غابة بيروت في «سن الفيل»... «ملاذ» للفنانين

أنشطة على مدار 10 أيام للإصغاء لصوت تناغم الأشجار

غابة لم تكتمل ملامحها بعد
غابة لم تكتمل ملامحها بعد
TT

غابة بيروت في «سن الفيل»... «ملاذ» للفنانين

غابة لم تكتمل ملامحها بعد
غابة لم تكتمل ملامحها بعد

الوضع الاستثنائي في لبنان يفتق قريحة الفنانين والجمعيات المدنية، حتى الناس العاديين، للتحرك من أجل بث القليل من الإيجابية في الأجواء المشحونة. وفي محاولة منها للمساعدة على تخطي الأيام الصعبة بالحكمة والتعاضد، أعلنت «المنصة المؤقتة للفن»، وهي مؤسسه غير ربحية، عن مشروع تطلق عليه اسم «ملاذ» يستمر على مدار عشرة أيام، في غابة صغيرة، في منطقة «سن الفيل»، حيث تتخلل البرنامج عروض فنية ونشاطات مختلفة، تقرب بين المشاركين، وتدفع بهم إلى بلورة تصورات لأفكار جديدة تمد يد العون أيضاً لأشخاص آخرين. وينقسم المشاركون إلى فئتين؛ فنانون ستة سيكونون في إقامة جماعية في الغابة، والجمهور الذي سيأتي ليحضر الأنشطة المبرمجة سلفاً، الموزعة على مدار النهار، ويستأنس بتنوعها.
كما يدل عليه اسم المشروع، فالغابة الموجودة داخل مدينة بيروت في سن الفيل، ويطلق عليها اسم «الغابة التي لا نهر فيها»، هي بقرب نهر بالفعل لكنه فقد مياهه ووهجه ووظيفته. وهكذا لم يبق سوى الغابة ملاذاً للبشر المطحونين، بالأزمات المتلاحقة، وبالخوف من المصير المقبل الذي يبدو لهم أكثر اسوداداَ.
والفنانون الستة المشاركون هم شربل سامويل عون، وفرانسيسكا بيرفوس، ونديم مشلاوي وعمر فاخوري، كما كريستيان زهر. وهم في غالبيتهم ينتمون إلى المجال التشكيلي البصري، واجتماعهم معاً لعشرة أيام لا يخضع لشروط، ولا لبرنامج محدد، ولا يفرض عليهم شيئاً في المستقبل. فهم سيزرعون معاً، ويغنون، أو يتحدثون، ولا بد أنهم في النهاية سيخرجون بأفكار فردية أو جماعية. وليكن هذا المكان هو للقاء أصبح مستعصياً تحقيقه، في ظل الأزمة الحالية، وانشغالات الناس بتدبير شؤونهم اليومية. إضافة إلى ذلك، هناك برنامج فني مفتوح للعامة، ولكل من يريد أن يأتي ويتفرج ويشارك. وتشرح القيمة المساعدة على مشروع «ملاذ» دانيال مخول لـ«الشرق الأوسط»، «نحن ذهبنا ودعونا مجموعات بعينها لتشاركنا ما نقوم به. كما أننا مؤسسة صغيرة وعددنا محدود، لهذا نعمل مع جمعيات لها أهداف وتطلعات مشابهة لنا. الغابة مضاءة بفضل جمعية (لايتنغ أوف ليبانون) التي تقوم بمجهود كبير، لإضاءة أماكن عديدة في لبنان بالطاقة الشمسية. كما أننا نتعاون مع جمعية أخرى تطبخ وتوزع الطعام. إضافة إلى جمعيات غيرها. وكثير منها بدأت العمل بعد انفجار الرابع من أغسطس (آب)، ولا تزال الحاجة لها تتصاعد».
وحين سألنا مخول عن الهدف من هذه الأنشطة، شرحت بأن اختيار المكان له أهميته «إذ إن الغابة بأشجارها لا تعيش من دون أن تتناغم وتتواصل فيما بينها، والمطلوب من الموجودين خلال أنشطة «ملاذ» أن يستمعوا ويصغوا جيداً للغابة، والتماهي معها بأسلوب تواصل عناصرها مع بعضها البعض. أن نتعلم التآزر من الغابة وشجرها هو أفضل السبل لتدريب النفس على التعامل مع الآخرين».
و«الغابة التي لا نهر فيها» موجودة في منطقة سن الفيل في بيروت، وتمتد على مساحة ألفي متر مربع، هي واحدة من أكثر من 12 غابة صناعية صممها وزرعها في لبنان المهندس أديب الدادا. وهي لا تزال في طور الإنشاء، وغير مكتملة. وتستفيد «المنصة» منها كمنطقة خضراء مزروعة على طريقة «ميا واكي» اليابانية. أي زرع النباتات المحلية التي تعتمد على قوتها الذاتية بعد ثلاث سنوات من غرسها، وتنمو بمفردها. تمتد فعاليات «ملاذ» من 27 أغسطس حتى 5 سبتمبر (أيلول) بمشاركة عدد من المساهمين والضيوف والمشاركين المميزين. وهي نتيجة تضافر جهود المنصة مع بلدية سن الفيل، وبدعم من «الصندوق العربي للثقافة والفنون» (آفاق) و«المعهد الفرنسي» و«معهد غوتيه» في لبنان و«مؤسسة المورد الثقافي». وعقدت المنصة المؤقتة للفن مؤتمراً صحافياً أمس بالتعاون مع مؤسسة «ذا أذر دادا»، حيث أطلقت المشروع وكشفت عن أعمال فنية على موقعها للفنانين شربل سامويل عون وفرانسيسكا بيرفوس، بالإضافة إلى بث شعري على الموقع وعلى الإنترنت لنديم مشلاوي، وعمل للوحة إعلانات لعمر فاخوري وكريستيان زهر؛ تلاه عرض لفيلم «حب بري» للفنانة الفلسطينية جومانة مناع.


