توفير فرص العمل هو التحدي الرئيسي لدول جنوب المتوسط

ناصر كامل: الاندماج ليس هدفاً في ذاته بل وسيلة لتحقيق مزيد من النمو

أمين عام «الاتحاد من أجل المتوسط» السفير ناصر كامل
أمين عام «الاتحاد من أجل المتوسط» السفير ناصر كامل
TT

توفير فرص العمل هو التحدي الرئيسي لدول جنوب المتوسط

أمين عام «الاتحاد من أجل المتوسط» السفير ناصر كامل
أمين عام «الاتحاد من أجل المتوسط» السفير ناصر كامل

التقت «الشرق الأوسط»، بمناسبة الكشف عن تقرير أعدته منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية لصالح «الاتحاد من أجل المتوسط»، محوره تشخيص حالة التكامل الإقليمي الراهنة في المنطقة الأورومتوسطية، أمين عام «الاتحاد من أجل المتوسط» السفير ناصر كامل، الذي جُدِّد له لولاية ثانية. وتناولتُ معه الملفات الرئيسية التي تهم العالم العربي انطلاقاً مما جاء به التقرير وبالنسبة إلى مستقبل الاتحاد والمشاريع المتداولة حول إعادة النظر بصيغته، ومنها أفكار فرنسية.
وفيما يلي نص الحوار:

