آسيا تعاني تفشي «دلتا» وبطء حملات التلقيح

مظاهرات ضد الأولمبياد في اليابان... و«السيناريو الهندي» يتكرر في إندونيسيا

حملة تلقيح واسعة تستهدف الطلبة في محافظة جنوب سولاويسي الإندونيسية أمس (رويترز)
حملة تلقيح واسعة تستهدف الطلبة في محافظة جنوب سولاويسي الإندونيسية أمس (رويترز)
TT

آسيا تعاني تفشي «دلتا» وبطء حملات التلقيح

حملة تلقيح واسعة تستهدف الطلبة في محافظة جنوب سولاويسي الإندونيسية أمس (رويترز)
حملة تلقيح واسعة تستهدف الطلبة في محافظة جنوب سولاويسي الإندونيسية أمس (رويترز)

بعد أن فرض متحوّر «دلتا» شروط المواجهة في المعركة ضد «كوفيد - 19» في أوروبا، وفي الوقت الذي يرتفع منسوب القلق من متحوّر «لامبدا» في أميركا اللاتينية التي تحوّلت إلى البؤرة الرئيسية لانتشار الوباء في العالم، تتجّه أنظار منظمة الصحة العالمية نحو القارة الآسيوية بعد أن قررت اللجنة المنظّمة للألعاب الأولمبية، لأول مرة في التاريخ، إقفال الملاعب والمنافسات الرياضية في وجه الجمهور، بينما تتكرر في إندونيسيا نفس المأساة التي عاشتها الهند مؤخراً عندما نفد الأكسجين من مستشفياتها التي عجزت عن استقبال المصابين بالمتحوّر الذي ظهر هناك لأول مرة بسرعة تزيد بنسبة 65% عن الطفرات الأخرى.
وقال المدير العام تيدروس أدهانوم غيبريسوس، أمس، إن المؤشرات الواردة من تلك المنطقة خلال الأسابيع المنصرمة لا تدعو إلى التفاؤل، وناشد الدول المعنيّة اتخاذ كل التدابير اللازمة لاحتواء الفيروس ومنع ظهور موجة جديدة.
ولا تخفي الأوساط العلمية قلقها، إذ تراقب كيف أن الإنجازات التي حققتها القارة الآسيوية في مواجهة الجائحة واحتواء الفيروس، تكاد تتبخّر تحت وطأة هذا المتحوّر الذي يهدّد بإعادة المعركة ضد الوباء إلى فصولها الأولى، حيث إن بعض الدول التي كانت في المراحل الأولى من الأزمة قدوة للآخرين بالتدابير الصارمة التي اتخذتها والمعدلات المتدنية من الإصابات والوفيات، أصبحت اليوم أسيرة موجة جديدة تحطّم كل الأرقام القياسية يوماً بعد يوم.
وكان ارتفاع الإصابات اليومية الجديدة قد أجبر اليابان، في سابقة رياضية عالمية، على منع المشاهدين من دخول الملاعب لمتابعة المنافسات الأولمبية، ودفع سلطات كوريا الجنوبية إلى رفع مستوى الطوارئ الوبائية إلى أعلى الدرجات في العاصمة سيول، وبات يهدد النظام الصحي في إندونيسيا بالانهيار التام.
وبعد أن كانت كوريا الجنوبية نموذجاً للفاعلية في التصدّي للجائحة منذ بدايتها، قررت الحكومة أمس تقييد الحركة في العاصمة سيول ومحافظة غيونغي المجاورة ومدينة إينشيون الساحلية، بعد الارتفاع السريع الذي شهدته الإصابات الجديدة التي حطّمت كل الأرقام القياسية منذ ظهور الوباء مطلع العام الفائت. وأفاد المركز الكوري لمكافحة الأمراض والوقاية منها أن 80% من المصابين بـ«كوفيد» في العاصمة هم دون الأربعين من العمر، أي من الفئة التي ما زالت خارج حملة التلقيح التي تسير ببطء شديد حيث لم يتجاوز عدد الذين تناولوا الدورة الكاملة من اللقاحات حتى الآن 11% من السكان.
وفي اليابان حيث أعلنت الحكومة مؤخراً حالة الطوارئ الرابعة في العاصمة طوكيو وخمس محافظات أخرى إثر الارتفاع المطّرد في عدد الإصابات، عادت المظاهرات الاحتجاجية ضد تنظيم الألعاب إلى العديد من المدن، حتى إن بعض نقابات الأطباء والممرضين انضمّت إليها مطالبة بتأجيلها مرة أخرى أو إلغائها.
وكانت الحكومة قد فرضت على المطاعم والمقاهي الإقفال في الثامنة والنصف ليلاً ومنعتها من بيع الكحول، فيما خرجت مظاهرة حاشدة ضد الألعاب في مدينة أوساكا التي قررت اللجنة المنظمة أن يكون مطارها نقطة الدخول الوحيدة إلى اليابان لعشرات الآلاف من الرياضيين والفنيين خلال الألعاب. وكانت اللجنة الأولمبية الدولية قد أبلغت الرياضيين منذ أسبوعين بالقواعد الصارمة المرعيّة خلال الألعاب، حيث يحظر عليهم مغادرة الفنادق التي يقيمون فيها إلا للتدريب أو المشاركة في المباريات، ويجبَرون على مغادرة اليابان بعد خروجهم من المنافسات في مهلة لا تتجاوز 48 ساعة.
