تطلع لأوسع تكامل اقتصادي مرتقب بين السعودية وعُمان

قطاع الأعمال: لقاء القيادتين يدفع لتعزيز التعاون التجاري وتنمية فرص الاستثمار في البلدين

قطاعا الأعمال السعودي والعماني يتطلعان لقفزة مستقبلية في التكامل الاقتصادي والتعاون التجاري والاستثماري (الشرق الأوسط)
قطاعا الأعمال السعودي والعماني يتطلعان لقفزة مستقبلية في التكامل الاقتصادي والتعاون التجاري والاستثماري (الشرق الأوسط)
TT

تطلع لأوسع تكامل اقتصادي مرتقب بين السعودية وعُمان

قطاعا الأعمال السعودي والعماني يتطلعان لقفزة مستقبلية في التكامل الاقتصادي والتعاون التجاري والاستثماري (الشرق الأوسط)
قطاعا الأعمال السعودي والعماني يتطلعان لقفزة مستقبلية في التكامل الاقتصادي والتعاون التجاري والاستثماري (الشرق الأوسط)

في وقت تتأهب فيه السعودية لاستقبال ضيفها السلطان هيثم بن طارق سلطان عمان، اليوم (الأحد) في مدينة نيوم، شمال غربي السعودية، توقع قطاع الأعمال في المملكة والسلطنة أن تدفع هذه الزيارة لإطلاق أكبر تعاون تجاري استثماري وتكامل اقتصادي بين البلدين خلال الفترة المقبلة، لا سيما في القطاعات الاستراتيجية والمدن الصناعية واللوجيستية والطاقة المتجددة ومجال تطوير الصناعات البتروكيماوية، داعين إلى العمل على صياغة رؤى مشتركة وخطة عمل سنوية تتضمن مستهدفات محددة للارتقاء بحجم التبادلات التجارية والاستثمارية بين البلدين.
ويبدأ اليوم الأحد السلطان هيثم بن طارق سلطان سلطنة عمان، زيارة رسمية إلى السعودية، يلتقي فيها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في منطقة نيوم، في أول زيارة له للمملكة منذ توليه مقاليد الحكم في السلطنة، في حين أكدت المصادر الدبلوماسية العمانية أن هذه الزيارة سيكون لها ما بعده في إحداث نقلة نوعية في التعاون وتعزيز العلاقات بين البلدين.
وأوضح مجلس الأعمال السعودي العماني واتحاد الغرف السعودية أن الزيارة الرفيعة على مستوى قيادة البلدين تكشف بوضوح عمق العلاقات بين المملكة والسلطنة، مشيرين إلى أن القطاع الاقتصادي يحظى بأهمية بالغة في ظل «رؤية المملكة 2030» و«رؤية عمان 2040».

- الرغبة الجادة
أكد وزير التجارة الدكتور ماجد القصبي عمق العلاقة الثنائية بين السعودية وسلطنة عمان في المجالات كافة، خاصة المجال التجاري الذي يشهد تطوراً ملحوظاً نتيجة لرؤية البلدين الطموحة، وحجم التبادل التجاري المتنامي.
وأوضح القصبي أن الزيارات المشتركة لكبار المسؤولين تعبّر عن الرغبة الجادة لتكريس الجهود وبناء شراكات استراتيجية قوية في مختلف المجالات لخدمة البلدين والارتقاء بحجم التبادل التجاري بين البلدين الذي بلغ أكثر من 58.6 مليار ريال (15.6 مليار دولار) خلال السنوات الست الماضية (2020 - 2015).
ويلفت القصبي إلى أن قيادتي البلدين حريصتان على تنمية العلاقات الاقتصادية والتجارية وتعزيز التعاون المشترك من خلال مجلس الأعمال السعودي العماني الذي سيسهم في ترجمة الفرص التجارية والاستثمارية إلى شراكات ملموسة، بوصفه قناة تواصل فعالة بين رجال الأعمال لتعزيز الشراكة والتعرف على الفرص الاستثمارية والاستفادة منها.