> ثمة رأي سائد يرى أن العائق الأساسي لتحقيق التكامل الاقتصادي في مجموعة ما من الدول هي الحالة السياسية القائمة. والحال أن شرق وجنوب المتوسط، من ليبيا إلى فلسطين ولبنان وسوريا، يعانيان من هذه الحالة التي يضاف إليها ملفان خطيران هما الإرهاب والهجرات. وباختصار، هناك نوع من انعدام الاستقرار والاهتزاز السياسي وكلاهما لا يساعد على إنجاز التكامل الاقتصادي. فكيف يمكن الحديث عن تعزيز الاندماج الذي يشير إليه تقريركم، في ظل هذه الأوضاع؟
- أوافقك الرأي بشأن وجود علاقة ربط قوية بين الاستقرار السياسي بصفة عامة وقدرة أي دولة أو منطقة على تحقيق قدر من النمو الاقتصادي الداخلي من ناحية أو التكامل الاقتصادي من ناحية أخرى. ولكن رغم ذلك ورغم ما يتضمنه التقرير من إشارة إلى وجود قصور -ونحن لا نخفي ذلك، بل إن التقرير يهدف أيضا إلى تحديد مواطن الضعف، فيما يتصل بالتجارب الاقتصادية وللتعاون الأورومتوسطي بصفة عامة- فإنه يشير، مع ذلك ورغم وجود حالة من عدم الاستقرار النسبي في عدد من دول المنطقة وليس كلها، إلى تطور ملموس لا نعده الوضع الأمثل. وهذا يعني أن عدداً من السياسات الرشيدة تم إقرارها بالفعل. وما يعزز ذلك وجود مؤشرات بشأن تنامي التكامل الإقليمي الذي لم يصل بعد إلى الحد الذي نرجوه. ولعل ما يعزز هذا التوجه كذلك، وجود متوسطات الناتج القومي الإجمالي لجنوب البحر الأبيض المتوسط على مدار السنوات العشر المنقضية. متوسط النمو، قبل أن تداهمنا جائحة «كوفيد - 19» كان يدور حول 3% في المنطقة وهذا في حد ذاته مؤشر جيد. كذلك، فإن التطور الطبيعي الذي شهده عدد من اقتصادات منطقتنا فيما يتصل بتعميق وتعزيز القطاع الصناعي وتنويع قدراته وإنتاجيته ومنتجاته بما أدى إلى تعزيز قدرة هذه الدول على النفاذ إلى أسواق أوروبية من جهة وأسواق غير أوروبية من ناحية أخرى. إجابتي عن سؤالك ذات شقين: الأول، إذا تحقق الاستقرار وتم التعامل مع عدد من الأزمات التي يشهدها الإقليم فإن ذلك سيكون له أثر مباشر ومؤثر في تعزيز التكامل الإقليمي والنمو الاقتصادي بصفة عامة. والآخر أنه رغم الوضع الإقليمي الملتبس، لا يزال عدد من دول المنطقة وليس كلها ينتهج سياسات رشيدة أدت إلى حدوث تطور نسبي في المجال الذي نتحدث عنه. وخلاصتي أن الاستقرار السياسي أحد العناصر الرئيسية المؤثرة والتي تساعد على تحقيق التنمية كما على تحقيق التكامل الاقتصادي في منطقتنا.
> التكامل أو الاندماج هو هدف رئيسي لا نقاش في ذلك... لكنه يجب أن يكون متوازناً. والحال أن ما نراه حالياً أنه يتم لصالح شمال وغرب المتوسط وليس في الاتجاه الآخر. فكيف يمكن إعادة التوازن لهذا التكامل؟
- الاندماج هو إحدى الوسائل لتمكين اقتصاديات دول الجنوب من النمو بشكل مستدام ومتوازن، أي إن الاندماج في نظري ليس هدفاً في ذاته بل هو وسيلة لتحقيق مزيد من النمو على صعيد التنمية المستدامة بشقيها البشري والاقتصادي. ولو نظرنا إلى طبيعة العلاقات الاقتصادية الموجودة في المنطقة، فإننا نرى أن معظم انسياب التجارة وانسياب الاستثمارات الأجنبية، غالباً ما يتم من الشمال إلى الجنوب. وهذا الوضع لا يقتصر على منطقتنا العربية أو الأورومتوسطية فقط. هذه وضعية يعيشها الاقتصاد العالمي فيما يتصل بالدول النامية وعلاقتها بالدول الصناعية المتقدمة. لكن ليس علينا أن ننسى، عندما نتحدث عن عدم التوازن في منطقتنا، علينا أن نلاحظ أيضاً أن بلدان الاتحاد الأوروبي هي المستثمر الأول في منطقتنا، وبالتالي هي لاعب رئيسي في تحفيز النمو وتعظيم قدرة اقتصادياتنا على مزيد من الإنتاجية والنشاط. وعلى سبيل المثال، فإن الاستثمارات الأوروبية في بلدان شمال أفريقيا هي الأهم، وبالتالي فإذا كان الميزان التجاري يميل إلى صالح دول الشمال، فإن تدفق رؤوس الأموال يكون عادةً من بلدان الشمال إلى جنوب المتوسط. وهذا يوازن ذاك ويسهم في تنويع القاعدة الصناعية والخدمات وفي إنعاش اقتصاديات جنوب المتوسط بما يؤهل الجنوب لرفع كفاءة اقتصادياته.
> قد يكون أحد الأساليب الأنجع لتحقيق التوازن هي الشراكات أو تعزيز الريادات الصناعية بين الشمال والجنوب، ودوركم على ما أعتقد هو أساسي في تعزيز وتسهيل هذه الشراكات. وسؤالي: كيف تؤدون هذا الدور؟
- بالطبع، نحن نعمل على تسهيل التوطين التكنولوجي، كذلك نعمل على تنويع القاعدة الإنتاجية في دولنا، وهو ما نراه مسألة حتمية، وكذلك الدخول فيما تسمى الثورة الصناعية الرابعة والتحول إلى الاقتصاد الرقمي... وأعتقد أن دولنا قطعت شوطاً لا بأس به في هذا المضمار. العنصر الخامس هو الاعتقاد أن الرغبة في تحرير اقتصاد الخدمات قد يكون له تأثير سلبي على المدى القصير على اقتصادياتنا بسبب المنافسة الجديدة، ولكن اعتقادنا أنه على المدى البعيد، سيفتح لنا آفاقاً جديدة لمزيد من كفاءة التشغيل ورفع المستوى التقني لقطاع الخدمات. والمثال على ذلك أن 1.7% فقط من السلاسل التجارية في دولنا لديها ما تسمى القدرة على التجارة الإلكترونية وبالكاد 3 أو 4% من الشركات المتوسطة والصغيرة في دولنا لديها هذا النوع من التجارة، وبالتالي كلما زادت قدرتنا على الرقمنة، وإذا ما فتحنا أسواقنا -رغم الأثر السلبي على المدى القصير- لمزيد من الاستثمار في المجال الخدمي (وأعني به هنا الرقمنة واللوجيستيات والتسويق والإعلانات والبراندينغ والاتصالات...) ستكون لاقتصادياتنا قدرة أكبر على النمو وبشكل أكثر كفاءة في المستقبل.
> اليوم الاتحاد من أجل المتوسط على مفترق طرق. هناك مشاريع لإحداث تغييرات في هندسة الاتحاد واهتماماته، وأحدها مشروع فرنسي يبدو أنه يشكّل رؤية بديلة. أين أصبحت هذه المشاريع، وكيف تنظرون إلى هذه الرغبة؟
- اسمح لي أن أقول إنني لا أتفق مع طرحك بخصوص المشروع الفرنسي لـ«رؤية بديلة»، بل ما نراه أنها «رؤية مكمّلة» لما يقوم به الاتحاد. الرؤية الفرنسية تدعو إلى حوار بين ضفتي المتوسط في غرب المتوسط. بدأتْ بما سُميت «قمة ضفتَي المتوسط» وهي تتطور إلى «منتدى الضفتين». وهنا، حدث تطور نوعي في النظرة الفرنسية من خلال توسيع هذا الإطار ليشمل كل دول البحر المتوسط. وملاحظتي الأولى أننا لاعب رئيسي وطرف فاعل لجهة التخطيط والرسم والمشاركة والإعداد لطرح هذه المبادرة الموجهة بشكل رئيسي إلى المجتمع المدني في الفضاء المتوسطي. الاتحاد من أجل المتوسط له دور في دعم ودفع وتأطير هذه المبادرة.
> ما الإضافات؟
- المبادرة الفرنسية جديرة بالاهتمام والتشجيع والمساندة، وهي تركز بشكل رئيسي على قضيتين: البيئة، وحماية التنوع البيولوجي في حوض المتوسط. وهذا الحوض، للأسف الشديد، ثاني أكثر مناطق العالم تأثراً سلبياً بالتغير المناخي بعد منطقة القطب الجنوبي، وبالتالي نحن أكثر منطقة مسكونة وتأثراً، ومعدل زيادة الحرارة يصل إلى 20% عما هو عليه في أي منطقة، وبالتالي فإن المبادرة الفرنسية تتكامل مع أنشطتنا ومشروعنا الخاص بالاقتصاد الأزرق، كما تتصل بمنع التلوث في المتوسط، وبمشروع التنوع البيئي في المتوسط. وبصفة عامة، الجميع يعمل على نفس الأهداف ولكن بمستويات مختلفة: على المستوى الدولي لدينا قمة الأرض. وفي الاتحاد من أجل المتوسط، ثمة اجتماعات لوزراء البيئة لبحث قضية المناخ والتغيرات المناخية والبيئية. وعندما تأتي فرنسا وتعمل على تحفيز عدد من المبادرات بعينها، فهذا يأتي كجزء من الكل الذي يعمل الجميع من أجله. ولُبّ المبادرة الفرنسية أن فرنسا كانت رائدة فيما يتصل بحماية المناخ والتعامل مع ظاهرة التغير المناخي وكانت لاعباً مؤثراً في التوصل إلى اتفاق باريس عام 2015 الذي هو الأساس، كذلك كانت رائدة في إنشاء الكيان الذي نحن فيه عام 2008. ومبادرتها الجديدة أورومتوسطية الطابع، وسيناط بثماني دول من الشمال والجنوب التعامل مع هذه المسائل. كذلك سيرصَد دور أساسي للاتحاد من أجل المتوسط.
> اليوم، المشكلة الرئيسية في بلدان جنوب وشرق المتوسط هي توفير فرص العمل للشباب. ما الذي تفعلونه عملياً؟ أعرف أن هناك الكثير من اللقاءات والاجتماعات والمؤتمرات التي ينظمها الاتحاد، ولكن عملياً، ما الإنجازات التي تقدمونها للشباب من خريجي الجامعات أو من غير خريجي الجامعات؟
- هناك 39 مليون مواطن جنوب متوسطي سيدخلون سوق العمل في السنوات القليلة المقبلة. نسبة عمالة النساء في دولنا منخفضة -لا بل متدنية للغاية- وهي لا تتعدى 20%. البطالة بين النساء الباحثات عن عمل تصل إلى 47% رغم أن المؤشرات الإحصائية تبيّن أن النساء في مجتمعاتنا حصلن على درجات علمية تفوق تلك التي حصل عليها الشباب من الذكور.
وإزاء هذا الوضع، نحن نقوم بالكثير، وأستطيع أن أعطيك كثيراً من الأمثلة حول أنشطة «الاتحاد» من أجل العمالة وتدريب سيدات الأعمال للدخول إلى الاقتصاد الرقمي، وما نقيمه من مؤتمرات على شاكلة دافوس لربط مجتمعات الأعمال على جانبي المتوسط وبين الجنوب والجنوب. لكن دعْني أكن صريحاً في حديثي معك لأقول إن ما نقوم به هو لإعطاء نماذج ناجحة يمكن للدول الساعية أن تحذو حذوها، إضافةً إلى استكشاف سبل جديدة من شأنها أن تفتح آفاقاً جديدة لخلق فرص عمل ووظائف. ثمة عمل ندعو إليه على المستوى المؤسسي، بمعنى أننا عندما نتحدث عن تحرير التجارة ونعمل على تعزيز فرص التوظيف ونطلق تقريراً يحثّ على السير في هذا الاتجاه، فإننا نعمل من أجل إيجاد فرص عمل. كذلك عندما نكشف معوقات النمو الاقتصادي، بسبب غياب القدر المأمول من التكامل، فهذا يصبّ في هذا الاتجاه. وعندما نأتي على موضوع النقص الشديد في عدد من القطاعات الخاصة بسوق العمل في الاتحاد الأوروبي وكيفية تنظيم عمالة موسمية قادرة على التنقل كما يحصل بين المغرب وإسبانيا أو بين مصر وإيطاليا، فهذا يوفر فرص عمل -وإن كانت موسمية- لعديد من الرجال والنساء في دولنا لتحسين ظروفهم المعيشية ولكسب رزقهم بشكل قانوني وشريف والعودة مرة أخرى لبلدانهم.
وكذلك الأمر عندما نتحدث عن تسهيل الحركة والتنقل بين الشمال والجنوب لرجال الأعمال. ولكن، في النهاية، فإن التحدي كبير وكل مبادراتنا تصبّ في الاتجاه عينه؛ وإن كانت أحياناً مداورة. وفي السياق عينه يمكن أن نشير إلى ما نقوم به للدعوة إلى تبني تكنولوجيات جديدة في البناء أو في إنتاج الطاقة النظيفة والمستدامة أكانت الشمسية أو الريحية أو الهيدروجين الأخضر... وعندما نحثّ دول الشمال على تبني «العقد الأخضر الجديد»، ندفع نحو أن تكون هذه الخطط في إطار التعاون مع بلدان جنوب المتوسط. اليوم أصبحت كلفة الطاقة الجديدة المتجددة -إن لم تكن أقل- فإنها مساوية لكلفة مصادر الطاقة التقليدية.
بالطبع، التحدي الرئيسي لدول الجنوب هو توفير فرص العمل، وكل ما تعانيه منطقتنا من تحديات ومنها الجيوسياسية ترتبط بشكل كبير بتوفير فرص العمل لشبابنا ولتوفير حياة كريمة في بلداننا.


مقالات ذات صلة

«الشرق الأوسط وشمال أفريقيا» تتصدر طموحات الاستثمار الأجنبي

الاقتصاد جانب من مدينة الرياض (الشرق الأوسط)

«الشرق الأوسط وشمال أفريقيا» تتصدر طموحات الاستثمار الأجنبي

كشفت دراسة حديثة صادرة عن مجموعة «بلومبرغ» عن تصدّر منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المشهد العالمي في طموحات الاستثمار الأجنبي المباشر.

«الشرق الأوسط» (دبي)
شمال افريقيا مهاجر من أفريقيا جنوب الصحراء على متن قارب قبالة سواحل موريتانيا (أ.ف.ب)

موريتانيا تعلن تفكيك شبكات لتهريب المهاجرين غير النظاميين إلى أوروبا

أعلن وزير الثقافة والاتصال الموريتاني، أن بلاده تمكنت في الأيام الأخيرة من تفكيك أربع شبكات من جنسيات مختلفة لتهريب المهاجرين غير النظاميين إلى أوروبا.

«الشرق الأوسط» (نواكشوط)
أوروبا وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)

للمرة الأولى منذ 5 سنوات... تركيا تشارك باجتماع غير رسمي للاتحاد الأوروبي

تشارك تركيا في الاجتماع غير الرسمي لوزراء خارجية الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي (غيمنيتش) الذي يعقد في بروكسل، الخميس، للمرة الأولى منذ 5 سنوات

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا أرشيفية لعناصر «فاغنر» في مالي (متداولة)

مالي تعلن قطع علاقاتها الدبلوماسية مع أوكرانيا

أعلن المتحدث باسم الحكومة المالية الكولونيل عبدالله مايغا، أن الحكومة الانتقالية في مالي قرّرت «قطع العلاقات الدبلوماسية مع أوكرانيا بمفعول فوري».

