فيلم «ثانية واحدة» الضحك يغطي أخطاء «الحبكة المفتعلة»

التصنيف النقدي اعتبره متوسط المستوى

TT

فيلم «ثانية واحدة» الضحك يغطي أخطاء «الحبكة المفتعلة»

من القواعد المتعارف عليها في فن الدراما والتأليف هي أنه كلما كان الحدث حتمياً، كان العمل أفضل، والعكس صحيح، فكلما تراجعت حتمية الحدث أصبح النص ضعيفاً... وفق هذا المعيار، يتبين لنا مدى الثغرات التي امتلأت بها الحبكة الأساسية لفيلم «ثانية واحدة» الذي يجري عرضه حالياً بدور العرض في القاهرة وبعض المحافظات والتي اعتمدت على سلسلة من المصادفات المفتعلة والوقائع غير المنطقية.
الفيلم بطولة مصطفى خاطر، الذي يجسد شخصية شاب مصري يعمل بالولايات المتحدة الأميركية، ويأتي إلى القاهرة في رحلة عمل تستمر أسبوعين، أما دينا الشربيني فتجسد شخصية فتاة مصرية (تحمل أيضاً اسم دينا) تعمل هي الأخرى بالقاهرة بفرع إقليمي لشركة عالمية.
وحسب القصة، يفترض أن يلتقي الاثنان ويعيشا سوياً سلسلة من المفارقات الساخرة يتخللها حدث مفاجئ ثم تأتي النهاية السعيدة التي يفضلها الجمهور عادة، وهي وقوع البطل والبطلة في الحب ومن ثم الزواج، وبرغم تقليدية هذا التصور فإننا يمكن أن نغض الطرف قليلاً عنه باعتبار أنه من الجائز أن تشتغل السينما على ثيمة شائعة، لكن السؤال الأهم: ماذا حدث لكي نصل إلى هذه النهاية؟
اضطر المؤلف مصطفى حمدي، والمخرج أكرم فريد إلى اللجوء إلى عدد هائل من الأحداث غير الحتمية والتي تقع في نطاق المصادفة غير المقنعة على نحو جعل حبكة السيناريو مليئة بالثغرات، تستيقظ «دينا» من نومها متأخرة فتنهض مذعورة بسبب احتمال تأخرها عن اجتماع عمل مهم. تعاني من أعطال في البيت ويتحطم حذاؤها وتهرع إلى سيارتها فإذا ببطارية السيارة لا تعمل لأن مصابيحها بقيت مضاءة طوال الليل، تصرخ في حارس العقار (الفنان بيومي فؤاد): لماذا لم تطفئ مصابيح السيارة؟ فيرد بكل هدوء: لأنك لم تطلبي مني ذلك!
على الجانب الآخر، يفاجأ الشاب القادم في رحلة عمل بعدم وجود السائق المخصص من جانب شركته، والذي كان من المفترض أن ينتظره بالمطار، فيستأجر سيارة ليموزين، وفي الطريق، يستوقف السائق كي يمر على محطة وقود لقضاء حاجته، هنا يظهر لص كوميدي يمزج بين الشر والسذاجة يجسد دوره الفنان طاهر أبو ليلة، والذي ينجح في اقتياد ضحيته إلى منطقة صحراوية نائية، حيث يقوم بسرقة معظم متعلقاته وأمواله لكنه، في تصرف محير يترك له السيارة.
يسارع الشاب بالسيارة كي يلحق بموعده الذي تأخر عنه، فإذا بفتاة «دينا» تستوقفه ظناً منها أنه سائق سيارة «أوبر» التي طلبتها، ورغم أنه كان من الممكن ببساطة أن ينزع عنها سوء التفاهم فإنه يتمادى معها في الموقف فقط، كي يستقلا السيارة سوياً فنكون على موعد مع النصف الثاني من الأحداث والتي تتلخص في تعرضهما لحادثة قوية تنجو منها دينا، لكن الشاب الذي كان برفقتها يتعرض لصدمة في المخ يرتد على أثرها إلى زمن الطفولة وتعتني به «دينا» حتى بعد خروجه من المستشفى، حيث يظن أنها أمه ويتعلق بها فتصطحبه إلى منزلها وتبدأ في التعامل معه على هذا الأساس.
تتفجر الكوميديا في الفيلم من هذه المفارقة الكبرى، حين يتعامل رجل ناضج بعقلية وخيال طفل فيوقع الجميع في مواقف حرجة وينبع الضحك من الموقف ذاته وليس اعتماداً على النكات أو الإفيهات المنفصلة عن السياق العام.
وجاء اختيار مصطفى خاطر لينم عن ذكاء، فهو بوجهه «الطفولي» وتلقائيته الشديدة كممثل كوميدي كان مقنعاً للغاية في تجسيد شخصية «الرجل الطفل» بانفعاله وغضبه وفرحته، ويعد الفيلم أول بطولة سينمائية مطلقة لمصطفى خاطر الذي لعب دور البطولة في عدد من المسلسلات التلفزيونية.
كما كان لافتاً مشاركة عدد من النجوم في الفيلم كضيوف شرف، على غرار فتحي عبد الوهاب وأحمد الفيشاوي بحيث لا يتجاوز ظهورهم مشهداً أو اثنين بحد أقصى، مما أضاف نوعاً من الحيوية على السيناريو وكسر نمطية وبطء بعض المشاهد.
ويرى الناقد الفني المصري محمد البرعي، أن فكرة تحول البطل الناضج إلى طفل على نحو يولد الكثير من المفارقات الضاحكة ربما يكون جديداً على السينما المصرية، لكننا رأيناها كثيراً في السينما الأميركية، لا سيما في فيلم «little man»، إنتاج عام 2006. ومن تأليف وإخراج كين وايانز.
ويضيف البرعي لـ«الشرق الأوسط»: «نحن أمام فيلم كوميدي خفيف، متوسط القيمة، لا يستهدف سوى الضحك ولا بد للمتفرج من تقبل العديد من الثغرات غير المنطقية كي يستمتع بالعمل الذي يحتوي بالفعل على جرعة جيدة من الكوميديا».