- تطلع مستقبلي
أكّد لـ«الشرق الأوسط» رئيس مجلس الأعمال السعودي العماني ناصر الهاجري أن المجلس يعمل على تعزيز العمل المشترك بين البلدين للوصول إلى طموحات القيادة وتبادل الفرص المتاحة والاتفاق على رفع تبادل الزيارات للوفود الحكومية والتجارية والاستثمارية ومراكز البحوث والدراسات بين البلدين.
وكشف الهاجري إلى التطلع نحو عقد لقاءات مباشرة بين شركات الطاقة والصناعة والبتروكيماويات وشركات التعدين لبحث مجالات التعاون المتوفرة والمستقبلية وفق الاحتياجات الحقيقية.
وأبان أن حجم شراكات رجال الأعمال في البلدين ومقدار التبادل التجاري يشهد نمواً مستمراً خلال السنوات العشر الماضية، حيث كان مقدار التبادل في عام 2010 قرابة 4.7 مليار ريال (1.2 مليار دولار)، فيما وصل إلى 11.5 مليار ريال (3.06 مليار دولار) في عام 2020.
وأضاف رئيس مجلس الأعمال السعودي العُماني أن أبرز القرارات والاتفاقات التي اتخذت من خلال مجلس الأعمال السعودي العُماني، هي التركيز على القطاعات الواعدة لدى الدولتين، وتحديد التفاصيل وفق خطة زمنية معينة ونهج واضح، وإشراك رؤساء لجان القطاعية المتخصصة من قبل رؤساء مجلس الأعمال المشترك كل على حدة وتشكيل لجان منبثقة من مجلس الأعمال المشترك، وفق القطاعات التي يتم تحديدها خلال الورشة، إضافة إلى تكثيف اللقاءات لتعظيم الفائدة.
ويبلغ حجم الاستثمارات العمانية المرخصة في السعودية أكثر من 318 مليون ريال (84.8 مليون دولار)، بينما تأتي المملكة في المرتبة السابعة ضمن الدول المصدرة إلى عمان، في حين تأتي عمان في المرتبة التاسعة عشرة ضمن الدول المصدرة إلى السعودية.

- المنفذ البري
وقال فيصل بن تركي آل سعيد سفير سلطنة عمان لدى السعودية، لـ«الشرق الأوسط» إن الزيارة ذات أهمية كبيرة ودلالة عميقة على قوة وخصوصية العلاقة بين البلدين، ومستوى التنسيق والترابط بين البلدين في ظل الظروف المحيطة بالمنطقة.
واستطرد آل سعيد: «نعتقد أن لقاء القيادتين سيكون له ما بعده ونقلة نوعية تعزز الكثير من الجوانب التي تهم البلدين».
وشدد أن السلطنة والمملكة ترتبطان بعلاقات أخوية على المستوى الثنائي وضمن منظومة دول مجلس التعاون، لافتاً إلى أهمية ودور المنفذ الجديد في توثيق العلاقة حيث إن المنفذ البري سيسهل النقل البري المباشر بين البلدين سواء على المستوى التجاري أو على مستوى حركة الأفراد.
وأوضح سفير سلطنة عمان لدى السعودية أن «هناك اتفاقية خليجية يستفيد منها مواطنو دول المجلس لممارسة الأعمال في الدول الأعضاء والسلطنة ملتزمة بهذه الاتفاقية، بحيث يعامل المواطن الخليجي كالمواطن العماني سواء كان بافتتاح مؤسسة جديدة في السلطنة أو افتتاح فرع لمؤسسته».

- مستويات متقدمة
من جانبه، يرى رئيس اتحاد الغرف السعودية عجلان العجلان أن زيارة سلطان عُمان للسعودية تعبّر عن قوة الإرادة السياسية في تعزيز العلاقات والوصول بها إلى مستويات متقدمة من الشراكة الاستراتيجية على الصُّعُد كافة، خاصة الاقتصادية.
وأكّد العجلان أن البلدين لديهما من المقومات والإمكانات اللازمة ما يؤهلهما لتأسيس علاقات تكامل اقتصادي حقيقي، انطلاقاً من رؤيتي البلاد الاستراتيجيتين حيث تتضمنان فرصاً ومشاريع ضخمة، يمكن استغلالها لتصبح السعودية الشريك التجاري الأول في المنطقة.
ودعا العجلان إلى تذليل المعوقات والتحديات التجارية والاستثمارية، بما يسهم في رفع حجم التبادل التجاري الذي لا يزال دون مستوى الطموحات، وأقل من حجم الفرص المتاحة، مشدداً بالأهمية الاقتصادية للطريق البري والمنفذ الحدودي بين البلدين، حيث سيفتح آفاقاً واسعة للتعاون الاقتصادي وينشّط حركة التجارة في الجانبين.

