«هي الفنون»... مهرجان مصري ينحاز لإبداعات المرأة

يتضمن تجليات في الرقص والغناء والعزف

«هي الفنون»... مهرجان مصري ينحاز لإبداعات المرأة
TT

«هي الفنون»... مهرجان مصري ينحاز لإبداعات المرأة

«هي الفنون»... مهرجان مصري ينحاز لإبداعات المرأة

هل الفن بطبيعته نشاط نسائي في المقام الأول، وهل ثمة خصوصية بين حواء والإبداعات المختلفة؟ وهل يمكن أن يؤدي الإلحاح على ربط الفن بالمرأة إلى نوع من العنصرية حين يتم نفي أو تهميش دور الرجل؟
هذه مجرد «عينة» من تساؤلات عديدة ربما ترد بذهن من يتابع مهرجان «هي الفنون» أو «she arts» الذي يختتم اليوم (السبت) 11 سبتمبر (أيلول) 2021 فعالياته بمركز «التحرير الثقافي» بالجامعة الأميركية بالقاهرة، الذي بدا أنه يرفع على مدار ثلاثة أيام شعاراً قديماً غارقاً في نسويته: «كل ما لا يؤنث لا يعول عليه»!
المهرجان تنظمه الجامعة بالتعاون مع المركز الثقافي السويسري ونظيره الفرنسي، بالإضافة إلى سفارة البرتغال في القاهرة، ما أكسبه بُعداً دولياً في نسخته الأولى التي من المنتظر أن يتكرر إصدارها في نفس هذا التوقيت من كل عام، وقد توزعت الفعاليات ما بين الفنون الأدائية كرقص الهيب هوب والعزف الموسيقي لا سيما عبر آلة «الهارب» فضلاً عن الحفلات الغنائية ومسابقات الهواة وورش العمل ذات الصلة.
وبعيداً عن الأعمال الفنية المباشرة، جاء معرض «هي ملهمة دائماً» بمثابة محطة لالتقاط الأنفاس بين الفقرات المتوالية، حيث يضم عدداً من اللوحات والصور والموضوعات الصحافية المأخوذة من أرشيف الجرائد والمجلات القديمة التي تعكس حضوراً مؤطراً بالحنين لعدد من رائدات النهضة النسائية في مصر مثل السيدة بهيجة حافظ (1908 – 1983) أول امرأة قامت بتأليف الموسيقى التصويرية للأفلام في السينما.
ومن جانبها، تؤكد نيفين قناوي، مؤسسة ومديرة مهرجان «هي الفنون»، أنها كانت تستهدف حدثاً فنياً نسائياً خالصاً يجمع بين عدد من التخصصات المختلفة التي تشتغل على وعي وعقل الجمهور، رغبة من صناعها في تهذيب الوجدان العام بعيداً عن مخاطبة الغرائز وخلق حالة من الصخب والضجيج تحت مسمى الفن. وتضيف قناوي، في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»: «لا ننحاز في هذا الحدث الكبير إلى المرأة من فراغ، فعبر التاريخ استطاعت حواء أن تسهم في صياغة الحس الجمالي للبشرية عبر تقديم مختلف الفنون، لا سيما فيما يتعلق بالغناء والموسيقى، سواء الحماسي منها عند تشجيع الرجل على القتال في المعارك أو الهادئ الخافت عند هدهدة أطفالها ومساعدتهم على النوم. وإذا كان المفكرون والباحثون أفاضوا كثيرا فيما مضى في الحديث عن (تأنيث الفقر) فقد حان الوقت لنتحدث عن تأنيث الفن، ليس من باب العنصرية أو التعصب الأعمى، بل عبر شعار إعطاء كل ذي حق حقه».
وتمثل مصر وفلسطين المشاركة العربية من خلال السيناريست مريم نعوم التي حظيت ندوتها «المرأة خلف الكاميرا» بحضور لافت، بينما كادت الحفلات الموسيقية والغنائية والأدائية التي قدمتها المطربة نسمة محجوب وفرقة فبريكا بقيادة نيفين علوبة وعازفة الإيقاع صابرين الحسامي وعازفة البيانو هبة سليمان لا تخلو من مقعد فارغ.
على الجانب الآخر، تفاعل الجمهور بقوة مع عروض «الهيب هوب» والرقص الإيقاعي والرقص الحديث، فضلاً عن الفلكلور الذي قدمته كل من «انجيلكا رشيمونت» من فرنسا و«جاسمينا هوجونيت» من سويسرا و«سوزان ترافسوس» من البرتغال و«بانة» من فلسطين، إذ تجسد التواصل بين الشرق والغرب في هذا المهرجان الذي أثبت بقوة أن الفن قادر على تجاوز كل ما يعوق التواصل بين الحضارات المختلفة سواء في اللغة أو العادات.
إلى ذلك، جاء اختيار الموسيقار المصري راجح داود كضيف شرف للمهرجان بمثابة «مفاجأة» حيث لم يتم الإعلان مسبقاً عن هذا الاختيار بالقدر الكافي، في حين أعرب الموسيقار الكبير عن سعادته بوجوده ضمن فعاليات هذا الحدث، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن «المهرجان يحمل رسالة نبيلة ومختلفة ولهذا يجب دعمه حتى يحقق الاستمرارية والوجود المنتظم».



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».