«الذئبة الحمراء» أثناء الحمل

أحد الأمراض العالية المخاطر

«الذئبة الحمراء» أثناء الحمل
TT

«الذئبة الحمراء» أثناء الحمل

«الذئبة الحمراء» أثناء الحمل

شاع عند عموم الجمهور استخدام كلمة «روماتيزم» للتعبير عن كل الأمراض الروماتيزمية من دون استثناء أو تفريق. وعليه أصبح واجبا على الأطباء إيضاح المقصود بالأمراض الروماتيزمية، وأنه ليس كل مريض يعاني من الروماتيزم يكون بالضرورة مصابا بالتهاب في مفاصله.
تحدثت إلى «صحتك» الدكتورة حنان عبد الله العصيمي رئيس وحدة الأمراض الروماتيزمية بالمستشفى العسكري بجدة واستشاري باطنة وأمراض روماتيزم الحمل، وأوضحت أن مصطلح «روماتيزم» ليس تشخيصا لحالة مرضية، وإنما هو عبارة عن مجموعة من الأعراض، قد يكون القاسم المشترك بينها وجود التهاب بالمفصل يبدأ بالشعور بألم، مع ظهور احمرار وتورم. وتقدر الأمراض الروماتيزمية بأكثر من 100 مرض، ومنها على سبيل المثال مرض الذئبة الحمراء.

* الذئبة الحمراء
أوضحت الدكتورة حنان العصيمي أن مرض الذئبة الحمراء هو نوع من أنواع الأمراض الروماتيزمية، وله القابلية لأن يصيب أي عضو من أعضاء الجسم، وهو أكثر حدوثا في النساء مقارنة بالرجال، وغالبا ما يصيب النساء في سن مبكرة، ونسبة إصابة النساء إلى الرجال 9 إلى 1. يصيب مرض الذئبة الحمراء الأطفال، أيضا، وقد يأتي في بعض الحالات في سن الشيخوخة. ومن المعلوم أن مرض الذئبة الحمراء هو أحد الأمراض الروماتيزمية المناعية المزمنة، وليس مرضا معديا، ولم يحدد بعد سبب رئيسي للإصابة به، ولكن هناك الكثير من الفرضيات حول أسباب الإصابة بالذئبة الحمراء.
أما بالنسبة لتسميته بمرض الذئبة الحمراء، فلقد أخذ الاسم من الكلمة اللاتينية (lupus)، وهي تعني الذئب، وذلك نتيجة إصابة المريض بالطفح الجلدي على الوجنتين وعظمة الأنف، على شكل الفراشة، التي تشبه العلامات الموجودة على وجه الذئب.
تتفاوت درجة الإصابة بالمرض من مريض لآخر، وتعتمد بنسبة كبيرة على تأثر أعضاء الجسم، وهي بالتالي تحدد مقدار المضاعفات التي من الممكن أن تلحق بالمصاب أو المصابة، وتختلف شدة أعراض مرض الذئبة الحمراء من حالة لأخرى فقد تؤثر على الجلد أو المفاصل، وقد يكون تأثيرها أكبر على أعضاء مثل الكلية أو الجهاز العصبي، أو كريات الدم، والصفائح الدموية، وبالتالي فإن العلاج هنا سيختلف حسب شدة المرض. وقد يظهر المرض أثناء الحمل.

