«بعد أسبوع» عبر «نتفليكس»: قوة التدفق حين يجف النهر

فيلم عن الإيمان العظيم وهو يصنع إنساناً جديداً

«ويل» يجد الانتماء والحب
«ويل» يجد الانتماء والحب
TT

«بعد أسبوع» عبر «نتفليكس»: قوة التدفق حين يجف النهر

«ويل» يجد الانتماء والحب
«ويل» يجد الانتماء والحب

يمكن الخروج بأحد أهم الدروس الإنسانية لدى مشاهدة فيلم «بعد أسبوع (A week away)» المعروض عبر «نتفليكس»: الحياة توشك على التغيير، والمرء لن يكون دائماً كما كان. على طريقة أفلام «ديزني» في بث الحماسة، هو الفيلم المبهج رغم جذوره الكئيبة. مراهق يدعى «ويل هوكنز (كيفن كوين)» يلفّ في دائرة مقفلة. يحمل أسى موت والديه في خطواته المتعثرة، وتجرّه الوحدة إلى ارتكاب الحماقة. كانت الحياة أشبه بسجن، إلى أن يحرره الله بنعمته ويجد السعادة بتحطيم الأفكار القديمة.
الفيلم شبابي، تشاهده وأنت تبتسم... موسيقاه شفاء وأجواؤه الصيفية تحرّض على المغامرة. يحتفظ «ويل» بصورة له بين والدين رحلا ولم يفهم السبب. يخبئها في جيبه كأنها الطمأنينة المتبقية في عالم يُشعره بفقدان الأمان. يعدد مدير دار الرعاية التجاوزات: «7 مدارس في 6 سنوات و22 منزلاً. كما أنك سرقت سيارة شرطة. رقم قياسي لا يدعو للفخر». «ويل» ليس شريراً ولا «ابن شارع». هو غاضب من وجع الخسارة، وتائه من دون نصيحة أب وحضن أم. هنا قراءة «نسائمية» للعاصفة الهوجاء المسمّاة فترة المراهقة. تتناول جانباً واحداً متعلقاً بالاستمرار من دون أهل، ثم التيه الكبير والأخطاء متفاوتة الحجم. يختار الفيلم بث رسالة إيجابية في خضم الحزن والتخبط: الإيمان هو الخلاص.
يوضع «ويل» بين خيارين لتحسين نفسه من الممارسات المنحرفة: ارتياد الإصلاحية أو إمضاء الأسبوع الأخير من الصيف في مخيم شبابي. لا بأس بالخيار الثاني... يوافق على مضض. في الحياة أحياناً نقاط تحوّل لا يعود معها شيء على حاله. «ويل» أمام صفحة جديدة لم يقرر خطّ سطورها بيده. إلهام من السماء يجعله يمسك القلم ويكتب الأحرف الأولى. إنه الانتشال قبل الغرق؛ والطيران بعد الإحساس بعجز الجناحين. يدفع الحب نحو الأعلى. «ستأخذنا محبة الله أبعد من أعظم أحلامنا».
لا صدمة في الفيلم ولا تطورات تُشغّل الأعصاب. هو استلقاء تحت شجرة بعد سير من دون اتجاه. ما جرى في الأسبوع الأخير من الصيف كرّس إنساناً جديداً تغمره النعمة المدهشة. ردَّ للمراهَقة روحها المرحة... شيء كالوقوف الشجاع في وجه الألم ومقارعته حتى الانتصار عليه والإحساس بالزهو. لذلك يمتلئ الفيلم بأشكال المنافسة تحت غطاء الألعاب الصيفية. كل جولة تكشف شخصية، وكل مبارزة تُخرج مكامن النفس. الفائز الحقيقي هو المتفوق على نفسه.
الدعوة مفتوحة لعدم المبالغة في الأشياء، ولليقين بأن الطرق كثيرة. «لنمضِ قدماً»؛ هو الدرس الأول. و«الحدود مفتوحة»؛ هو الدرس الثاني. أتريد إكمال الدروس؟ تفضّل: ليس عليك سوى أن تكون نفسك. الثقة هي كل شيء. جعلك الله كما يجب أن تكون، فإياك خطيئة الشك بالذات. ببساطة؛ تصل إليك الرسائل. الحبكة عادية، لكن للدلالات كلمتها من أجلك كإنسان تبحث عن مكانك في عالم ليس للضعفاء.
الإيمان هو البطل الأول، يتحرّك في الفيلم بحرّية، ويُحلّق كطائر يخرج من الرماد. ليس «ويل» مراهقاً بخلفيات إيمانية. انجرافه نحو التسكّع بعد وفاة والديه، أفقده السلام الداخلي. بدا المخيم فرصة أخيرة لإصلاح كل شيء. يجد الرفقة والحب والانتماء والسكينة... يجد رحمة الله.
أي مكان هو مكان الإنسان في العالم؟ أي مأوى وأي حيّز للاختباء يمنح الشعور بالانتماء؟ وأي فسحة ندعوها «بيتنا»، الغرفة التي ننام فيها أم الاتساع الذي يُشعرنا بالجدوى؟ مكان الإنسان الحقيقي هو حيث يجد الحب. «إنه الإجابة في بحر من الأسئلة». لا بهجة للروح خارج الإحساس بأنها على تواصُل... كما لو كانت قطعة صغيرة تلتقي في «بازل» أكبر. المهم هو اللقاء، التطابُق، فتح أبواب القلب، وتسليم النفس للقرار الكبير: على الوضع أن يكون أفضل.
بساعة و37 دقيقة، يصوّر المخرج الأميركي رومان وايت عظمة الإيمان في مواجهة صراع الحياة. لا يدّعي الفيلم الإحاطة بإشكالية المراهَقة إلا من الجانب الوحيد المتعلق بموت الأهل. لا يريد تعكير الأجواء. حتى اعتراف «ويل» وصديقته بعمق الوجع، لا يجعلهما اختزالاً أكيداً لحالة مراهقين يعيشون خسارة نفسية مشابهة. فالمسرح هنا شاطئ رائع وطقس بديع. مع شباب وصبايا يتنافسون في اللعب والمغامرة. لا مكان لدرامية الأحداث، ولا للغوض أبعد من فكرة أن التركيز على النجاح ممكن مهما بلغت الصعوبة. تتغير الحياة فتتحقق أبسط المعادلات: تلقّف الفرصة والثقة بالنفس. الله موجود ليكون الضوء.
لافتٌ عالم المراهقين من دون شبكات التواصل. أسبوع في المخيم الصيفي بلا وحشية الإنترنت. حتى إن إبداء الإعجاب لا يتعدى مشاركة رقم الهاتف؛ لا الحساب عبر «فيسبوك» أو «إنستغرام». كأنه ليس زمن اليوم ولا عصر الإدمان الإلكتروني. وهذه جمالية مفقودة.
نحتاج إلى نور فنتحرر من الخوف. يطول انتظار الأرض العطشى هطول الأمطار. إلا إنها حين تهطل، تشق طريقها إلى حيث يمكن العثور على النهر الجامح. «مثل الأمطار أنا هنا حيث يتدفق النهر، مُحاصراً في الاندفاع، ضائعاً في التدفق». نعمة الله لا تضاهَى.


