القبض على أحد أكبر مروجي التحف المزيفة في أميركا

عرض للبيع آثاراً زعم أنها تعود إلى الحقب البابلية والسومرية والبيزنطية

اتُهم مالك معرض صادق في مانهاتن بالسرقة الكبرى وجرائم أخرى لأنه أنتج أشياء على نطاق واسع وصفها بأنها قطع أثرية قديمة (مكتب المدعي العام في مانهاتن)
اتُهم مالك معرض صادق في مانهاتن بالسرقة الكبرى وجرائم أخرى لأنه أنتج أشياء على نطاق واسع وصفها بأنها قطع أثرية قديمة (مكتب المدعي العام في مانهاتن)
TT

القبض على أحد أكبر مروجي التحف المزيفة في أميركا

اتُهم مالك معرض صادق في مانهاتن بالسرقة الكبرى وجرائم أخرى لأنه أنتج أشياء على نطاق واسع وصفها بأنها قطع أثرية قديمة (مكتب المدعي العام في مانهاتن)
اتُهم مالك معرض صادق في مانهاتن بالسرقة الكبرى وجرائم أخرى لأنه أنتج أشياء على نطاق واسع وصفها بأنها قطع أثرية قديمة (مكتب المدعي العام في مانهاتن)

ظلت الآثار المنهوبة تشكل لسنوات أولوية من أولويات أجهزة إنفاذ القانون، ليس فقط لأن تهريب الآثار القديمة يلحق الضرر بالتراث الثقافي لبلدانها الأصلية، وإنما لأن المبيعات غير المشروعة كانت في بعض الأحيان تمول عصابات المخدرات أو المنظمات الإرهابية.
ولكن المدعين يقولون إن مهرداد صادق، تاجر العاديات في نيويورك الذي يدير «معرض صادق» الخاص به لعقود في ظل مبنى «إمباير ستيت»، قرر ألا يواجه صعوبة الحصول على القطع الأثرية القديمة. وبدلاً من ذلك، صنع نسخاً زائفة - كما يقولون - منشئاً آلاف الآثار الزائفة في وكر من المكاتب قبالة منطقة العرض الخاصة به، ثم تسويقها إلى جامعي التحف غير المحنكين، وغيرهم من المهووسين بعشق الآثار. يقول سايروس فانس جونيور، محامي منطقة مانهاتن، في بيان له بعد اعتقال صادق في وقت سابق من هذا الشهر: «لسنوات كثيرة، وعد مصنع القطع الأثرية المزيفة، المتمركز في وسط مدينة مانهاتن، العملاء بكنوز نادرة من العالم القديم، وعوضاً عن ذلك باع لهم قطعاً مصنعة بطريقة معتادة مستهلكة، ولا تلفت سوى انتباه الخبراء».
وقد دفع صادق بأنه غير مذنب في اتهامه بالتآمر للاحتيال، والسرقة الكبرى، والحيازة الجنائية لأداة مزورة، والتزوير، والمحاكاة الجنائية.
ووفقاً للمدعين العامين، كان من بين الأشخاص الذين باع لهم محققون فيدراليون متخفون ابتاعوا قلادة ذهبية تصور قناع الموت لتوت عنخ آمون ورأساً رخامياً لامرأة رومانية قديمة، ودفعوا 4 آلاف دولار لكل منهم. وقد أصبحت هذه المبيعات الأساس لزيارة المعرض بواسطة أعضاء مكتب المدعي العام وتحقيقات الأمن الداخلي في أغسطس (آب)، حيث قالوا إنهم عثروا على مئات القطع الأثرية المزيفة المعروضة على الرفوف وداخل العلب الزجاجية. كما عثروا على آلاف أخرى في الغرف الخلفية بالمعرض، بما في ذلك الجعارين، والتماثيل الصغيرة، ورؤوس الحراب، في مراحل مختلفة من التجهيز.
وقال ماثيو بوغدانوس، رئيس وحدة مكافحة الاتجار بالآثار لمحامي المنطقة، إن الزيارة كشفت عن نوع من عمليات خط التجميع التي بدت مصممة لتبديل وتغيير المواد التي تم إنتاجها على نطاق واسع، بحيث تظهر كأنها من الطراز القديم. وقد عثر المحققون على الورنيش، والرش، والدهانات، وماكينة الصنفرة، ومواد شبيهة بالطمي بمختلف الألوان والأنساق، وذلك من بين أدوات ومواد أخرى.
