الحلقة (3): شيراك عرض على الأسد نزع سلاح «حزب الله» مقابل البقاء في لبنان

في محضر اجتماعه مع عبد الحليم خدام وتنشره «الشرق الأوسط» ضمن رسائل الرئيسين السوري والعراقي

الرئيسان السوري حافظ الأسد والفرنسي جاك شيراك بباريس في 16 يوليو 1998 (غيتي)
الرئيسان السوري حافظ الأسد والفرنسي جاك شيراك بباريس في 16 يوليو 1998 (غيتي)
TT

الحلقة (3): شيراك عرض على الأسد نزع سلاح «حزب الله» مقابل البقاء في لبنان

الرئيسان السوري حافظ الأسد والفرنسي جاك شيراك بباريس في 16 يوليو 1998 (غيتي)
الرئيسان السوري حافظ الأسد والفرنسي جاك شيراك بباريس في 16 يوليو 1998 (غيتي)

على خلفية التقدم في الرسائل السرية بين الرئيسين صدام حسين وحافظ الأسد في عام 1996، قرر الرئيس السوري إيفاد نائبه عبد الحليم خدام إلى باريس للقاء الرئيس الفرنسي جاك شيراك لإطلاعه على قرار فتح الحدود السورية - العراقية المغلقة منذ عام 1982.
هدف الأسد من التنسيق مع شيراك كان تخفيف أي رد فعل أميركي عنيف على محاولة فك «عزلة» صدام. يضاف إلى ذلك، تعزيز «الثقة» مع الرئيس الفرنسي، بعدما نجح الرئيس السوري في الضغط على أميركا، لإدخال فرنسا إلى ترتيبات مراقبة «تفاهم نيسان» الذي أبرم في أبريل (نيسان) 1996 بعد حرب «عناقيد الغضب» الإسرائيلية في لبنان، والتي شنها شيمعون بيريس وأفقدته رئاسة الوزراء لصالح بنيامين نتنياهو، في منتصف 1996.
وبالفعل، التقى شيراك مع خدام في 31 يوليو (تموز) 1996، لشرح مبررات الخطوة السورية. وحسب محضر الاجتماع، الذي تنشره «الشرق الأوسط» اليوم في الحلقة الثالثة، من الرسائل السرية بين صدام والأسد، فإن الرئيس السوري أبلغ، عبر نائبه، نظيره الفرنسي بأن «الوضع في العراق الآن أصبح مقلقاً، وهو قنبلة على وشك الانفجار»، وأن فتح الحدود «من شأنه أن يضع كوابح لأي مغامرات جديدة للنظام العراقي».
شيراك رد، من جهته، بأن معاناة العراقيين يتحمل صدام «مسؤولياتها الجسيمة، لكن ليس من أحد يريد أن يدفع الشعب العراقي، نظراً لوضعه، إلى حركة يمكن أن تفجّر المنطقة بأسرها»، مستدركاً: «المشكلة أنه يصعب اليوم أن نؤثر على أبي عدي (صدام) لأن الناس لا يجرأون على التحدث معه، وهذا ما يفسر أننا نتحدث مع (نائب رئيس الوزراء) طارق عزيز، ويحصل اتفاق، وفجأة يحدث شيء آخر، لأن صدام مفطور على هذا النحو وليس هناك من يجرؤ على التحدث إليه».
شيراك، الذي أراد أن يبقى مضمون اللقاء سرياً، فاجأ خدام بفتح ملف آخر قريب إلى أولويات الأسد، ويخص الوجود العسكري السوري في لبنان، واحتمال بدء مفاوضات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد نتنياهو. لكن المفاجأة الأكبر أنه قدم عرضاً لافتاً: «إذا تم انسحاب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان، فهذا يفترض أن جيش لبنان سيتولى ضمان كامل الحدود. إن فرنسا قالت إنها مستعدة لوضع مراقبين، لكن هذا يعني من جهة ثانية نزع سلاح «حزب الله»، وهذا بالطبع أمر يرتبط بسوريا ويهمها، وسوريا، كما هو طبيعي، لا يمكن أن تقبل بذلك دون مقابل. والتساؤل هو: ما هو المقابل؟ مثلاً الانسحاب من الجولان، وأن تضمن وجودها العسكري في لبنان لبعض الوقت بعد العملية»، حسب محضر اجتماع خدام وشيراك الذي كان نائب الرئيس السوري حمله مع أوراقه ووثائقه، إلى باريس في 2005.
في السابع من يوليو (تموز) 1996، اقترح خدام على الأسد أن يوفد ممثلاً لفرنسا، حاملاً رسالة للرئيس شيراك لشرح مواقف دمشق. وافق الأسد واستقبل شيراك خدام في 31 يوليو. وهنا نص المحضر: «أود أن أبلغ الرئيس شيراك أطيب تحيات الرئيس الأسد، مع تقديره العالي للأجواء الجيدة التي تسود علاقاتنا، وهو يؤكد أن سوريا مستمرة في العمل لتعزيز العلاقات وعلى تحقيق الشراكة والتعاون الاستراتيجي بين البلدين، وهو مرتاح جداً للرسالة التي حملها (هيرفيه) دوشاريت (وزير الخارجية)، ولا شك أن العلاقات في عهد شيراك تشكل مرحلة جديدة، ولا سيما سياسة فرنسا الدولية والشرق أوسطية.
الموضوع الذي كلفني السيد الرئيس بنقله يتعلق بالعراق. يعرف الرئيس شيراك أن بيننا وبين العراق خصومات قديمة، منذ الستينات، وتحمّلنا أذى كثيراً من العراق، وكنا في الحقيقة نعترض على السياسة غير الحكيمة، سواء في الحرب ضد إيران (1980 - 1988) ثم في اجتياح الكويت (1990). في الواقع، الوضع في العراق الآن أصبح مقلقاً، وهو قنبلة تهدد بالانفجار في المنطقة بسبب الحصار والحظر المفروض على العراق. لذلك اتخذت سوريا توجهاً بفتح الحدود مع العراق. طبعاً الحدود بيننا مقطوعة منذ عام 1982. وبالطبع مسألة فتح الحدود ستكون في إطار قرارات مجلس الأمن. تعلمون أن الحدود الدولية بين العراق والأردن مفتوحة، والحدود مع تركيا مفتوحة، ومع إيران مفتوحة.
أسباب هذا التوجّه الجديد، هي:
أولاً المعاناة الكبيرة التي يعيشها الشعب العراقي.
الأمر الثاني، هناك عمل مستمر من قبل جهات خارجة لإحداث قتال، حرب أهلية في العراق، وبين بعض شرائح الشعب العراقي. ومثل هذه الحرب، إذا حدثت، فسوف تفجّر المنطقة كلها.
ثالثاً، نعتقد أن مناخاً جديداً واقعاً للعلاقات بين البلدين يشكل كابحاً للحكومة العراقية للقيام بأي عمل يخل بالأمن والاستقرار في المنطقة. لا شك أنه في عام 1991. لو كان هناك علاقات طبيعية بين سوريا والعراق، لكان من الصعب وقوع هذه الحرب الثانية في الخليج. خطوتنا تكبح مغامرات صدام.
طبعاً، انطلاقاً من مصالح فرنسا في المنطقة، ودور فرنسا في المنطقة، نود أن نطلع الرئيس شيراك على هذا التوجه الجديد قبل إعلانه.
رد الرئيس شيراك: «لست بحاجة لأن أقول إن هذا بالنسبة لي نبأ سار. إنني أجري التحليل نفسه حول مخاطر هذا الحظر. إن فرنسا عملت كثيراً في الأمم المتحدة لتخطو خطوة إلى الأمام بالقرار 986. وقد عملنا بعد ذلك بالتنسيق مع طارق عزيز. لقد استقبلناه مرتين أو ثلاث مرات. وزير الخارجية بالطبع هو الذي استقبله. إن تحليلنا للوضع هو واحد تماماً. طبعاً، يمكن أن يحكم المرء كما يشاء على المسؤوليات الجسيمة التي هي مسؤوليات صدام فيما حصل، لكن ليس من أحد يريد أن يدفع الشعب العراقي، نظراً لوضعه، إلى حركة يمكن أن تفجّر المنطقة بأسرها. إن عودة العلاقات إلى وضع طبيعي بين سوريا والعراق هو نبأ سار للغاية. لدي عدة أفكار تردني بهذه المناسبة. نقطتي الأولى إذن هي أني أرحب بهذا القرار ترحيباً كبيراً، لأن ذلك بالنسبة للاستقرار في المنطقة أمر هام جداً. يمكن بالطبع ألا تقدر أميركا ولا إسرائيل هذا الأمر كثيراً، ولكن فرنسا توافق عليه تماماً. ثم إنني أطلب نقل الرسالة التالية إلى الرئيس الأسد، وهي أن هذا الجزء من محادثاتنا سيظل سرياً بيننا حتى الوقت الذي تقوم فيه سوريا بإعلان اتجاهها هذا، وأظن أن الوزير دوشاريت لديه ما يقوله بهذا الشأن».
وهنا قال دوشاريت: «هناك مسألتان. النقطة المهمة الأولى هي التي افتتح بها خدام حديثه حول عودة العلاقات وفتح الحدود في إطار احترام قرارات مجلس الأمن الدولي، والنقطة الثانية أن سوريا تلعب دوراً خاصاً وهاماً لتقنع العراق بأن يكون ملتزماً بالقرارات الدولية. لقد استمعنا تماماً للعراق، آملين بأنه سيتم التوصل إلى اتفاق بشأن تلك القرارات، غير أنه خاب أملنا للتصرف الأخرق الذي صدر عن العراق».
عقب شيراك: «المشكلة أنه يصعب اليوم أن نؤثر على (أبي عدي)، لأن الناس لا يجرأون على التحدث معه، وهذا ما يفسر أننا نتحدث مع طارق عزيز، ويحصل اتفاق، وفجأة يحدث شيء آخر، لأن صدام مفطور على هذا النحو، وليس هنالك من يجرؤ على التحدث إليه».
أجبت: «طبعاً نحن سنتحدث بصراحة مع العراقيين، وذلك لمصلحة العراق أولاً... وصدام حسين سيفهم هذه الرسالة السورية، لأنه إن لم يفهم هذه الرسالة فلا يستطيع أحد أن يساعد العراق».
عقب شيراك: «نريد أن نشارك في عملية السلام، وليس من عملية سلام ممكنه دون سوريا. أرجو أن تكونوا على ثقة بأن فرنسا لن تتخذ أي موقف، ولا سيما فيما يتعلق بعملية السلام، يمكن أن يزعج سوريا. وقبل أن تفعل، قبل أن تقرر أي شيء، سنقوم بالاتصالات اللازمة معكم. والرئيس الأسد ينبغي أن يكون على اقتناع بأن سياساتنا متوافقة وستكون كذلك، وإن وقع أي اختلاف فسوف نتصل بكم قبل أن نقرر أي شيء. إنني أقول ذلك لأنه قد جرى اتصال طويل بيني وبين نتنياهو، بناءً على طلب منه، وقال إنه سيتصل أيضاً هذا الأسبوع. لقد وجدته نسبياً أكثر مرونة مما كان عليه منذ 10 أو 15 يوماً حينما كان في أميركا. و(الرئيس المصري الراحل حسني) مبارك الذي التقاه، اتصل بي أيضاً ليقول إنه وجده أكثر مرونة، ولكنه لم يغير موقفه حول مبدأ الأرض مقابل السلام، لكنه لم يقل شيئاً حول الجولان. ونحن نرى أنه لا بد في هذا المجال من التفاوض حول الجولان. لقد أكد رغبته في العودة إلى عملية السلام مع سوريا ولبنان، ولكن دون أن يقول شيئاً عن أي استعدادات يمكن أن يجيء بها. على أنه أتى بشيء جديد، بعكس بيريز، وهو أنه قال: «نحن نرغب أن تتدخل فرنسا في هذه العملية. وقال إن لديكم علاقات طيبة مع سوريا، ونريد أن نستغل ونفيد من هذا الموقف، في حين كان بيريز يقول إن أميركا تكفي وحدها في هذه العملية، ونحن خارج هذه المنطقة ولا بد من أن نعمل للسلام مع داخل المنطقة».
وتابع شيراك: «لقد كان ثمة أمر فوجئت به وهو أنه تكلم عن مصلحة إسرائيل»، متسائلاً: «أي مصلحة لإسرائيل في وجود عسكري لها في جنوب لبنان؟ بالطبع، يمكن أن أكون أنا إلى جانب اتجاه كهذا، ولكن هذا الأمر قد يطرح مشكلة كبيرة على سوريا، وأنا لا أريد أن أتسبب بأي مشكلة لها، كما لا أود أن أقع في فخ. لا أريد أن تتخذ فرنسا أي موقف لا توافق عليه سوريا، وهذا بالطبع فخ. لذلك قلت له بوضوح، في هذه العملية: لا يمكن فصل الجولان عن جنوب لبنان، لأن الجولان وجنوب لبنان هما عنصر مترابط في هذه المفاوضات، ولا بد لذلك من فتح المفاوضات مع سوريا ولبنان. قال: سأفكر في هذا الأمر، ثم نعيد الحديث فيه. إن كنت أقول ذلك، فلأنني بشكل غريزي كنت أقول: لو كنت محل نتنياهو لسحبت قواتي دون شرط من جنوب لبنان، وأزعجت الجميع، وخلقت مشكلة للجميع. ولست بحاجة لأن أقول لكم إنني لا يمكن أن أنصحه بالإقدام على مثل هذا العمل، إنما أرى أن سوريا لا يمكن أن تستبعد مثل هذه الفرضية، ويجب بالنتيجة أن تعد نفسها لذلك. فإن تم انسحاب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان، فهذا يفترض أن جيش لبنان سيتولى ضمان كامل الحدود. إن فرنسا قالت إنها مستعدة لوضع مراقبين، ولكن هذا يعني من جهة ثانية نزع سلاح «حزب الله»، وهذا بالطبع أمر يرتبط بسوريا ويهمها. وسوريا، كما هو طبيعي، لا يمكن أن تقبل بذلك دون مقابل. والتساؤل هو: ما هو المقابل؟ مثلاً، الانسحاب من الجولان، وأن تضمن وجودها العسكري في لبنان لبعض الوقت بعد العملية؟ وإذا كنت أقول ذلك فلسببين:
1 - إن فرنسا لن تتحرك في هذا النطاق ضد سوريا، ولا تتحرك إلا بعد التشاور معها. نحن حريصون على لبنان واستقلاله، وكذلك على الروابط المميزة بين لبنان وسوريا، ولن نعمل شيئاً ضد سوريا وضد مصالح سوريا.
2 - ذاك كان السبب الأول، والثاني أن تلك فرضية لا يمكن استبعادها. إن الإسرائيليين يحاولون الاتصال دوماً بمن يمكن أن يساعدهم، ولكنهم في النهاية يتخذون قراراتهم وحدهم ولا يهمهم ما يفكر به الآخرون وما يرونه، بمن في ذلك الأميركيون، وكذلك الفرنسيون. هم يقولون إن الفرنسيين علاقاتهم جيدة مع البلدان العربية، ولذلك يمكنهم أن يؤدوا خدمة. طبعاً، نحن لن نملي عليهم طريقة تصرفهم، ولكن ما يجب أن نقوله إن الانسحاب غير مستبعد.
شكرت الرئيس شيراك على هذه المعلومات التي تحدث عنها، وعلى موقف فرنسا من سوريا، وقلت: «نتنياهو يريد تغيير قواعد اللعبة مع الاحتفاظ بالهدف الذي أعلنه أثناء حملته الانتخابية. لقد التقى مبارك، الذي أوفد وزير خارجيته إلى سوريا، فسأله الرئيس الأسد: ما الذي أخذتموه من نتنياهو؟ فأجاب: تغيير في اللهجة. وسأله الرئيس: هل أخذتم مواقف جديدة يصح البناء عليها؟ فقال لا.