مقالات ذات صلة

بعد توقفها... عودة خدمة «نتفليكس» لمعظم المستخدمين في أميركا

يوميات الشرق شعار منصة البث المباشر «نتفليكس» (رويترز)

بعد توقفها... عودة خدمة «نتفليكس» لمعظم المستخدمين في أميركا

كشف موقع «داون ديتيكتور» لتتبع الأعطال، عن أن منصة البث المباشر «نتفليكس» عادت إلى العمل، اليوم (السبت)، بعد انقطاع استمرّ نحو 6 ساعات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الممثل كيليان مورفي يعود إلى شخصية تومي شلبي في فيلم «The Immortal Man» (نتفليكس)

عصابة آل شلبي عائدة... من باب السينما هذه المرة

يعود المسلسل المحبوب «Peaky Blinders» بعد 6 مواسم ناجحة، إنما هذه المرة على هيئة فيلم من بطولة كيليان مورفي المعروف بشخصية تومي شلبي.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق مسلسل «Monsters» يعيد إلى الضوء جريمة قتل جوزيه وكيتي مينينديز على يد ابنَيهما لايل وإريك (نتفليكس)

قتلا والدَيهما... هل يُطلق مسلسل «نتفليكس» سراح الأخوين مينينديز؟

أطلق الشقيقان مينينديز النار على والدَيهما حتى الموت عام 1989 في جريمة هزت الرأي العام الأميركي، وها هي القصة تعود إلى الضوء مع مسلسل «وحوش» على «نتفليكس».

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق ليلي كولينز بطلة مسلسل «إميلي في باريس» (رويترز)

لماذا تفجر «إميلي في باريس» مواجهة دبلوماسية بين فرنسا وإيطاليا؟

انفتحت جبهة جديدة في التاريخ الطويل والمتشابك والمثير للحقد في بعض الأحيان للعلاقات بين إيطاليا وفرنسا، والأمر يدور هذه المرة حول مسلسل «إميلي في باريس».

«الشرق الأوسط» (باريس- روما)
يوميات الشرق His Three Daughters فيلم درامي عائلي تميّزه بطلاته الثلاث (نتفليكس)

عندما يُطبخ موت الأب على نار صراعات بناته

يخرج فيلم «His Three Daughters» عن المألوف على مستوى المعالجة الدرامية، وبساطة التصوير، والسرد العالي الواقعية. أما أبرز نفاط قوته فنجماته الثلاث.

كريستين حبيب (بيروت)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.