مشاحنات في صنعاء بين الحوثيين ويساريين مهمشين انقلابياً

TT

مشاحنات في صنعاء بين الحوثيين ويساريين مهمشين انقلابياً

مع انقضاء ستة أعوام على تحالف مجموعة من اليساريين اليمنيين مع الميليشيات الحوثية في صنعاء، ضج هؤلاء أخيراً بالشكوى من التهميش السياسي والمناطقي، في حين اصطف جزء كبير منهم مع أحد أجنحة الميليشيات في صراعه المحتدم مع الطرف المتحكم بأداء كل المؤسسات والذي يقوده مدير مكتب رئيس مجلس الحكم الانقلابي أحمد حامد.
وقال أحد السياسيين البارزين في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: «بعد أن استكمل الحوثيون قصقصة ريش جناح حزب (المؤتمر الشعبي) في السلطة بعد مقتل الرئيس السابق علي عبد الله صالح، جاء الدور على مجموعة اليساريين الذين تحالفوا معهم».
وأضاف: «أصبحنا يومياً، سواء أكنا في مجالس مضغ نبتة القات (تصنف ضمن المواد المخدرة في كثير من الدول) أو خلال النقاشات على مواقع التواصل الاجتماعي، نسمع بوضوح شكوى هذه المجموعة من الاستبعاد والتهميش، وكأنهم يشعرون بأن الحوثيين استغنوا عن خدماتهم».
وبحسب السياسي الذي اشترط عدم ذكر اسمه لأسباب تتعلق بسلامته الشخصية، فإن القيادي في حزب «التجمع الوحدوي» اليساري ناصر باقزقوز والذي أبعد من موقعه كوزير للسياحة في حكومة الانقلاب، يوجه وبصورة دائمة انتقادات لاذعة إلى الجناح الحوثي الذي يقوده مدير مكتب رئيس مجلس الحكم الانقلابي.
ويتهم باقزقوز الميليشيات الحوثية بـ«استنساخ» ممثلين عن المحافظات الجنوبية، وسحب البساط من تحت المكون الذي تأسس في بداية التحالف مع الجماعة، والمجيء بآخرين متحدرين من مناطق كانت تتبع المحافظات الواقعة شمال اليمن والتي تم ضمها ضمن تقسيم إداري جرى قبل عشرين عاماً إلى محافظات في الجنوب.
مصادر سياسية أخرى في صنعاء تحدثت إليها «الشرق الأوسط» ذكرت أن انخراط مجموعة اليساريين في الصراع بين أجنحة الميليشيات جعلهم «أهدافاً سهلة» لجناح أحمد حامد، فتم إقصاؤهم من مواقعهم، في حين جاء الدور حالياً على القيادي في «الحزب الاشتراكي» سلطان السامعي، وهو عضو فيما يسمى «المجلس السياسي الأعلى» الذي أسسه الانقلابيون، إذ يواجه بحملة تشهير وتحريض من جناح حامد ويتهم بخدمة الشرعية والتحالف، بسبب تصريحاته المتواصلة عن فساد قادة الميليشيات، ودفاعه عن ممتلكات بعض السياسيين المحسوبين على محافظتي تعز وإب. المصادر ذكرت أن هذه المجوعة التي تضم أيضاً القاضي عبد الوهاب قطران والنائب أحمد سيف حاشد والأستاذ الجامعي سامي عطا ومعهم مجموعة من الناشطين المساندين لمواقفهم، أصبحوا ضمن الجناح الذي يتزعمه محمد علي الحوثي والذي يسعى حالياً لمواجهة الجناح الآخر من خلال تشكيل لجان لتلقي الشكاوى بشأن الفساد في أجهزة الأمن والدوائر المدنية مستنداً إلى ما يسمى «المنظومة العدلية» التي استحدثها برئاسته ومنحته سلطة على مجلس القضاء الأعلى والمحكمة العليا والنيابة العامة.
ورغم هذا الصراع المتأجج بين جناحي الجماعة على النفوذ والأموال، ترى المصادر أن هذا الصراع يسير ضمن الخطة التي يشرف عليها الجنرال في الحرس الثوري الإيراني حسن إيرلو والذي يتحكم بخيوط اللعبة. وقالت المصادر إن الجنرال الإيراني «يسعى لإلهاء الرأي العام بالصراع بين ما يسمى جناح التشدد والجناح المعتدل، بهدف إضفاء مشروعية على نظام حكم الميليشيات ومحاولة الخروج من عقدة الموقف الشعبي الرافض لحكم الميليشيات التي يراها الناس غير شرعية، وأنها تمثل مجموعة طائفية متطرفة تريد احتكار الحكم وفرض رؤاها المتطرفة على بقية الشعب».
وجزمت المصادر بأن الشكوى الحقيقية لدى عناصر المجموعة اليسارية تتجاوز مسألة الصراع بين الأجنحة الحوثية إلى الشعور بالاستهداف الجهوي، «إلا أنهم يعملون على الاحتماء بذلك الجناح الحوثي لتجنب العقاب، ويشكون في الجلسات المغلقة من أن الميليشيات تتعامل معهم باستعلاء، وتنظر لهم بدونية كما هو الحال في نظرتها حتى إلى المنتمين لسلالتها من خارج محافظة صعدة، إذ ترى أن جميع هؤلاء غير موثوق بهم، وأنهم يبحثون عن امتيازات لأنهم ألفوا عيش المدن، ومثلهم المتحدرون من المحافظات ذات النسبة العالية من المتعلمين».


مقالات ذات صلة

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

المشرق العربي طالبات جامعة صنعاء في مواجهة قيود حوثية جديدة (غيتي)

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

بدأت الجماعة الحوثية إجراءات جديدة لتقييد الحريات الشخصية للطالبات الجامعيات والتضييق عليهن، بالتزامن مع دعوات حقوقية لحماية اليمنيات من العنف.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).