«العفو الدولية» تدعو الدبيبة لعدم شرعنة الميليشيات المتهمة بـ«ارتكاب انتهاكات»

استهجنت العودة لممارسات عهد القذافي «القمعية»

الدبيبة خلال زيارة تفقدية لمنطقة طرابلس العسكرية في 5 أغسطس (المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة)
الدبيبة خلال زيارة تفقدية لمنطقة طرابلس العسكرية في 5 أغسطس (المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة)
TT

«العفو الدولية» تدعو الدبيبة لعدم شرعنة الميليشيات المتهمة بـ«ارتكاب انتهاكات»

الدبيبة خلال زيارة تفقدية لمنطقة طرابلس العسكرية في 5 أغسطس (المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة)
الدبيبة خلال زيارة تفقدية لمنطقة طرابلس العسكرية في 5 أغسطس (المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة)

دخلت منظمة العفو الدولية على خط المساعي الليبية لدمج الميليشيات في مؤسسات الدولة، داعية حكومة «الوحدة الوطنية» بقيادة عبد الحميد الدبيبة، إلى عدم إضفاء الشرعية على المجموعات المسلحة المسؤولة عن ارتكاب «انتهاكات مروعة» في حق المواطنين والمعارضين.
وأمر الدبيبة 5 وزراء من حكومته، نهاية الأسبوع الماضي، بدراسة كيفية استيعاب 11 ألفاً من عناصر «القوات المساندة» بمختلف البلاد في مؤسسات الدولة المختلفة، وذلك خلال زيارته لمنطقة طرابلس العسكرية نهاية الأسبوع الماضي، باعتباره وزيراً للدفاع، لكن القرار لم يخلُ من معارضة، لما اعتبره البعض افتئاتاً على اختصاص اللجنة العسكرية المشتركة «5+5»، إذ رأى جمال شلوف، رئيس ‏مؤسسة سلفيوم للدراسات والأبحاث‏، أمس، أن الدبيبة «يصر على التغول في اختصاصات اللجنة العسكرية». واندمجت «القوات المساندة» وهي عناصر غير نظامية، وما يُطلق عليهم «ثوار فبراير» في قوات الجيش بغرب ليبيا، وسبق لهم المطالبة بتفعيل جهاز «الحرس الوطني» لدمجهم وفق لائحته التنفيذية التي أقرتها السلطة التشريعية وفق القانون رقم 2 لسنة 2015، الذي يشرعنهم بعد تسليم أسلحتهم.
غير أن منظمة العفو الدولية ضمّنت تحذيراتها «مجموعات مسلحة» بشرق ليبيا، وقالت، في بيانها مساء أول من أمس، إن أعضاء جهاز الأمن الداخلي هناك «ارتكبوا انتهاكات مروعة لحقوق الإنسان لإسكات المنتقدين والمعارضين، بما في ذلك احتجازهم تعسفياً وتعريضهم للاختفاء القسري والتعذيب».
وبجانب أن حكومة الدبيبة متهمة بممالأة الميليشيات في غرب البلاد والإغداق عليها مالياً، فقد دعت المنظمة الدولية أيضاً لعدم مكافأة الميليشيات والجماعات المسلحة المسيئة بإضفاء الشرعية عليها، ومنح أفرادها الرواتب.
وقالت المنظمة إن «ضباط الأمن السابقين في عهد (الرئيس الراحل) معمر القذافي في جهاز الأمن الداخلي عادوا إلى الظهور في السنوات الأخيرة للانضمام إلى مجموعة من الجماعات المسلحة التي تستخدم اسم جهاز الأمن الداخلي وتعمل في معاقل الجيش بشرق ليبيا، وكان جهازاً أمنياً ومخابراتياً ممقوتاً، يتمتع بسلطات لا رقيب عليها».