* الذئبة الحمراء والحمل
تقول الدكتورة حنان العصيمي إن وجود المرض الروماتيزمي عند المرأة قبل الحمل أو أثناء الحمل، يمكن أن يغير نشاط المرض. ومن ناحية أخرى فإن المرض في حد ذاته يمكن أن يؤثر على الحمل ومساره.
وللعلم، فإن الأمراض الروماتيزمية هي عبارة عن اختلال في الجهاز المناعي الذي ينتج أجساما مناعية تهاجم أنسجة الجسم كلها ومنها المفاصل والكلى.. إلخ، وبالتالي يغير في سلوك المرض بالإيجاب أو السلب. وهنا يأتي التركيز على نصح المرأة الحامل والمصابة بالذئبة الحمراء بالمتابعة من بداية التشخيص مع طبيب متخصص بالأمراض الروماتيزمية، وذلك لما لتأثير العلاج المبكر من فعالية، وأيضا يجب الأخذ بالاعتبار وجود تشابه في الأعراض بين نشاط الذئبة الحمراء فترة الحمل وفسيولوجية الحمل.
وفي الماضي كان الأطباء ينصحون المريضات بالأمراض الروماتيزمية ومنها مرض «الذئبة الحمراء» بعدم الحمل، ولكن الوضع أصبح مختلفا حاليا حيث يسمح بالحمل للمصابات بالأمراض الروماتيزمية بعد وضع الخطة المناسبة لوضعها الصحي. ومن أهم الأمراض الروماتيزمية التي تحتاج إلى متابعة مستمرة خاصة أثناء الحمل مرض «الذئبة الحمراء».
وبالنسبة للمصابة بمرض «الذئبة الحمراء» أفادت د. العصيمي بأنها لا بد لها من استشارة طبيب الأمراض الروماتيزمية قبل الحمل، وذلك لأهمية أن يكون مرض الذئبة الحمراء في مرحلة خمول على أقل تقدير 6 أشهر قبل السماح للمريضة بالحمل، ومن هنا تأتي أهمية متابعة صحة الأم ونمو الجنين بصفة مستمرة ومتكررة خلال الحمل بمشاركة طبيب النساء والولادة في عيادة متخصصة بالحمل عالي المخاطر. وأهمية الزيارات خلال حملها وعمل الفحوصات المخبرية الدورية، ويُفضل أن تراجع الحامل كل أسبوع إلى أسبوعين عيادة الأمراض الروماتيزمية وعيادة النساء والولادة خلال الـ3 أشهر الأخيرة من الحمل، وحتى موعد الولادة. وتكمن أهمية زيارة العيادات المذكورة سابقا لأخذ التاريخ المرضي للمريضة وخاصة وجود تاريخ مرضي سابق، كالإجهاض أو الجلطات الدموية وأيضا مراجعة جميع الأدوية التي تُصرف للمريضة، وآثار هذه الأدوية الجانبية على الأم والجنين، وذلك لأن هناك بعض الأدوية لا يمكن صرفها وإعطاؤها للحامل لتأثيرها السلبي.
إن الأمر المطمئن لهذا الوضع حاليا أنه إذا بدأ الحمل في فترة خمول المرض، بمعنى السيطرة على نشاط المرض، فإن احتمالية اكتمال الحمل تكون كبيرة، حيث إنها الفترة الأمثل والأنسب للحمل، وذلك لتجنب المخاطر على الأم والجنين.
ومن الأهمية أن نذكر أن الحمل خلال نشاط مرض الذئبة الحمراء تكون فيه احتمالية إصابة المريضة بتسمم الحمل عالية (تسمم الحمل هو حالة مرضية يصاحبها ارتفاع ضغط الدم والزلال في البول) وتزداد هذه الاحتمالية أكثر إذا كان المرض له تأثير على الكلى، وأيضا قد يعرض الحامل للإجهاض أو الولادة المبكرة.
وقد أكدت الدراسات أن أغلب حالات الحمل لدى المصابات بالذئبة الحمراء تسير بشكل طبيعي وولادة طبيعية إذا خضعت للمتابعة والعلاج اللازمين. وبالإضافة إلى السيطرة على نشاط المرض قبل وأثناء الحمل، هناك بعض الفحوصات المهمة والأساسية لبعض الأجسام المضادة التي يجب على الطبيب المعالج التأكد من وجودها أو عدم وجودها قبل حدوث الحمل، وذلك لما لهذه الأجسام المضادة من تأثير على استمرار الحمل.

* متلازمة الأجسام المضادة
إن النساء اللاتي يصبن بمتلازمة الأجسام المضادة (مضادات الفوسفولبيد) كأحد الأسباب الثانوية لإصابتهن بمرض «الذئبة الحمراء»، تكون إصابتهن على أحد الأشكال المحتملة التالية:
* إما أن تكون مريضة «الذئبة الحمراء»، تحمل نتيجة موجبة للأجسام المضادة ومن دون وجود أي أعرض أخرى لمتلازمة الأجسام المضادة (مضادات الفوسفولبيد)، وفي هذه الحالة تتم معالجتها بجرعات صغيرة من الأسبرين.
* وإما أن تكون المريضة قد أصيبت من قبل بجلطات في الأوعية الدموية، وهذه الجلطات قد تصيب الشرايين أو الأوردة أيضا.
* أو أن يكون لدى المريضة حالة أو أكثر من حالات الإجهاض السابق في تاريخها المرضي، وهنا تكمن أهمية بدء العلاج بمضادات التخثر عن طريق إعطاء إبر تحت الجلد في فترة الحمل، وفترة ما بعد الولادة التي قد تمتد إلى أسابيع.
إن كل ما ذُكر من خطوات علاجية يجب أن يتم بمتابعة وإشراف من الطبيب المختص.

* مواليد المصابات
تقول د. حنان العصيمي إنه من الأهمية بمكان أن نوضح أيضا أن هناك بعض الأجسام المضادة ضد نواة الخلية (Anti - Ro- Anti - La) قادرة على المرور إلى الجنين عن طريق المشيمة، ولكن تأثيرها يختفي من دم المولود بعد فترة بسيطة من الولادة. ومعظم الأمهات المصابات اللاتي يحملن هذه الأجسام المضادة يرزقن بأطفال مواليد يتمتعون بالسلامة.
وقد يصاب الجنين للأم التي تحمل هذه الأجسام المضادة بطفح جلدي، ولكنه يكون لفترة معينة، ثم يختفي ولا يترك أي آثار بعد ذلك.
وفي حالات نادرة، قد يحدث تأثير من الأجسام المضادة على قلب الجنين مسببا تباطؤا شديدا في عدد ضربات القلب، وخاصة في الموصلات الكهربائية للقلب، وهذا يشخص ما بين (الأسبوع 15 والأسبوع 25) من الحمل، وذلك عن طريق الأشعة فوق الصوتية لقلب الجنين.
قد يحتاج بعض الأطفال، بعد ولادتهم، إلى تركيب منظم لضربات القلب، وهنا تكمن أهمية عمل تحليل الأجسام المضادة ضد نواة الخلية للمريضة المصابة بالذئبة الحمراء.
وأخيرا، فإن التخطيط الجيد لعلاج الأمراض الروماتيزمية عامة ومرض الذئبة الحمراء خاصة يخفض مخاطر الحمل، ومن هنا تأتي أهمية المتابعة المستمرة والمنتظمة مع الطبيب المعالج، وخاصة أثناء الحمل، وعلى ضرورة أن تتم ولادة الأم المصابة بالذئبة الحمراء في مستشفى يتوفر فيه عناية فائقة لحديثي الولادة.