جاء (المبعوث الأميركي الأسبق دينس) روس وطرح معاودة المفاوضات، فقال له الرئيس الأسد: على أي أساس نعاود هذه المفاوضات؟ فقال روس: دون شروط مسبقة، فقال الرئيس: ولكن هنالك مبادئ ومرجعيات للعملية السلمية. نحن مستعدون للمعاودة، ولكن انطلاقاً من النقطة التي وصلنا إليها. لدينا التزام اتخذه الجانب الإسرائيلي، وقد بلغ إلينا عن طريق (وزير الخارجية الأميركي الأسبق وارن) كريستوفر، وهو الانسحاب حتى خط الرابع من يونيو (حزيران) 1967. وهنالك أيضاً ترتيبات أمنية حصل اتفاق حولها. من هنا، من هذه النقطة ننطلق. فأجاب روس: لا، مستحيل. قال الرئيس الأسد: إذن، على أي أسس نعمل؟ إن أي أسس ثانية إنما تعني القبول ببرنامج نتنياهو. ثم، كيف نعود إلى المفاوضات وهم لا يعترفون بالقرارات الدولية؟ فقال روس: بل هم يقبلون، ولكنْ لديهم تفسير خاص لهذه القرارات. هم لا يرفضون الانسحاب، وفي الوقت نفسه لا يقبلون بالانسحاب. استنتاجنا أنه إذا لم يعطِ نتنياهو شيئاً لكلينتون فكيف يعطي لمبارك؟ وجاء (الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر) عرفات بدوره وهو حزين جداً يصرخ ويولول لأنهم لا يعطونه شيئاً. في رأينا أن نتنياهو يناور. ففي لبنان لا يريد الانسحاب وفقاً للقرار 425. الانسحاب حسب القرار 425 ليس مشكلة بالنسبة لنا. فالدولة هناك ستنهض بمهامها وتتحمل مسؤولياتها. ولكن هو يريد أن يضرب عصفورين بحجر واحد. إنه يريد تخريب العلاقات داخل لبنان وبين الفئات اللبنانية، كما يريد خلق شقاق بين سوريا ولبنان. ولكن الجميع في لبنان يدركون هذه اللعبة. ثم إذا كان نتنياهو يؤمن بمبدأ الانسحاب، فلماذا يرفض ذلك بالنسبة لسوريا والأراضي الفلسطينية؟ هو قد نُصِح من جانب الأميركيين بتغيير لهجته. بدأ يغيّر الألفاظ والكلمات ليمتص القلق الذي تحدثه مواقفه، ولكنه يبقى في تلك المواقف. لقد بدأوا الآن بشق طرق جديدة في الضفة الغربية، كما عاودوا النشاط الاستيطاني. فكيف يريد السلام وهو يتابع مثل هذه السياسة؟».
وهنا قال الرئيس شيراك: «هنالك عنصر لا بد من أخذه في الحسبان. لقد قابلت نتنياهو قبل أن يجيء إلى الحكم. لقد جاء من قبل مرتين إلى دار العمدة في باريس، والفكرة التي أخذتها عنه آنذاك أنه ذكي وشاب وطموح، ولكنه ليس رجل قناعات. المشكلة أنه محاط بشكل سيء. فهناك عسكريون يريدون الانتقام ويسعون إليه، ومتدينون من الجانب الآخر، ولكنه شاب وطموح ويود البقاء في السلطة أطول فترة ممكنة. إنه يريد البقاء فترة طويلة. وبما أنه ذكي، فهو يعلم أنه لا يمكن أن يظل في المستقبل إلا إذا سعى إلى السلام، لأن رجل الحرب هو رجل الماضي، أما رجل السلام فهو رجل المستقبل. كانت هناك حملة انتخابية، وهي تؤكد التزامات، كما أن ثمة قوى تُلزمه ببعض الأمور، ولكن من الممكن أن يتطور. ما هو مؤكد أنه بحاجة للتحرك. وبالنسبة لمواقفه، يمكن أن يتحرك في الجولان، ولكن ليس في الحال، بل بعد وقت. هذا هو انطباعي الخاص. المكان الوحيد الذي يمكنه أن يتحرك فيه هو لبنان. فلبنان يكلفه الكثير دون أن يعطيه شيئاً. وأنا أخشى أن يتخذ ذات يوم مبادرة تزعج سوريا وتزعج لبنان وتزعج الجميع. ولذلك أقول إنه لا بد أن يظل هذا الاحتمال وارداً لكي لا نُفاجأ به».
علقتُ على حديث الرئيس: «ما يلفت النظر أنه لم يطرح هذا الأمر مع الأميركيين، و(دينس) روس لم يتحدث عن ذلك مطلقاً. إن وصف الرئيس شيراك لنتنياهو وصف دقيق، لكن هذا الأخير لا يستطيع اتخاذ قرار. فالقرار تتخذه المؤسسة العسكرية. وحتى إذا أراد اتخاذ قرار فأمامه عقبتان: الليكود والمتديّنون. لقد روى عرفات عن حادثتين تعرّض فيهما بيريز للضرب تقريباً من جانب أحد الجنرالات. إسرائيل مؤسسة عسكرية ودينية. هو يريد أن يناور وأن يقول إنه يسعى إلى السلم، ويبحث، ولكنه يعلم أنه إن أراد السلم فلا سلم من دون سوريا، وباب هذا السلم هو الجولان. هو يعرف ذلك، ولكنه يريد تغيير قواعد اللعبة. يريد أن يقول للعالم: «انظروا كم أنا مظلوم، مع أنني أسعى للسلم».
أجاب الرئيس شيراك: «لكن كثيرين من جنرالات إسرائيل يقولون إنهم يخسرون الكثير في لبنان، وإنه لا حاجة لبقائهم فيه. لدينا هنا جنرال صديق لجنرال إسرائيلي لأنهما درسا سويّاً، وقد قال له: لماذا نبقى؟ إننا نخسر براً ونخسر الكثير، وكل ذلك من أجل لا شيء. إن أول شيء قلته لنتنياهو: الجولان، هذا هو المهم في كل هذه العملية، ولا شيء من دونه. ولكني أقول مع ذلك إن الافتراض ممكن دائماً ولا بد من اليقظة».
عقّبتُ: «لنفترض أننا أفقنا ذات صباح ورأينا أن إسرائيل انسحبت من الجنوب. صدّقني لن يبكي أحد من جراء ذلك. ولكن يجب ألا يتم ذلك في إطار مفاوضات أو في سلام منفصل».
رد الرئيس شيراك: «هذا يعرفونه تماماً، لكن المشكلة أن تستفيقوا صباحاً وتروا أن الإسرائيليين قد ذهبوا».
قلت: «حينذاك نشرب نخبهم».
فتساءل الرئيس شيراك: «ولكن ما الذي يجري بعد هذا النخب؟».
أجبته: «لا شيء. فهنالك دولة قائمة، ولكن السؤال الآن: هل تتوقف المقاومة في لبنان؟ لا أحد يضمن ذلك».
فتساءل الرئيس شيراك ثانية: «لكن، هل يُنزع سلاح (حزب الله)؟ الجيش يمكنه أن يفعل ذلك من الناحية التكتيكية، أما سياسياً فهو لا يستطيع. من يستطيع ذلك هي سوريا. وماذا تطلب سوريا مقابل نزع السلاح هذا؟».
أجبته: «إسرائيل تنسحب ذاتياً، إذن سوف تترك فراغاً. وهناك في الجنوب، إلى جانب «حزب الله» والفصائل الفلسطينية، فئات أخرى. إن وسائل الإعلام تضخّم كثيراً أمر «حزب الله». وعلى كلٍّ فهذا الأمر يناقش داخلياً وضمن إطار مصالح لبنان وليس مصلحة إسرائيل. إسرائيل تريد خلق مشكلة في لبنان، ولكن جميع اللبنانيين مدركون لهذه اللعبة. إن مناقشة مسألة السلاح ونزع السلاح بشكل مسبق هو شرط مسبق إسرائيلي، ونتنياهو لا يريد شروطاً مسبقة».
قال شيراك: «أكرر، ربما كانت هذه فرضية لا أساس لها، أن تنسحب إسرائيل دون شروط. وكما تقول، يأخذ الجيش اللبناني مراكزه على طول الحدود، وهذا يطرح مشكلة هي وجود القوات السورية في لبنان. الأمير عبد الله والملك فهد يقولان: ماذا يحصل للجيش السوري لدى الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب؟ فأجيب: كل شيء يتم بالمناقشة بين المعنيين. ولكن، إن لم يُنزع سلاح (حزب الله) فستستمر المناوشات، وإسرائيل تستهدف حينذاك كل لبنان، وهذا ما يبحث عنه الجنرالات. لا أعتقد أن هناك جنرالات إسرائيليين كثيرين يريدون البقاء. ولكن ثمة من يريد دخول كل لبنان ومواجهة الجيش السوري، وهذا سيء للجميع. إذن، إذا حصل الانسحاب ولم يُنزع سلاح (حزب الله)، فهذا سيؤدي إلى استفزازات وأمور أخرى. أما إذا نُزع سلاحه فإن سوريا تفقد (شيئاً) حينئذٍ، ولا بد من شيء مقابل ذلك، وهو ضمان وجود سوري في لبنان. ربما كانت هذه أحلاماً. ما أريده هو أن يكون لدينا اتصال قوي وحميم».
قلت: «كما قال الرئيس شيراك، وكما قلت، وكما كلفني الرئيس الأسد أن أقول، نريد رفع سوية الاتصالات بيننا. نريد وجوداً لفرنسا في المنطقة، لأن هذه نافذة تعطينا بعض الأمل في الظرف الدولي الراهن. هذا التوجُّه يتطلب الاتصال والتنسيق والمناقشة. طبعاً، إذا حصل ما تقوله، فإننا بالتأكيد سنناقش الأمور فيما بيننا. إننا نريد السلام العادل والشامل، ونريد أن تكون فرنسا في قلب هذا السلم. إذا وقع أي أمر كذلك فمن الطبيعي أن نتصل فيما بيننا ونتناقش موضوعياً في الأمر. والمهم أن نبقى حذرين من مناورات نتنياهو. إنه ذكي وطموح، ولكنه عقائدي أيضاً. قد يحاول تطوير نفسه ولكن دون أن يترك معتقداته. إذا اتخذ طريقاً جديداً فسيجد إيجابية من جانبنا. فمن قال إن هناك غراماً بيننا وبين بيريس؟ لكنه أمكن التناقش معه ومع رابين من قبل، وقد وصلنا إلى نقاط اتفاق، ولو لم يقتل رابين لكنا قطعنا الكثير، لأنه كان أقدر من بيريس على اتخاذ القرار. الضغط على نتنياهو هو العنصر الذي يدفعه إلى التغيير».
قال شيراك: «نقطة أخيرة، تدخّلت مرة أو مرتين مع الرئيس الأسد من أجل تحرير الطيّار (الإسرائيلي) رون آراد. لقد بذل بيريس كل المساعي ولم ينجح. أنا شخصياً أؤيد هذه المسألة. ولكن، على أن لا يتم ذلك فوراً. لذلك يجب أن تكون هذه التفاتة تكرس المسيرة السلمية. تحريره قبل نهاية سبتمبر (أيلول) ستخدم السلام كثيراً».
أجبته: «لا أعلم إن كان لا يزال حياً. (الرئيس الأميركي الأسبق بيل) كلينتون طرح هذا الموضوع مع الأسد، وتابعت شخصياً الموضوع مع (حزب الله) ومع أجهزتنا الأمنية. كان في البداية سجيناً لدى حركة أمل، وحصل انشقاق في الحركة، والذي جرى أن قائد الانشقاق أخذه إلى منطقة، ثم وقعت غارة إسرائيلية على تلك المنطقة واختفى آراد. يمكن متابعة الأمر، وإن توصلنا إلى أمر فسنعمل على أن يتم الإطلاق عبر فرنسا».
رد شيراك قائلاً: «إنني أشير إلى مصلحة سوريا ومصلحة السلام لا أن نتدخل نحن في الموضوع. لقد قلت لبيريس أنني سأهتم بالموضوع، ولم أقل لنتنياهو. إن وجدتموه فإن هذه الورقة هامة لنتنياهو، ويمكن أن تكون جزءاً من عملية كاملة. إذا وُجد فإطلاقه قبل نهاية سبتمبر يولّد أثراً عكسياً على العملية. إنني أتحدث هنا بملء الحرية، لكن إن قيل لي هل قلت أنت ذلك؟ فسوف أنكر».

الحلقة (1): حافظ الأسد تلقى بحذر أول رسالة من صدام حسين... واختبره قبل الرد

تحالفات ومؤامرات خيّمت على «رسائل الغزل» بين الأسد وصدام
الحلقة (2): صدام عرض على الأسد «قمة سرية» في 1996... ومواجهة «عدوان إسرائيل» على لبنان
الحلقة (4): الأسد فتح الحدود مع العراق ونصح صدام بـ«إسقاط الذرائع» لتجنب ضربة أميركية
الحلقة الخامسة والأخيرة: كلينتون حاول «تحييد» الأسد إزاء قصف العراق باستئناف المفاوضات مع إسرائيل

 



اليمن يتجاوز الحالة المدارية الماطرة بأقل الخسائر

السلطات اليمنية بدأت فتح الطرقات وإزالة آثار السيول في المهرة (إعلام حكومي)
السلطات اليمنية بدأت فتح الطرقات وإزالة آثار السيول في المهرة (إعلام حكومي)
TT

اليمن يتجاوز الحالة المدارية الماطرة بأقل الخسائر

السلطات اليمنية بدأت فتح الطرقات وإزالة آثار السيول في المهرة (إعلام حكومي)
السلطات اليمنية بدأت فتح الطرقات وإزالة آثار السيول في المهرة (إعلام حكومي)

بأقل الخسائر تجاوز اليمن الحالة المدارية التي ضربت الأجزاء الشرقية من البلاد خلال اليومين الماضيين، وأعلن عن تسجيل حالة وفاة واحدة، واقتصرت الأضرار على الطرقات والأراضي الزراعية التي جرفتها السيول المتدفقة، وسط تأكيد مركز الأرصاد الجوية استمرار الحالة المطرية.

يأتي هذا في حين طلبت السلطة المحلية بمحافظة مأرب من السكان الذين يقطنون منازل أو خياما في ممرات السيول الإخلاء الفوري لهذه المواقع خشية تضررها، حيث تتوقع الأرصاد الجوية هطول أمطار غزيرة وتدفق السيول خلال الساعات المقبلة.

السيول جرفت الطرق في اليمن وألحقت أضراراً كبيرة بالأراضي الزراعية (إعلام حكومي)

وفي محافظة المهرة تفقد المحافظ محمد علي ياسر الأعمال الجارية لفتح الطرقات عقب السيول التي تدفقت في عدد من الأودية إثر المنخفض الجوي الذي تأثرت به المحافظة خلال الأيام الثلاثة الماضية، خاصة في وادي الجزع (المدخل الشمالي لمدينة الغيضة والواقع على الخط الدولي الساحلي).

وأثنى المحافظ على الجهود التي تقوم بها مؤسسة الطرق والجسور ومكتب الأشغال العامة في فتح الطرق وتصفية ممرات السيول أمام حركة السير، وطالب بمضاعفة الجهود في إصلاح وصيانة بقية الطرق المتضررة بما يمكن من انسيابية الحركة وتسهيل تنقل المواطنين. وأكد استعداد السلطة المحلية لتقديم المزيد من الدعم وتذليل الصعوبات التي تواجه عمل مؤسسة الطرق.

وفاة واحدة

في محافظة حضرموت ذكرت السلطات المحلية أن شخصا فارق الحياة في مدينة المكلا عندما جرفته السيول، وهي حالة الوفاة الوحيدة المسجلة حتى الآن، فيما جرفت السيول عددا من السيارات ومساحات من الأراضي الزراعية في وادي حضرموت تحديدا.

وأصدرت غرفة الأرصاد والتنبؤات بحضرموت تنبيها أكدت فيه استمرار تدفق السيول في أجزاء واسعة من مديريات الهضبة الغربية والجنوبية، وأكدت أن الأمطار الغزيرة تتوسع على تلك المناطق مع نشاط للسحب الركامية.

بدوره أكد المركز الوطني اليمني للأرصاد والإنذار المبكر أن 8 من محافظات البلاد شهدت خلال اليومين الماضيين أمطارا متفاوتة الشدة، حيث سجلت محطات الرصد الجوي مستوى الأمطار في بعضها، ومنها مدينة المكلا (56 ملم) ومنطقتي المعافر (10.5 ملم)، والضالع (0.4 ملم)، أما في المناطق خارج نطاق محطات الرصد الجوي فقد هطلت أمطار متفرقة، بعضها غزيرة على ساحل حضرموت وأجزاء من محافظات إب والبيضاء وأبين وشبوه وحضرموت والمهرة.

سيول تتدفق في قلب مدينة المكلا مركز محافظة حضرموت (إعلام محلي)

ونبه المركز إلى استمرار هطول الأمطار الرعدية متفاوتة الشدة على أجزاء متفرقة في 12 محافظة يمنية مصحوبة بسيول جارفة، واضطراب بحري في عدد من السواحل، خلال الساعات المقبلة، وذكر أن هطول الأمطار الرعدية متفاوتة الشدة سيؤدي إلى تدفق السيول على صحار وهضاب وسواحل محافظات شبوة وحضرموت والمهرة، إضافة إلى أجزاء متفرقة من محافظات ريمة وذمار وإب وتعز والضالع وأبين والبيضاء ومأرب ومرتفعات لحج.

وبين المركز أن الأمطار المتفاوتة الشدة ستشمل أيضا أجزاء من محافظات صعدة وحجة والمحويت وعمران وصنعاء، في غرب وشمال البلاد، وطالب السكان في المناطق التي ستشهد أمطار غزيرة بعدم الوجود في بطون الأودية ومجاري السيول أثناء وبعد هطول الأمطار، والبقاء بعيدا عن العواصف الرعدية والرياح الشديدة وتساقط حبات البرد، حفاظا على سلامتهم.

كما نبه سائقي المركبات للتدني في مدى الرؤية الأفقية، بسبب هطول الأمطار وتشكل الضباب، وإمكانية حدوث الانهيارات الصخرية خاصة في المناطق الجبلية، ونصح بعدم عبور الجسور الأرضية أثناء تدفق السيول، كما حذر الصيادين ومرتادي البحر من اضطراب البحر وارتفاع الموج على السواحل الشرقية والجنوبية ومضيق باب المندب.

تدابير في مأرب

في محافظة مأرب اليمنية حذرت لجنة الطوارئ من يسكنون في الأودية وبالقرب من ممرات ومجاري السيول ‏من تدفق السيول، ودعتهم إلى الابتعاد الفوري والعاجل عن تلك المناطق، وتجنب البقاء فيها أو الاقتراب منها، حفاظا على الأرواح والممتلكات، وحملت كل من يخالف هذه التعليمات المسؤولية الكاملة.

رجل يتفقد سيارة انقلبت بسبب الفيضانات الناجمة عن الأمطار الغزيرة في مدينة المكلا اليمنية (رويترز)

ووفق تقرير أصدره صندوق الأمم المتحدة للسكان مطلع العام الحالي تضرر أكثر من 300 ألف شخص خلال العام الماضي جراء الظروف المناخية القاسية، واستمرار الصراع، وأجبروا على ترك منازلهم في معظم أنحاء اليمن.

وأكد الصندوق الأممي أن تفاقم الصراع والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ، مثل الأعاصير والفيضانات والأمطار الغزيرة؛ أديا إلى تضرر 45 ألف أسرة تتكون ممّن 319445 شخصا؛ حيث أجبر هؤلاء على الفرار من منازلهم في 20 محافظة.

وبحسب ما ذكر التقرير فإن الغالبية العظمى أو ما نسبته 75 في المائة من إجمالي المتضررين، كانت بسبب الكوارث الطبيعية المرتبطة بالمناخ التي أدت إلى نزوح 239 ألف شخص نتيجة الفيضانات ونحو 37 ألف شخص بسبب الأعاصير، كما حدث في محافظات المهرة وحضرموت وسقطرى التي ضربها إعصار «تيج» في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.


جبايات طاردة للمزارعين ورؤوس الأموال في اليمن

بضائع المستوردين تتكدس في جمارك الجماعة الحوثية المستحدثة بسبب الضرائب الباهظة (إعلام حوثي)
بضائع المستوردين تتكدس في جمارك الجماعة الحوثية المستحدثة بسبب الضرائب الباهظة (إعلام حوثي)
TT

جبايات طاردة للمزارعين ورؤوس الأموال في اليمن

بضائع المستوردين تتكدس في جمارك الجماعة الحوثية المستحدثة بسبب الضرائب الباهظة (إعلام حوثي)
بضائع المستوردين تتكدس في جمارك الجماعة الحوثية المستحدثة بسبب الضرائب الباهظة (إعلام حوثي)

فرضت الجماعة على مزارعي المحافظة جبايات جديدة، في وقت ينوي فيه التجار ورجال الأعمال الإضراب الشامل وتنظيم احتجاجات على الزيادات الجمركية.

ويعتزم التجار في مناطق سيطرة الجماعة تنفيذ إضراب شامل واعتصامات في المراكز الجمركية بسبب رفع الرسوم الجمركية بنسبة 100 في المائة، تطبيقاً لقرار القيادي في الجماعة رشيد أبو لحوم المعين وزيراً للمالية في حكومتها غير المعترف بها.

وكان أبو لحوم منح التجار المستوردين مهلة ستة أشهر لبدء الاستيراد عبر ميناء الحديدة الخاضع للجماعة، والتوقف عن الاستيراد عبر ميناء عدن الذي يخضع للحكومة الشرعية، وهو القرار الذي يصفه العديد من الباحثين الاقتصاديين بأنه غير قانوني أو دستوري، وسيؤدي إلى رفع أسعار جميع السلع التي تدخل عبر البر من المناطق المحررة.

جبايات على «القات»

أخيراً فرضت الجماعة الحوثية جبايات جديدة على المزارعين وتجار نبتة «القات» (نبتة يتناولها اليمنيون على نطاق واسع وتصنف بأنها مخدرة في الكثير من الدول) في عدد من المحافظات بنسبة تصل إلى 500 في المائة بمسمى الضرائب، ما أدى إلى توقف الكثير منهم عن مزاولة أنشطتهم.

وذكرت مصادر محلية في محافظات إب والبيضاء والضالع أن تجار نبتة «القات» فوجئوا خلال أيام عيد الفطر بالرسوم الجديدة التي فرضت عليهم، واضطروا لدفعها خشية أن يتم منعهم من البيع، خصوصاً وأن العيد يعد موسماً لازدهار تجارتهم، نظراً لإقبال اليمنيين على الإكثار من تعاطي هذه النبتة خلال الإجازات.

وفي حين تراجعت الجماعة عن هذه الزيادات لاحقاً في محافظة الضالع، أقرتها في بقية المحافظات كرسوم ضريبية بنسبة 500 في المائة، بعد أن توقع التجار والمزارعون أنها ستكون مؤقتة بسبب العيد، وطمع مشرفي وقيادات الجماعة في مقاسمتهم الأرباح التي يحصلون عليها في مثل هذا الموسم.

أسعار «القات» في اليمن ترتفع بسبب الزيادات الضريبية وتباهي أثرياء الحرب بتعاطي أغلى أنواعه (أ.ف.ب)

وفسر الناشط الاجتماعي اليمني جابر اليزيدي، وهو من سكان مديرية دمت التابعة لمحافظة الضالع، تراجع الجماعة الحوثية عن هذه الزيادة لتخوفها من تراجع إيراداتها من الجبايات والضرائب المفروضة على نبتة «القات» في محافظة الضالع، إذا ما أوقف مزارعو الأجزاء المحررة من المحافظة بيع «القات» للتجار في الأجزاء الواقعة تحت سيطرة الجماعة بسبب هذه الزيادات، حيث لا تستطيع الجماعة معاقبة هؤلاء المزارعين.

