استطاعت المنصات الإلكترونية أن تحرك صناعة الدراما العربية، وتضع لها أسساً جديدة كانت تفتقدها من قبل. وتأتي الدراما اللبنانية والمختلطة، في مقدمة الصناعات التي يلحظ أن لها كثافة إنتاجات.
واللافت في الموضوع هو لجوء شركات إنتاج إلى النبض اللبناني الشاب للقيام بمهمة الإخراج لهذه الأعمال. بعض هؤلاء يدخلون تجربة الدراما للمرة الأولى بعد شهرة واسعة لاقوها في عالم السينما. وبعضهم الآخر دخلها عابراً جسر الإعلانات والكليبات الغنائية المصورة ومسلسلات الـ«أونلاين».
وإذا ما اطلعت اليوم على أخبار الساحة الدرامية، لا بد أن تلحظ مجموعة أسماء شبابية تطبع عملية إخراجها. فكما أمين درة وجو بوعيد وجوليان معلوف، كذلك هناك رودني حداد، وليال راجحة، وفيليب أسمر، وسعيد الماروق، وغيرهم.
كسر هؤلاء الشباب نمط الإخراج التقليدي، الذي اعتاد عليه المشاهد العربي لعقود متتالية. فإنتاج الأعمال الدرامية القصيرة، والتي تتألف بمعظمها من 8 أو 10 حلقات، أزاحت زمن «السوب أوبرا» عن الواجهة، وتربعت مكانها بعد أن اجتاحت المنصات الإلكترونية. فالنبض الشبابي والتجديد في عملية الإخراج، يشكلان مطلبين أساسيين لإنتاجات المنصات، التي يتألف معظم جمهورها من جيل الشباب. هذا الجيل الذي انفتح على العالم البصري بكل أبعاده، لم يكن من الممكن إلا مجاراته ومخاطبته بأعمال تجذبه.
ويقول جوليان معلوف مخرج مسلسل «خرزة زرقا» والذي يدرس 5 عروض جديدة لعالم دراما المنصات في حديث لـ«الشرق الأوسط»، «كان من الضروري أن تركب شركات الإنتاج في لبنان وغيره الموجة الرائجة اليوم في الدراما العالمية. مسلسلات قصيرة وكاميرا غير تقليدية وقصص تحاكي الشباب عن قرب». وعما إذا تأخرت برأيه شركات الإنتاج في اللجوء إلى النبض الشبابي، يرد «على العكس تماماً، لا، بل هي برأيي جاءت في الوقت المناسب، سيما وأن إنتاجات اليوم اتخذت مستوى آخر». وعن تجربته في عالم الدراما، يقول «سبق وقمت بإخراج مسلسلات طويلة كـ(الحب الحقيقي)، حتى دراما (خرزة زرقا) لا يعتبر عملاً قصيراً؛ إذ يتألف من 60 حلقة. ما ينتظرنا في دراما المنصات هو أعمال أقصر وأسرع بحيث لا يمل المشاهد من متابعتها». ويتابع «نعيش اليوم عصر الدراما المفتوحة الأجواء، والمخرج صار في إمكانه تصوير حلقة واحدة بفترة يومين أو ثلاثة بدل يوم واحد أو أقل. أننا جميعنا كمخرجين تربطنا علاقة وطيدة، ونتحدث مع بعضنا بين وقت وآخر، وفخورون بما نحققه اليوم من تغيير في عالم دراما المنصات».
المخرج الشاب أمين درة والذي يصور حالياً مسلسل «باب الجحيم» لمنصة «شاهد» بالتعاون مع شركة «سيدرز برودكشن»، خاض تجارب درامية عديدة أوصلته إلى جائزة «آيمي آوورد» العالمية. واليوم ينتقل درة إلى عالم دراما المنصات بعد أن اشتهر أول أعماله «شنكبوت» عبر الإنترنت، ورشح لبنان فيلمه «غدي» لجائزة الأوسكار. ويعلق في حديث لـ«الشرق الأوسط»، «أعتقد أنه الوقت المناسب ليضع المنتجون يدهم بيد المخرجين الشباب، لا سيما الذين عملوا في مجال السينما. فحتى المنصات الأميركية انطلقت أعمالها مع هذا النوع من المخرجين، الذين عملوا في صناعة الأفلام. فشركات الإنتاج اليوم لم يعد بإمكانها أن تفكر بصورة تقليدية، بل أن تجاري العصر وتحقق التجدد المطلوب. وتوجهها نحو البلاتفورم أو المنصة، أصبح واقعاً لا مفر منه، سيما وأن هذه المنصات مشاهدة بنسب عالية جداً. لذلك؛ كان من البديهي أن تلجأ إلى مخرجين أصحاب أفكار جديدة في عالم الصورة وإدارة العمل».
مسلسل «باب الجحيم» المنتظر عرضه عبر منصة «شاهد» في أغسطس (آب) المقبل، يدور في عام 2052 ويحمل رؤية مجتمعية مستقبلية تدور في عالم خيالي.
وكان المخرج الشاب فيليب أسمر قد دمغ الموسم الرمضاني بعملين دراميين، وهما «2020» و«للموت». ووصف بأحد أهم المخرجين الشباب الذين دخلوا مؤخراً عالم الدراما وأحدثوا الفرق. أما جو بوعيد الذي يستلم مهمة إخراج مسلسل «صالون زهرة» إنتاج شركة الصباح، ومن بطولة نادين نسيب نجيم ومعتصم النهار وزينة مكي، فهو يخوض اليوم أولى تجاربه الدرامية بعد شهرة واسعة حققها في عالم السينما. ففيلمه «تنورة ماكسي» حصد جوائز عديدة وسجل قفزة نوعية في صناعة الأفلام اللبنانية. وعن تجربته الأولى مع عالم الدراما يقول لـ«الشرق الأوسط»، «إنها تجربة رائعة لم أتردد في دخولها، سيما وأن جميع مكوناتها دفعتني لذلك. فعالم الدراما كان يقترب مني، وبدوري كنت على مسافة قريبة منه، ولكن لظروف مختلفة كانت الفرص لا تتم. وشاءت الصدف أن أنطلق مع شركة (الصباح) ومع فريق عمل محترف. صحيح أني أصور عملاً درامياً، ولكني أخذته صوب السينما ومن نظرتي الخاصة». ويختم «المخرجون اليوم صار لديهم صلاحيات أكبر، وهو ما يتيح لهم ترجمة أفكارهم في فضاء واسع بعيداً عن التقليدية. كما أن دراما المنصات تأخذ هذه الصناعة، إلى مكان أفضل يحمل لها التطور المطلوب».
وإضافة إلى المخرجين الذين ذكرناهم ينتظر أن تبدأ ليال راجحة، مخرجة الفيلمين السينمائيين «حبة لولو» و«شي يوم رح فل»، تصوير مسلسل جديد من النوع التشويقي خاص بمنصة «شاهد»، ويتألف من 12 حلقة. في حين انتهى المخرج السينمائي سعيد الماروق من تصوير وإخراج مسلسل «دور العمر» من بطولة سيرين عبد النور وعادل كرم.
نبض شبابي لبناني في الإخراج يكتسح دراما المنصات
بينهم جو بوعيد وجوليان معلوف وأمين درة وليال راجحة
نبض شبابي لبناني في الإخراج يكتسح دراما المنصات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة