«النواب» الليبي يؤجل مجدداً حسم ميزانية الحكومة

طائرة الدبيبة تغادر طبرق على ضوء مصابيح السيارات

الدبيبة خلال مشاركته في جلسة الموازنة بطبرق (مجلس النواب الليبي)
الدبيبة خلال مشاركته في جلسة الموازنة بطبرق (مجلس النواب الليبي)
TT

«النواب» الليبي يؤجل مجدداً حسم ميزانية الحكومة

الدبيبة خلال مشاركته في جلسة الموازنة بطبرق (مجلس النواب الليبي)
الدبيبة خلال مشاركته في جلسة الموازنة بطبرق (مجلس النواب الليبي)

أرجأ مجلس النواب الليبي مجدداً، للمرة الرابعة على التوالي، حسم مصير الميزانية العامة للدولة للعام الحالي التي اقترحتها حكومة عبد الحميد الدبيبة، وقرر تأجيل مناقشة الميزانية المثيرة للجدل والأضخم في تاريخ البلاد، إلى جلسة ستعقد الاثنين المقبل.
وقال أعضاء في مجلس النواب إن رئيسه عقيلة صالح غادر مقر المجلس في مدينة طبرق بأقصى شرق البلاد، وتبعه وفد الحكومة الذي كان لا يزال في المدينة التي سبق أن غادرها الدبيبة عائداً إلى طرابلس مساء أول من أمس بعد تعليق الجلسة.
وطبقاً لما أعلنه المتحدث باسم المجلس عبد الله بليحق، فقد تقرر دعوة النواب إلى جلسة الاثنين المُقبل للبت في مشروع قانون الميزانية ومناقشة مشروع قانون انتخاب الرئيس بشكل مباشر من الشعب وتوزيع الدوائر الانتخابية في أنحاء البلاد.
وأوضح في بيان أن المجلس الذي كان قد واصل مشاوراته، أمس، حول مشروع الميزانية شدد على تقديم لجنة التخطيط والموازنة العامة والمالية تقريرها النهائي بشأن المشروع، لافتاً إلى أنها عقدت اجتماعاً مشتركاً مع اللجنة الوزارية المشكلة من الدبيبة لتعديله وفقاً لملاحظات مجلس النواب.
وكان بليحق أعلن استماع المجلس، مساء أول من أمس، إلى إحاطة الحكومة حول ما أنجزته منذ نيلها الثقة وفقاً للبرنامج الذي تقدمت به، مشيراً إلى أنه تمت مناقشة ملفات الصحة ومجابهة وباء «كورونا» والكهرباء، إضافة إلى ملف دعم المفوضية العليا للانتخابات لإجرائها في موعدها في 24 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وعدد من الملفات الخدمية.
وفى مؤشر على استمرار خلافاته مع القائد العام لـ«الجيش الوطني» المشير خليفة حفتر، ظهر الدبيبة في لقطات مصورة خلال الجلسة قبل تعليقها وهو يرد على طلب رئيس المجلس بشأن إجابته على سؤال وجهته لجنة الدفاع في المجلس إليه بشأن ميزانية الجيش، بتكراره قول: «مش مجاوب» (لن أجيب).
واحتجاجاً على الوجود التركي في ليبيا، أقدمت مجموعة من شباب مدينة طبرق على وضع علم تركيا في الطريق العام أمام مقر مجلس النواب وخلال جلسته لمساءلة الدبيبة، لتطأه الأقدام والسيارات. وغادر الدبيبة والوزراء المرافقون له، مساء أول من أمس، طبرق متجهين إلى طرابلس.
واضطرت الطائرة التي تقل الدبيبة ومرافقيه إلى الإقلاع من مطار طبرق على أضواء السّيارات بعدما تردد عن محاولة تعطيلها ومنعها من المغادرة بإطفاء أضواء مدرج المطار. وفيما رأت مصادر أن مجهولين قطعوا التيار الكهربائي عن عمد، قال الناطق باسم الحكومة محمد حمودة لـ«الشرق الأوسط» إن «محاولة التعطيل لم تكن متعمدة». وأضاف: «صحيح أقلعنا والأنوار لا تعمل ولكن لم نلحظ أي مشاهد اعتراض، قد يكون خللاً فنياً».
ونقلت وسائل إعلام محلية أن التيار الكهربائي قطع في مناطق واسعة بمدينة طبرق في الساعات الأولى من صباح أمس. وقال مدير مطار طبرق الدولي سعد جاب الله إنه اتفق مع رئيس مصلحة المطارات على إرسال لجنة للتحقيق للوقوف على ملابسات الواقعة، مؤكداً في تصريحات لوسائل إعلام محلية «عدم وجود أي قوة داخل المطار سوى القوة التي كانت ترافق الدبيبة بقيادة وكيل وزارة الداخلية فرج قعيم الذي قرر الإقلاع على إنارة السيارات». وأضاف: «طلبنا من الوفد والطيار التوقيع على إقرار مسؤولية وفق النظم ورفضوا وقرروا الإقلاع على إنارة السيارات»، مشيراً إلى أن إنارة المطار «متهالكة ومتكررة الأعطال وما حدث كان مجرد عطل فني عرضي».
وكان الدبيبة أبلغ وفداً من مشايخ وأعيان برقة التقاهم في طبرق، مساء أول من أمس، بعد حضوره جلسة مجلس النواب لمناقشة اعتماد الميزانية، أن «الحكومة تعمل على مسافة واحدة من الجميع وتسعى لمعالجة المشاكل كافة التي تواجه المواطنين فور اعتماد الميزانية العامة». وتحدث أعضاء الوفد عن «الاحتياجات العاجلة» للبلديات الواقعة بإقليم برقة، وأكدوا على ضرورة توحيد الجهود كافة الرامية إلى توحيد مؤسسات الدولة والعمل على محاربة خطاب الكراهية ونبذه.
إلى ذلك، نفى «الجيش الوطني» اندلاع حريق مفاجئ، مساء أول من أمس، بمقره في مدينة الرجمة خارج بنغازي شرق البلاد. وقال الناطق باسم الجيش اللواء أحمد المسماري في بيان مقتضب إنه «بعد التأكد من وحدة الإطفاء بمقر القيادة العامة تبين أنه لا يوجد حريق، وأن الخبر المتداول عارٍ عن الصحة».
وتحدثت وسائل إعلام محلية عن محاولة إخماد حريق بمقر الجيش بسبب ماس كهربائي ومنع وصوله إلى مخازن الأسلحة الموجودة بالمقر، وقالت إنه نشب في عنبر أفراد يقع بالقرب منها. وكان حفتر استقبل بمقره، مساء أول من أمس، القنصل الإيطالي كارلو باتوري بعد افتتاح القنصلية الإيطالية في مدينة بنغازي.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».