«الشرق الأوسط» (دكار)
شمال افريقيا المرشح الرئاسي المعارض لطفي المرايحي (موقع حزب الاتحاد الشعبي الجمهوري)

السجن لمرشح رئاسي ومنعه من الترشح مدى الحياة في تونس

أصدرت محكمة تونسية، اليوم الجمعة، حكماً بسجن المرشح الرئاسي المعارض، لطفي المرايحي، 8 أشهر ومنعه من الترشح في الانتخابات الرئاسية مدى الحياة.

«الشرق الأوسط» (تونس)

تحسّن ثقة المستهلك الأميركي بأكثر من المتوقع في بداية ديسمبر

رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
TT

تحسّن ثقة المستهلك الأميركي بأكثر من المتوقع في بداية ديسمبر

رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)

أظهرت البيانات الأولية الصادرة يوم الجمعة ارتفاع مؤشر ثقة المستهلك لجامعة ميشيغان إلى 53.3 نقطة في بداية ديسمبر (كانون الأول)، مقارنةً بقراءة نهائية بلغت 51 نقطة في نوفمبر (تشرين الثاني)، متجاوزاً توقعات الاقتصاديين عند 52 نقطة، لكنه لا يزال منخفضاً بشكل كبير مقارنة بمستوى 71.7 نقطة في يناير (كانون الثاني) الماضي.

وشهد تقييم المستهلكين للظروف الاقتصادية الحالية انخفاضاً طفيفاً، بينما تحسّنت توقعاتهم المستقبلية إلى حد ما. كما تراجعت توقعات التضخم للعام المقبل إلى 4.1 في المائة مقابل 4.5 في المائة في الشهر السابق، مسجلة أدنى مستوى منذ يناير، مع استمرار الضغوط على الأسعار بسبب الرسوم الجمركية على الواردات، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وقالت جوان هسو، مديرة المسوحات الاقتصادية في ميشيغان: «الاتجاه العام للآراء يبقى قاتماً، حيث يواصل المستهلكون الإشارة إلى عبء ارتفاع الأسعار». على الرغم من تراجع التضخم عن أعلى مستوياته منتصف 2022، إلا أنه يظل أعلى من هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 في المائة بثبات.


مؤشر التضخم المفضل لـ«الفيدرالي» يتباطأ في سبتمبر

يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)
يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)
TT

مؤشر التضخم المفضل لـ«الفيدرالي» يتباطأ في سبتمبر

يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)
يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)

تباطأ مؤشر التضخم المفضل لدى «الاحتياطي الفيدرالي» قليلاً في سبتمبر (أيلول)، مما يمهّد الطريق على الأرجح لخفض أسعار الفائدة المتوقع على نطاق واسع من قِبل البنك المركزي الأسبوع المقبل.

وأعلنت وزارة التجارة، يوم الجمعة، أن الأسعار ارتفعت بنسبة 0.3 في المائة في سبتمبر مقارنة بأغسطس (آب)، وهي نسبة الشهر السابق نفسها. وباستثناء فئات الغذاء والطاقة المتقلبة، ارتفعت الأسعار الأساسية بنسبة 0.2 في المائة، وهو معدل مماثل للشهر السابق، ويقارب هدف «الاحتياطي الفيدرالي» للتضخم البالغ 2 في المائة إذا استمر على مدار عام كامل، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وعلى أساس سنوي، ارتفعت الأسعار الإجمالية بنسبة 2.8 في المائة، بزيادة طفيفة عن 2.7 في المائة في أغسطس، في حين ارتفعت الأسعار الأساسية بنسبة 2.8 في المائة مقارنة بالعام السابق، بانخفاض طفيف عن 2.9 في المائة المسجلة في الشهر السابق. وأظهرت البيانات التي تأخرت خمسة أسابيع بسبب إغلاق الحكومة، أن التضخم كان منخفضاً في سبتمبر، مما يعزز مبررات خفض سعر الفائدة الرئيسي لمجلس «الاحتياطي الفيدرالي» في اجتماعه المقبل يومَي 9 و10 ديسمبر (كانون الأول).

رغم ذلك، لا يزال التضخم أعلى من هدف البنك المركزي البالغ 2 في المائة، جزئياً بسبب الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترمب، لكن العديد من مسؤولي «الاحتياطي الفيدرالي» يرون أن ضعف التوظيف، والنمو الاقتصادي المتواضع، وتباطؤ مكاسب الأجور؛ سيؤدي إلى انخفاض مطرد في مكاسب الأسعار خلال الأشهر المقبلة.