ورفض غاري ليسر، محامي صادق، التعليق. وقال مكتب المدعي العام بالمنطقة إن صادق بدا أنه من بين أكبر مروجي التحف المزيفة في البلاد بناء على طول مدة أعماله، وعدد الأشياء التي تم الاستيلاء عليها من معرضه، و«مكاسبه المالية الكبيرة».
وكان صادق قد أدار معرضه لعقود من الزمان، وأعلن عنه على موقعه على شبكة الإنترنت بصفته: «معرضاً فنياً مملوكاً لأسرة متخصصة في القطع الأثرية والقطع النقدية القديمة من مختلف أنحاء العالم».
وذكر الموقع الذي تم تأسيسه في عام 1978، بصفة شركة صغيرة لطلب البريد، أنه في عام 1982 انتقل المعرض إلى مجموعة من المكاتب في الطابق الأعلى لمبنى يقع في الجادة الخامسة وشارع شرق 31.
ومن موقعه هناك، عرض صادق للبيع عناصر زعم أنها من حقبة الأناضول القديمة، ومن الحقب البابلية، والبيزنطية، واليونانية الرومانية، وبلاد ما بين النهرين، والسومرية. وقد تضمن الموقع الإلكتروني للمعرض مدونة عن الآثار، وشهادات من الزبائن الراضين. وقد امتلأت مراجعات غوغل على الإنترنت بحسابات العملاء الذين قال بعضهم إنهم كانوا يتسوقون هناك لسنوات كثيرة، وأشار كثير منهم إلى الخدمة الشخصية التي قدّروها. ومن بين المواد المعروضة للبيع على الموقع في أواخر عام 2020 وأوائل عام 2021، صقر محنط يعود تاريخه إلى 305 - 30 قبل الميلاد (9 آلاف دولار)، وقناع تابوتي مصري محفور من الخشب مؤرخ بين 663 و525 قبل الميلاد (5 آلاف دولار)، وشظية من الحديد والنيكل من نيزك هبط في منغوليا (1500 دولار). وقال الموقع: «كل آثارنا مضمون أنها أصلية».
ولقد استرعى صادق انتباه المحققين عندما اشتكى التجار الآخرون الذين لاحقتهم الأجهزة الأمنية بتهمة الاتجار في الآثار المنهوبة؛ قال بوغدانوس إنه جرى التغاضي عن «الرجل الذي يبيع كل المنتجات المزيفة».
وأشار بوغدانوس إلى أنه عندما نظر المحققون في صالة «صادق»، لم يجدوا بائعاً متجولاً على الرصيف يبيع المنتجات الرخيصة المقلدة، وإنما وجدوا شخصاً «أكبر من ألا يخضع للتحقيق».
ومن بين الأشياء التي تعرف عليها بوغدانوس في المعرض نسخة من تمثال خزفي من القرن الحادي عشر لبوذا، وكان الأصل قد تم ضبطه من قبل مكتب المدعي العام في قضية منفصلة. ويبدو أن أشياء أخرى في المعرض قد صممت على غرار الأشياء التي سرقت من المتحف العراقي، وكانت من السرقات التي حقق فيها بوغدانوس في أثناء خدمته عقيداً في البحرية الأميركية في العراق عام 2003 (قاد بوغدانوس جهوداً لاستعادة آلاف المقتنيات التي سرقها اللصوص في أثناء سقوط بغداد).
وبعد اعتقال صادق، حصل المدعون العامون على أمر ثانٍ يسمح لهم بالبحث عن الأدوات المستخدمة في تعديل الآثار أو «الأشياء التي يُزعم أنها آثار»، فضلاً عن أشياء أخرى، مثل تابوت بقيمة 50 ألف دولار، وختم أسطواني بقيمة 40 ألف دولار، وتمثال الإلهة أرتميس بقيمة 25 ألف دولار، وكلها يشتبه في أنها مزيفة.
وعلى الرغم من مراجعاته الإيجابية على الإنترنت، فإن صادق كان مرتبطاً في السابق بنزاع حول أصالة العناصر التي باعها. ففي عام 2019، ألغت مكتبة ومتحف هيربرت هوفر الرئاسية في ولاية أيوا معرضاً زائراً كان من المقرر إقامته بعد أن قال بيورن أندرسون، أستاذ تاريخ الفنون في جامعة أيوا، إن «غالبية» عناصر المعرض تبدو مزيفة بمجرد بيعها من معرض صادق. وقال صادق ردا على ذلك: «لا أعرف أي شيء عن هذا»، بحسب صحيفة «ويست برانش تايمز» التي أوردت خبر قرار الإلغاء في 2019.
- خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

