بلينكن يصف تصرفات الصين ضد الإيغور بـ«الإبادة الجماعية»... ويدعو العالم إلى إدانتها

الخارجية الأميركية تتهم «الحرس الثوري» بالتورط في «الاتجار بالجنس»

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ف.ب)
TT

بلينكن يصف تصرفات الصين ضد الإيغور بـ«الإبادة الجماعية»... ويدعو العالم إلى إدانتها

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ف.ب)

اتهم وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الصين بارتكاب إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية بحق المسلمين في إقليم الإيغور – شينجيانغ، داعياً المجتمع الدولي إلى الاتحاد مع الولايات المتحدة في إدانة تلك الإبادات الجماعية، ووقف الجرائم المنتهكة لحقوق الإنسان، على حد قوله.
وقال بلينكن خلال الإعلان عن التقرير السنوي لمكافحة الاتجار بالبشر للعام 2021 الصادر عن وزارة الخارجية الأميركية، إن الصين تستخدم العنف ضد أقلية الإيغور وتحتجز أكثر من مليون شخص في ما يصل إلى 1200 معسكر من المعسكرات التي تديرها الدولة في جميع أنحاء شينجيانغ، كما يتعرض كثير من المعتقلين للعنف الجسدي والاعتداء الجنسي والتعذيب لحملهم على العمل في إنتاج الملابس والإلكترونيات، ومعدات الطاقة الشمسية والمنتجات الزراعية.
وأضاف: «نواصل دعوة شركائنا في جميع أنحاء العالم للانضمام إلينا في إدانة الإبادة الجماعية التي ترتكبها الصين، والجرائم ضد الإنسانية في شينجيانغ، واتخاذ خطوات لمنع السلع المصنوعة من العمل القسري من دخول سلاسل التوريد الخاصة بنا... على الحكومات أن تحمي مواطنيها وتخدمهم، لا أن ترهبهم وتخضعهم من أجل الربح، وإذا كنا جادين في إنهاء الاتجار بالبشر، فيجب علينا أيضاً العمل على استئصال العنصرية النظامية، والتمييز على أساس الجنس، وأشكال التمييز الأخرى، وبناء مجتمع أكثر إنصافاً».
وأكد بلينكن أن الاتجار بالبشر جريمة مروعة وأزمة عالمية، وهي مصدر هائل للمعاناة الإنسانية، غالباً ما تكون مخفية عن الأنظار، مقدّراً ضحايا الاتجار بالبشر بما يقرب من 25 مليون شخص في جميع أنحاء العالم. وقال إن كثرا يضطرون إلى العمل في تجارة الجنس، ويُجبر كثيرون على العمل في المصانع أو الحقول أو الانضمام إلى الجماعات المسلحة، كما أن ملايين من ضحايا الاتجار هم من الأطفال، «هذه الجريمة إهانة لحقوق الإنسان، ولكرامة الإنسان».
وأشار إلى أن التقرير الذي تصدره وزارة الخارجية هذا العام أجرى تقييماً لـ188 دولة، بما في ذلك الولايات المتحدة، ولاحظ تقدم بعض الدول في التصنيف السنوي، وهو ما اعتبره مشجعاً، وفي المقابل «انزلقت بعض الدول الأخرى إلى الأسفل وتراجعت»، ملقياً الضوء على آثار جائحة كورونا التي دفعت كثيراً من الأشخاص إلى ظروف اقتصادية صعبة، وجعلهم أكثر عرضة للاستغلال، مضيفاً: «كلما زاد عدد الأشخاص الذين يمضون ساعات على الإنترنت للمدرسة والعمل، يستخدم المتاجرون بالبشر الإنترنت لتجنيد الضحايا المحتملين، لذلك كان للوباء تأثير حقيقي على هذه المعركة».