وأضاف اليزيدي لـ«الشرق الأوسط»، أن الجماعة تخشى أيضاً من ردة فعل سكان الأجزاء الواقعة تحت سيطرتها من المحافظة، خصوصاً وأن مديرية دمت شهدت في الأعوام السابقة احتجاجات متنوعة بسبب الجبايات والضرائب المتزايدة والأوضاع المعيشية، وظهرت أخيراً بوادر احتجاج ومطالبة السكان بصرف الرواتب.

هجرة المزارعين

تعد الضالع إحدى أكثر المحافظات اليمنية إنتاجاً لنبتة «القات»، في حين يعد «القات» المزروع فيها من أكثر الأنواع جودةً، ويُباع بأسعار باهظة في مختلف محافظات جنوب البلاد التي تندر زراعته فيها، غير أنه لا يصل إلى المحافظات الشمالية إلا بشكل محدود، حيث تنتشر زراعة أنواع مختلفة منه.

ويقول ناشط اجتماعي في محافظة إب لـ«الشرق الأوسط»، إن الجبايات التي تعمل الجماعة الحوثية على زيادتها بشكل دوري على مختلف المزروعات، خصوصاً «القات»، أجبرت الكثير من المزارعين والباعة على ترك هذه المهنة والتوجه إلى مهن أخرى أو الهجرة خارج المحافظة أو خارج البلاد.

وأشار الناشط، الذي طلب التحفظ على اسمه، إلى أن قرية أقاربه التي لا يزيد تعداد سكانها عن ألف شخص، شهدت خلال السنوات الماضية هجرة ما يزيد على 200 من شبابها ممن كانوا يعملون في زراعة وتجارة «القات» إلى خارج البلاد، بسبب زيادة الأعباء عليهم نتيجة فرض الإتاوات المتزايدة.

الضرائب الحوثية تسببت في الإضرار بالمزارعين وتجار «القات» (أ.ب)

وينبه الباحث الاقتصادي عبد القادر المقطري إلى أن الجبايات والضرائب التي تفرض على زراعة وتجارة نبتة «القات» تؤدي إلى زيادة الأعباء الاقتصادية على العائلات التي ليست لها موارد اقتصادية سوى هذا النشاط، ورغم زيادة أسعار هذه النبتة، فإن الإقبال على تناولها لا يتراجع، نظراً لصعود طبقة تثري من تجارة الحرب والفساد.

ويذهب المقطري في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن تجارة الحرب والفساد ساهما في زيادة أسعار نبتة «القات»، بعيداً عن الإتاوات والضرائب المفروضة عليها باستمرار، نظراً لأن الطبقات التي نشأت عنهما يتنافس أفرادها في الحصول على أجود الأنواع والتباهي بذلك خلال «جلسات المقيل»، حيث يتم مضغ النبتة.

إلا أن هذه الزيادات الهائلة في الأسعار لا تصل إلا لنسبة محدودة من كبار التجار، وهم في الغالب باعة الأنواع الباهظة الثمن، بينما يعاني صغار التجار والمزارعون من تضاؤل هامش الربح باستمرار نظراً للضرائب والجبايات المفروضة وغيرها من الأعباء المفروضة عليهم.


هيئة بحرية بريطانية: على السفن التجارية في الخليج وغرب المحيط الهندي البقاء في حالة حذر

طائرات مسيرة تظهر خلال مناورة قتالية للجيش الإيراني في سمنان - إيران 4 يناير 2021 (إيران)
طائرات مسيرة تظهر خلال مناورة قتالية للجيش الإيراني في سمنان - إيران 4 يناير 2021 (إيران)
TT

هيئة بحرية بريطانية: على السفن التجارية في الخليج وغرب المحيط الهندي البقاء في حالة حذر

طائرات مسيرة تظهر خلال مناورة قتالية للجيش الإيراني في سمنان - إيران 4 يناير 2021 (إيران)
طائرات مسيرة تظهر خلال مناورة قتالية للجيش الإيراني في سمنان - إيران 4 يناير 2021 (إيران)

قالت شركة أمبري البريطانية للأمن البحري، اليوم (الجمعة)، إنها توصي السفن التجارية في «الخليج العربي وغرب المحيط الهندي»، بالبقاء في حالة حذر تأهبا لزيادة نشاط الطائرات المسيرة في المنطقة.

وقالت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية، اليوم، إنه لا توجد مؤشرات حالياً على أن سفناً تجارية كانت الهدف المقصود للضربة الإسرائيلية ضد إيران.


زعيم الحوثيين يتبنّى مهاجمة 98 سفينة منذ بدء التصعيد البحري

صاروخ استعرضته الجماعة الحوثية في صنعاء (رويترز)
صاروخ استعرضته الجماعة الحوثية في صنعاء (رويترز)
TT

زعيم الحوثيين يتبنّى مهاجمة 98 سفينة منذ بدء التصعيد البحري

صاروخ استعرضته الجماعة الحوثية في صنعاء (رويترز)
صاروخ استعرضته الجماعة الحوثية في صنعاء (رويترز)

تبنّى زعيم الجماعة الحوثية في اليمن عبد الملك الحوثي، الخميس، مهاجمة 98 سفينة منذ بدء التصعيد البحري في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وتباهى بالرد الإيراني على إسرائيل، مهدداً باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي.

وفيما يدعي الحوثي أن هجمات جماعته نصرة للفلسطينيين في غزة، جدّد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني الدكتور رشاد العليمي تفنيد هذه السردية الحوثية، متهماً الجماعة وحلفاءها في لبنان والعراق بتنفيذ أجندة إيران.

الجماعة الحوثية سخرت الموارد والأموال للتعبئة العسكرية على حساب ملايين الجوعى (إعلام حوثي)

وفي خطبة بثها تلفزيون المسيرة (الذراع الإعلامية للجماعة)، تبنى الحوثي تنفيذ 14 هجوماً في البحر الأحمر وصولاً إلى المحيط الهندي، وفق زعمه باستخدام 36 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيرة، قال إنها استهدفت 8 سفن، ما يرفع عدد السفن المستهدفة إلى 98 سفينة.

وخصص الحوثي مساحة واسعة من خطبته لمديح الرد الإيراني على إسرائيل، مدعياً مشاركة ما يسمى «محور المقاومة» في هذا الرد في إشارة إلى جماعته «حزب الله» اللبناني، والفصائل العراقية الموالية لطهران.

وبخلاف الرواية الإيرانية الرسمية التي أكدت أن ردها على إسرائيل كان بسبب مقتل جنرالاتها في الضربة التي استهدفت القنصلية الإيرانية في دمشق، زعم الحوثي أن الرد كان من أجل مناصرة فلسطين.

وشدّد الحوثي على أتباعه للتظاهر والاحتشاد في صنعاء والمناطق الخاضعة للجماعة، الجمعة، كما دعا إلى استمرار عمليات التعبئة والتجنيد، بعد توقفها خلال إجازة عيد الفطر.

ويقول الجيش الأميركي إن الحوثيين هاجموا السفن في 122 مناسبة، وإن قواته نفذت قرابة 50 ضربة على الأرض لتقليص قدرات الحوثيين ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) الماضي.

مقاتلة من طراز «إف 18» على متن حاملة طائرات مشاركة في حماية الملاحة من هجمات الحوثيين (الجيش الأميركي)

وطبقاً للقيادة المركزية الأميركية، أثرت هجمات الحوثيين على مصالح أكثر من 55 دولة، وهدّدت التدفق الحر للتجارة عبر البحر الأحمر، الذي هو حجر الأساس للاقتصاد العالمي، حيث دفعت الهجمات أكثر من عشر شركات شحن كبرى إلى تعليق عبور سفنها عبر البحر الأحمر؛ ما تسبب في ارتفاع أسعار التأمين على السفن في المنطقة.

وكانت واشنطن أطلقت تحالفاً دولياً، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، سمَّته «حارس الازدهار»، لحماية الملاحة في البحر الأحمر، وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها على الأرض. وانضم لها الاتحاد الأوروبي للمساهمة في حماية السفن دون توجيه ضربات مباشرة للحوثيين.

ومنذ تدخل الولايات المتحدة عسكرياً، نفَّذت أكثر من 400 غارة على الأرض ابتداء من 12 يناير الماضي لتحجيم قدرات الحوثيين العسكرية، أو لمنع هجمات بحرية وشيكة. وشاركتها بريطانيا في 4 موجات من الضربات الواسعة.

في مقابل ذلك، أُصيبت 16 سفينة على الأقل خلال الهجمات الحوثية، إلى جانب قرصنة «غالاكسي ليدر»، واحتجاز طاقمها، وتسببت إحدى الهجمات، في 18 فبراير (شباط) الماضي، في غرق السفينة البريطانية «روبيمار» بالبحر الأحمر بالتدريج.

كما تسبب هجوم صاروخي حوثي في 6 مارس (آذار) الماضي في مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس».

نفي سردية الحوثيين

أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي في تصريحات لوسائل إعلام مصرية، عدم وجود أي علاقة بين الحوثيين في البحر الأحمر وادعاءاتهم بمناصرة غزة.

وقال العليمي إن «المليشيات الحوثية وحلفاءها في العراق ولبنان والمنطقة يستخدمون قميص غزة لخدمة المصالح والأجندة الإيرانية، مدللاً على ذلك بالتناغم بين النشاط الذي تقوم به الميليشيات في العراق والنشاط الذي تقوم به الميليشيات في سوريا ولبنان واليمن، وفقاً لمصالح إيران والحوارات غير المعلنة بينها وبين المجتمع الغربي».

رئيس مجلس القيادة اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وأضاف: «نحن نعرف أن هناك حوارات مستمرة بين الغرب، وبين إيران وهي تطرح شروطها بوضوح بما فيها رفع العقوبات مقابل وقف التصعيد».

وأشار إلى حرص بلاده على إحداث تحول في الاستراتيجيات لصالح المنطقة ولصالح اليمنيين، وضد المشاريع التخريبية والتدميرية في المنطقة، إلى جانب الحرص على تماسك المجتمع الدولي في مجلس الأمن، وإبقاء العلاقات جيدة مع كل الأطراف.