ويواجه «الاحتياطي الفيدرالي» قراراً صعباً الأسبوع المقبل: الحفاظ على أسعار الفائدة مرتفعة لمكافحة التضخم، مقابل خفضها لتحفيز الاقتراض ودعم الاقتصاد، وسط تباطؤ التوظيف وارتفاع البطالة ببطء.


«وول ستريت» تختتم أسبوعاً هادئاً... والأسهم تلامس المستويات القياسية

متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
TT

«وول ستريت» تختتم أسبوعاً هادئاً... والأسهم تلامس المستويات القياسية

متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)

اقتربت الأسهم الأميركية، يوم الجمعة، من مستوياتها القياسية، مع توجه «وول ستريت» نحو نهاية أسبوع اتسم بالهدوء النسبي.

وارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.3 في المائة، ليصبح على بُعد 0.2 في المائة فقط من أعلى مستوى له على الإطلاق، فيما صعد مؤشر «داو جونز» الصناعي بـ46 نقطة (0.1 في المائة). أما مؤشر «ناسداك» المركّب فزاد بنحو 0.4 في المائة، في حين تراجع مؤشر «راسل 2000» لأسهم الشركات الصغيرة بنسبة 0.2 في المائة بعدما لامس مستوى قياسياً في الجلسة السابقة، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وفي قطاع الشركات، سجّل سهم «نتفليكس» انخفاضاً بنسبة 2.1 في المائة، بعد إعلانها خططاً لشراء «وارنر براذرز» إثر انفصالها عن «ديسكفري غلوبال»، في صفقة تبلغ 72 مليار دولار نقداً وأسهماً. وارتفع سهم «ديسكفري» التابعة للشركة بنسبة 2.6 في المائة.

وقفز سهم «ألتا بيوتي» بنسبة 11 في المائة بعد إعلان نتائج فصلية فاقت توقعات المحللين من حيث الأرباح والإيرادات، مع إشارتها إلى تحسّن ملحوظ في التجارة الإلكترونية، مما دفعها إلى رفع توقعاتها للإيرادات السنوية.

كما حققت «فيكتوريا سيكريت» أداءً قوياً، إذ سجّلت خسارة أقل من المتوقع ورفعت توقعاتها لمبيعات العام، ليرتفع سهمها بنسبة 14.4 في المائة.

أما سهم «هيوليت باكارد إنتربرايز» فانخفض 3.9 في المائة رغم تحقيق أرباح أعلى من التوقعات، نتيجة إعلان الشركة إيرادات دون المستوى المأمول.

وجاء هذا الأداء في أسبوع هادئ نسبياً بالنسبة إلى السوق الأميركية، بعد أسابيع شهدت تقلبات حادة بفعل مخاوف مرتبطة بتدفقات كبيرة على قطاع الذكاء الاصطناعي وتوقعات تحركات مجلس الاحتياطي الفيدرالي.

بعد فترة من التردد، يتوقع المستثمرون الآن بالإجماع تقريباً أن يخفّض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة القياسي الأسبوع المقبل لدعم سوق العمل البطيئة. وسيكون ذلك الخفض الثالث هذا العام إن حدث.

وتحظى أسعار الفائدة المنخفضة بدعم المستثمرين، لأنها تعزّز تقييمات الأصول وتحفّز النمو الاقتصادي، لكنها قد تزيد الضغوط التضخمية التي لا تزال أعلى من هدف «الفيدرالي» البالغ 2 في المائة.

ويدعم توقع خفض الفائدة عودة مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى مشارف مستوياته القياسية المسجلة في أكتوبر (تشرين الأول)، في حين يترقب المستثمرون إشارات جديدة من اجتماع «الفيدرالي» حول مسار الفائدة العام المقبل.

وفي أسواق السندات، استقرت عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات عند 4.11 في المائة، في حين ارتفع العائد على السندات لأجل عامَين إلى 3.54 في المائة من 3.52 في المائة.

وعالمياً، ارتفعت المؤشرات في معظم أوروبا وآسيا؛ فقد صعد مؤشر «داكس» الألماني بنسبة 0.9 في المائة، وقفز مؤشر «كوسبي» الكوري الجنوبي بنسبة 1.8 في المائة.

في المقابل، تراجع مؤشر «نيكي 225» في طوكيو بنسبة 1.1 في المائة بعد بيانات أظهرت انخفاض إنفاق الأسر اليابانية بنسبة 3 في المائة في أكتوبر على أساس سنوي، وهو أكبر تراجع منذ يناير (كانون الثاني) 2024، وسط تقلبات أثارها احتمال رفع «بنك اليابان» أسعار الفائدة.