غريفيث يشيد بـ«الجهود الاستثنائية» السعودية لوقف حرب اليمن

شدد على الحاجة إلى تسوية «قد لا تكون ممكنة في المستقبل»

غريفيث خلال إحاطته الأخيرة لمجلس الأمن أمس (البعثة الأممية في اليمن)
غريفيث خلال إحاطته الأخيرة لمجلس الأمن أمس (البعثة الأممية في اليمن)
TT
20

غريفيث يشيد بـ«الجهود الاستثنائية» السعودية لوقف حرب اليمن

غريفيث خلال إحاطته الأخيرة لمجلس الأمن أمس (البعثة الأممية في اليمن)
غريفيث خلال إحاطته الأخيرة لمجلس الأمن أمس (البعثة الأممية في اليمن)

أكد المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث، في إحاطته الأخيرة من هذا المنصب لأعضاء مجلس الأمن في نيويورك أن الأطراف المتحاربة «لم تتمكن من الاتفاق» على وقف شامل للعمليات العسكرية في البلاد بسبب استمرار «الشروط المتبادلة»، مشيراً إلى «الجهود الاستثنائية» التي تبذلها المملكة العربية السعودية لوقف الحرب، إضافة إلى جهود سلطنة عمان والولايات المتحدة.
واستمع أعضاء مجلس الأمن إلى إحاطة غريفيث عبر الفيديو، فذكر أن «إنهاء الحرب خيار» لوقف المعاناة اليومية للشعب اليمني. وأكد أن «الناس الذين في مواقع المسؤولية فوتوا الفرص التي قدمت إليهم» بسبب عدم «قيامهم بالتنازلات الضرورية لإنهاء الحرب». وإذ لفت إلى أن «الوسيط ليس مسؤولاً عن الحرب ولا عن السلم»، شكر أعضاء مجلس الأمن، ولا سيما الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وسلطنة عمان وغيرها، لبذلها «جهوداً دؤوبة دعماً لجهود الأمم المتحدة في الجولة الأخيرة من الوساطة».
وتحدث عن الجولة الأخيرة من الدبلوماسية المكوكية، مشيراً إلى أن «الأطراف لم تتمكن من الاتفاق». وأوضح أن الحوثيين يصرون على «اتفاق منفصل حول موانئ الحديدة ومطار صنعاء كشرط مسبق لمحادثات وقف النار والعملية السياسية»، كاشفاً أن زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي أصر على هذه الخطوة قبل التفاوض على وقف النار. أما الحكومة اليمنية فتتمسك بـ«تطبيق كل الإجراءات كحزمة واحدة، بما فيها بدء وقف النار». وقال إن «وقفاً لإطلاق النار على المستوى الوطني له قيمة إنسانية لا يمكن إنكارها، مثل السماح بإعادة فتح الطرق الحيوية، بما فيها تلك الواقعة في مأرب وتعز»، معتبراً في الوقت ذاته أن «استمرار إغلاق مطار صنعاء وفرض القيود على المشتقات النفطية عبر ميناء الحديدة غير مبرر ويجب أن يجري التعامل معه بشكل عاجل».
وذكر بمعاناة سكان تعز منذ ست سنوات، لافتاً إلى أحدث التقارير عن «القصف المتكرر لديارهم والألغام الأرضية التي تعوق وصولهم للمدارس وأماكن العبادة والعمل». ورأى أنه «من المخزي لنا جميعاً أن تفاهم تعز المتفق عليه في استوكهولم لم يؤد إلى أي نتائج». واعتبر أن تنفيذ «اتفاق الرياض» يضمن حلاً للنزاع في اليمن من خلال الحوار. وقال إن «السعودية تبذل جهوداً استثنائية لوقف الحرب هناك»، موضحاً أن وقف النار في اليمن سيكون له تأثير إيجابي كبير على الجانب الإنساني. وأمل في «أن تثمر الجهود التي تبذلها سلطنة عمان وغيرها».
ورأى أن اليمن «يحتاج عملية سياسية وتسوية تشمل الجميع وتبعد البلاد عن حلقات النزاع». واعتبر أن «أي تسوية سياسية يجب أن تعكس مصالح شتى أطراف النزاع، إلا أنها يجب أن تضمن أيضاً مصالح وحقوق المتضررين من النزاع، وليس فقط هؤلاء الذين يعملون على إدامته». ولاحظ أنه «على مدار النزاع، تشرذمت الأطراف السياسية والمسلحة، كما ازداد التدخل الأجنبي»، محذراً من أن «ما كان ممكنا فيما يتعلق بحل النزاع في السنوات الماضية لم يعد ممكناً اليوم. وما هو ممكن اليوم قد لا يكون ممكناً في المستقبل».
وأكد وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية منسق المعونة الطارئة مارك لوكوك أن هجمات الحوثيين «تهدد أرواح ملايين المدنيين». وشكر السعودية والإمارات على مواصلة تبرعاتهما لدعم عمليات الإغاثة الإنسانية في اليمن.


مقالات ذات صلة

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

العالم العربي جانب من المؤتمر الصحافي الذي عقد بمحافظة مأرب عن انتهاكات جماعة الحوثي في البيضاء (سبأ)

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

كشف تقرير حقوقي يمني عن توثيق نحو 13 ألف انتهاك لحقوق الإنسان في محافظة البيضاء (وسط اليمن) ارتكبتها ميليشيا الحوثي خلال السنوات العشر الأخيرة

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ خلال أحدث إحاطاته أمام مجلس الأمن (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة لـ«الشرق الأوسط»: غروندبرغ ملتزم بالوساطة... والتسوية اليمنية

في أعقاب فرض عقوبات على قيادات حوثية، أكد مكتب المبعوث الأممي التزامه بمواصلة جهوده في الوساطة، والدفع نحو تسوية سلمية وشاملة للنزاع في اليمن.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي الحوثيون يحكمون قبضتهم على مناطق شمال اليمن ويسخرون الموارد للتعبئة العسكرية (أ.ب)

عقوبات أميركية على قيادات حوثية

فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة أمس على سبعة من كبار القادة الحوثيين المتحالفين مع إيران في اليمن.

علي ربيع (عدن)
المشرق العربي الأمم المتحدة تخطط للوصول إلى 12 مليون يمني بحاجة إلى المساعدة هذا العام (إ.ب.أ)

انعدام الأمن الغذائي يتفاقم في 7 محافظات يمنية

كشفت بيانات أممية عن تفاقم انعدام الأمن الغذائي في 7 من المحافظات اليمنية، أغلبها تحت سيطرة الجماعة الحوثية، وسط مخاوف من تبعات توقف المساعدات الأميركية.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي الشراكات غير العادلة في أعمال الإغاثة تسبب استدامة الأزمة الإنسانية في اليمن (أ.ف.ب)

انتقادات يمنية لأداء المنظمات الإغاثية الأجنبية واتهامات بهدر الأموال

تهيمن المنظمات الدولية على صنع القرار وأعمال الإغاثة، وتحرم الشركاء المحليين من الاستقلالية والتطور، بينما تمارس منظمات أجنبية غير حكومية الاحتيال في المساعدات.

وضاح الجليل (عدن)

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.