مقالات ذات صلة

ظهور «سمكة يوم القيامة» الغامضة على شاطئ كاليفورنيا

يوميات الشرق السمكة المجدافية كما أعلن عنها معهد سكريبس لعلوم المحيطات بجامعة كاليفورنيا

ظهور «سمكة يوم القيامة» الغامضة على شاطئ كاليفورنيا

جرف البحر سمكة نادرة تعيش في أعماق البحار، إلى أحد شواطئ جنوب كاليفورنيا، بالولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (كاليفورنيا)
يوميات الشرق ولادة بمنزلة أمل (غيتي)

طائر فلامنغو نادر يولَد من رحم الحياة

نجحت حديقة الحياة البرية بجزيرة مان، الواقعة في البحر الآيرلندي بين بريطانيا العظمى وآيرلندا بتوليد فرخ لطائر الفلامنغو النادر للمرّة الأولى منذ 18 عاماً.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق تعرف على أفضل 10 دول في العالم من حيث جودة الحياة (رويترز)

الدنمارك رقم 1 في جودة الحياة... تعرف على ترتيب أفضل 10 دول

أصدرت مجلة «U.S. News and World Report» مؤخراً تصنيفها لأفضل الدول في العالم بناءً على جودة الحياة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق العمر الطويل خلفه حكاية (غيتي)

ما سرّ عيش أقدم شجرة صنوبر في العالم لـ4800 سنة؟

تحتضن ولاية كاليفورنيا الأميركية أقدم شجرة صنوبر مخروطية، يبلغ عمرها أكثر من 4800 عام، وتُعرَف باسم «ميثوسيلا».

«الشرق الأوسط» (كاليفورنيا)
يوميات الشرق السعودية تواصل جهودها المكثّفة للحفاظ على الفهد الصياد من خلال توظيف البحث العلمي (الشرق الأوسط)

«الحياة الفطرية السعودية» تعلن ولادة 4 أشبال للفهد الصياد

أعلنت السعودية إحراز تقدم في برنامج إعادة توطين الفهد، بولادة أربعة أشبال من الفهد الصياد.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.