مسرحية «dogs»... دراما تشاؤمية محفوفة بالبهجة

عمل مصري يوظف الاستعراض والملابس بشكل جيد

مسرحية «dogs»... دراما تشاؤمية محفوفة بالبهجة
TT

مسرحية «dogs»... دراما تشاؤمية محفوفة بالبهجة

مسرحية «dogs»... دراما تشاؤمية محفوفة بالبهجة

واقع فاسد تحكمه قوانين شريرة، تختفي فيه قيم العدل والرحمة ليسود مبدأ: «البقاء للأقوى»، وحين تتحول الحياة اليومية إلى ما يشبه الكابوس تختفي الإنسانية لصالح البقاء على قيد الحياة بأي ثمن، يحدث كل ذلك في إطار من الفوضى والخوف من الغد الذي يتحول إلى مجهول لا ينبئ بخير أبداً... هذه بعض ملامح الدستوبيا، التي يعبر عنها اتجاه حديث في الفن والأدب يحمل رؤية متشائمة تجاه المصير الإنساني ويرسم صورة قاتمة لـ«المدينة الفاسدة»، على عكس الاتجاه القديم الشهير والحالم المعروف بـ«اليوتوبيا» أو «المدينة الفاضلة».
يقترب العرض المسرحي المصري «dogs» أو «كلاب» من الدراما التشاؤمية، الذي آثر صناعه اختيار العنوان بتلك الكلمة الإنجليزية وليس بنظيرتها العربية أو حتى كتابتها «دوجز»، لتحقيق هدفين: الأول لفت نظر المتلقي وإثارة اهتمامه بعنوان غير مألوف، ثانياً: تفادي الدلالات السلبية لكلمة «كلاب» التي كثيراً ما تحضر في الذهن العام باعتبارها مرادفة للسباب والإساءة.
تقوم الحبكة الرئيسية للمسرحية التي تستمر يومياً باستثناء الثلاثاء، على خشبة مسرح «السلام» في وسط القاهرة حتى الثاني والعشرين من يوليو (تموز) الحالي، على الكلاب بشكل أساسي وتتناول حياتهم من خلال رصد واقعهم في البداية ككائنات تعيش في الشوارع، تعاني في سبيل الحصول على طعامها، كما أنّها تتعرض إلى مضايقات من الآخرين ولا تشعر بالأمان الكامل لكنها تبدو سعيدة، ومتحررة، ومنطلقة.
ببساطة يظهر العمل الحرية التي تنعم بها الكلاب والوئام والمحبة فيما بينها كجماعة يخلص أفرادها لبعضهم البعض، لكن سرعان ما تنقلب الأمور رأساً على عقب، ويظهر طرف قوي مسيطر غامض هو الإنسان القاسي الذي ينتشل هذه الكلاب من حياة الشوارع ليضعها في مكان فخم مهيب يشبه فنادق الخمس نجوم، وحينها تنعم الكلاب للمرة الأولى بحياة الدعة والرفاهية، إذ إنّ احتياجاتها الأساسية من الطعام والشراب متوفرة بشكل غير مسبوق كماً وكيفاً.
غير أنّ الفخ الذي اسُتدرجت الكلاب إليه، يظهر عندما تُسحب هذه الامتيازات ليجد كل كلب نفسه مطالباً بقتل أخيه ليفوز بحصته من الطعام، وتشتعل الأجواء بالحسد والشك ويعم الخوف والترقب، فلا أحد يأمن للآخر، والكل يتجسس على الكل، ويتطلع الجميع إلى معجزة تنقذهم مما هم فيه.
ومع اقتراب العرض من أجواء الدستوبيا، إلا أنّه لا يغرق في أجواء الكآبة حيث يصنع كل من المؤلف محمود جمال الحديني والمخرج كمال عطية «صاحب فكرة العمل كذلك» حالة من البهجة الخالصة عبر توليد المفارقات المضحكة والمفارقات الساخرة، كما جاءت الاستعراضات التي صممها ضياء شفيق لتعطي العمل طابعاً حركياً مليئاً بالحيوية على نحو يبقي المتفرج في حالة من التركيز الشديد من دون أن يتسرب الملل إليه.
وتعد الملابس التي صممتها أميرة صابر والمكياج إسلام عباس أحد الأبطال الرئيسيين في هذا العرض نظراً لطبيعة الممثلين كعدد كبير من الفتيات والشبان من خريجي الدفعة الثانية من مبادرة «ابدأ حلمك» التابعة لمسرح الشباب الذين يظهرون متنكرين في صورة كلاب متفاوتة الحجم والنوع واللون، بل والنوايا التي تتنوع بين الخير والشر!
وتستهدف المبادرة ضخ دماء جديدة من الشباب الموهوب وتدريبهم ليصبحوا ممثلين محترفين، حيث تخرّجت الدفعة الأولى منذ أربعة أعوام، وبلغ عدد خريجي المبادرة حتى الآن نحو 350 ممثلاً جديداً من محافظتي القاهرة والإسكندرية.
ويشير الناقد الفني د. محمد أبو السعود الخياري إلى أنّ «توظيف الحيوانات في أعمال درامية هو اتجاه قديم عرفه التراث الإنساني في جذوره الأولى لا سيما في «كليلة ودمنة» للحكيم الهندي بيديا، و«الكامل» للمُبَرّد، و«البيان والتبيين» للجاحظ، و«العمدة» لابن رشيق، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنّ «استدعاء مثل هذه الحيلة في المسرح المعاصر يكون عادة بهدف توصيل رسالة بشكل خفي تخاطب الإنسان نفسه وتفتح عينيه على حقائق لا يدركها عادة تحت وطأة هموم الحياة اليومية».


