لماذا تضيّق الصين الخناق على الشركات الكبرى؟

خسائر بالمليارات جراء الحملة الصارمة لبكين

اهتزت أسواق المال الصينية والعالمية هذا الأسبوع مع خسائر بالمليارات عقب شن السلطات حملات تنظيمية مشددة ضد عدد من الشركات الكبرى (رويترز)
اهتزت أسواق المال الصينية والعالمية هذا الأسبوع مع خسائر بالمليارات عقب شن السلطات حملات تنظيمية مشددة ضد عدد من الشركات الكبرى (رويترز)
TT
20

لماذا تضيّق الصين الخناق على الشركات الكبرى؟

اهتزت أسواق المال الصينية والعالمية هذا الأسبوع مع خسائر بالمليارات عقب شن السلطات حملات تنظيمية مشددة ضد عدد من الشركات الكبرى (رويترز)
اهتزت أسواق المال الصينية والعالمية هذا الأسبوع مع خسائر بالمليارات عقب شن السلطات حملات تنظيمية مشددة ضد عدد من الشركات الكبرى (رويترز)

مع فرضها قواعد جديدة هزت أسواق المال وفتحها تحقيقات، طاولت تدابير بكين الصارمة في كبرى شركاتها كل نواحي الحياة العصرية تقريبا لتطيح بمليارات الدولارات من الأسهم المدرجة في الصين وهونغ كونغ، وتثير ارتباك خبراء في الاستثمار.
من الدروس الخصوصية بعد المدرسة إلى تطبيقات البث الموسيقي التدفقي والتسوق، وصولا إلى تشارك الدراجات، فقد تضررت مؤسسات كبرى في وقت تضيق بكين الخناق على الشركات لأسباب تقول إنها تتعلق بالأمن القومي ومكافحة الاحتكار.
وسواء كان ذلك مدفوعا بميل الحزب الشيوعي إلى التحكم بمسار الأمور أو لتجنب تقلبات السوق التي تضر بجيوب الصينيين وسلامتهم، فإن قلة من الناس تتوقع أن تكون هذه نهاية التدابير.
وحتى الآن تأثر عدد من القطاعات، وتراجعت أسهم تطبيق توصيل الطعام الأبرز، ميتوان، قرابة 15 في المائة مقارنة بيوم الجمعة، بعدما أعلنت الهيئات الناظمة عن قواعد جديدة لحماية العمال.
وبات على أصحاب المصالح في قطاع توصيل الطعام المزدهر في الصين، والذي يعول عليه الملايين من موظفي المكاتب، الالتزام بالحد الأدنى للأجور و«تخفيف القيود المتعلقة بفترة التوصيل».
وتعرضت ميتوان ومنافستها إل.مي المملوكة من مجموعة علي بابا لانتقادات في الأشهر الأخيرة، بعدما كشفت وسائل إعلام محلية، عن الطرق الخطرة التي يسلكها سائقون للالتزام بمهلة زمنية ضيقة للتوصيل. ومنيت أسهم ميتوان المدرجة في هونغ كونغ بضربة في أبريل (نيسان) عندما فتحت الهيئات الناظمة تحقيقا في شبهات احتكار تطال تطبيقها الواسع الذي يسمح للمستخدمين بحجز خدمات ترفيه وصحة وتسلية.
وأعلنت الصين أيضاً السبت الماضي عن قواعد جديدة، تفرض على مؤسسات الدروس الخصوصية أن تصبح غير ربحية وتمنع الدروس في عطلة الأسبوع، ما أدى إلى تراجع قيمة أسهم شركات التعليم الخاص. ويقول محللون إن تلك الخطوة جعلت الشركات عمليا غير قابلة للاستثمار. وقالت الحكومة إن القطاع الذي كانت قيمته 260 مليار دولار في 2018، وفق مؤسسة إل. إي. كي للاستشارات، «رهينة في يد رأس المال».
وفقد مؤسسو نيو اورينتال وغاوتو تيشيدو على الفور تقريبا، تصنيفهم في نادي أصحاب المليارات، بعد الإعلان عن القواعد. وقد راكموا ثرواتهم بالاستفادة من النظام التعليمي شديد التنافسية، حيث يسعى الأهالي لتقديم أي ميزة يستطيعونها لأبنائهم.
وحظرت السلطات شركة حجز السيارات ديدي شوكينغ من متاجر التطبيقات الصينية في مطلع يوليو (تموز)، بعد أيام على تحقيقها 4.4 مليارات دولار لدى طرح أسهمها في نيويورك. وكانت الشركة قد مضت في خطط طرح أسهمها رغم معارضة السلطات الصينية القلقة من أن يؤدي إدراجها في البورصة إلى جعل بيانات مستخدميها في أيد أجنبية. وأرسلت بكين في يونيو (حزيران) الماضي مسؤولين من سبع دوائر حكومية إلى الشركة لإجراء تحقيقات بشأن الأمن المعلوماتي في مكاتبها.