وتحدث التقرير عن تواطؤ حكومة إيران في قضايا الاتجار بالبشر، وذلك بعدم تنفيذ القوانين الصارمة لمنع حدوث هذه الممارسات، ومعاقبة المرتكبين للجرائم وعدم بذلها جهوداً كبيرة للقيام بذلك؛ مضيفاً: «لذلك ظلت إيران في المستوى الثالث من تقييم وزارة الخارجية، وخلال الفترة المشمولة بالتقرير، كانت هناك سياسة حكومية أو نمط حكومي لتجنيد واستخدام الجنود الأطفال، فضلاً عن التواطؤ في الاتجار بالجنس للبالغين والأطفال مع الإفلات من العقاب».
واتهم التقرير المسؤولين الحكوميين الإيرانيين بمواصلة ارتكاب جرائم الاتجار، والتغاضي عنها مع الإفلات من العقاب، سواء في إيران أو في الخارج، ولم يبلغوا عن جهود إنفاذ القانون للتصدي لهذه الجريمة. كما واصلت الحكومة إجبار الأطفال والكبار على القتال في صفوف الميليشيات التي تقودها إيران، والعاملة في سوريا، وواصلت تقديم الدعم المالي للميليشيات التي تقاتل في النزاعات المسلحة في المنطقة، والتي تجند الأطفال وتستخدمهم. بالإضافة إلى ذلك، فشلت الحكومة في تحديد وحماية ضحايا الاتجار من بين الفئات الضعيفة من السكان، واستمرت في معاملة ضحايا الاتجار كمجرمين، بمن في ذلك ضحايا الاتجار بالبشر لأغراض جنسية.
وأضاف: «ظل الضحايا يواجهون عقوبات شديدة، بما في ذلك الموت، بسبب أفعال غير قانونية أجبرهم المتاجرون على ارتكابها، مثل ممارسة الجنس التجاري وانتهاكات الهجرة. في المقابل، لم تبلغ الحكومة عن جهود إنفاذ قانون مكافحة الاتجار بالبشر، واستمر المسؤولون في ارتكاب جرائم الاتجار مع الإفلات من العقاب...».
وأفصح التقرير أن الحكومة الإيرانية واصلت الخلط بين جرائم الاتجار بالبشر والتهريب، وكانت الجهود المبذولة للتصدي للاتجار بالجنس وجرائم العمل القسري إما غير موجودة، أو لم يتم نشرها على نطاق واسع، ولم تقدم الحكومة إحصاءات عن التحقيقات أو الملاحقات القضائية، أو الإدانات أو الأحكام الصادرة بحق المتاجرين.
وأشار إلى أنه في أبريل (نيسان) 2020 أفادت وسائل إعلام إيرانية بأن الحكومة، بمساعدة منظمة دولية، ألقت القبض على مواطن إيراني للاشتباه في تهريب فتيات إيرانيات للعمل بالجنس في ماليزيا، وكان يعمل على ذلك طوال 3 أعوام. وبحسب ما ورد تسلمت الشرطة الإيرانية المهرب المزعوم من ماليزيا، وألقت القبض على عدد غير معروف من المتواطئين الآخرين في إيران، وبحسب ما ورد ضَمِن المسؤولون الإيرانيون المؤثرون سلامة المتاجرين المزعومين من خلال مساعدتهم على تجنب الاعتقال المبكر، وتأمين الإفراج عن بعض الضحايا الذين تحتجزهم الشرطة الإيرانية، وإعادتهم إلى المتاجرين خلال فترة 3 سنوات. كما لم تبلغ الحكومة عن حالة هذه القضية في نهاية الفترة المشمولة بالتقرير؛ ومع ذلك، أفادت وسائل الإعلام الإيرانية بأن المتاجرين المزعومين أحيلوا على المحاكم لمحاكمتهم. وكذلك لم تبلغ الحكومة عن تدريب مسؤوليها على مكافحة الاتجار بالبشر.
واتهم تقرير وزارة الخارجية «فيلق الحرس الثوري» الإيراني، وقوة الباسيج، وهي قوة شبه عسكرية تابعة لـ«الحرس الثوري»، بمواصلة تجنيد واستخدام الأطفال والبالغين المهاجرين واللاجئين من خلال القوة أو الوسائل القسرية، في مواقع الحرب والصراعات، وكذلك أطفال إيرانيين، بإرسالهم للقتال مع الميليشيات التي يقودها «الحرس الثوري» الإيراني في سوريا. ووفقاً لبيان صادر عن مسؤول في «الحرس الثوري» الإيراني في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، ربما يكون «الحرس الثوري» الإيراني قد جنّد أطفالاً من 3700 قاعدة طلابية في الباسيج في محافظة خوزستان، ومن المرجح أن هؤلاء الأطفال الجنود كانوا لا يزالون منخرطين مع «الحرس الثوري» خلال الفترة المشمولة بالتقرير.
