الأزمة اليمنية بين مشاورات السلام واستمرار الخيار العسكري

غوتيريش يعيّن غروندبرغ خلفاً لغريفيث

عنصر حوثي يرتدي زياً عسكرياً ويتكئ على جدار في صنعاء توزعت عليه صور قتلى من الجماعة (إ.ب.أ)
عنصر حوثي يرتدي زياً عسكرياً ويتكئ على جدار في صنعاء توزعت عليه صور قتلى من الجماعة (إ.ب.أ)
TT

الأزمة اليمنية بين مشاورات السلام واستمرار الخيار العسكري

عنصر حوثي يرتدي زياً عسكرياً ويتكئ على جدار في صنعاء توزعت عليه صور قتلى من الجماعة (إ.ب.أ)
عنصر حوثي يرتدي زياً عسكرياً ويتكئ على جدار في صنعاء توزعت عليه صور قتلى من الجماعة (إ.ب.أ)

أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أمس تعيين السويدي هانس غروندبرغ مبعوثاً خاصاً إلى اليمن، خلفاً للبريطاني مارتن غريفيث الذي تم تعيينه وكيلاً للأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة لشؤون الطوارئ.
وقالت الأمم المتحدة إن غروندبرغ كان يشغل منصب سفير الاتحاد الأوروبي إلى اليمن منذ سبتمبر (أيلول) 2019 ولديه خبرة أكثر من 20 عاماً في الشؤون الدولية، تشمل أكثر من 15 عاماً من العمل في مجال حل النزاعات والتفاوض والوساطة، مع تركيز خاص على الشرق الأوسط.
وترأس غروندبرغ وهو حاصل على ماجستير العلوم في إدارة الأعمال والاقتصاد من كلية ستوكهولم للاقتصاد قبل ذلك، قسم الشؤون الخليجية بوزارة الشؤون الخارجية السويدية في ستوكهولم خلال الفترة التي استضافت فيها السويد المفاوضات التي يسرتها الأمم المتحدة والتي أدت إلى اتفاقية ستوكهولم في ديسمبر (كانون الأول) 2018.
ومع تعيين المبعوث الجديد يطرح مراقبون تساؤلات حول فرص نجاح مبادرات السلام لإنهاء الصراع الدائر منذ نحو سبع سنوات، التي كان آخرها المبادرة السعودية التي أقرتها الأمم المتحدة.
واصطدمت كل مبادرات السلام في اليمن بتعنت جماعة الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران، التي اختارت الاستمرار في العمليات العسكرية، أملاً في تحقيق مكاسب جديدة، إلا أنها فشلت في جميع محاولاتها.
ويعتقد الدكتور عبد العزيز بن صقر، رئيس مركز الخليج للأبحاث، أن الخيارات للتعامل مع الأزمة اليمنية مستقبلاً هي إما استمرار العمليات القتالية وإما إصدار قرارات جديدة من مجلس الأمن للضغط على الحوثيين وإما قبول جماعة الحوثي بالجلوس مع الشرعية إلى طاولة المشاورات.
وتحدث بن صقر، لـ«الشرق الأوسط»، عن خيار رابع يتمثل في انسحاب التحالف من جميع المناطق اليمنية، وترك الأمر للشعب اليمني، لكنه اعترف بأن ذلك سيعني تدخل دول عديدة في الشأن اليمني وسوء الوضع الإنساني وتهديد الممرات المائية والمضائق.
ويرى رئيس مركز الخليج للأبحاث أن الصين يمكن أن تلعب دوراً إيجابياً في الشأن اليمني بحكم علاقتها الجيدة مع إيران، واعترافها بالحكومة الشرعية اليمنية، وقال: «الصين ضد دعم أي مجموعات انفصالية، ووساطتها مع إيران والشرعية والتحالف إذا سُمح لها ستكون جيدة».
وكان الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي، أكد أول من أمس أنه بات من الواضح أن الحوثيين، يفضلون الحل العسكري في اليمن، ويسعون إلى تحقيق التفوق العسكري، لافتاً إلى أن رسالة السعودية لهم بأنه يجب أن يوافقوا على الحوار وأن يكونوا جزءاً من مستقبل اليمن.
وأشار الوزير السعودي إلى أن بلاده طرحت «حل الأزمة في اليمن، وعرضنا تسوية لوقف إطلاق النار، لكن الحوثيين لم يقبلوا العرض، وواصلوا استهداف المدنيين في السعودية وفي اليمن رغم عرض السلام».
وبحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن، فإن الحرب التي أشعلتها الميليشيات الحوثية «تسببت في وفاة نحو 233 ألف شخص في السنوات الخمس الأولى للنزاع، بما في ذلك 131 ألفاً لأسباب غير مباشرة، مثل نقص الغذاء والخدمات الصحية والبنية التحتية».
وأعلنت القوات المشتركة لتحالف دعم الشرعية في اليمن، في 8 أبريل (نيسان) العام الماضي، وقفاً شاملاً لإطلاق النار في اليمن لمدة أسبوعين، مددت لاحقاً، مؤكدة أن الفرصة مهيأة لتضافر الجهود كافة للتوصل إلى وقف شامل ودائم لإطلاق النار في اليمن.
لكن المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن السابق مارتن غريفيث وصف في إفادة أخيرة له في مارس (آذار) 2021 الوضع بـ«المأساوي»، بسبب الهجوم الذي تشنه جماعة الحوثي المدعومة من إيران على محافظة مأرب، فضلاً عن فتح جبهات أخرى في محافظات أخرى مثل حجة وتعز. وعبر عن القلق خصوصاً من مواصلة الهجمات بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة ضد البنية التحتية المدنية والتجارية في المملكة العربية السعودية.
الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، بدوره، كان قد اتهم الميليشيات الحوثية في يونيو (حزيران) الماضي بأنها «لا تؤمن بالتعايش والسلام، وأنها لا تجيد غير لغة السلاح»، مشيراً إلى رفض الجماعة كل مساعي السلام وتصعيدها العسكري في مأرب وتنصلها من «اتفاق ستوكهولم».


