«المدينة لي»... عمل مسرحي يخرج من نفق الجائحة

يتناول مدينة مغربية أعيتْها العشوائية وأنهكَها سوءُ التدبير

مشهد من مسرحية «المدينة لي»
مشهد من مسرحية «المدينة لي»
TT

«المدينة لي»... عمل مسرحي يخرج من نفق الجائحة

مشهد من مسرحية «المدينة لي»
مشهد من مسرحية «المدينة لي»

بعد أكثر من سنة من الإغلاق بسبب جائحة (كورونا)، تعود الحركة المسرحية في المغرب إلى الدوران، بعد القرار الحكومي بإعادة فتح قاعات السينما والمسارح والمراكز الثقافية وفق شروط، إثر تحسن المؤشرات المتعلقة بالوضع الوبائي في المغرب.
وعبر الشاعر والروائي المغربي ياسين عدنان عن هذه العودة التدريجية للحياة الثقافية والفنية إلى سابق نبضها، بالقول: «كأن هواءً جديداً بدأ يتسرّب إلى حياتنا. إلى حياة مدننا هنا. كأننا بدأنا نخرج من النفق بالتدريج. النفق الضيق الذي حشرَتْنا الجائحة فيه».
وضمن هذا المستجد الإيجابي، المتمثل في عودة المسرح إلى معانقة جمهوره من جديد، يقترح «مسرح أنفاس» والمسرح الوطني محمد الخامس بالرباط، اليوم، عملاً مسرحياً، تحت عنوان «المدينة لي».
وكتب عدنان متحدثاً عن مضمون هذا العمل المسرحي وسعادته بالمشاركة في تقديم عرضه الرسمي الأول، والمساهمة في تدشين هذه العودة مع فرق مختارة بعناية من طرف إدارة مسرح محمد الخامس: «الانتخابات على الأبواب، والكل يتحدث باسم المدينة اليوم. كأن الأمر يتعلق بحملة سابقة لأوانها. المرشّحون يشحذون من الآن وعودهم عن تنمية المدن المسكينة التي يتربّصون بأصوات ناخبيها. لكننا لن نترك الساحة فارغة لهم، ولخطاباتهم الملفَّقة. علينا بدورنا أن نترافع من أجل مدننا. من أجل مدينة مغربية قهرَتْها كورونا وأعيتْها العشوائية والارتجال، أنهكَها سوءُ التدبير وزحفَ عليها التَّرييف».
وربط عدنان بين عنوان العمل المسرحي وطريقة الاشتغال عليه، فكتب: «(المدينة لي)، هكذا جاء العنوان. مُدنُنا لنا. ولن نتركها لكم. لن نترك المدن نهباً لسُرّاقها. لا نقصد أحداً بالذات. ولا نُآزر جهة ضدّ أخرى. لكننا ندافع عن المدينة ضدّ كل من يريد أن يتاجر بها. فحين تتاجر بمدينتي تتاجر بحياتي واستقراري، بمستقبلي وأحلامي. ترهنني كما رهن أديب المشرفي بصوته المجلجل المرعب آمال عيوش وسليمة المومني وحسن الجاي على الخشبة ليجدوا أنفسهم سُجناء وضع جحيمي يتفاقم يوماً عن يوم ويدفع رهائنه إلى الجنون. ثم يمرُّ الشاعر ليقول كلمته. المدينة حكاية الشاعر وقضيتُه. المدينة قصيدتُه وخيمته».
وزاد عدنان متحدثاً عن الرؤية الإخراجية واختيارات مخرجة العمل: «أعمال أسماء هوري ليست قصصاً لتُحكى، وإنما هي فضاءات فرجوية وعوالم جمالية يُعانق فيها النصُّ السينوغرافيا، الصوتُ اللحنَ، العودُ الترومبيت، الضوءُ الظلَّ، السردُ الشعرَ، الموسيقى الكوريغرافيا، وهكذا».
وكتبت هوري تحت عنوان «المدينة لي... أو التحدث لتغيير الأشياء من حولنا»، أن هذه المسرحية عالم كامل. قصص حميمية، لقاءات أسطورية، خصومات متكررة، مناجاة فردية، انطباعات وتساؤلات تأملية. وزادت أن الأمر يتعلق بحكاية أفراد خارج السيطرة، منزعجون من اليومي، عبر البحث، دون أمل، عن ملجأ بالبوح والمطالبة. يتهمون ويحتجون ضد مدينة على شفير الهاوية، غير مبالية، خالية من كل تعاطف أو رحمة.
وتحكي المسرحية قصة مجموعة من الأشخاص، يقررون، تبعاً لمعيشهم التراجيدي والمحبط، أن يرفعوا شكوى ضد مدينتهم، بانتقادها، إشعارها بالذنب، بحب ووضوح، فيما ينتصبون كأسوار بشرية لمواجهة العنف والبشاعة التي تتهددها، لذلك تتقدم المسرحية بمشاهد مجزأة، تتراوح بين الحميمي والعام، تندد بقدر ما تثير حاجة حيوية لتغيير الأمور من حولنا، فيما يشبه الدراما الرمزية، حيث يجد المتفرج نفسه أمام ست شخصيات، ثلاث نساء وثلاثة رجال، يؤدون معاً كل حالات هذا العمل المسرحي. الممثلون هم، في الوقت نفسه، رواة، وشخصيات، ومعلقون. يجمعون في أدائهم بين الرقص والمسرح، والنص والحركة، لمساءلة مفهوم الانتماء إلى مكان ومجتمع.
بالنسبة لهوري فالنص لا يقول كل شيء، حيث البحث عن اللامرئي وما لا يقال في الكتابة هو الهدف الأسمى لكل ممثل.
وعن مشاركته في هذا العمل المسرحي، أشار عدنان إلى كتاباته التي تحضر فيها المدينة، ممثلاً برواية «هوت ماروك» وديوان «دفتر العابر» ونص «مراكش... أسرار معلنة»، رابطاً بين الشعري والمسرحي في «المدينة لي»، متحدثاً عن فعل «الفضح» بخصوص واقع المدينة العربية، من جهته تدهورها، ضمن مراوحة بين التأمل الشعري في مصير المدينة والمشاهد الغارقة في المفارقات.
وعن طبيعة حضوره في هذا العمل المسرحي، تحدث عدنان عن شاعر يقرأ شعره داخل نسق العرض، لصالح تطور بنيته وبناء عالمه، حيث يصير جزءاً من كل ومن بنية، فيما تتحكم المخرجة في الأداء، ضمن رؤية إخراجية، ينتقل فيها من دور الشاهد المحايد، فالارتباك والحيرة والقلق الوجودي، ثم الغضب.