وأضاف: «على الرغم من أن الدعارة غير قانونية في إيران، فقد قدّرت منظمة غير حكومية محلية عام 2017 أن الدعارة والاتجار بالجنس منتشران في جميع أنحاء البلاد، وأن المتاجرين بالجنس يستغلون أطفالاً لا تتجاوز أعمارهم 10 سنوات؟ وبحسب ما ورد، تتغاضى الحكومة، وفي بعض الحالات تسهل، بشكل مباشر، عن الاستغلال الجنسي التجاري والاتجار بالجنس للبالغين، والأطفال في جميع أنحاء البلاد، كما يُزعم أن الشرطة الإيرانية، و(الحرس الثوري) الإيراني، والباسيج، ورجال الدين، وآباء الضحايا متورطون في جرائم الاتجار بالجنس، أو يغضون الطرف عنها».
وأبان التقرير أن الطلب على الجنس التجاري في إيران يحدث في المراكز الحضرية الكبيرة، بما في ذلك قم ومشهد. ودفع الفقر وتراجع الفرص الاقتصادية بعض الإيرانيات إلى ممارسة الجنس التجاري طوعاً؛ وبعد ذلك يجبر المتاجرون هؤلاء النسوة على ممارسة الجنس التجاري، كما أن بعض الإيرانيات اللواتي يبحثن عن عمل لإعالة أسرهن، وكذلك الشابات والفتيات الإيرانيات اللواتي يهربن من منازلهن، معرضات للاتجار بالجنس، مضيفاً: «يُقال إن الزيجات (الموقتة) أو (قصيرة الأجل) لغرض الاستغلال الجنسي التجاري، والتي تستمر من ساعة واحدة إلى أسبوع، منتشرة على نطاق واسع في إيران، وتحدث في ما يسمى بيوت العفة، وصالونات التدليك والمنازل الخاصة».
في إعلان الولايات المتحدة عن تقريرها السنوي لمحاربة الاتجار بالأشخاص للعام 2021، قُسّمت الدول إلى 3 مجموعات، الأولى كانت الأكثر صرامة في توفير التشريعات والقوانين والمراقبة في مكافحة الاتجار بالأشخاص، فيما المجموعة الثانية أقل منها في تنفيذ تلك التشريعات ومكافحة الممارسات، والأخيرة هي الأكثر سوءاً، والتي لا تطبق الأنظمة والتشريعات، بل تغض الطرف عن الممارسات والانتهاكات، وتضم هذه الفئة الأخيرة 17 دولة، مثل إيران، سوريا، الصين، روسيا، أفغانستان، بورما، كوبا، وغيرها.
واعتبر التقرير أن جائحة «كورونا» سبّبت تداعيات غير مسبوقة على حقوق الإنسان والتنمية الاقتصادية على مستوى العالم، بما في ذلك الاتجار بالبشر، وأدّت إلى زيادة عدد الأشخاص الذين عانوا من نقاط ضعف أمام الاتجار بالبشر، وعرقلة التدخلات الحالية والمخطط لها لمكافحة الاتجار، وانخفاض تدابير الحماية وتوفير الخدمات للضحايا وتقليل الجهود الوقائية، وإعاقة التحقيقات ومحاكمة المتاجرين بالبشر.
وأضاف: «أظهر استطلاع أجراه مكتب الأمن والتعاون في أوروبا، التابع لمنظمة الأمن والتعاون للمؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان، وهيئة الأمم المتحدة للمرأة، أن ما يقرب من 70 في المائة من الناجين من الاتجار بالبشر من 35 دولة أفادوا بأن وضعهم المالي قد تأثر بشدة بفيروس كورونا، وعزا أكثر من الثلثين تدهور صحتهم العقلية إلى عمليات الإغلاق التي تفرضها الحكومة، والتي تثير ذكريات المواقف الاستغلالية».


