معالجات مؤقتة لأزمات الوقود... وجعجع يدعو لرفع الدعم الحكومي

لبنانيون يصطفون للحصول على حصتهم من الوقود في بيروت أمس (أ.ف.ب)
لبنانيون يصطفون للحصول على حصتهم من الوقود في بيروت أمس (أ.ف.ب)
TT

معالجات مؤقتة لأزمات الوقود... وجعجع يدعو لرفع الدعم الحكومي

لبنانيون يصطفون للحصول على حصتهم من الوقود في بيروت أمس (أ.ف.ب)
لبنانيون يصطفون للحصول على حصتهم من الوقود في بيروت أمس (أ.ف.ب)

طالب رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، أمس (الجمعة)، بتحرير سعر المحروقات في الأسواق اللبنانية ورفع الدعم الرسمي له، معتبراً أن هذا الطرح يحل الأزمة المستفحلة في البلاد خلال 24 ساعة، في وقت تحاول السلطات إيجاد حلول موضعية لأزمة انقطاع المحروقات التي هددت قطاعات حيوية، بينها المستشفيات والأفران.
وقال جعجع في حديث إذاعي، إن «معاناة اللبنانيين في موضوع البنزين والمازوت لا مبرر لها، لأن البواخر النفطية موجودة أصلاً في البحر». وأضاف: «إذا كان باستطاعتهم دعم البواخر فليدعموا، ولكن إذا لم يكن لديهم إمكانية لذلك فليحرروا السوق».
ويوفر مصرف لبنان المركزي العملة الصعبة لاستيراد المحروقات على سعر صرف 3900 ليرة للدولار الواحد، بينما يبلغ سعر الدولار في السوق نحو 19 ألف ليرة. وأعلن المصرف المركزي عجزه عن مواصلة الدعم بعد تراجع احتياطاته من العملة الصعبة، علماً بأن رفع الدعم سيرفع سعر المحروقات نحو أربعة أضعاف.
ورأى جعجع أن الباخرة الإيرانية المحملة بالمشتقات النفطية والتي تحدث الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله أول من أمس (الخميس)، عن أنها ستبحر خلال ساعات باتجاه لبنان «ليست حلاً، إنما هي تفاقم السوق، والحل يكمن بتحرير السوق».
وعقب خطاب نصر الله، رمى جعجع الكرة في ملعب وزارة الطاقة المحسوبة على فريق رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون، على خلفية عدم منح وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال ريمون غجر أذونات للشركات الخاصة وبعض القطاع الخاص لاستيراد البنزين والمازوت بأسعاره الحقيقية، وطرحه في السوق، بعدما عجزت الدولة عن تأمينه مدعوماً.
ورأى جعجع أنه «بإمكان رئاسة الحكومة تحريك الأمور في لبنان»، مؤكداً أن تحرير السوق والأسعار هو الحل للأزمة الراهنة. وفي حال أصدر وزير الطاقة جدول أسعار جديداً للمحروقات تُحل الأزمة خلال 24 ساعة وتبدأ البواخر بإفراغ حمولتها׃.
ويشهد لبنان منذ أشهر أزمة محروقات متفاقمة تنعكس بشكل كبير على مختلف القطاعات الحيوية، من مستشفيات وأفران واتصالات ومواد غذائية.
وفي محاولة لاحتواء أزمة القطاعات الحيوية، وبعدما رفعت أفران طرابلس والشمال الصوت أول من أمس (الخميس)، بسبب فقدانها مادة المازوت بشكل نهائي، مؤكدة المضي بالإقفال، واكبت دورية من شرطة بلدية طرابلس ومخابرات الجيش اللبناني ليلاً الصهاريج التي عملت على توزيع كميات من المازوت على الأفران والمطاحن في المدينة، وخصص بموجبه 50 ألف لتر من المازوت لطرابلس والشمال.
وقال رئيس بلدية طرابلس رياض يمق، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «هذه الكمية قليلة، ولا تكفي لسد حاجات المدينة من المحروقات»، موضحاً أنها قد تكفي لمدة يومين لا أكثر. ولفت إلى أن منطقة الشمال وُعدت بتسلم مزيد من مادة المازوت بين اليوم (السبت) وغد (الأحد)، مؤكداً أن هذا الحل مؤقت لكنه لا يحل المشكلة.
وعلى خط الأزمات التي تطال القطاعات الحيوية، أعلنت «الوكالة الوطنية للإعلام» عن أزمة نقص في الغاز المنزلي. إلا أن نقيب مالكي ومستثمري معامل تعبئة الغاز المنزلي في لبنان أنطوان يمين، قال في اتصال مع الوكالة، إن «مصرف لبنان أعطى موافقة على دخول باخرة من الغاز السائل سعة 5000 طن يوم الاثنين المقبل». ولفت يمين إلى أن «هذا الأمر سيسهم في إراحة السوق»، مطمئناً اللبنانيين إلى أن هذه المادة الحيوية «ستظل متوافرة في الأيام المقبلة».
وتشتد أزمة المحروقات منذ أشهر أمام محطات الوقود في لبنان، ووصلت الحال ببعض المواطنين إلى النوم في سياراتهم أمام المحطات، لحجز دور في طابور اليوم التالي. وشهدت مختلف المناطق اللبنانية أمس، زحمة سير خانقة بسبب التهافت على تعبئة البنزين من المحطات، الأمر الذي حول معظم المناطق اللبنانية إلى ما يشبه موقفاً كبيراً للسيارات.
وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام»، الرسمية اللبنانية، بأن سعر صفيحة البنزين في السوق الموازية في مدينة النبطية (جنوب) وصل إلى 500 ألف ليرة لبنانية صباح أمس، مع توقف محطات الوقود عن بيع المادة.
وتناقلت مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تُظهر أطول طابور دراجات نارية أمام محطة وقود عند مدخل منطقة عرمون (جنوب بيروت)، كما شهد أوتوستراد الجنوب زحمة سير خانقة، ما أدى إلى قطع السير على الأوتوستراد بشكل كلي.
وفي صيدا (جنوب)، رفعت غالبية محطات الوقود خراطيمها، باستثناء البعض منها، والتي شهدت ازدحاماً كبيراً انعكس زحمة سير خانقة في معظم شوارع المدينة.
وأكد رئيس تجمع الشركات المستوردة للنفط في لبنان جورج فياض، في حديث صحافي، أن ثلاث بواخر محملة بالمازوت والغاز أفرغت حمولتها خلال هذا الأسبوع و«باتت المواد في الأسواق»، مشدداً على أن «المازوت لا يوزع على المحطات، بل يذهب إلى المستشفيات والأفران وغيرها». وأفاد بيان لشبكة محطات «توتال» بأن باخرة رابعة محمّلة بالمازوت والبنزين بدأت بتفريغ حمولتها، على أن توزع المحروقات على خزانات محطاتها.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».