مقالات ذات صلة

«فريكة» هبة نجم... طَعْمٌ آخر للمسرح اللبناني

يوميات الشرق مسرح هبة نجم تذوّقي يُشغِل الحواس بالتقاط رائحة الطعام المنبعثة من «المطبخ» (الشرق الأوسط)

«فريكة» هبة نجم... طَعْمٌ آخر للمسرح اللبناني

علاقة الأنثى بالعمّة شائكة بحجم عمقها إنْ حكمها ودٌّ خاص. في المسرحية تغدو مفتاحاً إلى الآخر، مما يُجرّدها من الشخصانية نحو احتمال إسقاطها على علاقات عاطفية.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق يهدف الحفل إلى تزويد اللبنانيين بجرعات أمل من خلال الموسيقى (الجامعة الأميركية)

بيروت تحتفل بـ«التناغم في الوحدة والتضامن»... الموسيقى تولّد الأمل

يمثّل الحفل لحظات يلتقي خلالها الناس مع الفرح، وهو يتألّف من 3 أقسام تتوزّع على أغنيات روحانية، وأخرى وطنية، وترانيم ميلادية...

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق أبطال أحد العروض المسرحية ضمن فعاليات مهرجان المسرح الكوميدي في بنغازي (وال)

بنغازي الليبية تبحث عن الضحكة الغائبة منذ 12 عاماً

بعد انقطاع 12 عاماً، عادت مدينة بنغازي (شرق ليبيا) للبحث عن الضحكة، عبر احتضان دورة جديدة من مهرجان المسرح الكوميدي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

صدر حديثاً عن دائرة الثقافة في الشارقة العدد 62 لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 من مجلة «المسرح»، وضمَّ مجموعة من المقالات والحوارات والمتابعات حول الشأن المسرح

«الشرق الأوسط» (الشارقة)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.