وتقول هبة مرايف، مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالمنظمة: «لقد رحبت الجماعات المسلحة التابعة لجهاز الأمن الداخلي في صفوفها بضباط في عهد القذافي، وأعادت إحياء أساليب القمع الوحشية. فاختطفت وعذبت وأخفت المئات قسراً على أساس انتماءاتهم القبلية، أو انتقاماً لآرائهم بهدف واضح، ألا وهو سحق أي انتقاد لمن هم في السلطة بشرق ليبيا».
واستكملت: «بدلاً من دمج الجماعات المسلحة المشتبه في ارتكابها جرائم بموجب القانون الدولي في مؤسسات الدولة ومحاولة تأمين ولائها أو تحقيق مكاسب سياسية من خلال منحها دعماً مالياً، يجب على حكومة (الوحدة الوطنية)، وأولئك الذين لديهم سيطرة بحكم الأمر الواقع على الأراضي، اتخاذ خطوات لمحاسبة الجناة. ويجب أن تنطوي أي محاولات لإدماج أفراد الميليشيات أو الجماعات المسلحة على تدقيق فردي دقيق وشامل».
وتلفت المنظمة إلى أنها أجرت مقابلات مع 15 شخصاً، بينهم معتقلون سابقون وعائلات ضحايا ونشطاء ومحامون، ووجدت أن مجموعات مسلحة تابعة لجهاز الأمن الداخلي في مدن بنغازي والمرج وأجدابيا ودرنة وسرت استهدفت أفراداً على أساس انتماءاتهم القبلية، فضلاً عن نشطاء وصحافيين».
وتحدثت المنظمة عن أن «رجالاً مدججين بالسلاح ينتمون إلى جهاز الأمن الداخلي اعتقلوا رجالاً ونساء وأطفالاً من منازلهم أو شوارعهم أو أماكن عامة أخرى، من دون أمر قضائي، وأحياناً يعصبون أعينهم أو يغطون وجوههم بالكامل، ويعتدون عليهم بدنياً أثناء اختطافهم».
ونوهت بـ«احتجاز هؤلاء الذين تم اعتقالهم في مواقع خاضعة لسيطرة جهاز الأمن الداخلي من دون السماح لهم بالوصول إلى المحامين وتلقي زيارات من العائلات لفترات طويلة، في ظروف ترقى إلى الاختفاء القسري، وتسهل التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة».
وذهبت المنظمة إلى أن جميع مَن قابلتهم أخبروها بأن أفراد جهاز الأمن الداخلي ضربوهم بأشياء من بينها أعقاب البنادق وأنابيب المياه (المعروفة محلياً باسم التوبو)، كما «هددوهم بالإعدام والعنف الجنسي والاحتجاز إلى أجل غير مسمى، واستخدام العنف ضد أفراد عائلاتهم، من أجل انتزاع المعلومات أو الاعترافات منهم»، كما وصف محتجزون سابقون أنهم «احتجزوا في زنزانات قذرة ومكتظة وعديمة التهوية؛ وأُعطوا طعاماً محدوداً؛ وأجبروا على العمل القسري».
واستدعى جهاز الأمن الداخلي في أجدابيا الناشط ومدير فرع الهلال الأحمر بالمدينة منصور عاطي، مرات عدة قبل خطفه في 3 يونيو (حزيران) الماضي، على أيدي مسلحين مجهولين. ولا يزال مصيره ومكان وجوده مجهولين.
ودعت المنظمة الدولية حكومة «الوحدة الوطنية» والقوات المسلحة العربية الليبية باتخاذ خطوات فورية للضغط من أجل إطلاق سراح جميع المحتجزين لمجرد التعبير عن وجهات نظر انتقادية، أو بسبب انتماءاتهم القبلية. وانتهت هبة مرايف قائلة: «إنه لأمر مشين، فبدلاً من السعي لتحقيق المساءلة ووضع حد لدوامة الانتهاكات من قبل جهاز الأمن الداخلي، فإن السلطات الليبية مرة أخرى تضفي الشرعية وتسترضي الميليشيات والجماعات المسلحة غير الخاضعة للمساءلة». وتخصص أحدث ميزانية مقترحة لحكومة «الوحدة الوطنية» التي لم يوافق عليها مجلس النواب الليبي بعد، أموالاً للميليشيات والجماعات المسلحة الناشطة في جميع أنحاء ليبيا.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.