نيسان) من العام الماضي، مقارنة بـ15 ألف مستخدم استعانوا به خلال السنوات الست الأولى من إطلاقه.
وقد يرجع السبب في ذلك إلى تأجيل العمليات الجراحية في السويد ومختلف أنحاء العالم، وإلغاء فصول تمارين كبار السن في الصالات الرياضية خوفاً عليهم من الإصابة بالفيروس، وسعي المرضى والعاملين في مجال الرعاية الصحية على حد سواء إلى الحد من الاتصال مع المسنين وجهاً لوجه.
ويؤكد جاكوب أن التطبيق الآن هو «العلاج الأكثر شيوعاً لآلام المفاصل المزمنة في السويد».
ويعد نجاح تطبيق «Joint Academy» جزءاً من طفرة أوسع في استخدام تطبيقات الرعاية الصحية الرقمية المتخصصة في السويد.
وتشمل هذه التطبيقات «Blodtrycksdoktorn»، الذي يقدم علاجاً مخصصاً للمرضى الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم، وتطبيق «Migränhjälpen» لمرضى الصداع النصفي، و«Mindler» لأولئك الذين يعانون من مشكلات نفسية.
ويقول روجر مولين، وهو خبير في الرعاية الصحية الرقمية، «إن الاتجاه نحو مثل هذه التطبيقات الصحية ليس مفاجئاً في بلد لديه سكان يتمتعون بالدهاء التكنولوجي، وله تاريخ طويل في تطوير الابتكارات الرقمية، من «Spotify» إلى منصة المدفوعات «Klarna». وأشار إلى أن أغلب التطبيقات التي شاهدها «سهلة الاستخدام حقاً»، مؤكداً أن زيادة الاستثمار العام في الرعاية الصحية الرقمية هو الحل لتخفيف الضغط على الخدمات الصحية في السويد التي، مثلها مثل العديد من البلدان الأوروبية، تكافح مع شيخوخة السكان وأمراضهم المزمنة.
من جهتها، تقول صوفيا ريدجرين ستيل، التي ترأس الجمعية الطبية السويدية، إنه رغم أن تطبيقات الرعاية الصحية لها «أهمية كبيرة» في تطوير نظام الرعاية الصحية في البلاد، إلا أن هناك نقاشات مستمرة حول كيفية تنظيم هذه الصناعة، وضمان عدم اهتمامها بالأرباح فقط على حساب صحة الأشخاص.
وأضافت صوفيا: «من المهم تحديد نوع المشكلات الصحية التي يمكن معالجتها من خلال التطبيقات الرقمية، وتلك التي تستوجب زيارة الطبيب في مركز صحي أو مستشفى».
بالإضافة إلى ذلك، تشعر صوفيا بالقلق من أن بعض السكان قد يجدون صعوبة أكثر من غيرهم في الوصول إلى الخدمات المستندة إلى التطبيقات، الأمر الذي قد يشكل أزمة لهم إذا تم منحها الأولوية في المستقبل، وأشارت إلى أن «قطاع الرعاية الصحية يجب أن يكون مفتوحاً للجميع».
هل يمكن أن تعالج تطبيقات الهواتف المشكلات الصحية المزمنة؟
هل يمكن أن تعالج تطبيقات الهواتف المشكلات الصحية المزمنة؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة