اجتماع جديد لـ«مجموعة آستانة» يوليو المقبل

TT

اجتماع جديد لـ«مجموعة آستانة» يوليو المقبل

أعلنت موسكو أمس، عن تحضيرات لعقد جولة مفاوضات جديدة بين أطراف «مسار آستانة» في الأسبوع الأول من الشهر المقبل في العاصمة الكازاخية نور سلطان.
وكشف مسؤول عسكري روسي بارز عن «تحركات نشطة» تجريها موسكو لإنجاح الجولة المقبلة وسط توقعات بحضور أميركي بعدما قاطعت واشنطن هذا المسار منذ الجولة الرابعة للمفاوضات التي عقدت في مايو (أيار) 2017.
وقال المسؤول في هيئة الأركان العامة للجيش الروسي ياروسلاف موسكاليك إن اتفاقا تم التوصل إليه بين الأطراف الضامنة لوقف النار في سوريا (روسيا وتركيا وإيران) على إجراء جولة جديدة من «مفاوضات آستانة» الخاصة بسوريا، بين يومي 6 و8 يوليو (تموز) المقبل.
وأوضح المسؤول العسكري أثناء مشاركته في الدورة التاسعة من مؤتمر موسكو للأمن الدولي: «نعمل بشكل نشط على تسوية الأزمة السورية ضمن إطار صيغة آستانة التي ستنعقد جلسة جديدة منها قريبا».
وكان نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، قال قبل أسبوعين إن موسكو تبذل جهودا لعقد جولة جديدة من مفاوضات آستانة «في وقت قريب» وبدا أن روسيا سعت لعقد الجولة الجديدة في نهاية الشهر الجاري لكن المشاورات مع تركيا وإيران أسفرت عن تأخير الموعد نحو أسبوع.
وأطلق بوغدانوف في حينها تصريحات لافتة عندما أشار إلى احتمال إجراء انتخابات رئاسية مبكرة في سوريا في حال تم التوصل إلى آلية لدفع عمل اللجنة الدستورية السورية.
وأضاف أنه في حال «توصلت الأطراف السورية إلى اتفاق في إطار نشاط اللجنة الدستورية، فإنه سيتم تثبيت نتائج عملها، ومن الممكن إجراء انتخابات وفقاً للدستور الجديد أو الإصلاح الدستوري».
ويعد هذا الملف أحد الملفات الأساسية المطروحة للبحث خلال الاجتماع المزمع لمجموعة آستانة. يضاف إليه ملف الوضع الميداني على خلفية تصاعد «النشاط الإرهابي» في بعض المناطق السورية خلال الفترة الأخيرة، وفقاً لإعلان نيكولاي باتروشيف، سكرتير مجلس الأمن الروسي، الذي قال أمس، بأن «بعض الدول لم تعتبر أنه من الضروري العمل مع روسيا الاتحادية لمحاربة الإرهابيين في سوريا، بل بعضها بذل جهودا لجعل هذه المحاربة صعبة».
بالإضافة إلى ذلك، ينتظر، وفقاً لمصادر روسية، أن يتم التركيز على ملف المساعدات الإنسانية وآليات توصيلها إلى المناطق السورية المختلفة، علما بأن هذا الموضوع سوف يطرح للبحث في مجلس الأمن في العاشر من الشهر المقبل، وسط تصاعد السجالات بين روسيا والغرب على خلفية رفض موسكو اقتراحا بتمديد عمل الممر الإنساني لإدخال المساعدات الذي يعمل حاليا عبر إدلب. وتصر موسكو على ضرورة أن تمر المساعدات فقط عبر دمشق وأن تقوم الحكومة السورية بتنسيق عمليات تسلمها وتوزيعها على المناطق المختلفة.
وبدا من تحديد موعد جولة «آستانة» قبل مناقشات مجلس الأمن، أن موسكو تسعى إلى التوصل إلى آلية متفق عليها مع شريكيها في المسار تركيا وإيران، بسبب بروز تباينات واضحة في الفترة الأخيرة مع أنقرة حول هذا الموضوع.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، دعا أول من أمس، مجلس الأمن الدولي إلى التوصل إلى اتفاق لتمديد آلية إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود في سوريا لعام آخر قبل انتهاء تفويضها في 10 يوليو (تموز).
وحالياً، لا يعمل سوى حاجز باب الهوى على الحدود بين تركيا وسوريا في إطار آلية إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود.
ويبرز التطور الثاني المهم المرتبط بجولات الحوار في نور سلطان، مع ظهور مؤشرات إلى احتمال أن تشارك واشنطن في هذه الجولة وإن كان لم يعرف بعد طبيعة وحجم التمثيل الأميركي. وقال مصدر دبلوماسي لـ«الشرق الأوسط» بأن موسكو «تلقت إشارات بهذا الشأن من واشنطن» ورأى أن هذه المشاركة إن تمت فستكون واحدة من نتائج القمة الروسية الأميركية التي عقدت في جنيف أخيرا.
وكانت واشنطن شاركت بشكل رمزي عبر سفيرها لدى نور سلطان في الجولات الثلاث الأولى من مفاوضات آستانة قبل أن تقاطع هذا المسار منذ جولته الرابعة التي عقدت في مايو (2017) وكان لافتا أن هذه المقاطعة تمت عندما أطلقت موسكو مسار تقسيم المناطق السورية إلى «مناطق خفض توتر» وهو القرار الأبرز الذي نجم عن جولة المفاوضات الرابعة مع تركيا وإيران. ورأت واشنطن في حينها أن موسكو تتعمد حرف مسار التسوية السورية عن النهج الذي وضعته الأمم المتحدة. وشككت أكثر من مرة لاحقا بجدوى اجتماعات «مسار آستانة» التي عقدت حتى الآن 15 جولة كان آخرها في فبراير (شباط) الماضي.
في المقابل، ترى موسكو أن النتيجة الأبرز لجولات التفاوض في إطار هذه الصيغة هي التوصل إلى وقف النار وتثبيت الهدنة على الجزء الأوسع من المناطق السورية فضلا عن إطلاق آلية الحوار في جنيف في إطار اللجنة الدستورية السورية التي ولدت بعد خلافات وتعقيدات واسعة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.