خطط تأمين الانتخابات الليبية تنتظر توافق السياسيين على موعدها

كوبيش بحث مع وزارة الداخلية طرق حمايتها

وزير الداخلية خالد مازن خلال لقائه المبعوث الأممي لدى ليبيا يان كوبيش (المكتب الإعلامي لوزارة الداخلية)
وزير الداخلية خالد مازن خلال لقائه المبعوث الأممي لدى ليبيا يان كوبيش (المكتب الإعلامي لوزارة الداخلية)
TT

خطط تأمين الانتخابات الليبية تنتظر توافق السياسيين على موعدها

وزير الداخلية خالد مازن خلال لقائه المبعوث الأممي لدى ليبيا يان كوبيش (المكتب الإعلامي لوزارة الداخلية)
وزير الداخلية خالد مازن خلال لقائه المبعوث الأممي لدى ليبيا يان كوبيش (المكتب الإعلامي لوزارة الداخلية)

فيما لا تزال القوى السياسية في ليبيا بمختلف آيديولوجياتها منقسمة حول إجراء انتخاب رئيس البلاد بطريق مباشر أو غير مباشر، تتحرك المفوضية العليا للانتخابات والبعثة الأممية، برئاسة يان كوبيش، على مسار تجهيز البلاد لهذا الاستحقاق المرتقب.
وعلى مدار ثلاثة أيام انتهت مداولات لجنة مشتركة من المفوضية العليا، ومفوضية المجتمع المدني إلى وضع خطة لمراقبة الانتخابات، المقررة في 24 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، على مستوى أنحاء البلاد.
وقال مسؤول مقرب من المفوضية العليا لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إنهم «ماضون في مسار التجهيز للانتخابات المقبلة، رغم عدم حدوث توافق سياسي حول الآليات الدستورية والقانونية، التي ستجرى على أساسها». بالإضافة إلى «التباين الواضح في الآراء حول انتخاب رئيس البلاد بشكل مباشر من قبل الشعب، أو غير مباشر بواسطة مجلس النواب».
وتمحورت خطة المفوضتين حول ضرورة تدريب مراقبين، وفق المعايير والضوابط القانونية المتبعة في عمل مفوضية الانتخابات، كي يتمكنوا من القيام بهذه المهمة، إضافة إلى وضع آليات لتنفيذ الخطة المقترحة، والتركيز على أهمية هذه المراقبة في نزاهة وشفافية الانتخابات.
وسبق لرئيس المفوضية الدكتور عماد السائح القول إن القرار السياسي بإجراء الانتخابات «غير واضح، وإذا لم نتسلم القوانين اللازمة في بداية يوليو (تموز) المقبل سنغير خطتنا، الرامية لتنفيذ هذا الاستحقاق لعدم كفاية الوقت اللازم».
وتطالب قوى سياسية ومدنية بضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية في موعدها المحدد، وفي هذا السياق قال الشيخ محمد البرغوثي، رئيس المجلس الاجتماعي لقبائل ورفلة، وأحد المشاركين في «ملتقى الحوار السياسي»، أمس إنه «يجب الذهاب إلى الانتخابات وفق الخارطة الأممية المتفق عليها، وإلا ستقع حرب لا هوادة فيها».
وقبل أن يحذر من أن جميع الأطراف «تحشد قواتها»، حمل «المعرقلين» لمسار الانتخابات مسؤولية ما ستقع فيه ليبيا من كوارث، إن لم يتم إنجاز هذا الاستحقاق، و«قد تنتهي ليبيا» بحسب قوله.
من جهتها، تسارع مفوضية المجتمع المدني بحكومة «الوحدة الوطنية» في إطلاق مبادرات للتوعية والتوجيه، بشأن الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، مؤكدة على وضع مؤسسات المجتمع المدني في تحفيز المواطنين، وتوعيتهم بأهمية ممارسة حقهم في التصويت «الذي يمثل أحد أهم الحقوق السياسية، التي ترتكز عليها المبادئ العامة لحقوق الإنسان، من خلال المشاركة السياسية في العملية الانتخابية».
ونوهت مفوضية المجتمع المدني إلى أنها اتفقت مع «العليا للانتخابات» على استمرار الاجتماعات حتى يتم وضع التصور النهائي، الذي يمكن مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني من العمل بشكل مؤثر وفعال.
في السياق ذاته، التقى العميد خالد مازن، وزير الداخلية بحكومة «الوحدة الوطنية»، بمبعوث الأمم المتحدة لدى ليبيا يان كوبيش، في مقر ديوان الوزارة بالعاصمة طرابلس، مساء أول من أمس، للتباحث حول سبل تأمين الانتخابات المرتقبة.
وقال الوزارة في بيان أمس، إن المبعوث الأممي رحب بتوحيد وزارة الداخلية، كما أثنى على جهودها واستعداداتها المكثفة راهناً، من أجل تأمين الاستحقاق الانتخابي المقبل.
ووسط انقسامات وتجاذبات في الساحة الليبية حول «القاعدة الدستورية» للانتخابات، يرى البعض أن هناك تيارا واسعا يماطل لإبقاء الوضع الراهن على ما هو عليه، ما دفع الكاتب الليبي سليمان البيوضي إلى القول إن القوى الوطنية والمدنية «مطالبة باتخاذ خطوة شجاعة لتكثيف عملها، واتصالها بالشارع الليبي لخوض حملة توعية كبيرة»، مقترحاً «الإعلان عن يوم (غضب وطني) يخرج فيه الناس إلى الشوارع للمطالبة باعتماد قاعدة دستورية، وقانون للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المباشرة قبل بداية يوليو (تموز) المقبل».



سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
TT

سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)

مع دخول الحرب التي أشعلها الحوثيون عامها العاشر، لا يزال ملايين من النازحين يعانون جراء غياب الخدمات ويعيشون في تجمعات تفتقر لأبسط مقومات الحياة، حيث تشكل أزمة المياه النظيفة في مناطق الساحل الغربي لليمن واحدة من صور المعاناة التي يعيشها النازحون بسبب الحرب.

يقول حسن، وهو أب لأربعة أطفال وصل إلى منطقة «يختل» قبل خمس سنوات، إنهم يسيرون لساعات من أجل جلب بضعة صفائح من الماء، وفي بعض الأيام، يعود وأطفاله خالي الوفاض، حيث يبدو أن المياه تفرّ بعيداً عن متناول اليد.

الصراع من أجل المياه في اليمن تفاقم بسبب سنوات الحرب (الأمم المتحدة)

ولأن الحرب أجبرت أكثر من 4.5 مليون يمني على ترك منازلهم، فقد لجأ الكثير منهم إلى قرى ريفية مثل «يختل» القريبة من ميناء المخا على ساحل البحر الأحمر، ومع وصول المزيد من الأسر النازحة، وغالباً لا يحملون سوى الملابس على ظهورهم، زاد الضغط على الموارد الشحيحة بالفعل.

وفي ظل هذه الظروف، يتنافس السكان المتزايدون على الوصول إلى المياه والمأوى والخدمات الأساسية؛ مما يؤدي إلى تفاقم التحديات التي يواجهها كل من النازحين والسكان المحليين. كما أدى انخفاض خصوبة التربة وزيادة ملوحة مصادر المياه وارتفاع مستويات سطح البحر إلى تهديد الزراعة على طول الساحل الغربي، خصوصاً في هذه المنطقة.

لهذا؛ يجد سكان المنطقة، الذين اعتمدوا في السابق على الزراعة على نطاق صغير لإعالة أسرهم، أنه من المستحيل تقريباً زراعة المحاصيل أو إطعام مواشيهم، حيث أصبح المناخ معادياً بشكل متزايد لأساليب الزراعة التقليدية.

كما أن صيد الأسماك على نطاق صغير، الذي كان أيضاً شريان حياة للاقتصاد المحلي، في انحدار. ومع فشل المحاصيل وتناقص مخزون الأسماك، أصبح لدى السكان خيارات أقل.

مهمة صعبة

يقرّ محمد علي، وهو أحد سكان «يختل» بالصعوبة، حيث يستيقظ كل يوم قبل الفجر للبحث عن الماء، وهي مهمة تستهلك صباحاته وتستنزف طاقته، كما أن رحلاته اليومية إلى نقاط المياه المشتركة محفوفة بعدم اليقين، هل سيجد ما يكفي من المياه لأسرته أم لا.

وفق المنظمة الدولية للهجرة، تفاقم الصراع من أجل المياه بسبب سنوات الحرب التي دمَّرت البنية الأساسية التي كانت ذات يوم حيوية للبقاء؛ لأن نظام المياه، الذي تم بناؤه في الأصل لخدمة 200 منزل، أصبح الآن ممتداً إلى ما هو أبعد من حدوده، في محاولة لتلبية احتياجات أكثر من 1500 أسرة، بما في ذلك مئات النازحين الذين هربوا من العنف في مناطق خطوط التماس بين القوات الحكومية والحوثيين.

البحث اليومي عن المياه يستهلك وقت الأسر وطاقتها لفترة طويلة (الأمم المتحدة)

من خلال إعادة تأهيل خطوط الأنابيب وبناء نقاط مياه جديدة، ساعدت تدخلات المنظمة الأممية في تخفيف العبء على الأسر وتخفيف الصراع على الموارد. كما يعالج المشروع المخاطر الصحية من خلال ضمان حصول كل من المجتمعات المضيفة والأسر النازحة على وصول موثوق به إلى المياه النظيفة.

وجزءاً من هذه الجهود في منطقة «يختل»، يتم توسيع شبكة توزيع المياه. ويشمل ذلك تركيب أنابيب أكبر وبناء مرافق تخزين مياه إضافية، وضمان توزيع العرض المحدود بكفاءة عبر المجتمع.

وبحسب المنظمة الأممية، تم إدخال أنظمة ضخ المياه بالطاقة الشمسية؛ مما يوفر مصدر طاقة مستداماً يقلل من الاعتماد على الوقود الباهظ الثمن وغير المتاح في كثير من الأحيان، ومساعدة المجتمعات على تحمل التقلبات الجوية المتطرفة مثل الفيضانات بشكل أفضل.

مساعدة على الصمود

تتضمن جهود منظمة الهجرة الدولية ترقية نظام المياه لتحسين قدرته على الصمود في مواجهة الفيضانات، والتخطيط بعناية لتجنب المناطق المعرضة للفيضانات وإنشاء تدابير وقائية، بالإضافة إلى ذلك، سيتم تركيب أجهزة تعقيم المياه بالكلور الأوتوماتيكية لتطهير المياه.

وبينما يتم إحراز تقدم في منطقة «يختل»، تستمر صراعات مماثلة في أجزاء أخرى من الساحل الغربي اليمني وفقاً للمجتمع الإغاثي، ففي مخيم للنازحين في حيس، يشارك سامي، وهو أب لاثني عشر طفلاً، قصة مألوفة عن المشقة، ويذكر أن معظم الأشخاص الذين يذهبون لجلب المياه هم من الأطفال؛ فهم لا يذهبون إلى المدرسة لأنهم مضطرون إلى المساعدة.

الجفاف يهدد مناطق واسعة باليمن مما يتسبب في شح المياه (إ.ب.أ)

تؤكد المنظمات الإغاثية أن عدم القدرة على الحصول على المياه النظيفة أدى إلى حرمان أطفاله من التعليم؛ مما أجبرهم على القيام بدورة من الأعمال المنزلية اليومية.

وبغرض معالجة النقص الحاد في المياه، تشرف منظمة الهجرة الدولية على بناء بئر جديدة من شأنها أن توفر مياه نظيفة وموثوقة لآلاف الأسر النازحة والمجتمعات المضيفة.

تجزم المنظمات الإغاثية أنه ومن خلال توفير هذا المصدر الثابت للمياه، سيتم تخفيف العبء المادي على الأسر وتقليل المخاطر الصحية المرتبطة بالمياه الملوثة، لكن رغم ذلك، تظل التحديات هائلة، حيث يستمر تغير المناخ والأحداث الجوية المتطرفة في جميع أنحاء اليمن في تضخيم أزمة المياه؛ مما يزيد من ضغوط الصراع والنزوح.