حوادث غرق واحتراق البواخر النيلية تثير قلقاً في مصر

القاهرة شهدت 3 وقائع خلال أسبوعين

باخرة سياحية بعد احتراقها وسط القاهرة (الشرق الأوسط)
باخرة سياحية بعد احتراقها وسط القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

حوادث غرق واحتراق البواخر النيلية تثير قلقاً في مصر

باخرة سياحية بعد احتراقها وسط القاهرة (الشرق الأوسط)
باخرة سياحية بعد احتراقها وسط القاهرة (الشرق الأوسط)

جددت حوادث المراكب العائمة والمطاعم السياحية النيلية في الآونة الأخيرة، الجدل حول ضوابط السلامة وضرورة إجراء التفتيش والصيانة الدورية للتأكد من سلامة هذه المنشآت التي تعد جزءاً أساسياً من مقومات السياحة المصرية، خصوصاً في فصل الصيف.
وشهدت القاهرة خلال الأسبوعين الماضيين حوادث غرق واحتراق ثلاثة بواخر ومطاعم عائمة من فئة الخمس والأربع نجوم، وهو ما أثار قلق المتابعين بشأن مستوى الأمان في هذه المراكب وباقي المطاعم العائمة الأقل في الفئة.
وطالب محمد كارم، الخبير السياحي المصري بتشديد الرقابة والمراجعة على المراكب والبواخر السياحية العائمة من قبل شرطة المسطحات، وقال في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»: «لا بد من توافر نظم للحريق ومراجعة عملية التأمين وتتبع خط السير، خصوصاً أن الحوادث وقعت في بواخر من فئة الأربع والخمس نجوم».
وشكلت وزارة السياحة والآثار لجنة من الإدارة المركزية للمنشآت الفندقية والمحال والأنشطة السياحية لمتابعة تداعيات الحريق الذي نشب يوم الأحد الماضي بأحد المطاعم النيلية العائمة بمنطقة الزمالك، لمعاينة المطعم ومعرفة أسباب الحريق والتأكد من مدى صلاحية المطعم لإعادة تشغيله واستقبال الرواد، وقبلها بأسبوعين تحديداً في 25 يوليو (تموز) الماضي أوقفت لجنة من الإدارة المركزية للمنشآت الفندقية والمحال والأنشطة السياحية بوزارة السياحة باخرة نيلية بالجيزة، بعد تعرضها لحريق، وقال عبد الفتاح العاصي، مساعد وزير السياحة والآثار للرقابة على المنشآت الفندقية والمحال والأنشطة السياحية، إن معاينة المطعم أثبتت عدم صلاحيته لإعادة التشغيل، وفي الفترة نفسها غرق مطعم عائم تابع لإحدى الفنادق الكبرى بالكامل في مياه النيل.
ورغم تكرار هذه الحوادث خلال فترة قصيرة، يرى كارم أنها حوادث فردية ومن الصعب أن تؤثر على الحركة السياحية، لا سيما أن الناس تحب أن تكون الجولة النيلية جزءاً من زيارتهم لمصر، متوقعاً أن «يشهد موسم السياحة النيلية المقبل في الأقصر نشاطاً في الفترة المقبلة».
حوادث المراكب العائمة ليست جديدة، ففي يوليو (تموز) عام 2019 غرق الطابق الأرضي من أحد المراكب العائمة بحي الزمالك، والذي كان يضم مطعماً وصالة ألعاب رياضية، كما شب حريق في مركب نيلي بحي المعادي في الفترة ذاتها، وقبلها بعام اندلع حريق بمطعم عائم بمدينة المنصورة، ومع كل حادث تتجدد المطالبات بفرض رقابة على هذه المنشآت السياحية.
وهو ما أكده كارم، مشدداً على «ضرورة اتخاذ إجراءات فعلية للرقابة على هذه المنشآت، قبل وقوع الحوادث وليس بعدها».
حوادث المراكب العائمة لا تقتصر على القاهرة، بل تمتد إلى الأقصر وأسوان أيضاً، التي تنظم رحلات نيلية بينهما، حيث شهدت أسوان حوادث متعددة، من أشهرها حادث حريق الفندق العائم سنوحي (2) بمدينة أسوان قبل عدة سنوات، وعلى متنه 146 سائحاً من جنسيات مختلفة، وهو ما أسفر عن مصرع سائحة بلجيكية وخسائر مادية بلغت قيمتها حسب تقديرات النيابة العامة في ذلك الوقت نحو 10 ملايين جنيه، كما اشتعلت النيران في عدة فنادق عائمة في مدينة الأقصر على فترات متباعدة.
لكن ثروت عجمي، رئيس غرفة سياحة الأقصر، أكد في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه الحوادث كانت في الماضي لكن الآن يتم اتباع إجراءات الأمان والسلامة ولم تعد مثل هذه الحوادث موجودة»، وقال إن «الحوادث الأخيرة لن تؤثر على رحلات السياحة النيلية بين الأقصر وأسوان»، مشيراً إلى أن «الحوادث التي وقعت في القاهرة كانت في بواخر ومطاعم ثابتة غير متحركة، على عكس البواخر في الأقصر وأسوان التي تنظم رحلات سياحية منتظمة».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».