مقالات ذات صلة

وفاة الممثل البريطاني راي ستيفنسون نجم «ثور» و«ستار وورز»

يوميات الشرق الممثل البريطاني راي ستيفنسون (أ.ب)

وفاة الممثل البريطاني راي ستيفنسون نجم «ثور» و«ستار وورز»

توفي الممثل البريطاني راي ستيفنسون الذي شارك في أفلام كبرى  مثل «ثور» و«ستار وورز» عن عمر يناهز 58 عامًا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق «إسماعيلية رايح جاي» يشعل «الغيرة الفنية» بين محمد فؤاد وهنيدي

«إسماعيلية رايح جاي» يشعل «الغيرة الفنية» بين محمد فؤاد وهنيدي

أثارت تصريحات الفنان المصري محمد فؤاد في برنامج «العرافة» الذي تقدمه الإعلامية بسمة وهبة، اهتمام الجمهور المصري، خلال الساعات الماضية، وتصدرت التصريحات محرك البحث «غوغل» بسبب رده على زميله الفنان محمد هنيدي الذي قدم رفقته منذ أكثر من 25 عاماً فيلم «إسماعيلية رايح جاي». كشف فؤاد خلال الحلقة أنه كان يكتب إفيهات محمد هنيدي لكي يضحك المشاهدين، قائلاً: «أنا كنت بكتب الإفيهات الخاصة بمحمد هنيدي بإيدي عشان يضحّك الناس، أنا مش بغير من حد، ولا يوجد ما أغير منه، واللي يغير من صحابه عنده نقص، والموضوع كرهني في (إسماعيلية رايح جاي) لأنه خلق حالة من الكراهية». واستكمل فؤاد هجومه قائلاً: «كنت أوقظه من النوم

محمود الرفاعي (القاهرة)
سينما جاك ليمون (يسار) ومارشيللو ماستروياني في «ماكاروني»

سنوات السينما

Macaroni ضحك رقيق وحزن عميق جيد ★★★ هذا الفيلم الذي حققه الإيطالي إيتوري سكولا سنة 1985 نموذج من الكوميديات الناضجة التي اشتهرت بها السينما الإيطالية طويلاً. سكولا كان واحداً من أهم مخرجي الأفلام الكوميدية ذات المواضيع الإنسانية، لجانب أمثال بيترو جيرمي وستينو وألبرتو لاتوادا. يبدأ الفيلم بكاميرا تتبع شخصاً وصل إلى مطار نابولي صباح أحد الأيام. تبدو المدينة بليدة والسماء فوقها ملبّدة. لا شيء يغري، ولا روبرت القادم من الولايات المتحدة (جاك ليمون في واحد من أفضل أدواره) من النوع الذي يكترث للأماكن التي تطأها قدماه.

يوميات الشرق الممثل أليك بالدوين يظهر بعد الحادثة في نيو مكسيكو (أ.ف.ب)

توجيه تهمة القتل غير العمد لبالدوين ومسؤولة الأسلحة بفيلم «راست»

أفادت وثائق قضائية بأن الممثل أليك بالدوين والمسؤولة عن الأسلحة في فيلم «راست» هانا جوتيريز ريد اتُهما، أمس (الثلاثاء)، بالقتل غير العمد، على خلفية إطلاق الرصاص الذي راحت ضحيته المصورة السينمائية هالينا هتشينز، أثناء تصوير الفيلم بنيو مكسيكو في 2021، وفقاً لوكالة «رويترز». كانت ماري كارماك ألتوايز قد وجهت التهم بعد شهور من التكهنات حول ما إن كانت ستجد دليلاً على أن بالدوين أبدى تجاهلاً جنائياً للسلامة عندما أطلق من مسدس كان يتدرب عليه رصاصة حية قتلت هتشينز. واتهم كل من بالدوين وجوتيريز ريد بتهمتين بالقتل غير العمد. والتهمة الأخطر، التي قد تصل عقوبتها إلى السجن خمس سنوات، تتطلب من المدعين إقناع

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
سينما سينما رغم الأزمة‬

سينما رغم الأزمة‬

> أن يُقام مهرجان سينمائي في بيروت رغم الوضع الصعب الذي نعرفه جميعاً، فهذا دليل على رفض الإذعان للظروف الاقتصادية القاسية التي يمر بها البلد. هو أيضاً فعل ثقافي يقوم به جزء من المجتمع غير الراضخ للأحوال السياسية التي تعصف بالبلد. > المهرجان هو «اللقاء الثاني»، الذي يختص بعرض أفلام كلاسيكية قديمة يجمعها من سينمات العالم العربي من دون تحديد تواريخ معيّنة.


ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».