ورد الخال لـ«الشرق الأوسط»: الدراما اللبنانية ليست في أحسن حالاتها

تمنّت لو وُلدت في أوروبا أو أميركا

الفنانة ورد الخال
الفنانة ورد الخال
TT

ورد الخال لـ«الشرق الأوسط»: الدراما اللبنانية ليست في أحسن حالاتها

الفنانة ورد الخال
الفنانة ورد الخال

اللقاء مع ورد الخال برائحة عنفوان الحقل المتمرّد على الفصول وشروطها. تدرك أن الصراحة مُكلفة، ولا «تؤدّب» اللسان بالمسايرة وتدوير الزوايا. إن غضبتْ؛ جاهرتْ، فبراكينها لا تنصت لجوانبها الهادئة. تُخبر «الشرق الأوسط» بأنّ هذه البلاد ظالمة، وربما تقتل الطموح. وتتأسّف لما رست عليه معايير النجومية: «كل مشهور صار نجماً!». يحزنها نكران الجميل، «ويا ريت خلِقت (وُلدتُ) بأوروبا أو أميركا». تتحسّر على الأوطان وهي تتلذذ بخيبة إنسانها وهدم السقوف فوق رأسه. ابنة الشاعر اللبناني يوسف الخال والرسامة السورية مهى بيرقدار، تتفاخر بسلاحها: «موهبتي فقط». عقدان من العطاء، ولا تنكر أنها مكتفية، لكنّ وجعها فنّي، يتعلّق بالأحلام وأثمانها.
من «بوست» على «إنستغرام» نبدأ... ماذا دهاكِ يا ورد، لمَ كتبتِ هذه الجملة النازفة: «أن تكون فناناً في هذه البقعة الجغرافية، فذلك شبه لعنة»؛ أملعونة هي أقدار الفنان العربي؟ تردّ بما يزيل اللبس عن القصد: «في البداية؛ أوضح: الحمد لله، أعيش باكتفاء وحالتي المادية جيدة. ما أقصده منطلقه فنّي. آفاقنا محدودة، وطموحنا أكبر مما يُعرض علينا. أقولها بصراحة: التمثيل، أو الفن السابع، ليس من تراثنا. هو تراث الغرب، أبدعوا فيه وطوّروه. تراثنا الدبكة، الغناء، دَق الكبّة، وربما الآلات الشرقية في المعزوفة الموسيقية. أما في التمثيل، فنُقلّد من دون أن نتقدّم في المواضيع والأفكار. باختصار: ليتني وُلدتُ في أميركا أو أوروبا، حيث الدول ترفع عالياً شأن المهنة، فأكون في أدوار أعمق وتحدّيات أكبر. في لبنان (هول هنّي). إمكاناتنا تُحدّ، والدراما اللبنانية ليست في أحسن حالاتها. دوران كئيب في دوّامة».
ورد الخال مسكونة بالغضب والحق. يحلو لها التشديد: «موهبتي هي سلاحي». نسألها عما باتت تعنيه «النجومية» وتغيُّرات معاييرها، فيما «النجوم» على مد العين والنظر في زمن «السوشيال ميديا»... «الجميع أصبح نجماً! السياسي نجم. الطبيب نجم. بالنسبة إليّ، ليس بالضرورة ربط النجومية بالشهرة. هذا لغط. واستخفاف». تختار لتعريف النجم مفردة: «مُصفّى»؛ أي أن يرتفع إلى الحيّز الصافي، بامتلاكه الموهبة والاجتهاد، «فيكون الحضور والقدوة».
لعلّها تستعدّ لهذا السؤال: «أيؤلمكِ الغياب في رمضان واستبعاد اسمكِ من المنافسة؟»، فيخرج الجواب واثقاً: «أنا ممثلة، لا أقدّم أعمالاً هدفها فقط عدم الغياب». تُذكّر بـ«عشق النساء» و«ثورة الفلاحين»: «العملان علّما خارج منافسة رمضان». بعضُ البُعد يترك حسرة؛ أشعرتِ بها؟ «أتحسّرُ على الدراما اللبنانية وكيف تسير الأمور في لبنان. ما عدد النجمات اللاتي قدّمن مسلسلات رمضانية؟ قليلات. هل هذا صحّي؟ لا. أصبحت المعادلة: إما أن يكون الممثل داخل لعبة شركات الإنتاج أو خارجها. لم أكن يوماً مُحتكرة أو مدعومة من شركة واحدة، لذا نوّعتُ خياراتي. موهبتي وحدها سيّرتني». شيء لمحاولة استفزازها، هو سؤالها صراحة عمّا إذا كان آل الخال (هي وشقيقها يوسف) على القائمة السوداء للإنتاج اللبناني؟ «لا. لا. لا! لستُ على أي لائحة سوداء. ليوسف أوضاعه، يعالجها بنفسه، فإما تُحلّ وإما لا. أما أنا؛ فلا أوضاع لي مع أحد. إن ناسبني دور وقدّر قيمتي الفنية، فيمكن منتجه التواصل معي. نحن فنانون، غيابنا يترك فراغاً، نعمل بمهنية، والناس يثقون بنا. هذا الأهم».
الدور بقيمته، فإن لم يكن لائقاً، تردّ العرض بالاعتذار: «لا أريد هدم ما بنيته». تصعب خياراتها كلّما تعمّقت في «المكان المُصفّى» و«تورّطت» به. نفتح واحداً من الملفات الدرامية الشائكة: مسلسلات الخلطة العربية. «لستُ ضدها»؛ تحسم لـ«الشرق الأوسط»، وتنهي الجدل: «لا أساير في مسألة الانتقاص من شأن الممثل اللبناني. أغار عليه، وأريده أن ينال فرصه كالممثل السوري. يضطر المنتج لتركيب الممثلين وفق ما تتطلّبه السوق لبيع الإنتاج. لا أنكر أنّ اسم النجم السوري يحفّز على بيع العمل، لكنّ النجم اللبناني يتفوّق أحياناً في الخلطة ويثبت جدارة. لسنا أقل من الآخرين. في انتظار أن تبيع المسلسلات على أسماء ممثلين لبنانيين ذات يوم».
وبـ«لا»، تجيب عن سؤال: «هل حوربتِ؟ هل دفعتِ أثماناً؟». تؤلمها قلّة التقدير، والتجاهل، والتناسي. أكثر من عشرين عاماً وهي تعمل بجدّية، واليوم تشعر بأنّ الزمن قليل الوفاء. «لا يستطيع أحد محاربتي. من يُحارَبون هم المُتّكئون على الآخرين، أما أنا؛ فأتكئ على موهبتي. لستُ متسلّحة بعلاقات أو محسوبيات لأُحارب، فسلاحي الوحيد هو شغفي».
نُكمل: ورد، يا ورد، الأزمة أولاً في افتقاد الدراما اللبنانية كتّاباً ونصوصاً. هل توافقين؟ «أكيد، أكيد. لا تقوم الصناعة الدرامية على كاتب أو اثنين. لكنّ المعضلة أيضاً في المحظورات، لا في الأفكار. مجتمعاتنا تختبئ خلف أصبعها، لذا بدأتُ حديثي بالقول: التمثيل ليس من تراثنا. إنّنا محدودون. قصصنا لا تتجاوز مسائل الشرف والتضحية والحب (الغريب عجيب). وفي أحسن الأحوال، مواضيع المخدرات المملّة. المنصات، حتى العربية، أكثر جرأة من المسلسلات المعروضة على الشاشات».
على سيرة المنصات؛ هل يريحكِ وجودها، أم يحرّككِ حنين ثابت إلى التلفزيون والمشاهدة التقليدية؟ «أحبّ الاثنين. التلفزيون جزء من حياتنا، واليوم تتقدّم المنصات فتزعزع بعض المفاهيم. أحبّ حضوري فيها، حيث النوعية أفضل والانتشار العربي أوسع. ثم إنّ الانهيار الاقتصادي صعّب على التلفزيونات اللبنانية شراء الإنتاجات. التوجّه بات نحو المنصات، وعلينا التأقلم مع الزمن».
لا تضمن النتائج ولا تحسم توقعاتها من الأدوار. تُجدّد بالأداء قبل الشخصية، فالشخصيات تتكرّر، ووحده الممثل البارع يخرج بأداء مختلف. «الشر، مثلاً، ليس كليشيه كما يؤدّيه البعض. شاهدوا (نتفليكس) وتأكّدوا. نحن لا نزال بعيدين جداً».
لا بدّ من مرور على مسلسل «هند خانم»، من بطولتها، ولم يحقق نجاحاً فريداً (عرضته مؤخراً قناة «الجديد» اللبنانية). أهو المال أم الرغبة في الحضور، ما جعل ورد الخال توافق عليه؟ تؤكد: «لا هذا ولا ذاك». إذن؛ ما القصة؟ «بعد أدوار شريرة، وافقتُ على شخصية طيّبة. جمعتني بالمنتج مروان حداد (شركة «مروى غروب» اللبنانية للإنتاج) نجاحات، وحين عرض عليّ النص، وافقت. كنتُ في حاجة إلى كسر القسوة. أنا ممثلة، تستميلني الشخصيات وإن اختلفت أقمشتها». لكنّ النتيجة لم تأتِ بحجم التطلّعات، فتردّ: «أقوم بما عليّ بصفتي ممثلة، والباقي ليس على عاتقي. يهمّني دعم الدراما اللبنانية، بدل التكبّر عليها كما يفعل آخرون. هي أطلقتنا، وإليها نعود مهما كبُر النجاح في الداخل والخارج».