مقالات ذات صلة

رئيس الوزراء البريطاني يطالب العالم باليقظة لمواجهة مهربي البشر

أوروبا رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يلقي كلمة خلال افتتاح مؤتمر «الجمعية العامة للإنتربول» في غلاسكو ببريطانيا يوم 4 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

رئيس الوزراء البريطاني يطالب العالم باليقظة لمواجهة مهربي البشر

قال رئيس الوزراء البريطاني إن عصابات تهريب البشر، الذين يرسلون المهاجرين عبر القناة الإنجليزية في قوارب صغيرة، يشكلون تهديداً للأمن العالمي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا جنود يوزعون زجاجات مياه على مجموعة كانت محتجَزة لدى تجار البشر في ليبيا (لقطة من فيديو نشره النائب العام الليبي)

ليبيا تعلن عن تفكيك شبكة للإتجار في البشر

أعلن مكتب النائب العام الليبي أن السلطات فككت شبكة ضالعة في الاتجار بالبشر في منطقة بجنوب غربي البلاد.

«الشرق الأوسط» (طرابلس)
شمال افريقيا أنصار الرئيس التونسي قيس سعيد ينظمون مسيرة حاشدة احتفالاً بيوم الجمهورية التونسية إلى جانب احتجاج أنصار أحزاب المعارضة للمطالبة بالإفراج عن المعارضين السياسيين في البلاد (د.ب.أ)

تطورات جديدة في قضايا المتهمين بـ«التآمر على أمن الدولة» في تونس

أعلنت مصادر أمنية رسمية تونسية أن قوات مكافحة الإرهاب ووحدات أمنية من النخبة في محافظات عدة ألقت مؤخراً القبض على عدد من المتهمين في قضايا إرهاب وتهريب بشر.

كمال بن يونس (تونس)
العالم العربي وزيرة التضامن ورئيسة لجنة مكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر (مجلس الوزراء المصري)

​مصر تتوسع في إنشاء دُور إيواء لضحايا «الاتجار بالبشر»

تعمل الحكومة المصرية على التوسع في إنشاء دور إيواء لدعم ضحايا جريمة «الاتجار بالبشر» من المصريين والأجانب بعد أن دشنت أول دار إيواء متخصصة قبل 4 سنوات.

محمد عجم (القاهرة)
شمال افريقيا تزايد شكاوى التونسيين من تزايد أعداد المهاجرين السريين في شوارع جبنيانة والعامرة بولاية صفاقس (أ.ف.ب)

تونسيون يحذرون من تدهور الوضع الأمني بسبب تدفق المهاجرين

حذر المجتمع المدني في مدينتي جبنيانة والعامرة التونسيتين من تدهور خطير للوضع الأمني بسبب تدفق مهاجري دول أفريقيا جنوب الصحراء، وتفشي أعمال العنف.

«الشرق الأوسط» (تونس)

خبراء: تجربة كوريا الشمالية الباليستية تشير إلى احتمال القدرة على استهداف البر الأميركي

جانب من إطلاق كوريا الشمالية صاروخاً باليستياً عابراً للقارات من طراز «هواسونغ 18» في 18 ديسمبر 2023 (رويترز)
جانب من إطلاق كوريا الشمالية صاروخاً باليستياً عابراً للقارات من طراز «هواسونغ 18» في 18 ديسمبر 2023 (رويترز)
TT

خبراء: تجربة كوريا الشمالية الباليستية تشير إلى احتمال القدرة على استهداف البر الأميركي

جانب من إطلاق كوريا الشمالية صاروخاً باليستياً عابراً للقارات من طراز «هواسونغ 18» في 18 ديسمبر 2023 (رويترز)
جانب من إطلاق كوريا الشمالية صاروخاً باليستياً عابراً للقارات من طراز «هواسونغ 18» في 18 ديسمبر 2023 (رويترز)

أطلقت كوريا الشمالية صاروخاً باليستياً عابراً للقارات لأول مرة منذ نحو عام، اليوم (الخميس)، مما يدل على تقدم محتمل في قدرتها على إطلاق هجمات نووية بعيدة المدى على البر الرئيسي للولايات المتحدة، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

ومن المرجح أن يكون الإطلاق يهدف إلى جذب انتباه الولايات المتحدة قبل أيام من الانتخابات الأميركية، والرد على الإدانة بشأن إرسال كوريا الشمالية قوات إلى روسيا لدعم حربها ضد أوكرانيا. وتكهن بعض الخبراء بأن روسيا ربما قدمت مساعدة تكنولوجية لكوريا الشمالية بشأن الإطلاق.

راقب الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ أون، الإطلاق، واصفاً إياه بأنه «عمل عسكري مناسب» لإظهار عزم كوريا الشمالية على الرد على تحركات أعدائها التي هددت سلامة الشمال، وفقاً لبيان بُثّ بوسائل الإعلام الرسمية في كوريا الشمالية.

وقال كيم إن «المناورات العسكرية المغامرة المختلفة» التي قام بها الأعداء سلطت الضوء على أهمية القدرة النووية لكوريا الشمالية. وأكد أن كوريا الشمالية لن تتخلى أبداً عن سياستها في تعزيز قواتها النووية.