مقالات ذات صلة

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

تواصل الجماعة الحوثية إجراء تغييرات في المناهج التعليمية، بإضافة مواد تُمجِّد زعيمها ومؤسسها، بالتزامن مع اتهامات للغرب والمنظمات الدولية بالتآمر لتدمير التعليم

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تقرير جديد لفريق الخبراء الأُمميّين المعنيّ باليمن يكشف عن تعاون الحوثيين مع تنظيم «القاعدة»، و«حركة الشباب» الصومالية، وابتزاز وكالات الشحن الدولية.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي توقعات بإقصاء من يرفضون المشاركة في فعاليات الجماعة الحوثية من وظائفهم (رويترز)

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

بدأت الجماعة الحوثية بإعداد آلية لدمج عدد من مؤسسات الدولة وتقليص الهيكل الإداري لها وتغيير مهامها في سبيل المزيد من السيطرة والنفوذ عليها وأدلجتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

غارات تستهدف الحوثيين... وغروندبرغ يطالبهم بإطلاق الموظفين الأمميين

عنصر حوثي خلال تجمُّع في صنعاء يحمل مجسماً يحاكي طائرة من دون طيار (إ.ب.أ)
عنصر حوثي خلال تجمُّع في صنعاء يحمل مجسماً يحاكي طائرة من دون طيار (إ.ب.أ)
TT

غارات تستهدف الحوثيين... وغروندبرغ يطالبهم بإطلاق الموظفين الأمميين

عنصر حوثي خلال تجمُّع في صنعاء يحمل مجسماً يحاكي طائرة من دون طيار (إ.ب.أ)
عنصر حوثي خلال تجمُّع في صنعاء يحمل مجسماً يحاكي طائرة من دون طيار (إ.ب.أ)

في الوقت الذي جدد فيه المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ مطالبته للحوثيين بإطلاق سراح الموظفين الأمميين فوراً، تواصلت، الثلاثاء، الضربات الغربية لليوم الرابع على مواقع الجماعة المدعومة من إيران مستهدفة محافظتي الحديدة والبيضاء.

جاءت هذه التطورات في وقت أفادت فيه هيئة بريطانية مختصة بالأمن البحري بأن سفينة أبلغت عن تعرُّضها لهجمات لم تصبها أثناء وجودها في جنوب البحر الأحمر، حيث يشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن منذ نحو عام تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

في هذا السياق، أفاد مكتب غروندبرغ في بيان، الثلاثاء، بأنه التقى في مسقط بكبار المسؤولين العُمانيين والمتحدث باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها محمد عبد السلام.

وبحسب البيان، ناقش المبعوث الأممي التدابير اللازمة لمعالجة الأزمة الاقتصادية في اليمن، وتحسين الظروف المعيشية، والاستجابة للتطورات الإقليمية. كما استكشفت المناقشات سبل تعزيز الالتزامات نحو عملية سياسية يمنية شاملة.

وفي اجتماع غروندبرغ مع المتحدث باسم الحوثيين، ذكر البيان أنه طالب أيضاً بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع موظفي الأمم المتحدة وغيرهم من المعتقلين تعسفياً.

ويأمل المبعوث الأممي أن تقود جهوده إلى تحقيق اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي ازدادت تعقيداً مع هجمات الحوثيين البحرية ضد السفن وتصعيدهم إقليمياً، وهو ما أدى إلى تجمد التوصل إلى اتفاق للسلام.

غارات غربية

ضمن العمليات التي تقودها واشنطن في اليمن منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي لإضعاف قدرات الحوثيين على مهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، أقرت الجماعة المدعومة من إيران بتلقيها، الثلاثاء، غارات لليوم الرابع على التوالي، وصفتها بـ«الأميركية البريطانية».

ونقل إعلام الحوثيين أن 3 غارات استهدفت منطقة الفازة التابعة لمديرية التحيتا الواقعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية التي تتخذ منها الجماعة منطلقاً لشن الهجمات البحرية، واستقبال الأسلحة الإيرانية المهربة.

واشنطن تقود تحالفاً لإضعاف قدرات الحوثيين على مهاجمة السفن (الجيش الأميركي)

وإذ لم تشر الجماعة إلى الأضرار الناجمة عن هذه الغارات، قالت إن غارة استهدفت سيارة في مديرية الصومعة في محافظة البيضاء، كما استهدفت غارتان نفذتهما طائرة أميركية من دون طيار أهدافاً في مديرية ذي ناعم والصومعة في المحافظة نفسها الواقعة إلى الجنوب الشرقي من صنعاء.

وكانت الجماعة اعترفت أنها تلقت، الاثنين، 7 غارات، وصفتها بـ«الأميركية والبريطانية»، استهدفت منطقة حرف سفيان شمال محافظة عمران، إلى جانب غارتين استهدفتا منطقة الرحبة في مديرية الصفراء التابعة لمحافظة صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

كما أقرت بتلقي 4 غارات استهدفت منطقة جربان في الضواحي الجنوبية لصنعاء، إلى جانب غارة استهدفت معسكر «الحفا» في صنعاء نفسها، وغارتين ضربتا منطقة حرف سفيان في محافظة عمران، يوم الأحد.

وبدأت الموجة الجديدة من الضربات الغربية المتتابعة، مساء السبت الماضي؛ إذ استهدفت 3 غارات معسكرات الجماعة ومستودعات أسلحتها في منطقتي النهدين والحفا في صنعاء.

صاروخ استعرضته الجماعة الحوثية في صنعاء (رويترز)

وفي حين بلغت الغارات الغربية التي استقبلها الحوثيون نحو 800 غارة، بدءاً من 12 يناير الماضي؛ لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية لأول مرة، في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، في استهداف المواقع المحصّنة للجماعة في صنعاء وصعدة، في رسالة استعراضية فُهمت على أنها موجَّهة إلى إيران بالدرجة الأولى.

وتقول الحكومة اليمنية إن الضربات الغربية ضد الجماعة غير مجدية، وإن الحل الأنجع هو دعم القوات الشرعية لاستعادة الحديدة وموانئها، وصولاً إلى إنهاء الانقلاب الحوثي، واستعادة العاصمة المختطفة صنعاء.

هجوم دون أضرار

في سياق التصعيد الحوثي ضد السفن، قالت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية إن سفينة على مسافة 70 ميلاً بحرياً جنوب غربي الحديدة باليمن أبلغت، الثلاثاء، عن انفجارات عدة في محيطها.

وبينما أضافت الهيئة أنه لم يتم الإبلاغ عن أي أضرار بالسفينة، وأن الطاقم بخير، لم تتبنَّ الجماعة الحوثية من جهتها المسؤولية عن هذه الهجمات على الفور.

يشار إلى أنه منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تبنّت الجماعة الحوثية قصف أكثر من 200 سفينة، وأدت الهجمات في البحر الأحمر إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

ويتهم مراقبون يمنيون الجماعة الحوثية بأنها وجدت في الحرب الإسرائيلية على غزة فرصة للهروب من استحقاقات السلام مع الحكومة اليمنية؛ إذ كان الطرفان قد وافقا، أواخر العام الماضي، على خريطة سلام توسطت فيها السعودية وعُمان، قبل أن تنخرط الجماعة في هجماتها ضد السفن، وتعلن انحيازها إلى المحور الإيراني.

وخلال الأشهر الماضية تبنّت الجماعة إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

من آثار الضربات الإسرائيلية على مدينة الحديدة اليمنية الخاضعة للحوثيين (أ.ف.ب)

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة؛ وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.