والشركة التي تراجعت أسهمها بنحو 40 في المائة منذ إدراجها في بورصة وول ستريت، يمكن أن تواجه غرامة بمليارات الدولارات، أو قراراً عقابيا بتعليق عدد من العمليات، حسبما ذكرت بلومبرغ الأسبوع الماضي.
وجردت الصين أيضاً المتداولين من عملة بتكوين وغيرها من العملات المشفرة، واعتقلت أكثر من ألف شخص بتهمة غسل الأموال باستخدام عملات مشفرة في يونيو. وحظرت الصين التداول بالبتكوين في 2019، وأمرت عدة أقاليم بإغلاق أجهزة تعدين مشفرة شديدة الاستهلاك للطاقة، مشيرة إلى مخاوف بشأن زيادة استهلاك الطاقة.
ويقول محللون إن الصين تخشى أن يسهم التداول بالبتكوين في الاستثمارات غير القانونية، وأن يهدد سيطرة الحكومة على تدفقات رأس المال. وتفسح القوانين المشددة المجال للصين لطرح عملتها الرقمية الخاصة التي يمكن أن تراقبها الحكومة المركزية.
كما فرضت سلطات مكافحة الاحتكار على عملاق التجارة الإلكترونية علي بابا المملوك من جاك ما، غرامة قياسية قدرها 18.2 مليار يوان (2.8 مليار دولار) في أبريل (نيسان)، بعدما قالت الحكومة إن المجموعة «استغلت وضعها المهيمن في السوق» بمنع تجار من الترويج لسلعهم على مواقع منافسة. وألغت السلطات في أواخر العام الماضي إدراجا مخططا له بقيمة 35 مليار دولار للذراع المالية للمجموعة «آنت فاينانشل» في البورصة، وأمرت «آنت» بالتخلي عن خدماتها المالية والعودة إلى أساسها كمنصة دفع إلكتروني.
أيضاً تعرض عملاق منصات التواصل الاجتماعي والترفيه تنسنت لضغوط متزايدة. فقد أجهضت الجهات الناظمة خطط دمج بين هويا ودويو، أكبر موقعين لألعاب الفيديو بالبث التدفقي المباشر، واللذين تملك تنسنت حصصاً فيهما. وكان من شأن الاندماج أن يمنح تنسنت سيطرة كبرى على الشركة المدمجة.
وواجهت تنسنت انتكاسة أخرى السبت بعدما قضت «الإدارة الرسمية لتنظيم السوق»، بأن على الشركة أن تتخلى عن صفقاتها الحصرية مع شركات موسيقى بسبب انتهاكها قوانين مكافحة الاحتكار.
كذلك، استدعت الجهات الناظمة بايتدانس، الشركة الأم لتيك توك، وتنسنت والعشرات من الشركات الخاصة الأخرى في أبريل، وحضتها على «الإصغاء للتحذير» الموجه لعلي بابا.
وتتطلب مسودة قانون صادرة عن سلطات الفضاء الإلكتروني، أن تقدم المنصات التي تضم أكثر من مليون مستخدم، طلبا لدى إدارة الأمن الإلكتروني قبل الاكتتابات العامة في الخارج.
وقد يلجم ذلك عمليات إدراج مستقبلية لشركات صينية في البورصة، لأنها ستفكر مليا قبل أن تثير غضب بكين. ويطال ذلك أيضاً جميع أنواع الشركات الناشئة في السوق الاستهلاكية الواسعة في الصين
وأعلنت منصة تشارك الدراجات «هيلو إنك» إنها ستلغي الاكتتاب العام المقرر في بورصة ناسداك، بعد وقت قصير على إعلان التطبيق شياوهونغشو، الموازي لتطبيق بينترست، تعليق خطط مماثلة.
مع ذلك يبدو أن المسؤولين يخشون ردود الفعل على تدابيرهم الأخيرة. ويوم الأربعاء دعت الجهات الناظمة كبار مدراء المصارف لاجتماع سعيا لتهدئة المخاوف إزاء القوانين المشددة، وفق وكالة بلومبرغ نيوز. وجاءت الخطوة بعدما أعادت الكثير من وسائل الإعلام المحلية مساء الأربعاء نشر تعليق من وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) جاء فيه أن «أسس تطوير سوق رأس المال في الصين لا تزال متينة». وسجلت الأسهم في قطاعات التكنولوجيا والتعليم المتضررة بشكل كبير ارتفاعا الخميس، فيما ارتفعت بورصات هونغ كونغ والبر الرئيسي بعد انتكاسة مطلع الأسبوع.


