يقوم أهالي قرية القراموص بمحافظة الشرقية في دلتا النيل بمصر بزراعة ورق البردي الذي كان يستخدمه الفراعنة للكتابة، للحفاظ على حرفة يهددها تراجع أعداد السياح الأجانب في البلاد في السنوات الأخيرة. في سبعينات القرن الماضي، علّم مدرّس فنون في القرية مزارعي القراموص التقنيات الزراعية والحرفية العائدة إلى آلاف السنين لتحويل النبتة إلى ورق بردي مع رسوم زخرفية ونصوص، بعدما شارفت على الزوال. ومنذ ذلك الحين، تشكل القرية الواقعة على بعد 80 كيلومتراً شمال شرقي القاهرة، أكبر مركز لصنع ورق البردي في البلاد، بحسب متخصصين في هذه الصناعة.
ورغم أن المصريين القدماء استخدموا البردي بغرض الكتابة، تظل الرسومات الفرعونية التي ينتجها فنانو قرية القراموص على هذه الأوراق الثمينة المصنوعة من النبات واحدة من الذكريات المفضلة للسياح والزائرين الأجانب في مصر. ولا تقتصر الرسومات البردية التي ينجزها الرسامون في القراموص على التاريخ الفرعوني، بل تشمل موضوعات أخرى مثل الخط العربي والمناظر الطبيعية.
سعيد طرخان البالغ من العمر 60 عاماً ويعمل كمزارع لنبات البردي ورسام، أسس عام 2014 جمعية للمهنيين في هذا القطاع بالقرية. وقال لوكالة الصحافة الفرنسية إن هناك 25 مزرعة في القراموص تعمل حالياً في ورق البردي، مقارنة بنحو 500 قبل 2011.
وأضاف طرخان «خسرت نحو 80 في المائة من إجمالي دخلي، وكنت أحصل ما يقرب من 1000 دولار في الشهر... أما الآن فلا شيء». وتشبه أوراق نبات البردي شكل المروحة ويمكن أن يصل ارتفاعه إلى أربعة أمتار وينمو مع ساقه مغموراً في الماء.
وبعد آلاف السنين من طريقة الفراعنة في صناعة أوراق البردي، لا يزال المزارعون في القراموص يحافظون على التقنيات القديمة من خلال تقطيع الساق إلى شرائح رفيعة ومحاذاتها بسلك ووضع طبقات أخرى مشابهة فوقها، فيما تفصل بين كل طبقة وأخرى شريحة من القماش. ثم تُوضع هذه الطبقات تحت ضاغط لمدة ساعات لتتشكل ورقة. ويتم غمر الورق في الماء ثم يُترك ليجف في الشمس، ليصبح جاهزاً للكتابة أو الرسم. ويمتلك عبد المبدئ مسلم البالغ من العمر 48 عاماً ورشة لتحويل نبات البردي إلى أوراق في القراموص، كانت تضم ثمانية عمّال قبل عام 2011، أما اليوم فلا يعمل بها سوى شخصين بسبب تباطؤ النشاط.
قرية مصرية تكافح للحفاظ على صناعة ورق البردي
قرية مصرية تكافح للحفاظ على صناعة ورق البردي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة