روسيا تحتفل بذكرى تأسيس أسطولها في طرطوس

«المشتركة لعودة اللاجئين» تعقد اجتماعها الأول اليوم

TT

روسيا تحتفل بذكرى تأسيس أسطولها في طرطوس

شاركت القاعدة العسكرية الروسية في طرطوس، أمس، باحتفالات ذكرى تأسيس الأسطول الروسي، بعرض بحري، شاركت فيه سفن حربية وطائرات. وفي استمرار لتقليد تنظيم عروض عسكرية روسية في سوريا، الذي بدأ قبل عامين بإقامة عرض واسع لقدرات روسيا القتالية في قاعدة «حميميم» بمناسبة ذكرى النصر على النازية، شاركت أمس عشرات القطع الحربية الروسية في «عرض عضلات» بحري بمناسبة إحياء الذكرى 325 على تأسيس الأسطول الروسي.
أقيم العرض في المياه الإقليمية قرب القاعدة الروسية، وشاركت فيه 9 سفن حربية وقوارب وسفن دعم، فضلاً عن 13 طائرة تابعة للقوات الجوية والطيران البحري، ونفذت مناورات في الجو في المكان. وكان لافتاً الحضور الرمزي للجيش السوري، إذ شارك في الاحتفال زورقان صاروخيان.
ونشرت وزارة الدفاع الروسية مقطع فيديو، يظهر جوانب من العرض الذي برزت فيه مشاركة سفن روسية حربية حديثة، بينها غواصة تعمل بالديزل والكهرباء، والفرقاطة الأدميرال ماكاروف، وسفينة الصواريخ الصغيرة إنغوشيا، وكاسحة الألغام البحرية كوفروفيتس، والسفينة الهجومية «كيل».
وبدأت الفعاليات الاحتفالية في المياه الإقليمية لسوريا بتشكيل موكب لسفن البحرية الروسية، مزينة بأعلام ملونة، واصطفت على الطريق الخارجي لميناء طرطوس، وأشرف على العرض قائد مجموعة القوات المسلحة الروسية في سوريا، يفغيني نيكيفوروف، وجرى بعد العرض تكريم البحارة الروس الذين تميزوا في أداء الخدمة العسكرية.
كما انطلقت بعد ذلك فعاليات مهرجان رياضي عسكري في المياه. وذكرت وزارة الدفاع أن السفن الحربية الروسية التي شاركت في العرض البحري الرئيسي على طريق ميناء طرطوس السوري وفي مهرجان الرياضات العسكرية، هي جزء من التشكيل التشغيلي الدائم لسفن البحرية الروسية في البحر الأبيض المتوسط.
على صعيد آخر، تعقد اليوم (الاثنين) في العاصمة السورية الجولة الأولى من أعمال اللجنة المشتركة الروسية السورية، لمتابعة تنفيذ نتائج «المؤتمر الدولي حول عودة اللاجئين السوريين» الذي عقد في دمشق في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
ووصل السبت الوفد الروسي المشارك بالاجتماعات إلى دمشق، يترأسه ميخائيل ميزنتسييف، رئيس المركز الوطني لإدارة الدفاع الروسية ورئيس الهيئة التنسيقية لعودة المهجّرين السوريين إلى بلادهم، إلى جانب مبعوث الرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف.
وتشكل مناقشات هذه الجولة خطوة لتوسيع النشاط المشترك في إبراز قضية اللاجئين وحشد تأييد دولي لإعادتهم إلى بلادهم. وكان المؤتمر الذي عقد بمشاركة وفود عربية وممثلين عن منظمات دولية، أصدر بياناً تضمن التأكيد على الدعم الثابت لسيادة ووحدة الأراضي السورية ومواجهة جميع المحاولات الرامية لتقويض سيادتها وسلامة أراضيها، والحزم في مكافحة الإرهاب في جميع بؤره والقضاء عليه نهائياً، وأن الحل «للأزمة السورية» هو سوري من دون تدخلات خارجية. وحثّ المؤتمر المجتمع الدولي على دعم جهود إعادة اللاجئين وتوفير البنى التحتية اللازمة لإنجاح هذا الهدف.
في الإطار ذاته، أعلنت موسكو أمس أنها أرسلت 160 طناً من المساعدات الإنسانية إلى سوريا. وأفاد بيان، أصدرته وزارة الدفاع، أنه «جرت اليوم (أمس)، في مطار دمشق الدولي، مراسم تسليم الطرف السوري 250 ألف جرعة من اللقاح الروسي (سبوتنيك لايت) ومليون فحص للتحليل المختبري لعدوى فيروس كورونا المستجد».
وأضافت الوزارة أنه تم إيصال اللقاحات والفحوص بواسطة طائرة نقل عسكرية من نوع «إليوشين 76»، مشيرة إلى أنه تم تسليم هذه الشحنة، في إطار زيارة وفد حكومي رسمي إلى سوريا، يضم 230 شخصاً من نحو 230 مؤسسة حكومية روسية.
وأفادت الوزارة بأنه تم في إطار هذه الزيارة نقل نحو 160 طناً من المساعدات الإنسانية، تشمل أغذية وأدوية ومعدات ومستلزمات أساسية لسكان سوريا. وترأس الوفد ميخائيل ميزينتسيف، رئيس مقر التنسيق الروسي، رئيس المركز الوطني لإدارة الدفاع الروسي، والذي يترأس أيضاً مكتب التنسيق لعودة اللاجئين إلى سوريا. ويضم الوفد الروسي، بالإضافة إلى مسؤولين عسكريين، ممثلين عن 30 هيئة فيدرالية تنفيذية ومنظمات مختلفة و5 مناطق روسية.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.