لقاح جديد يُحصّن الأطفال ضدّ الملاريا الشديدة

الملاريا مرض طفيلي ينتقل عبر لدغات البعوض (جامعة أكسفورد)
الملاريا مرض طفيلي ينتقل عبر لدغات البعوض (جامعة أكسفورد)
TT

لقاح جديد يُحصّن الأطفال ضدّ الملاريا الشديدة

الملاريا مرض طفيلي ينتقل عبر لدغات البعوض (جامعة أكسفورد)
الملاريا مرض طفيلي ينتقل عبر لدغات البعوض (جامعة أكسفورد)

أظهرت نتائج تجربة سريرية أنّ لقاحاً تجريبياً جديداً يتمتّع بفعالية كبيرة في الوقاية من الملاريا الشديدة، مما يمثّل خطوة مهمّة في مكافحة المرض.

وأوضح الباحثون أنه يوفر حماية فعّالة ضد الملاريا لدى الأطفال، الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و17 شهراً، وفق نتائج التجربة التي نُشرت، الأربعاء، في دورية «Lancet Infectious Diseases».

والملاريا مرض يُسبّبه طفيليّ يُسمّى «المتصورة المنجلية»، وينتقل عبر لدغات البعوض، ويُعدّ من الأسباب الرئيسة للوفيات، خصوصاً بين الأطفال دون سنّ الـ5 في أفريقيا.

ورغم التقدّم الطبّي، ظلَّ توافُر لقاحات فعّالة لمكافحة الملاريا محدوداً لفترة طويلة. وحالياً، ثمة لقاحات مُعتمَدة تستهدف مراحل مختلفة من دورة حياة الطفيليّ المُسبِّب للمرض.

ويُعدُّ اللقاح الجديد، الذي طوَّره باحثون من جامعة «أكسفورد»، بالتعاون مع مؤسسات دولية، الأول من نوعه الذي يوجّه استجابة ضدّ مرحلة الدم في الملاريا. وتستهدف هذه المرحلة دخول الطفيليّ خلايا الدم الحمراء وتكاثره بداخلها، مما يُسبّب الأعراض التقليدية، مثل الحمى والقشعريرة، وقد يؤدّي إلى مضاعفات خطيرة، مثل فقر الدم وفشل الأعضاء.

ويعتمد اللقاح، الذي يحمل اسم «RH5.1/Matrix-MTM»، على تحفيز جهاز المناعة لإنتاج أجسام مضادة ضد بروتين يسمى «RH5» الذي يحتاج إليه الطفيلي للارتباط بخلايا الدم الحمراء واختراقها.

ويحتوي على نسخة معدَّلة من هذا البروتين، مما يُساعد في منع الطفيلي من دخول الخلايا والتكاثر داخلها، عندما يتعرّض الجسم للطفيلي في المستقبل.

واختُبر اللقاح في دراسةٍ شملت أكثر من 360 طفلاً في بوركينا فاسو، تراوحت أعمارهم بين 5 و17 شهراً، حيث تلقّوا 3 جرعات من اللقاح التجريبي.

وأظهرت النتائج أنّ اللقاح كان آمناً تماماً وجيد التحمل، دون تسجيل أي آثار جانبية خطيرة. كما أظهرت الدراسة أنّ الأطفال، الذين تلقّوا اللقاح، طوّروا مستويات عالية من الأجسام المضادّة ضدّ الطفيلي المُسبِّب للملاريا.

وبلغت فعالية اللقاح 55 في المائة في الوقاية من الملاريا السريرية على مدار 6 أشهر، و80 في المائة في الوقاية من حالات الملاريا الشديدة التي تتميّز بمستويات مرتفعة من الطفيلي في الدم.

ووفق الباحثين، تُمثّل هذه النتائج تقدّماً واعداً في تطوير لقاح فعّال ضدّ مرحلة الدم من الملاريا؛ مما يفتح آفاقاً جديدة لحماية الأطفال في المناطق الموبوءة بالمرض، وتحسين نموهم وتطوّرهم الصحي.

وأضافوا أنّ الملاريا تظلُّ من الأمراض المميتة للأطفال تحت سنّ الـ5، واللقاح الجديد يوفّر أملاً لتقليل الوفيات والأعباء الصحية المرتبطة بالملاريا في البلدان ذات المعدلات العالية للإصابة.