مقالات ذات صلة

وزير الخارجية السعودي يبحث مع نظيره الفرنسي التطورات الإقليمية

الخليج الأمير فيصل بن فرحان خلال لقائه جان نويل بارو في العاصمة باريس (واس)

وزير الخارجية السعودي يبحث مع نظيره الفرنسي التطورات الإقليمية

بحث الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، الأربعاء، مع نظيره الفرنسي جان نويل بارو تطورات الأوضاع الإقليمية، والجهود المبذولة لتحقيق الأمن في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد نائبة البرلمان الفرنسي أميليا لكرافي (الشرق الأوسط)

نائبة بالبرلمان الفرنسي: نتطلع لتعاون مستدام مع السعودية في ظل «رؤية 2030»

في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة العربية السعودية ضمن إطار «رؤية 2030»، تتجه الأنظار نحو تعزيز العلاقات الثنائية بين السعودية وفرنسا.

أسماء الغابري (جدة)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي (الشرق الأوسط)

وزيرا خارجية السعودية وفرنسا يناقشان المستجدات الإقليمية

ناقش الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي هاتفياً مع نظيره الفرنسي جان نويل بارو المستجدات الإقليمية والموضوعات المشتركة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
تحليل إخباري الأمير محمد بن سلمان والرئيس إيمانويل ماكرون أمام قصر الإليزيه في يونيو 2023 (إ.ب.أ)

تحليل إخباري مساعٍ فرنسية لرفع العلاقة مع السعودية إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»

السعودية وفرنسا تسعيان لرفع علاقاتهما إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»، و«الإليزيه» يقول إن باريس تريد أن تكون «شريكاً موثوقاً به» للسعودية في «كل المجالات».

ميشال أبونجم (باريس)
الخليج الأمير خالد بن سلمان خلال استقباله سيباستيان ليكورنو في الرياض (واس)

وزير الدفاع السعودي ونظيره الفرنسي يبحثان في الرياض أفق التعاون العسكري

بحث الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي مع سيباستيان ليكورنو وزير القوات المسلحة الفرنسية، مستجدات الأوضاع الإقليمية وجهود إحلال السلام في المنطقة والعالم.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

أرباح «المطاحن الرابعة» ترتفع 19.7 % وتتجاوز 45 مليون دولار في 2024

صورة من داخل إحدى شركات المطاحن بالمدينة المنورة غرب السعودية (الهيئة العامة للأمن الغذائي)
صورة من داخل إحدى شركات المطاحن بالمدينة المنورة غرب السعودية (الهيئة العامة للأمن الغذائي)
TT
20

أرباح «المطاحن الرابعة» ترتفع 19.7 % وتتجاوز 45 مليون دولار في 2024

صورة من داخل إحدى شركات المطاحن بالمدينة المنورة غرب السعودية (الهيئة العامة للأمن الغذائي)
صورة من داخل إحدى شركات المطاحن بالمدينة المنورة غرب السعودية (الهيئة العامة للأمن الغذائي)

ارتفع صافي ربح شركة «المطاحن الرابعة» بنسبة 19.7 في المائة ليبلغ 171 مليون ريال (45.6 مليون دولار) في عام 2024.

وأعلنت الشركة، الأحد، عن النتائج المالية السنوية المنتهية في 31 ديسمبر (كانون الأول) 2024، عن ارتفاع إجمالي الإيرادات بنسبة 12.7 في المائة، إلى 629 مليون ريال (167.7 مليون دولار) في 2024، من 558 مليون ريال (148.8 مليون دولار) في 2023.

وأرجعت الشركة، التي تعدُّ واحدة من مجموعة مطاحن تابعة للهيئة العامة للأمن الغذائي السعودية، زيادة الإيرادات إلى الأداء القوي في: فئات الدقيق المختلفة التي أسهمت في النمو بنسبة 15 في المائة، وارتفاع إيرادات الأعلاف والنخالة بنسبة 12 في المائة، وذلك على أساس سنوي، إضافة إلى تحقيق الشركة نمواً في الحجم بنسبة 16 في المائة هذا العام، مدفوعاً بتوسيع نطاقها الجغرافي وزيادة تغطيتها.

كما عزت الشركة نمو صافي الربح إلى ارتفاع الإيرادات، وتحسين الكفاءة التشغيلية والإنتاجية، مما أسهم في تحسين هامش الأرباح.

وذلك على الرغم من ارتفاع المصاريف الإدارية بسبب إكمال الهيكل الوظيفي للشركة، وتسجيل بعض المصاريف الاستثنائية التي بلغت 8.8 مليون ريال (2.35 مليون دولار)، حيث أثرت على ربحية الشركة في 2024، إلا أنها حافظت على نمو قوي في صافي الأرباح، بحسب البيان.

بالإضافة إلى ذلك، أوضحت الشركة أن تكاليف التمويل لعقود الإيجار زادت بمقدار 3.5 مليون ريال (933 مليون دولار)، ولكن تم تعويض ذلك جزئياً من خلال الدخل الإضافي من ودائع استثمارية متوافقة مع الشريعة، الذي بلغ 1.7 مليون ريال (453 مليون دولار).

وفي سياق متصل، ارتفع سهم «المطاحن الرابعة» في أولى ساعات جلسة يوم الأحد، بنسبة 1 في المائة ليبلغ 4.03 ريال.