وتابع: «لا نريد أن يدخل اليمن في صراع أو طرف في الصراعات الدولية، فنحن لدينا من الهموم ما يكفي، وبالتالي نحاول أن نحقق نوعاً من التوازن في علاقتنا الخارجية لكي نحقق أهدافنا في استعادة مؤسسات الدولة، وإسقاط الانقلاب، وتحقيق سلام شامل وعادل يعتمد على المرجعيات».

وأوضح العليمي أن الجماعة الحوثية بدأت منذ نشأتها في الثمانينات القيام بأعمال إرهابية، ثم شكلت بعد ذلك ما أطلق عليه الشباب المؤمن، ثم حشدت عناصرها ومونتهم بالأسلحة والأموال من إيران، وبدأت بمواجهة الدولة في عام 2004.

وتعرض رئيس مجلس الحكم اليمني لمشروع الحوثيين السياسي، المتمثل في أحقيتهم بالحكم سواء في اليمن أو في المنطقة العربية، ووصفه بـ«العنصر العقائدي في مشروعهم السياسي»، مشيراً إلى سعيهم إلى إعادة نظام الإمامة في اليمن بدعم إيراني.

مدمرة غربية تشارك في التصدي للهجمات الحوثية (الجيش الإيطالي)

وأعاد التذكير باستغلال الحوثيين لما عرف بالربيع العربي وما تلاه من ترتيبات لمرحلة الانتقال السياسي في اليمن من أجل الانقلاب على الدولة ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الذي دعت إليه المبادرة الخليجية، وشارك فيه الحوثيون بنحو 36 عضواً، وصولاً إلى مشاركتهم في إعداد مشروع مسودة دستور اليمن الجديد.

وقال العليمي إن إيران حققت عبر الحوثيين أهدافها بالقضاء على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني، وأدخلت اليمن في النفق المظلم والصراع والحرب الذي لا يزال مستمراً حتى اليوم.

واتهم إيران بأنها تستخدم القضايا العربية العادلة لأغراض غير عادلة وغير أخلاقية بما في ذلك زعزعة أمن واستقرار المنطقة العربية، مشيراً إلى أن القضية اليمنية واحدة من هذه القضايا التي تستخدمها إيران لتحقيق مصالحها على حساب مصلحة الشعب اليمني والمصلحة العربية عموماً.

وقال العليمي: «نحن لدينا معلومات عن كيفية استغلال إيران لميليشياتها سواء في اليمن أو في سوريا أو في العراق أو في لبنان لتحقيق مصالحها سواء فيما يتعلق بالعقوبات، وفك الحظر عن الأرصدة، أو فيما يتعلق ببرنامجها النووي، ومستقبل نفوذها في المنطقة».

وأضاف «أعتقد أن المصالح الإيرانية اليوم هي التي تتحكم بميليشياتها في المنطقة ومنها اليمن، حيث تغلب مصلحة إيران على مصالح هذه الشعوب، وهي الكارثة الكبرى التي يجب أن نواجهها اليوم جميعا». وفق تعبيره.


زعيم الحوثيين: نفّذنا 14 عملية في أسبوعين وصولاً إلى المحيط الهندي

مروحية عسكرية تابعة للحوثيين تحلّق فوق سفينة الشحن «غالاكسي ليدر» في البحر الأحمر يوم 20 نوفمبر 2023 (رويترز)
مروحية عسكرية تابعة للحوثيين تحلّق فوق سفينة الشحن «غالاكسي ليدر» في البحر الأحمر يوم 20 نوفمبر 2023 (رويترز)
TT

زعيم الحوثيين: نفّذنا 14 عملية في أسبوعين وصولاً إلى المحيط الهندي

مروحية عسكرية تابعة للحوثيين تحلّق فوق سفينة الشحن «غالاكسي ليدر» في البحر الأحمر يوم 20 نوفمبر 2023 (رويترز)
مروحية عسكرية تابعة للحوثيين تحلّق فوق سفينة الشحن «غالاكسي ليدر» في البحر الأحمر يوم 20 نوفمبر 2023 (رويترز)

قال عبد الملك بدر الدين الحوثي، زعيم جماعة الحوثي اليمنية الموالية لإيران، اليوم (الخميس)، إن الحوثيين نفّذوا 14 عملية بالبحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب وصولاً إلى المحيط الهندي في غضون أسبوعين، حسبما أفادت وكالة «رويترز» للأنباء.

وأضاف في خطاب بثه التلفزيون: «لا خطر على الملاحة التابعة للدول الأوروبية التي لا تتجه إلى العدو الإسرائيلي ويمكنها المرور بأمان وسلام».


اليمن: حملات الانقلابيين استهدفت 3200 منشأة تجارية في 40 يوماً

متجر في صنعاء لبيع المكسرات والحلويات (أ.ف.ب)
متجر في صنعاء لبيع المكسرات والحلويات (أ.ف.ب)
TT

اليمن: حملات الانقلابيين استهدفت 3200 منشأة تجارية في 40 يوماً

متجر في صنعاء لبيع المكسرات والحلويات (أ.ف.ب)
متجر في صنعاء لبيع المكسرات والحلويات (أ.ف.ب)

شنت الجماعة الحوثية خلال 40 يوماً حملات استهدفت نحو 3200 منشأة تجارية في صنعاء ومدن أخرى، بهدف الابتزاز وفرض الجبايات، وتمكين أتباعها من مفاصل العمل التجاري في مقابل التنغيص على غير الموالين لها.

وكشف تقرير صادر عن مسؤولي الجماعة المعينين في وزارة الصناعة ومكاتبها في المحافظات الخاضعة لهم، عن نزول فرق ميدانية في شهر رمضان الماضي استهدفت أكثر من 2237 منشأة تجارية، بينما استهدفت خلال إجازة عيد الفطر نحو 965 منشأة بحجة تسجيل مُلاكها مخالفات ورفضهم للتعليمات، وعدم التزامهم بقائمة الأسعار التي فرضتها الجماعة.

مركز جباية استحدثه الحوثيون على مقربة من إحدى المدن الخاضعة لهم (إعلام محلي)

وحلت العاصمة المختطفة صنعاء في المرتبة الأولى من حيث عدد المنشآت التجارية التي ضربتها موجة الاستهداف الحوثي بواقع 1672 عملية دهم، تلتها محافظتا الحديدة وعمران بواقع 169عملية استهداف لكل منهما، فيما حلت صعدة (معقل الجماعة) بالترتيب الثالث بعدد 66 عملية استهداف بالجباية خلال إجازة العيد ضد ملاك منشآت تجارية، لتأتي بعدها تباعاً بقية المدن والمحافظات الخاضعة تحت سيطرة الجماعة.

ونقلت وسائل إعلام الجماعة تصريحات للقيادي نجيب العذري المعين في منصب مدير العمليات المركزية بوزارة الصناعة والتجارة في حكومة الانقلاب غير المعترف بها، يؤكد فيها أن الحملة الميدانية في رمضان وإجازة عيد الفطر ضبطت أكثر من 3202 مخالفة بمنشآت تجارية متنوعة في عدة مناطق تحت سيطرتهم. زاعماً أن تلك المخالفات التي قيدتها الجماعة تركز أغلبها على عدم إشهار قائمة الأسعار.

لا استثناءات

في ظل استمرار حملات الابتزاز الحوثية، أفادت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، بأن الجماعة تنفذ منذ أيام أعمال جباية لم تستثنِ أحداً من التجار وملاك الأسواق والمطاعم والباعة المتجولين بمناطق متفرقة من صنعاء وضواحيها.

وطالت الحملات الحوثية في اليومين الماضين، عشرات المنشآت التجارية الكبيرة والمتوسطة والأصغر في صنعاء، حيث أفاد تجار لـ«الشرق الأوسط» بأن فرقاً حوثية ميدانية شنت حملات لجمع إتاوات نقدية وأخرى عينية بالقوة، تحت عناوين متعددة؛ أبرزها تمويل مشروعات الجماعة وجبهاتها القتالية.

حوثيون يداهمون مخزناً للأدوية في صنعاء (إعلام محلي)

وأكد نبيل، وهو اسم مستعار لأحد التجار في صنعاء أن ما وصفها بـ«فرق البطش الحوثية» داهمت في الأيام القليلة الماضية عدة محالّ وأسواق تجارية بمناطق متفرقة من المدينة، وباشر عناصرها بالاعتداء على عدد من الملاك واختطاف آخرين، إلى جانب فرض مبالغ مالية بحق مجموعة ثالثة من التجار.

واتهم التاجر وزير الصناعة بحكومة الحوثيين غير المعترف بها محمد شرف المطهر بالوقوف خلف جرائم التعسف والابتزاز والنهب المنظم الذي يتعرض له التجار ولا يزالون.

تعطيل الاقتصاد

مع مواصلة الجماعة الحوثية تعطيل ما تبقى من فاعلية الاقتصاد المحلي ووضع العراقيل أمام ما تبقى من منتسبي القطاع الخاص بمناطق سيطرتها بغية فرض كامل السيطرة عليه، أوضحت المصادر التجارية أن حملات الاستهداف الأخيرة ضد التجار، نُفذت بإشراف مباشر من قادة الجماعة المسؤولين عن قطاع الصناعة والتجارة في صنعاء وبقية المحافظات.

وأكدت المصادر أن حملات الاستهداف بالإغلاق وفرض الجبايات على ما تبقى من النشاط التجاري بمختلف أشكاله في مناطق سيطرة الجماعة يندرج في إطار النهج المنظم والواسع للقضاء على ما بقي من القطاعات الحيوية، وتمكين موالين للجماعة من الهيمنة التجارية.

وجاء تكثيف حملات الابتزاز في مناطق سيطرة الجماعة بالتوازي مع تحذيرات أممية بأن ملايين اليمنيين لا يزالون يعانون من الآثار المعقدة للعنف المسلح والأزمة الاقتصادية المستمرة، وتعطل مختلف الخدمات العامة، واحتياج نحو 21 مليون شخص إلى مساعدة إنسانية وخدمات حماية عاجلة.

العاملون في مختلف المهن يجبرهم الحوثيون على دفع الإتاوات (الشرق الأوسط)

وكان البنك الدولي وضع اليمن في أحدث تقرير له ضمن أكثر البلدان فقراً على مستوى العالم. وذكر أن بيانات الأمن الغذائي المتكامل تضع هذا البلد في مرتبة واحدة مع أفغانستان وهايتي والصومال وجنوب السودان والسودان ودول الساحل الأفريقي.