فرنسا تبدأ محاكمة 8 أشخاص في قضية مقتل مدرس بهجوم إرهابي

أوروبا صورة عامة لمحكمة إيل دو لا سيتي في اليوم الأول من محاكمة 8 أشخاص متهمين بالتورط في قطع رأس مدرس التاريخ الفرنسي صامويل باتي بباريس في 4 نوفمبر 2024 (رويترز)

فرنسا تبدأ محاكمة 8 أشخاص في قضية مقتل مدرس بهجوم إرهابي

مثُل والد تلميذة فرنسية أمام القضاء، الاثنين، بتهمة الارتباط بشبكة إرهابية مسؤولة عن قطع رأس مدرِّس بعد اتهامات له بعرض رسوم كاريكاتورية مسيئة.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الولايات المتحدة​ مغني الراب ليل دورك خلال حصوله على جائزة «غرامي» (أ.ب)

القبض على مغني الراب ليل دورك واتهامه بالتورط في جريمة قتل

اعتقلت السلطات الأميركية مغني الراب ليل دورك في جنوب فلوريدا، ووجهت له تهمة القتل مقابل أجر، وفقاً لما نشرته سلطات إنفاذ القانون.

«الشرق الأوسط» (فلوريدا)
يوميات الشرق مسلسل «Monsters» يعيد إلى الضوء جريمة قتل جوزيه وكيتي مينينديز على يد ابنَيهما لايل وإريك (نتفليكس)

قتلا والدَيهما... هل يُطلق مسلسل «نتفليكس» سراح الأخوين مينينديز؟

أطلق الشقيقان مينينديز النار على والدَيهما حتى الموت عام 1989 في جريمة هزت الرأي العام الأميركي، وها هي القصة تعود إلى الضوء مع مسلسل «وحوش» على «نتفليكس».

كريستين حبيب (بيروت)
أوروبا المستشار الألماني أولاف شولتس في إسطنبول (رويترز)

شولتس يدعو لتمرير «حزمة أمنية» بعد إحباط هجوم على سفارة إسرائيل

بعد إحباط هجوم محتمل على السفارة الإسرائيلية في برلين، دعا المستشار الألماني أولاف شولتس مجلس الولايات إلى تمرير الجزء المتوقف من «الحزمة الأمنية».

«الشرق الأوسط» (برلين)
يوميات الشرق توريلينا ماي فيلدز أُلقي القبض عليها بعد مواجهة استمرت 11 ساعة مع الشرطة في منزل والدتها (مركز احتجاز مقاطعة بوربون)

«ممثلة ناشئة»... أميركية قطعت وطهت جثة والدتها بعد قتلها

ذكرت تقارير حديثة أن امرأة من كنتاكي بالولايات المتحدة أقدمت على قتل والدتها وقطعت أوصالها ثم طهت رأسها وأطرافها في وعاء.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.