وما يثير قلق السلطات الصحية في اليابان، حيث ما زالت الأعداد الإجمالية للإصابات والوفيات متدنية بالنسبة لعدد السكان، هو الانتشار السريع لطفرة «دلتا» في الوقت الذي ما زالت التغطية اللقاحية في البلاد دون 15%.
لكنّ مصدر القلق الرئيسي بالنسبة إلى منظمة الصحة العالمية في هذه المنطقة هو الجنوب الشرقي من القارة الآسيوية، حيث تواجه إندونيسيا التي يزيد عدد سكانها على 270 مليون نسمة أسوأ موجة وبائية منذ بداية الجائحة، بعد أن تجاوز عدد الإصابات فيها 2.4 حالة مؤكدة وزاد عدد الوفيّات على 60 ألفاً. وكان المتوسط اليومي لعدد الإصابات الجديدة قد بلغ 30 ألفاً خلال الأسبوع الماضي، لكنه ارتفع فجأة إلى 40 ألفاً مطلع هذا الأسبوع ثم إلى 50 ألفاً في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة، فيما يقدّر الخبراء أن الأرقام الحقيقية قد تكون أضعاف ذلك.
كانت وزارة الصحة الإندونيسية قد أفادت أمس، بأن معظم المستشفيات بلغت 90% من قدرتها الاستيعابية، في الوقت الذي يعاني بعضها من عجز في الأكسجين، ما دفع بعائلات كثيرة إلى شراء قوارير الأكسجين في السوق السوداء التي ازدهرت في الفترة الأخيرة. كما أفادت الوزارة بأن عدد الوفيّات بين أفراد الطواقم الصحية بسبب الوباء تجاوز الألف، فيما تزداد المخاوف من ارتفاع عدد المصابين بين الذين تلقّوا الجرعات الكاملة من اللقاح. وتجدر الإشارة إلى أن إندونيسيا اعتمدت في حملة التلقيح على لقاح «سينوفاك» الصيني بشكل أساسي، فيما لم تتجاوز نسبة الملقحين 5.4% من السكان. وتدرس السلطات الصحية حالياً إعطاء جرعة ثالثة لزيادة الفاعلية ضد طفرة «دلتا» التي أصبحت السائدة في البلاد.
وبعد أن قررت السلطات إقفال المتاجر غير الأساسية في جزيرتي بالي وجافا منذ ثلاثة أسابيع، أعلنت أمس، حزمة من القيود الشديدة على التنقّل والتجمعات، وفرضت على السياح الأجانب الوافدين إلى الجزيرتين شهادة تطعيم أو فحصاً سلبياً، وحجراً صحيّاً لمدة 8 أيام.
وفي ماليزيا، يواصل عدد الإصابات الجديدة ارتفاعه المطرد منذ أسابيع رغم الإقفال والقيود التي فرضتها السلطات، حيث حطّم نهاية الأسبوع الماضي كل الأرقام القياسية منذ بداية الجائحة، فيما لا تزال نسبة السكان الملقحين دون 10%.
وفي تايلاند، التي أعادت فتح وجهتها السياحية الشهيرة في جزيرة «فوكيت» أمام السيّاح الأجانب، أفادت السلطات الصحية أمس بأن 90% من مجموع الإصابات المتراكمة منذ بداية الجائحة سُجّلت في الأشهر الثلاثة المنصرمة. وأعلنت الحكومة حزمة من القيود الشديدة على التنقّل والحركة والتجمعات، وإقفال المتاجر غير الأساسية، وفرضت حظر التجول الليلي في العاصمة بانكوك وتسع محافظات أخرى.
أما فيتنام التي كانت أيضاً قدوة عالمية في مواجهة الوباء خلال المرحلة الأولى، فهي تحطّم الأرقام القياسية كل يوم منذ أسابيع في عدد الإصابات الجديدة والوفيات، معظمها في المناطق الجنوبية حيث توجد المرافق الصناعية والاقتصادية الكبرى. وكانت الحكومة قد أعلنت أمس وقف حركة النقل العام بين هانوي وأربع عشرة محافظة تسجّل معدلات عالية لانتشار طفرة «دلتا»، كما طلبت من سكان العاصمة البقاء في منازلهم وعدم مغادرتها إلا في حالات الضرورة. تجدر الإشارة أن عدد الفيتناميين الذين تناولوا الجرعات الكاملة من اللقاح حتى الآن لا يتجاوز 250 ألفاً، في بلد يزيد عدد سكانه على 98 مليوناً.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».