- المزايا النسبية
وقال العجلان إن اتحاد الغرف السعودية سيدعم بقوة جهود تنمية العلاقات الاقتصادية السعودية العمانية بالتنسيق مع الجهات الحكومية، لافتاً إلى أهم مجالات التعاون المتمثلة في قطاع الصناعة خاصة صناعة البتروكيماويات والكيماويات المتخصصة التحويلية والأعلاف والصناعات الغذائية، والسياحة والترفيه والفنادق، والقطاع العقاري واللوجيستي وقطاع المصائد والزراعة السمكية، وقطاع التعدين والنقل البحري.
واقترح العجلان التركيز على استغلال المزايا النسبية، بما في ذلك حرية انتقال السلع والأفراد، في إطار اتفاقات دول مجلس التعاون الخليجي والقطاعات ذات الأولوية، والاستفادة من قدرات المملكة الصناعية والموقع الاستراتيجي لسلطنة عمان في المنافسة والوصول بمنتجات البلدين إلى الأسواق الدولية.
وقال: «الجهات المختصة في سلطنة عمان تسعى لاستقطاب الاستثمارات السعودية في مختلف القطاعات»، مستطرداً: «من جهتنا نشجع أصحاب الأعمال العمانيين للاستثمار في المملكة والاستفادة من مناخ الاستثمار المواتي، والفرص الاستثمارية الواعدة، والدخول في شراكات مع نظرائهم السعوديين».

- تنمية الصادرات
من ناحيته، أفاد الأمين العام لهيئة تنمية الصادرات السعودية فيصل البداح أن قيمة الصادرات السعودية غير النفطية إلى سلطنة عُمان بلغت 3.6 مليار ريال (مليار دولار) العام الماضي، بينما تتصدر قائمة أبرز القطاعات المصدّرة قطاع المنتجات الغذائية بقيمة 1.08 مليار ريال، ثم قطاع مواد البناء بقيمة 876 مليون ريال، ثم قطاع الكيماويات والبوليمرات بقيمة 502 مليون ريال.
وأشار إلى أنه توجد العديد من الفرص التصديرية في السوق العمانية وخاصة في قطاعات مواد البناء، والمنتجات الغذائية، والأدوية، والسلع الاستهلاكية المعمرة التي يمكن للمصدرين السعوديين الاستفادة منها.

- تكامل البلدين
إلى ذلك، أوضح مؤسس البوابة الذكية للاستثمار الدكتور يوسف البلوشي أن زيارة السلطان هيثم بن طارق سلطان عُمان للمملكة دليل على عمق العلاقة التي تربط البلدين، وتعزيز للشراكة الاستراتيجية بين البلدين في المجالات كافة.
وأفاد البلوشي، وهو العضو في إعداد «رؤية عمان 2040» بالقول: «يمتلك الاقتصاد السعودي العديد من القاطرات الإنتاجية العملاقة في قطاعات البتروكيماويات، كما أن أسواق سلطنة عمان تتمتع بالمزايا التنافسية لتوفير فرص عمل نوعية للمستثمرين».


مقالات ذات صلة

اختتام الجولة الأولى من مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين دول الخليج واليابان

الاقتصاد الجولة الأولى من المفاوضات التي قادتها السعودية بين دول الخليج واليابان (واس)

اختتام الجولة الأولى من مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين دول الخليج واليابان

ناقشت الجولة الأولى من مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين دول مجلس التعاون الخليجي واليابان عدداً من المواضيع في مجالات السلع، والخدمات.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد صندوق الاستثمارات العامة السعودي يهدف لدعم تحقيق النمو المستدام في مطار هيثرو (أ.ب)

«السيادي» السعودي يُكمل الاستحواذ على 15 % من مطار هيثرو

أكمل صندوق الاستثمارات العامة السعودي الاستحواذ على حصة تُقارب 15 % في «إف جي بي توبكو»، الشركة القابضة لمطار هيثرو من «فيروفيال إس إي»، ومساهمين آخرين.