ووفقاً للتقرير الخاص بتقييم مستوى الفقر، فإن اليمن كان في الأساس بلداً فقيراً قبل اندلاع الحرب، ولهذا خلفت عشر سنوات من الصراع والأزمات آثاراً وخيمة على الظروف المعيشية، حيث يعاني الملايين من الجوع والفقر.


توجّه حوثي لمحاصرة البضائع المقبلة من المناطق المحررة

منذ أربعة أعوام يحاول الحوثيون ضرب ميناء عدن وإجبار المستوردين على مغادرته (إعلام حكومي)
منذ أربعة أعوام يحاول الحوثيون ضرب ميناء عدن وإجبار المستوردين على مغادرته (إعلام حكومي)
TT

توجّه حوثي لمحاصرة البضائع المقبلة من المناطق المحررة

منذ أربعة أعوام يحاول الحوثيون ضرب ميناء عدن وإجبار المستوردين على مغادرته (إعلام حكومي)
منذ أربعة أعوام يحاول الحوثيون ضرب ميناء عدن وإجبار المستوردين على مغادرته (إعلام حكومي)

يعكف الحوثيون على تفعيل قرار سابق بفرض رسوم جمركية على كل البضائع المقبلة من الموانئ الخاضعة لسيطرة الحكومة بنسبة 100 في المائة لإرغام المستوردين على تحويل بضائعهم إلى موانئ الحديدة الخاضعة لسيطرتهم، وفقاً لمصادر يمنية مطلعة.

تأتي الخطوة الحوثية في الوقت الذي يعمل فيه مبعوث الأمم المتحدة والوسطاء من الإقليم على احتواء تداعيات خطوة الجماعة المتمثلة في سك عملة معدنية غير قانونية من فئة 100 ريال يمني.

وذكرت مصادر في القطاع التجاري لـ«الشرق الأوسط» أن الوسطاء من السعودية وسلطنة عمان يعملون على احتواء تداعيات الحرب الاقتصادية بين الحكومة المعترف بها دولياً والحوثيين عقب قيام الأخيرة بإصدار العملة المعدنية من طرف واحد، ورد البنك المركزي في عدن على ذلك بمنع تداول هذه الفئة، وتوجيهه البنوك التجارية بنقل إداراتها المركزية من صنعاء إلى عدن خلال شهرين.

عائدات ميناء الحديدة يستحوذ عليها الحوثيون بينما يعاني سكان المدينة من الفقر (إعلام محلي)

وبينت هذه المصادر أن جهود الوسطاء مستمرة، وأن هناك أفكاراً تناقش وبمشاركة من الأمم المتحدة لاحتواء المواجهة الاقتصادية بين الحكومة والحوثيين، وتشمل هذه النقاشات جوانب كثيرة من الوضع الاقتصادي بما فيها استئناف تصدير النفط الذي توقف بسبب استهداف الحوثيين موانئ تصديره، وقالت إنه لم يتم التوصل بعد إلى تفاهمات واضحة بهذا الخصوص.

وبالتزامن مع هذه الجهود ذكرت مصادر القطاع التجاري أن رشيد أبو لحوم وزير المالية في الحكومة الحوثية غير المعترف بها، وجه المنافذ الجمركية التي استحدثت في مناطق التماس مع مناطق سيطرة الحكومة الاستعداد لبدء تنفيذ قرار سابق برفع الرسوم الجمركية بنسبة 100 في المائة، على كل البضائع المقبلة من الموانئ الخاضعة لسيطرة الحكومة، وهو القرار الذي أعلن عنه قبل ستة أشهر ومنح بموجبه التجار هذه الفترة لاستكمال تحويل استيراد البضائع إلى موانئ الحديدة الخاضعة لسيطرة الجماعة.

وذكرت المصادر أن القيادي الحوثي أبو لحوم يسعى ومنذ انتهاء فترة الأشهر الستة لتطبيق هذه الخطوة التي تهدف إلى رفع أسعار البضائع والسلع التي يتم استيرادها عبر الموانئ الخاضعة لسيطرة الحكومة لصالح البضائع التي يتم استيرادها عبر الموانئ التي تخضع لسيطرة الحوثيين، مع أن القانون اليمني لا يعطي الوزير ولا الحكومة غير المعترف بها حق فرض أي رسوم أو زيادة في الضرائب إلا بقانون، كما يمنع منح الإعفاءات إلا في حالات محددة وبشروط مشددة.

رفض للقرار

وفق المصادر اليمنية، فإن القطاع التجاري في مناطق سيطرة الحوثيين أكد أنه لن يرضخ لهذه الإجراءات التي وصفها بالتعسفية وغير القانونية، حيث يتهم القيادي الحوثي أبو لحوم بأنه كان السبب في ارتفاع أسعار جميع السلع من خلال مضاعفته رسوم ما يسمى بالنظافة والتحسين إلى أكثر من عشرة أضعافها خلال عام واحد، وأنه مستمر في مضاعفتها بمقدار مرتين كل عام، إلى جانب غيرها من الجبايات المرتبطة بالسلع والخدمات.

الحوثيون أغلقوا الطرق الرئيسية مع المناطق المحررة لإرغام التجار على الاستيراد عبر الحديدة (إعلام محلي)

ونبهت المصادر إلى أن قطاعاً كبيراً من التجار غادر إلى مناطق سيطرة الحكومة أو إلى الخارج، وأن هناك ممارسات يومية هدفها خلق طبقة جديدة من التجار مستفيدين من التسهيلات والامتيازات والإعفاءات التي يمنحها الحوثيون لهؤلاء التجار، وغالبيتهم ينحدرون من محافظة صعدة المعقل الرئيسي للجماعة.

واتهمت المصادر في القطاع التجاري أبو لحوم ومعه القيادي الآخر محمد المطهر المعين في منصب وزير الصناعة والتجارة في حكومة الانقلاب الحوثية إلى جانب القيادي أحمد حامد الذي يشغل منصب مدير مكتب مجلس الحكم الحوثي، بالعمل على تدمير القطاع الخاص.

ويأتي التدمير الممنهج - وفق المصادر - من خلال فرض الرسوم والجبايات المضاعفة ومصادرة البضائع بحجة مقاطعة الشركات الغربية، بينما يعمل هؤلاء على تقديم التسهيلات والإعفاءات من الرسوم القانونية والجبايات لمجموعة من التجار الذين يعملون لصالح الجماعة أو بالشراكة مع قيادات فيها.

ووفق ما ذكرته المصادر التجارية اليمنية، فإن الخطوة الحوثية المتوقعة ستسبب حالة من الفوضى، وتراكم السلع في المنافذ مع نقص المعروض منها في الأسواق، وإنها لن تجبرهم على الاستيراد عبر موانئ الحديدة، كما أن كميات كبيرة تأتي من دول الجوار عبر البر، وبالضرورة أن تمر عبر مناطق سيطرة الحكومة التي تسيطر على كل المنافذ البرية.

مسلحون حوثيون في تجمع دعا له زعيم الجماعة بصنعاء (رويترز)

وكان الحوثيون أعلنوا في مطلع أغسطس (آب) الماضي رفع الرسوم الضريبية على السلع المقبلة عبر المنافذ البرية مع مناطق سيطرة الحكومة بنسبة 100 في المائة من إجمالي القيمة الجمركية، بعد أن فشلت الجماعة في إقناع المستوردين بالتحول نحو ميناء الحديدة الخاضع لسيطرتهم، وبهدف زيادة الأموال التي يتحصلون عليها، والضغط على الجانب الحكومي مالياً بعد أن منعته من تصدير النفط منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2022 عند استهداف موانئ التصدير بعدة هجمات.


البحر متنفس النازحين في غزة رغم القصف والدمار

أهل غزة يقولون «البحر متنفسنا» بعيداً عن خيم النزوح (أ.ف.ب)
أهل غزة يقولون «البحر متنفسنا» بعيداً عن خيم النزوح (أ.ف.ب)
TT

البحر متنفس النازحين في غزة رغم القصف والدمار

أهل غزة يقولون «البحر متنفسنا» بعيداً عن خيم النزوح (أ.ف.ب)
أهل غزة يقولون «البحر متنفسنا» بعيداً عن خيم النزوح (أ.ف.ب)

دفع ارتفاع درجات الحرارة في دير البلح في قطاع غزة ناجي أبو وسيم وأسرته للهرب إلى البحر وقضاء بعض الوقت بعيداً عن خيم النزوح بعد أكثر من ستة أشهر من حرب مدمّرة متواصلة.

رصد تقرير لوكالة «الصحافة الفرنسية» وصول الآلاف الأربعاء إلى شاطئ بحر دير البلح في وسط قطاع غزة، بعضهم نزل إلى البحر للسباحة، فيما فضل آخرون البقاء على الشاطئ، واصطحب أحدهم حصاناً ركبوه، وأمكن رؤية جمل مع شبان آخرين.

وقال أبو وسيم «البحر متنفسنا الوحيد، أمضيت مع أسرتي ست ساعات على البحر، الأطفال كانوا فرحين».

وأضاف «هذا هدفنا الأول أن نخرجهم من أجواء الدمار، والقتل، والحرب، رغم أنهم يسمعون انفجارات في كل لحظة، والطائرات تجوب الأجواء».

وتابع «إن شاء الله تنتهي هذه الحرب، ونرجع إلى مدينة غزة حتى لو على الركام».

أما محمود الخطيب (28 عاماً) النازح من مدينة غزة إلى منطقة الزوايدة قرب دير البلح، فوصف الخيمة بأنها «مثل الفرن»، في إشارة إلى الحر الشديد.

وأضاف «اليوم كانت فرصة أمامنا أن نتوجه إلى البحر بسبب الحرارة المرتفعة، اصطحبت زوجتي وأولادي... أفضل من الخيمة».

وتخوّف من فصل الصيف المقبل. «نحن مقبلون على فصل صيف حار. درجات الحرارة تقتلنا إلى جانب الحرب. ليس أمامنا سوى شاطئ البحر».

