تقلا شمعون لـ«الشرق الأوسط»: كفى تشويهاً لصورة لبنان

تطل في «البريئة» بدور «جديد ومختلف»

الممثلة اللبنانية تقلا شمعون في «البريئة»
الممثلة اللبنانية تقلا شمعون في «البريئة»
TT

تقلا شمعون لـ«الشرق الأوسط»: كفى تشويهاً لصورة لبنان

الممثلة اللبنانية تقلا شمعون في «البريئة»
الممثلة اللبنانية تقلا شمعون في «البريئة»

السبب الأول لقبول تقلا شمعون شخصيتها في مسلسل «البريئة»، هو أنّها لا تشبه شخصية العمر: «ليلى الضاهر». الأمومة ليست في الواجهة، والصلابة تتنحّى كاستراحة بعد الذروات. يحوم التجديد على شكل هاجس: «شرطي الأساسي للموافقة على دور». من المفارقات أنّ اسم شخصية البطلة، كارمن بصيبيص، في المسلسل، أيضاً «ليلى»! تضحك. بين النجمتين علاقة أمينة على المهنة، يكرّسها أولاً صدق الأداء وثانياً فخامة اللقاء في «عروس بيروت». «طبعاً، أخاف»، تخبر «الشرق الأوسط» عن إحساسٍ يسبق كل خطوة؛ وهو خوف منبعه التحمّل المفرط للمسؤولية ورفض الاكتفاء بنجاح. تنشّطها الطبيعة ويجدّد هواء الجبل روحها. لها مبدأ في الأزمة: «نحن أقوياء ونستطيع العبور. الوطن كالأهل، أرفض التشهير به». تعتب بمحبة: «ليت الممثل أيمن قيسوني لم يخرج بفيديو ليقول ما قاله عن لبنان. في مصر يتخذون إجراءات قاسية عند محاولة المسّ بالوطن. أتوجه إليه باحترام: ليتك تحذف الفيديوهات وتعتذر».
لا تساير ولا تتكتم على مضايقات قد تعترضها خلال التصوير. فإن حاول ممثل الالتواء عليها، ظناً أنه سيُحكم سيطرة فردية على المشهد، تضبطه على الفور: «ماذا تفعل؟ ستخسر في النهاية». التمثيل جماعي وعملية تواصل متكاملة: «أقف في المرصاد لأي التواء، ولا أسمح بتمرير التحايل».
البداية كلاسيكية: حدّثينا عن الدور. ينطلق «البريئة» في سبتمبر (أيلول) عبر «شاهد»؛ من كتابة مريم نعوم، إخراج رامي حنا، وإنتاج «إيغل فيلمز». تصف التركيبة بـ«الرائعة، صورة ونصاً وإنتاجاً»، وتنتظر رأي الناس. ماذا عن جديدها، والإضافة؟ «اسم الشخصية (فاديا) والدور مختلف.
لستُ أماً بمعنى واجبات الأمومة التقليدية. شخصيتي فنانة تشكيلية تنضم لجمعية تكافح تهريب الآثار. وفاة زوجها تجعلها سيدة أعمال، وبعد زواج ولديها، تصنع لنفسها حياة بإيقاعات سليمة. تخفي سراً يشكل مفاجأة، لن أفضحه بالطبع (تضحك)».
تكشف المزيد: «أنا صديقة البطلة الوفية (كارمن بصيبص) وسندها ضد الظلم. يتحكم حس الفكاهة في الشخصية، وتشبهني بكونها ليست مأسوية، تقفز فوق الآلام وتتخطّى. روح الدعابة تجمّلها».
هنا التحدّي: «أردتُ ألا أشبه صديقة البطلة الطريفة التي تظهر غالباً في المسلسلات بصورة نمطية. بنيتُ فكاهتي خاصة». أهذا بعض طبعك؟ تبدين جدية؟ ترد بأنّ نوعها يواجه الصدمة بالدعابة. المهم، إيجاد الجديد، حتى في شخصيات لا مطبات فيها، ولا مواقف نارية. «أعرف كيف أحوّل الشخصية إلى ما يتجاوز المكتوب على الورق. (فاديا) امرأة فريدة».
كانت في حاجة للإطلالة بدور «يزيح» بعض الشيء حضور «ليلى الضاهر». يعرف الجمهور العربي تقلا شمعون الممثلة أينما حلّت، وتلمس الحب في الأسفار وأوطان العرب. تابعها في «روبي» بواحد من أنبل أدوارها: «ماما عليا»؛ وفي «جذور» و«اتهام»... والمسيرة ثرية. إلا أنّ حضورها في «عروس بيروت» كبَّر الاسم، الكبير أصلاً.
ما معيار الخيارات، بعده؟ «كسر النمطية». لا تتوقع «الإبهار»، برغم الرهان الكبير على المسلسل: «إطلالتي لطيفة، ولا أضخّم الادعاءات». تساءلت كثيراً: «ماذا بعد؟ هل ستُعرض أدوار أمومة مكتوبة بجمالية؟ هل سأجد شخصية بهذه الخصوصية كما في شخصية (ليلى)؟ وبالمساحة ذاتها والمواقف والمقوّمات؟ من الرائع أن تُمنح فرصة للحب مرة أخرى في عمر الستين. صنف هذه الأدوار نادر. نعم، أخاف؛ لكن الممثل الذكي لا يُحبط». ظنّت بعد «روبي» أنه الدور الأخير لها بعمقه وبُعده. ثم كرّت العروض.
من شعاراتها: «الممثل الذكي يبني شيئاً من لا شيء. اجتهد بأي دور».
تهتم بمن يشاركها التمثيل من دون سدّ الأبواب في وجه أسماء يشكلون فريق المسلسل. «بعضهم يضعون شروطاً: (ما بدي هالشخص). لا أستغل نجوميتي لإقصاء أحد. التمثيل أخذ وعطاء، بشرط وجود ممثل يتقن لعبته ويتخلص من الأنانية». تريحها كارمن بصيبص: «تقلق وتحب المهنة. تعمل بجدية ولا تتعمّد تهميش غيرها. هي وأمثالها يضيفون متعة. أما الملتوون، فأقف لهم بالمرصاد، (وما بتفرق معي). فعلتها مرات وأعدتُ الأمور إلى نصابها».
أين أصبح «الزيارة»؟ «في المونتاج، نتحدث عنه لاحقاً». مسلسل يجمعها مع دينا الشربيني «بكم مشهد»؛ ومع ذلك «التقينا بحرفية وحب». رعب وأكشن، «والشخصية جديدة، كطريقة التصوير والتقنيات». بالنسبة إليها، لم يعد الفنان بحاجة إلى السفر للانتشار عربياً، «فالمنصات والسوشيال ميديا تتيح الشهرة».
تذكر المنصات، فتعترف بأنها تستهويها، «لكن التلفزيون يخرق على نطاق أوسع. هو فسحة الكبار والصغار، الأثرياء والفقراء، خبراء التكنولوجيا ومن لا يملكون طريقاً إليها».
ترفض التسويق للبنان الاحتضار: «لقد صوّرنا في ظروف جيدة، ولدينا فريق تقني مذهل يتجاوز الصعاب». وترفض تنازل بيروت عن وظيفتها في احتضان الإبداع: «لا نزال نصوّر وننجز الأعمال على الوقت».
إنّه الجانب الآخر من العتمة المبلول بالضوء. باختصار، هذه تقلا شمعون: «نصمد بإيمان عظيم». تُلمح إلى «مؤامرة كبيرة أبعد من الفساد السياسي، كأنّ المقصود تغييب لبنان عن الخريطة. الإيمان سلاح المرحلة».
«أوووف»، مع تنهيدة. «هذه معركة وجود»، تصف يوميات الذل، ومع ذلك تعتب: «كيف لفنانين وإعلاميين التجرؤ على طلب الوصاية والإمعان في تشويه صورة البلد؟ ألا تكفينا السمعة في الخارج ونظرات الشفقة والريبة؟ أحد لا يحق له ذلك. ذم الوطن سيشجع الآخرين على عدم احترامنا. الوقت الآن للتكاتف والنهوض».


