محمد دياب ينتقل بثبات صوب هوليوود لتحقيق أفلام كوميكس

«يوميات مهرجان فينيسيا»... عرض فيلمه الجديد كمحطة منتصف الطريق

TT

محمد دياب ينتقل بثبات صوب هوليوود لتحقيق أفلام كوميكس

انضم المخرج المصري محمد دياب إلى السينمائيين الموجودين في الدورة 78 من مهرجان فينيسيا السينمائي. ليس لأن لديه فيلماً في المسابقة الرسمية، بل لسبب بعيد جدّاً عن المهرجان وقريباً جداً من هوليوود.
محمد دياب، الذي سبق وأن أخرج سنة 2010 فيلم «678» وتلاه سنة 2016 بفيلم «اشتباك»، سيكون أول مخرج عربي (وأول مخرج شرق متوسطي) يقوم بإخراج مسلسل تلفزيوني كبير لحساب Marvel. هي الشركة التي أنتجت معظم تلك الأفلام الكبيرة في السنوات الخمسة عشر الأخيرة من «آيرون مان» إلى «كابتن أميركا» ومن «سبايدر - مان» و«ذا أفنجرز» إلى «حرّاس الغلاكسي» و«بلاك بانثر».
المسلسل مؤلف من ست حلقات ومحمد دياب سيخرج أربعة منها. لا أحد قبله من العالم العربي فعلها. كثيرون حلموا بهذه الفرصة وبعضهم حقق ما حلم به (مصطفى العقاد، وهاني أبو أسعد ومؤخراً عادل العربي وبلال فلاح اللذان اشتركا في تحقيق Bad Boys for Life‪، ‬ مع ول سميث ومارتن لورنس في البطولة.
لكن العمل مع سيدة أفلام ومسلسلات الكوميكس وتلقائياً - مع ستوديوهات ديزني التي توزّع أفلام مارفل فوز لم يتحقق لعربي بعد. فوز سيضع المخرج المصري بين أترابه من الذين اشتركوا في التعامل مع البرج العاجي لصناعة السينما وتجارتها.

- تاريخ ومستقبل
تعرّفنا على محمد دياب عندما أنجز فيلمه الأول «678»: دراما اجتماعية ناقدة حول ارتفاع نسبة التحرّش الجنسي الذي تتعرّض إليه المرأة في مصر. بطلاته ثلاثة نساء هن صبا (نيللي كريم) وفايزة (بشرى) ونيللي (ناهد السباعي). كل منهن حالة مختلفة لكن الأحداث تجمعهن بعد حين. إلى جانب ذلك، يثير الفيلم النقاش حول العلاقات الفردية بين بطلاتها: فايزة مع زوجها ونيللي مع خطيبها وصبا مع عالمها الذي اختارت العيش فيه وحيدة، ثم الثلاثة مع الجبهة المعادية التي تحيط بها. الفيلم، ككثير مما شاهدناه، يستوفي أغراضه باكراً ويتعثر في الوصول إلى نهاية مشبعة ومناسبة. لكنه عمل جدير بالإعجاب لموضوعه كما لمعالجته ذلك الموضوع بخلوّه من مشاهد إنشائية وخطابية (إلا بعض المواقع في ربع الساعة الأخيرة منه)٠
فيلم ديب الثاني «اشتباك» كان قفزة كبيرة عالمية: الفيلم الذي تداول حكاية إعلامي ومصوّره المصريين اللذين وجدا نفسيهما في عربة أمن على اعتقاد أنهما مشتركان في مظاهرات 2013. إليهما سينضم إليها 21 رجلاً وامرأة تم التقاطهم من المتظاهرين مع، والمتظاهرين ضد الإخوان المسلمين.
مثل حكاية الفيلم توزّع النقاد المصريون حيال الفيلم. قسم مع وقسم ضد، لكن المخرج لم يترك نفسه تحت تأثير ردّات الفعل. يقول في مقابلة بيننا تمّت بعد عرض «اشتباك» سنة 2016: «لا أعتقد أنني أرغب في أن أتوقف عند من قال ماذا عن فيلمي. لكل رأيه وحريته في هذا المجال. طموحي يتجاوز ذلك وإذا انصرفت للاهتمام بما قيل عن الفيلم إيجاباً أو سلباً، فإن ذلك سيباعدني عن تحقيق خطوتي التالية».
‫على أن محمد دياب لم يصل إلى فينيسيا خالي الوفاض. تحت إبطه حمل فيلماً من إنتاجه بعنوان «أميرة» كان كتبه قبل بضع سنوات وصوّره مؤخراً وقام بإنتاجه مع المخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد والمصري محمد حفظي. في البطولة علي سليمان (الممثل الذي يمكن الاعتماد عليه في أدوار مختلفة) وسميرة أسير وصالح بكري وقيس الكاشف، الذي كان قاد بطولة فيلم أبو أسعد الأول نحو العالمية «الجنة الآن» مع علي سليمان. الفيلم يُعرض خارج المسابقة الرئيسية.‬