واستدرك «يكفي سبعة شهور من الحرب، لم يبق شيء، لا بيوت، ولا مال، ولا بنية تحتية، لا شكل للحياة، كل شيء معدوم».

ورصدت عدسة وكالة «الصحافة الفرنسية» أطفالاً يلهون على الشاطئ، وآخرين على الرمال، بينما كانت نسوة محجبات يلتقطن الصور.

علبة سردين

بحسب وزارة الصحة التابعة لحماس، قتل منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 33899 شخصاً في قطاع غزة، أكثر من 70 في المائة منهم من النساء والأطفال.

واندلعت الحرب عقب هجوم غير مسبوق نفذته حركة «حماس» على الأراضي الإسرائيلية، وأدى إلى مقتل 1170 شخصاً، معظمهم من المدنيين. فيما خطف أكثر من 250 شخصاً، ما زال 129 منهم محتجزين في غزة، توفي 34 منهم، وفقاً لمسؤولين إسرائيليين.

ورداً على ذلك، توعدت إسرائيل بـ«القضاء» على «حماس» التي تسيطر على قطاع غزة منذ العام 2007 وتصنّفها إسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي «إرهابية».

ومن بين الذين هربوا إلى البحر، يونس أبو رمضان الذي اصطحب زوجته وأولاده.

وقال «لا مفرّ أمامنا سوى التوجه إلى البحر، حاولنا أن ننسى ما نحن فيه، لكن الظرف صعب، إطلاق النار والقصف في كل مكان».

وأضاف أبو رمضان الذي نزح مع عائلته المؤلفة من عشرين شخصاً، بينهم أطفال من حي النصر في شمال قطاع غزة إلى دير البلح «نعيش في خوف، ورعب، ونتمنى أن نعود إلى بيوتنا في غزة».

أما زوجته أم رمضان فقالت إن خيم النزوح «مثل علبة السردين، تكدّس، وازدحام. لا نعرف الراحة، ولا الهدوء، الطيران من جانب، وقلق الأطفال من جهة ثانية».

وأضافت «البحر متنفسنا... شاهدنا كل الناس الموجودة في الخيم وقد نزلوا إلى البحر مثلنا، لأن الجو حار جداً».

ولم تخف السيدة خوفها من القصف الإسرائيلي. وتقول «نحن خائفون أن يتم قصفنا من البحر أيضاً، الزوارق الحربية الإسرائيلية قريبة من الشاطئ، لكن الله سلمنا، ونأمل أن تنتهي الحرب، ونعود إلى منازلنا».


ارتفاع عدد الوفيات جراء الطقس السيئ في سلطنة عمان إلى 21

غرق يعض السيارات في إمارة دبي جراء الطقس السيئ (أ.ف.ب)
غرق يعض السيارات في إمارة دبي جراء الطقس السيئ (أ.ف.ب)
TT

ارتفاع عدد الوفيات جراء الطقس السيئ في سلطنة عمان إلى 21

غرق يعض السيارات في إمارة دبي جراء الطقس السيئ (أ.ف.ب)
غرق يعض السيارات في إمارة دبي جراء الطقس السيئ (أ.ف.ب)

قالت وكالة الأنباء العمانية، اليوم (الخميس)، إن عدد الوفيات جراء المنخفض الجوي الذي ضرب السلطنة ارتفع إلى 21، بعد العثور على امرأة عمانية مفقودة في منطقة الشريخة بولاية محوت، ورجل يحمل جنسية دولة آسيوية في ولاية صحم وقد فارقا الحياة.

وأضافت الوكالة الرسمية أن البحث لا يزال جارياً عن مفقودين اثنين آخرين.

كانت اللجنة الوطنية لإدارة الحالات الطارئة في عمان قد أعلنت في وقت سابق من الأسبوع الحالي تعليق العمل في المدارس في أغلب أنحاء البلاد، واعتمدت حكومة دبي في الإمارات العمل عن بُعد لثلاثة أيام بعد موجة من الطقس السيئ ضربت المنطقة، وشهدت عواصف عاتية وأمطاراً غزيرة غير مسبوقة.

وعطل المنخفض الجوي مناطق واسعة في سلطنة عمان والإمارات وامتد تأثيره أيضاً إلى اليمن.

وأعلنت عمان والإمارات، أمس، انتهاء موجة الطقس السيئ، وأعاد مطار دبي الدولي تدريجياً فتح إجراءات تسجيل المسافرين المغادرين لرحلات طيران الإمارات وفلاي دبي بعد تعليقها بسبب الطقس.


وفرة الموارد الطبيعية في باكستان تفتح الباب لاستثمارات سعودية جديدة

وزيرا خارجية السعودية وباكستان في صورة جماعية عقب اجتماع مجلس تيسير الاستثمار الخاص بين البلدين (واس)
وزيرا خارجية السعودية وباكستان في صورة جماعية عقب اجتماع مجلس تيسير الاستثمار الخاص بين البلدين (واس)
TT

وفرة الموارد الطبيعية في باكستان تفتح الباب لاستثمارات سعودية جديدة

وزيرا خارجية السعودية وباكستان في صورة جماعية عقب اجتماع مجلس تيسير الاستثمار الخاص بين البلدين (واس)
وزيرا خارجية السعودية وباكستان في صورة جماعية عقب اجتماع مجلس تيسير الاستثمار الخاص بين البلدين (واس)

قال نواف المالكي السفير السعودي لدى باكستان، إن اجتماع «مجلس تيسير الاستثمار الخاص»، الذي عُقد أمس (الثلاثاء) بين الجانبين السعودي والباكستاني، أكّد على «ما تختص به باكستان من وفرة في الموارد الطبيعية مما يجعلها دولة مستهدفة للاستثمار في كثير من القطاعات المتاحة من خلال دراسة العروض المقترحة لإقامة استثمارات مشتركة بين السعودية وباكستان».

ووصل وزير الخارجية السعودي إلى باكستان (الاثنين)، في زيارة استمرت ليومين، على رأس وفد رفيع المستوى يتألّف من وزراء من القطاعات الرئيسية بما في ذلك الاستثمار، والمياه والزراعة، والبيئة، والصناعة، والموارد المعدنية، والطاقة، وقطاعات أخرى، لتسريع متابعة التفاهم الذي تم التوصل إليه بين رئيس الوزراء الباكستاني محمد شهباز شريف، والأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي خلال اجتماعهما الأخير في السابع من أبريل (نيسان) الحالي في مكة المكرمة، ولتعزيز التعاون الاقتصادي الثنائي بين البلدين، والتقى خلال زيارته الرئيس الباكستاني، ورئيس الوزراء؛ ووزير الخارجية، ورئيس الجيش الباكستاني. كما ترأس مع نظيره الباكستاني اجتماع «مجلس تيسير الاستثمار الخاص بين البلدين».

وأضاف المالكي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن هذه الزيارة تأتي «امتداداً للعلاقات الدائمة مع دولة باكستان الشقيقة، وهي تأكيد على عمق العلاقات بين البلدين وتطورها بشكل مستمر، ولتعزيز التعاون الاقتصادي، وزيادة التبادل التجاري، ودعم المستثمرين من البلدين لتوسيع أعمالهم التجارية في القطاعات كافة». وتابع أن زيارة وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان والوفد المرافق له «جاءت لاستعراض سبل تعزيز علاقات التعاون المتينة في كثير من المجالات، بالإضافة إلى مناقشة تكثيف التعاون الأمني والاستراتيجي بين البلدين بما يسهم في الأمن والسلم الدوليين».

وتتجه السعودية وباكستان إلى تعزيز التعاون الاقتصادي وزيادة التبادل التجاري ودعم المستثمرين لتوسيع أعمالهم في البلدين، وذلك خلال اجتماع «مجلس تيسير الاستثمار الخاص»، الذي عقد في إسلام آباد، (الثلاثاء)، برئاسة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله، ونظيره الباكستاني إسحاق دار.

القطاعات المستهدفة

وأكد وزير الخارجية الباكستاني محمد إسحاق دار، على الروابط العميقة والمصالح الاستراتيجية المتبادلة بين باكستان والسعودية، وأبرز أهمية تعزيز الشراكة الاستراتيجية والاقتصادية الثنائية والدور الحيوي للاستثمارات السعودية في تعزيز هذه العلاقة.

وشرح كيف تهدف باكستان من خلال منصة «إس آي إف سي» إلى تبسيط عمليات الاستثمار وضمان اتخاذ القرارات بسرعة، وتعزيز بيئة استثمارية مزدهرة في باكستان.

وعرض فرص باكستان الوفيرة في قطاعات الزراعة وتكنولوجيا المعلومات والتعدين، داعياً المستثمرين السعوديين إلى المشاركة في شراكات مفيدة للجانبين.

وتحدث وزير الخارجية الباكستاني أيضاً عن ثقته بتعزيز الروابط بين البلدين، متصوراً نمواً اقتصادياً كبيراً وفوائد دائمة.

جانب من لقاء وزير الخارجية السعودي والوفد المرافق رفيع المستوى برئيس أركان الجيش الباكستاني (واس)

تحديد الفرص الاستثمارية

إلى ذلك، قدم المسؤولون في «إس آي إف سي» شروحات شاملة تشمل الإمكانيات والفرص الاستثمارية في القطاعات الرئيسية للاقتصاد الباكستاني، وعقد الجانبان جلسات نقاش مكثفة على مستوى الأداء لتحديد فرص الاستثمار في باكستان.

وكشف الجانب السعودي عن أهمية كبيرة واهتمام في تحسين بيئة الاستثمار في باكستان، وقدر دور «إس آي إف سي» في تسوية قضايا الاستثمار / الأعمال السابقة للسعودية بطريقة ودية، مبدياً اهتماماً كبيراً بالاستثمار في القطاعات الرئيسية في باكستان.

أما الجانب الباكستاني فأبدى دعمه وتسهيلاته في تسريع الاستثمارات متعددة المليارات من المملكة في إسلام آباد.

ووضع الجانبان آلية تنفيذ ثنائية لتنسيق وتنفيذ الشؤون المتعلقة بالاستثمار على مستوى الأداء لتحويل التزاماتهما السيادية إلى نتائج اقتصادية ملموسة.