مقالات ذات صلة

«إقامة جبرية» يراهن على جاذبية «دراما الجريمة»

يوميات الشرق هنا الزاهد بطلة المسلسل (الشركة المنتجة)

«إقامة جبرية» يراهن على جاذبية «دراما الجريمة»

يراهن صناع مسلسل «إقامة جبرية» على جاذبية دراما الجريمة والغموض لتحقيق مشاهدات مرتفعة.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق خالد النبوي ويسرا اللوزي مع المخرج أحمد خالد خلال التصوير (الشركة المنتجة)

خالد النبوي يعوّل على غموض أحداث «سراب»

يؤدي خالد النبوي في مسلسل «سراب» شخصية «طارق حسيب» الذي يتمتّع بحاسّة تجعله يتوقع الأحداث قبل تحققها.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق أحمد زكي مجسداً شخصية عبد الحليم حافظ (يوتيوب)

دراما السيرة الذاتية للمشاهير حق عام أم خاص؟

تصبح المهمة أسهل حين تكتب شخصية مشهورة مذكراتها قبل وفاتها، وهذا ما حدث في فيلم «أيام السادات» الذي كتب السيناريو له من واقع مذكراته الكاتب الراحل أحمد بهجت.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق أحمد مكي يقدم شخصية «شمس الغاوي» في رمضان 2025 (حسابه بموقع فيسبوك)

«الغاوي» رهان أحمد مكي الجديد في الدراما الرمضانية

يراهن الفنان المصري أحمد مكي على خوض ماراثون «الدراما الرمضانية» المقبل بمسلسل «الغاوي» الذي يشهد ظهوره بشخصية مختلفة عما اعتاد تقديمه من قبل.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق تخرج أمل بوشوشة من ذلك الصندوق الذي يصوّر الحياة بحجم أصغر (حسابها في «فيسبوك»)

أمل بوشوشة... «شوطٌ كبير» نحو الذات

تعلم أمل بوشوشة أنّ المهنة قد تبدو جاحدة أسوة بمجالات تتعدَّد؛ ولا تنتظر دائماً ما يُشبع الأعماق. أتاح «المهرّج» مساحة لعب أوسع. منحها إحساساً بالخروج من نفسها.

فاطمة عبد الله (بيروت)

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».