وقالت كوريا الشمالية بثبات إن تعزيز قدراتها النووية هو خيارها الوحيد للتعامل مع توسع التدريب العسكري بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، على الرغم من أن واشنطن وسيول أكدتا مراراً أنهما لا تنويان مهاجمة كوريا الشمالية. ويقول الخبراء إن كوريا الشمالية تستخدم تدريبات منافسيها ذريعة لتوسيع ترسانتها النووية لانتزاع التنازلات عندما تستأنف الدبلوماسية.

الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يسير بالقرب من صاروخ باليستي من طراز «هواسونغ 17» على منصة الإطلاق بموقع غير معلن في بلاده يوم 24 مارس 2022 (أ.ب)

جاء بيان كوريا الشمالية بعد ساعات من إعلان جيرانها أنهم اكتشفوا أول اختبار لصاروخ باليستي عابر للقارات أجرته كوريا الشمالية منذ ديسمبر (كانون الأول) 2023، وأدانوه بوصفه استفزازاً يقوّض السلام الدولي.

وقال وزير الدفاع الياباني، جين ناكاتاني، للصحافيين إن مدة طيران الصاروخ البالغة 86 دقيقة، وارتفاعه الأقصى الذي يزيد على 7 آلاف كيلومتر، تجاوزا البيانات المقابلة لتجارب الصواريخ الكورية الشمالية السابقة.

ووفق الخبراء، فإن التحليق الأعلى للصاروخ ولمدة أطول من ذي قبل يعنيان أن قوة دفع محركه قد تحسنت. ويقول الخبراء إنه بالنظر إلى اختبارات الصواريخ الباليستية العابرة للقارات السابقة التي أجرتها كوريا الشمالية، فقد أثبتت هذه الصواريخ بالفعل أنها يمكن أن تصل نظرياً إلى البر الرئيسي للولايات المتحدة، وأن الإطلاق الأخير كان على الأرجح مرتبطاً بجهد لفحص ما إذا كان الصاروخ يمكن أن يحمل رأساً حربياً أكبر.

وقال جونغ تشانغ ووك، رئيس «مركز أبحاث منتدى دراسات الدفاع الكوري» في سيول، إنه من الصحيح أن نقول إن الصاروخ الذي أُطلق يوم الخميس يمكن أن يحمل أكبر رأس حربي والأشد تدميراً في كوريا الشمالية. وأضاف أن الإطلاق كان من المرجح أيضاً أن يكون مصمماً لاختبار جوانب تكنولوجية أخرى تحتاج كوريا الشمالية إلى إتقانها لمزيد من التقدم في برنامج الصواريخ الباليستية العابرة للقارات.

وقطعت كوريا الشمالية خطوات واسعة في تقنياتها الصاروخية خلال السنوات الأخيرة، لكن كثيراً من الخبراء الأجانب يعتقدون أن البلاد لم تكتسب بعد صاروخاً نووياً فعالاً يمكنه ضرب البر الرئيسي للولايات المتحدة. ويقولون إن كوريا الشمالية تمتلك على الأرجح صواريخ قصيرة المدى قادرة على توجيه ضربات نووية عبر كوريا الجنوبية بأكملها.

وبرزت سابقاً مخاوف من أن كوريا الشمالية قد تسعى إلى الحصول على مساعدة روسية لتحسين قدرات صواريخها القادرة على حمل رؤوس نووية في مقابل إرسالها آلاف الجنود لدعم حرب روسيا ضد أوكرانيا.

وقال وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، يوم الأربعاء، إن القوات الكورية الشمالية التي ترتدي الزي الروسي وتحمل معدات روسية تتجه نحو أوكرانيا، وهو ما وصفه بأنه تطور خطر ومزعزع للاستقرار.

وقال لي تشون جيون، زميل الأبحاث الفخري في «معهد سياسة العلوم والتكنولوجيا» في كوريا الجنوبية، إن النتائج الأولية لإطلاق الصاروخ في كوريا الشمالية، يوم الخميس، تشير إلى أن روسيا ربما قدمت مكوناً رئيسياً للدفع يمكنه تعزيز قوة دفع محرك الصاروخ. وأوضح أن الدفع الأعلى يسمح للصاروخ بحمل وزن أثقل، والطيران بمزيد من الاستقرار، وضرب الهدف بدقة أكبر.