مقالات ذات صلة

خالد النبوي يعوّل على غموض أحداث «سراب»

يوميات الشرق خالد النبوي ويسرا اللوزي مع المخرج أحمد خالد خلال التصوير (الشركة المنتجة)

خالد النبوي يعوّل على غموض أحداث «سراب»

يؤدي خالد النبوي في مسلسل «سراب» شخصية «طارق حسيب» الذي يتمتّع بحاسّة تجعله يتوقع الأحداث قبل تحققها.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق أحمد زكي مجسداً شخصية عبد الحليم حافظ (يوتيوب)

دراما السيرة الذاتية للمشاهير حق عام أم خاص؟

تصبح المهمة أسهل حين تكتب شخصية مشهورة مذكراتها قبل وفاتها، وهذا ما حدث في فيلم «أيام السادات» الذي كتب السيناريو له من واقع مذكراته الكاتب الراحل أحمد بهجت.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق أحمد مكي يقدم شخصية «شمس الغاوي» في رمضان 2025 (حسابه بموقع فيسبوك)

«الغاوي» رهان أحمد مكي الجديد في الدراما الرمضانية

يراهن الفنان المصري أحمد مكي على خوض ماراثون «الدراما الرمضانية» المقبل بمسلسل «الغاوي» الذي يشهد ظهوره بشخصية مختلفة عما اعتاد تقديمه من قبل.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق تخرج أمل بوشوشة من ذلك الصندوق الذي يصوّر الحياة بحجم أصغر (حسابها في «فيسبوك»)

أمل بوشوشة... «شوطٌ كبير» نحو الذات

تعلم أمل بوشوشة أنّ المهنة قد تبدو جاحدة أسوة بمجالات تتعدَّد؛ ولا تنتظر دائماً ما يُشبع الأعماق. أتاح «المهرّج» مساحة لعب أوسع. منحها إحساساً بالخروج من نفسها.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري مصطفى شعبان (حسابه على فيسبوك)

مصطفى شعبان يخطف الاهتمام بالحديث عن كواليس زواجه

خطف الفنان المصري مصطفى شعبان الأنظار بعد حديثه للمرة الأولى عن كواليس حياته الشخصية وزواجه قبل أشهر عدّة.

داليا ماهر (القاهرة)

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.