«الشرق الأوسط» (الرياض) «الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد إريك ترمب يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» في أبو ظبي (رويترز)

إريك ترمب: نخطط لبناء برج في الرياض بالشراكة مع «دار غلوبال»

قال إريك ترمب، نجل الرئيس الأميركي المنتخب، لـ«رويترز»، الخميس، إن منظمة «ترمب» تخطط لبناء برج في العاصمة السعودية الرياض.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جانب من فعاليات النسخة السابقة من المؤتمر في الرياض (واس)

السعودية تشهد انطلاق مؤتمر سلاسل الإمداد الأحد

تشهد السعودية انطلاق النسخة السادسة من مؤتمر سلاسل الإمداد، يوم الأحد المقبل، برعاية وزير النقل والخدمات اللوجيستية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد صورة تجمع المسؤولين السعوديين واليابانيين خلال إطلاق صندوق مؤشرات متداولة وإدراجه في بورصة طوكيو (الشرق الأوسط)

«الاستثمارات العامة السعودي» يستثمر بأكبر صندوق في بورصة طوكيو

أعلنت مجموعة «ميزوهو» المالية، الخميس، إطلاق صندوق مؤشرات متداولة، وإدراجه في بورصة طوكيو.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

بكين تدرس خفض الفائدة ونسبة متطلبات الاحتياطي العام المقبل

العلم الوطني أمام مقر بنك الشعب الصيني (رويترز)
العلم الوطني أمام مقر بنك الشعب الصيني (رويترز)
TT

بكين تدرس خفض الفائدة ونسبة متطلبات الاحتياطي العام المقبل

العلم الوطني أمام مقر بنك الشعب الصيني (رويترز)
العلم الوطني أمام مقر بنك الشعب الصيني (رويترز)

تدرس بكين خفض أسعار الفائدة ونسبة الاحتياطي الإلزامي في وقت مناسب من العام المقبل، بحسب تقارير إعلامية نقلاً عن وانغ شين، مدير مكتب الأبحاث في بنك الشعب الصيني.

وقال وانغ في فعالية اقتصادية، السبت، إن البنك سيعمل على تعزيز الإمدادات النقدية والائتمانية، وفقاً لصحيفة «21 سينشري بيزنس هيرالد».

وأضاف أن هناك مجالاً لخفض معدل العائد المطلوب - المبلغ الذي يجب على البنوك الاحتفاظ به في الاحتياطي - من المتوسط الحالي البالغ 6.6 في المائة.

وأشار وانغ إلى أن الظروف التمويلية للاقتصاد الحقيقي ستكون أسهل في الفترة المقبلة. كما أظهرت البيانات الصادرة، الجمعة، أن النمو الائتماني في الصين شهد تباطؤاً غير متوقع في نوفمبر (تشرين الثاني)، مما يعكس ضعف الطلب على القروض، ويشير إلى تحديات أكبر أمام النمو الاقتصادي، وفقاً لوكالة «بلومبرغ».

في غضون ذلك، أكد كبار المسؤولين الصينيين مؤخراً أنهم سوف يعتمدون حوافز اقتصادية قوية لتعزيز النمو، والتركيز على تحفيز الاستهلاك في العام المقبل.

ومن المتوقع أن ترفع الصين نسبة العجز المالي وحجم العجز في عام 2025، وتصدر المزيد من السندات الحكومية الخاصة، بما في ذلك السندات طويلة الأجل وسندات الحكومات المحلية، حسبما ذكرت محطة تلفزيون الصين المركزية، نقلاً عن هان وينشو، نائب مدير مكتب اللجنة المركزية للشؤون المالية والاقتصادية، في الحدث نفسه.