وتوقع ووك أن يكون الخبراء الروس قد قدموا نصائح تكنولوجية بشأن إطلاق الصواريخ منذ زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كوريا الشمالية للقاء زعيمها كيم في يونيو (حزيران) الماضي.

وقال كوان يونغ سو، الأستاذ الفخري بجامعة الدفاع الوطني في كوريا الجنوبية، إن كوريا الشمالية ربما اختبرت نظاماً متعدد الرؤوس الحربية لصاروخ باليستي عابر للقارات موجود بالفعل.

وتابع كوان: «لا يوجد سبب يدعو كوريا الشمالية إلى تطوير صاروخ باليستي جديد آخر عابر للقارات مع امتلاكها بالفعل أنظمة عدة بمدى يصل إلى ما بين 10 آلاف و15 ألف كيلومتر، يمكنها الوصول إلى أي مكان على الأرض».

تجربة إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات من طراز «هواسونغ 17» بمكان غير معلوم في كوريا الشمالية يوم 24 مارس 2022 (أ.ب)

وجاء تأكيد كوريا الشمالية على إجراء اختبار الصاروخ الباليستي العابر للقارات سريعاً هذه المرة، حيث عادة ما تعلن كوريا الشمالية عن اختبارات الأسلحة التي تجريها بعد يوم من إجرائها، وفق «أسوشييتد برس».

يقول يانغ أوك، الخبير في «معهد أسان لدراسات السياسة» في كوريا الجنوبية: «ربما كانت كوريا الشمالية تعتقد أن منافسيها قد ينظرون إليها باستخفاف بعد أن أعطت كثيراً من الموارد العسكرية لروسيا».

وأضاف: «ربما كان الإطلاق بمثابة عرض توضيحي لإظهار ما الذي تقدر عليه (كوريا الشمالية)، بغض النظر عن إرسال القوات أو التحركات الأخرى».

ووصف المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، شون سافيت، الإطلاق بأنه «انتهاك صارخ» لقرارات مجلس الأمن الدولي المتعددة، ضمن الانتهاكات التي «تثير التوترات دون داعٍ وتهدد بزعزعة استقرار الوضع الأمني ​​في المنطقة».

وأشار سافيت إلى أن الولايات المتحدة «ستتخذ جميع التدابير اللازمة لضمان أمن الوطن، وحلفائها الكوريين الجنوبيين واليابانيين».

وقال المتحدث العسكري الكوري الجنوبي، لي سونغ جون، إن الصاروخ الكوري الشمالي ربما أطلق من مركبة إطلاق ذات 12 محوراً، وهي أكبر منصة إطلاق متحركة لدى كوريا الشمالية. وقد أثار الكشف عن مركبة الإطلاق الجديدة في سبتمبر (أيلول) الماضي تكهنات بأن كوريا الشمالية قد تطور صاروخاً باليستياً عابراً للقارات أكبر من الصواريخ الحالية.

وأبلغت وكالة الاستخبارات العسكرية في كوريا الجنوبية المشرعين، أمس (الأربعاء)، أن كوريا الشمالية أكملت على الأرجح الاستعدادات لتجربتها النووية السابعة أيضاً. وقالت حينئذ إن كوريا الشمالية قريبة من اختبار صاروخ باليستي عابر للقارات.

الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يشرف على تدريبات مدفعية في بلاده يوم 7 مارس 2024 (أ.ب)

في العامين الماضيين، استخدم زعيم كوريا الشمالية، كيم جونغ أون، غزو روسيا أوكرانيا نافذةً لتكثيف اختبارات الأسلحة والتهديدات مع توسيع التعاون العسكري مع موسكو.

وتقول كوريا الجنوبية والولايات المتحدة ودول أخرى إن كوريا الشمالية شحنت بالفعل مدفعية وصواريخ وغيرهما من الأسلحة التقليدية لتجديد مخزونات الأسلحة الروسية المتضائلة، وإن المشاركة المحتملة من كوريا الشمالية في حرب أوكرانيا من شأنها أن تشكل تصعيداً خطراً.

إلى جانب التقنيات النووية والصاروخية الروسية، يقول الخبراء إن كيم جونغ أون يأمل أيضاً على الأرجح في الحصول على مساعدة روسية لبناء نظام مراقبة فضائي موثوق به وتحديث الأسلحة التقليدية لبلاده. ويرجّحون أن كيم سيحصل على مئات الملايين من الدولارات من روسيا مقابل أجور جنوده إذا تمركزوا في روسيا لمدة عام واحد.