- خطوط خاصّة
ردّات الفعل التي أحدثها فيلم الافتتاح «أمهات موازيات» كان مشهوداً سواء بالنسبة لنقاد إيطاليين أو لدى نقاد من خارج إيطاليا. وإذا ما بحث المرء عن الوصف الذي تردد أكثر من سواه حين الحديث عن هذا الفيلم، فسيجده في كلمة «رائع». فيلم الإسباني بدرو ألمودوفار، الذي افتتح الدورة قبل ثلاثة أيام يحمل استجابة المخرج المتجددة لشخصيات تعيش محيطها الصغير. عالم يشمل الشخصيات القريبة من أسئلة المخرج حول الماضي والذنب وعدم القدرة على المغفرة ثم تحمّل تبعات ذلك في سلسلة من الظروف العصيبة.
في الملخص الذي وفّرناه هنا يوم الأربعاء الماضي ذكرنا أن ملخص حكايته يدور حول لقاء بين امرأتين في عيادة كل منهما حامل حملاً غير شرعي. واحدة قلقة على مصير ومستقبل حياتها وحياة جنينها والأخرى أكثر قبولاً للواقع.
لكن هذا الملخص لا يفي منهج الفيلم ومخرجه في رسم الخطوط الخاصة بشخصياته. خذ جانيس (بينيلوبي كروز) مثلاً. عاشت بلا أم. ربّتها جدّتها. اختارت مهنة التصوير الفوتوغرافي. تعرّفت على رجل متزوّج وحبلت منه. في كل مرحلة من هذه المراحل هناك تشعّبات عاطفية ونفسية وفكرية. جانيس أكثر قبولاً واطمئناناً لمستقبلها وطفلها. لقد شبّت على هذا القدر من العزيمة والأمل، ولا يمكن أن يزعزع إنجابها لطفل بلا أب يرعاه ثقتها بنفسها.
كان لا بد للمخرج ألمودوفار، الذي كتب السيناريو كعادته، إلا أن يخلق شخصية مناقضة. اختار أن تكون آنا (ميلينا سميت) الأصغر سناً من جانيس، التي لم تتمتع برعاية حانية من والدها أو والدتها.
شخصياً، تعجبني طريقة إنغمار برغمن في التعامل مع القضايا النسائية. مع المرأة والمرأة النقيضة لها. بين المرأة وزوجها (أو عشيقها) وبينها وبين الماضي والمسكوت عنه. ألمودوفار يحكي قصّة بشخصيات تُثير الاهتمام. لكن برغمن يحكي شخصيات تُثير الاهتمام. حوارات المخرج السويدي مبتسرة وعندما تطول هي جزء من تفاعل نفسي وانعكاس لما يحدث في الداخل. عند ألمودوڤار هو حوار عليه أن يكشف.
هذا لا يعني أن «أمهات متوازيات» خالٍ من الحسنات. كما في معظم أفلامه في السنوات العشر الأخيرة على الأقل، يزداد اهتمام المخرج الإسباني بإدارة الصورة وبشروط البصريات والديكور والتصاميم التي تحتويها. لديه طاقمه من الممثلين (كروز بينهم)، الذين لا يلمعون في أي مكان آخر بالقدر ذاته. ولديه ذلك الربط المقنع ما بين ماضي الشخصيات وحاضرها وكيف تتعامل مع كليهما.

- ما هو آخر حلم شاهدته؟
في مسابقة «آفاق»، نوع آخر من النساء. في الواقع امرأة واحدة (لا اثنتان) هي محور ما تدور عليه أحداث فيلم كتبه الفرنسي الراحل جان - كلود كارييه وأخرجته شيرين نشأت وشوها عزاري تحت عنوان «أرض الأحلام».
شيرين نشأت هي فنانة أميركية من أصل إيراني، سبق لها وأن قدّمت فيلماً مثيراً للاهتمام وجيد المستوى عنوانه «نساء بلا رجال»، وذلك في دورة هذا المهرجان سنة 2009. بعده بأعوام قليلة حققت فيلمها عن أم كلثوم (تحت عنوان «البحث عن أم كلثوم») والآن تجرّب فيلماً يدخل عداد تلك التي تستجوب الحلم الأميركي وما قد يكون حدث له.
بطلتها شابّة أميركية اسمها سيمين (تقوم بها الأميركية شيلا فاند) تعمل في دائرة إحصاء السكان في الولايات المتحدة. مهمّتها أن تجول بين منازل البلدة التي تعيش وتعمل فيها لتطرح الأسئلة التي تهم الدائرة. لكن سؤالها الأخير يبدو نشازاً: «ما هو آخر حلم حلمتي به؟».
لا تحاول سيمين (ذات أصل إيراني بدورها) بسؤالها هذا فتح حوار أو التقرب من الشخص الذي تسأله أو الدردشة. هذا لأن السؤال يدخل صميم عملها. وحسب سيناريو كارييه، المكتوب جيداً كنص، مطلوب من إدارتها كنوع من جمع المعلومات وتحليلها عن الأشخاص.
شخصياً، كنت قرأت شيئاً عن هذا الموضوع مما يمنح الفيلم التعامل مع احتمال قائم. لكن لا أحد دق باب بيتي وفي الفيلم هناك من يعترض ولا يُجيب لكن الفيلم مبني على فعل الاستجابة، وهذا يمكن المشاهد من تلقف حكايات مختلفة تعود سيرين لمنزلها لتضعها في تقريرها ثم تقوم بنشر ما سمعته وتخيّلته من أحلام الآخرين على موقعها.
لن يستمر ذلك طويلاً وستلتقي بشخص واللقاء سيثمر عن بداية طرحها الأسئلة على ما تقوم به هي ومن يمكن أن يكون الهدف منه.
في الفيلم دور مهم لمات دامون الذي كان له فيلم في مهرجان كان («ستيلووتر») والآن له هذا الفيلم في مهرجان فينيسيا (سيحدثنا عن تجربتيه هذين في أيام قليلة قادمة).


مقالات ذات صلة

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

يوميات الشرق المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

قال المخرج العراقي عُدي رشيد المتوج فيلمه «أناشيد آدم» بجائزة «اليسر» لأفضل سيناريو من مهرجان «البحر الأحمر» إن الأفلام تعكس كثيراً من ذواتنا.

انتصار دردير (جدة)
يوميات الشرق مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى؛ فإن المصرية مريم شريف تفوّقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بـ«مهرجان البحر الأحمر».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».