- طوابير البنزين ورعب السوبر ماركت
أقسى أشكال الدراما، ما يعيشه اللبناني اليوم. طوابير ذل أمام محطات الوقود، وأسعار جنونية في السوبر ماركت. ورد؛ أين أنتِ من وجع الناس؟ «أنا أيضاً مواطنة لبنانية، أعيش الاكتواء»... تجيب «الشرق الأوسط» بصراحة: «أحياناً يدلّعني البعض، فيملأ سيارتي بالبنزين. وأحياناً أنتظر بالصف. أما السوبر ماركت، فمغارة رعب. نحن فعلاً في جهنّم».
10 أشهر على جريمة العصر، حين انفجرت بيروت بإنسانها ووجدانها. ورد غاضبة، طافحة بالسخط حيال المرتكبين والقتلة. تُظهر النبرة غليان الداخل: «زلزال المرفأ وصمة عار عليهم جميعاً. مَن أدخل النيترات إلى المرفأ وتستّر عليها وأهمل خطرها. حكّامنا العارفون بالأمونيوم، مجرمون، وأدعو الله للاقتصاص منهم، فيشربون الكأس نفسها. يريدوننا أن ننسى؟ لا؛ لن نفعل. أملي بالإنسان وإرادة التغيير. على الانتخابات المقبلة قلب المعادلة. لبنان يستحق الحياة».



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.