البنك الدولي: 18 مليون يمني يواجهون شح مياه الشرب

بدء تنفيذ مشروع للاستفادة من الأمطار في 3 قرى

خزان لتجميع مياه الأمطار في منطقة حوف اليمنية التابعة لمحافظة المهرة (البنك الدولي)
خزان لتجميع مياه الأمطار في منطقة حوف اليمنية التابعة لمحافظة المهرة (البنك الدولي)
TT

البنك الدولي: 18 مليون يمني يواجهون شح مياه الشرب

خزان لتجميع مياه الأمطار في منطقة حوف اليمنية التابعة لمحافظة المهرة (البنك الدولي)
خزان لتجميع مياه الأمطار في منطقة حوف اليمنية التابعة لمحافظة المهرة (البنك الدولي)

حذر البنك الدولي من أن توفير مياه الشرب سيكون أكبر المشاكل التي يواجهها اليمن خلال السنوات المقبلة، مؤكداً أن 18 مليون يمني يعانون عدم القدرة على الحصول على مياه الشرب المأمونة، ومقترحاً مواجهة هذه التحديات من خلال تخزين مياه الأمطار للاستفادة منها.
تحذيرات البنك الدولي، بخصوص الوضع المائي في اليمن، أكدت أن الصراع الدائر بفعل الانقلاب الحوثي «ترك آثاراً شديدة على البنية التحتية للمياه، ناهيك عن التفاوت في متوسط تساقطات الأمطار السنوية؛ حيث تعرضت بعض مناطق البلاد بالفعل لنوبات الجفاف، وهما يمثلان مشكلتين أدى تغير المناخ إلى تفاقمهما».
ووفق ما أورده البنك في تقريره، فإن قرى ريفية، لا حصر لها، تعاني قلة الخدمات الأساسية في شتَّى أنحاء البلاد، لكن نقص المياه الصالحة للشرب هو أكبر التحديات التي يواجهها الكثيرون في هذه المجتمعات المحلية الأكثر احتياجاً.
وقال التقرير إن الحصول على المياه الصالحة للشرب يعد عملاً روتينياً يومياً، ودائماً ما تقع المسؤولية عن جلبها تقريباً على كاهل النساء والأطفال. وحذر من أن هذه المشكلة «تزداد سوءاً مع تغير المناخ الذي يؤدي إلى اشتداد شح سقوط الأمطار وعدم انتظامها».
ولتحسين إمكانية الحصول على مياه صالحة للشرب ومساندة الأسر اليمنية، بدأ البنك وشركاؤه تطبيق مقترحات تخزين مياه الأمطار في ثلاث قرى، وبالتعاون مع المجتمعات المحلية لبناء خزانات لتجميع مياه الأمطار؛ حيث إن المشروع، وعلاوة على أنه يوفر مياه شرب نظيفة، يدفع أجور العمال المحليين مقابل مشاركتهم في إنشاء خزانات تجميع المياه في مديرية بعدان بمحافظة إب، ومديرية وصاب العالي بمحافظة ذمار، وحوف في محافظة المهرة.
ويقوم المقترح على تقنية بسيطة، حيث يتم بناء الخزانات من الحجارة والمواد المتوفرة في معظم القرى اليمنية، والشيء الوحيد الذي يُضطر الناس إلى شرائه هو الإسمنت لبناء الجدران الداخلية، والحديد لبناء سقف الخزان.
ويؤكد التقرير أن هذه التقنية يمكنها القيام بدور تزداد أهميته في التخفيف من آثار الاحتباس الحراري العالمي، وتحسين الأحوال المعيشية لكثيرين، لا سيما لمن يعيشون في المناطق الريفية.
وهذا المشروع - بحسب التقرير- جزء من المشروع الطارئ للاستجابة للأزمات التابع للمؤسسة الدولية للتنمية، والذي يقوم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بتنفيذه بالاشتراك مع الصندوق الاجتماعي للتنمية، ومشروع الأشغال العامة في اليمن، حيث ساند المشروع حتى الآن إنشاء 1279 خزاناً من الخزانات العامة لتجميع مياه الأمطار و30686 خزاناً من الخزانات المنزلية في عموم اليمن، مما وفر قرابة 900 ألف متر مكعب من المياه النظيفة.
وإلى جانب ذلك، يقوم البنك الدولي بدعم الجهود واسعة النطاق لتحسين الصرف الصحي والحصول على المياه لملايين الأشخاص في اليمن من خلال شراكات مماثلة مع الوكالات التابعة للأمم المتحدة مثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، و«اليونيسف»، ومكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع، ومنظمة الصحة العالمية؛ حيث تمكن نحو 3.36 مليون شخص من الحصول على مصادر المياه المحسنة في المناطق المتضررة من وباء الكوليرا في البلاد، وذلك من خلال المشروع الطارئ للصحة والتغذية. كما حصل 3.24 مليون شخص على خدمات الصرف الصحي.
أما المشروع الطارئ للخدمات الحضرية المتكاملة، الذي يغطي 16 منطقة حضرية في اليمن، فقد أعاد تأهيل أحد أنظمة توفير المياه، بالإضافة إلى إعادة تأهيل 113 بئراً، مما أتاح إمكانية الحصول على المياه والصرف الصحي لأكثر من 1.1 مليون شخص.
علاوة على ذلك، فقد تم من خلال هذا المشروع تركيب 8 أنظمة للطاقة الشمسية الكهروضوئية لآبار المياه المستخدمة في الأغراض البلدية، بالإضافة إلى تركيب 40 نظاماً من أنظمة الطاقة الشمسية الكهروضوئية لآبار المياه في المجتمعات الريفية، وفق ما أوضحه التقرير.


مقالات ذات صلة

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

العالم العربي غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

وصف المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الخميس) اللقاء الذي جمعه برئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في عدن بـ«المثمر والجوهري»، وذلك بعد نقاشات أجراها في صنعاء مع الحوثيين في سياق الجهود المعززة للتوصل إلى تسوية يمنية تطوي صفحة الصراع. تصريحات المبعوث الأممي جاءت في وقت أكدت فيه الحكومة اليمنية جاهزيتها للتعاون مع الأمم المتحدة والصليب الأحمر لما وصفته بـ«بتصفير السجون» وإغلاق ملف الأسرى والمحتجزين مع الجماعة الحوثية. وأوضح المبعوث في بيان أنه أطلع العليمي على آخر المستجدات وسير المناقشات الجارية التي تهدف لبناء الثقة وخفض وطأة معاناة اليمنيين؛ تسهيلاً لاستئناف العملية السياسية

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

في خطوة أحادية أفرجت الجماعة الحوثية (الأحد) عن القائد العسكري اليمني المشمول بقرار مجلس الأمن 2216 فيصل رجب بعد ثماني سنوات من اعتقاله مع وزير الدفاع الأسبق محمود الصبيحي شمال مدينة عدن، التي كان الحوثيون يحاولون احتلالها. وفي حين رحب المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بالخطوة الحوثية الأحادية، قابلتها الحكومة اليمنية بالارتياب، متهمة الجماعة الانقلابية بمحاولة تحسين صورتها، ومحاولة الإيقاع بين الأطراف المناهضة للجماعة. ومع زعم الجماعة أن الإفراج عن اللواء فيصل رجب جاء مكرمة من زعيمها عبد الملك الحوثي، دعا المبعوث الأممي في تغريدة على «تويتر» جميع الأطراف للبناء على التقدم الذي تم إنجازه

علي ربيع (عدن)
العالم العربي أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

في مسكن متواضع في منطقة البساتين شرقي عدن العاصمة المؤقتة لليمن، تعيش الشابة الإثيوبية بيزا ووالدتها.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

فوجئ محمود ناجي حين ذهب لأحد متاجر الصرافة لتسلّم حوالة مالية برد الموظف بأن عليه تسلّمها بالريال اليمني؛ لأنهم لا يملكون سيولة نقدية بالعملة الأجنبية. لم يستوعب ما حصل إلا عندما طاف عبثاً على أربعة متاجر.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

يجزم خالد محسن صالح والبهجة تتسرب من صوته بأن هذا العام سيكون أفضل موسم زراعي، لأن البلاد وفقا للمزارع اليمني لم تشهد مثل هذه الأمطار الغزيرة والمتواصلة منذ سنين طويلة. لكن وعلى خلاف ذلك، فإنه مع دخول موسم هطول الأمطار على مختلف المحافظات في الفصل الثاني تزداد المخاطر التي تواجه النازحين في المخيمات وبخاصة في محافظتي مأرب وحجة وتعز؛ حيث تسببت الأمطار التي هطلت خلال الفصل الأول في مقتل 14 شخصا وإصابة 30 آخرين، كما تضرر ألف مسكن، وفقا لتقرير أصدرته جمعية الهلال الأحمر اليمني. ويقول صالح، وهو أحد سكان محافظة إب، لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد بسبب الحرب فإن الهطول ال

محمد ناصر (عدن)

الحوثيون... أكثر حليف يخشى هزيمة النظام الإيراني

زعيم الحوثيين يدعو للتظاهر أسبوعياً في صنعاء وبقية المناطق الخاضعة لجماعته في سياق استعراض التأييد (أ.ب)
زعيم الحوثيين يدعو للتظاهر أسبوعياً في صنعاء وبقية المناطق الخاضعة لجماعته في سياق استعراض التأييد (أ.ب)
TT

الحوثيون... أكثر حليف يخشى هزيمة النظام الإيراني

زعيم الحوثيين يدعو للتظاهر أسبوعياً في صنعاء وبقية المناطق الخاضعة لجماعته في سياق استعراض التأييد (أ.ب)
زعيم الحوثيين يدعو للتظاهر أسبوعياً في صنعاء وبقية المناطق الخاضعة لجماعته في سياق استعراض التأييد (أ.ب)

قبل أن تدخل إيران و«حزب الله» اللبناني على خط الدعم السياسي والعسكري للحوثيين في مواجهة الحكومة اليمنية قبل عام 2004 وبعده، لم تكن الجماعة تُشكّل رقماً في المعادلة السياسية في البلاد، وكانت كل محاولة منها للعودة إلى واجهة الحكم تفشل عقب الإطاحة بأسلافها الإماميين في عام 1962.

ووفق مصادر سياسية واستخبارية يمنية تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، فإن الجماعة ترى في بقاء نظام المرشد الإيراني علي خامنئي مسألة وجودية لها؛ لأنها ومن دونه لن تستطيع البقاء، إذ باتت تخشى ردة فعل انتقامية من قطاع عريض من الشعب اليمني والقوى السياسية التي استقوت عليهم بالدعم والأسلحة الإيرانية.

ومع تسبب الجماعة في تشريد 4.5 مليون يمني، واعتقال الآلاف من المدنيين، ترى المصادر أن الخشية لدى الحوثيين من تغيير النظام الحاكم في طهران أو هزيمته تتجاوز مخاوف بقية حلفاء إيران في المنطقة؛ لأنهم، وبعد الضربات التي وُجّهت لـ«حزب الله» اللبناني، باتوا يدركون أنهم قاعدة الارتكاز الأساسية لذلك النظام في المنطقة العربية، وأن انهياره يعني نهاية مأساوية لهم.

وعلى الرغم من أن قياديين سابقين في الجماعة يجزمون بأن التدخل الإيراني المباشر في دعم الحوثيين تم في الجولة السادسة من المواجهة مع القوات الحكومية في محافظة صعدة، فإن مصادر مخابراتية أكدت أن الجماعة بدأت اتصالاتها مع طهران منذ منتصف الثمانينات، حيث زارها بدر الدين الحوثي والد مؤسس الجماعة.

الحوثيون انخرطوا فيما يسمى «محور المقاومة» بقيادة إيران (إ.ب.أ)

وكان مؤسس الجماعة حسين بدر الدين الحوثي، قُتل في المواجهة مع القوات الحكومية، قبل أن يخلفه أخوه عبد الملك بدر الدين الحوثي، الذي يقود الجماعة حالياً.

وذكرت المصادر أنه طوال الفترة التي أعقبت عام 1998، عندما فضّ حزب «المؤتمر الشعبي» برئاسة الرئيس الراحل علي عبد الله صالح التحالف مع حزب «التجمع اليمني للإصلاح» ذي التوجه السني، عاد التيار الحوثي للعمل والتخطيط لاستعادة حكم الأئمة.

بداية التغلغل

وفق المصادر السياسية والأمنية اليمنية، فإنه منذ تعيين أحمد الشامي رئيس حزب «الحق» (الشيعي) وزيراً للأوقاف في الحكومة اليمنية استأنف هذا التيار، الذي كان ينضوي في إطار حزب «الحق» تحديداً ويتوزع في بقية المنظومة السياسية، نشاطه.

وفي حين اتخذ التيار- بحسب المصادر- من شعار إحياء المذهب الزيدي غطاءً لتحركاته، تدفق خلال هذه الفترة وما بعدها، العشرات من عناصره على العاصمة السورية دمشق، التي كانت تشكّل محطة انتقال رئيسة إلى لبنان للتدريب لدى «حزب الله»، أو الذهاب مباشرة إلى إيران.

الحكومة اليمنية تتهم إيران بتسليح الحوثيين بالصواريخ والمسيرات ودعمهم بالخبراء (إ.ب.أ)

وطبقاً لما ذكرته لـ«الشرق الأوسط» المصادر المخابراتية اليمنية التي كانت تعمل إبان حكم الرئيس صالح، فإن تغلغل التيار السلالي للحوثيين في مفاصل الدولة ومواقع القرار، كان كفيلاً بالتشكيك في كثير من التقارير الأمنية عن أداء ما عُرف باسم «تنظيم الشباب المؤمن»، الذي استقطب الآلاف من مراهقي ذات السلالة إلى محافظة صعدة تحت شعار المخيمات الصيفية.

وأكد أحد المصادر أن حجم الاختراق امتد إلى المكتب الرئاسي، وأن التقارير التي كانت تُرفع عن رحلات أفراد من التيار إلى سوريا ولبنان وطهران، كانت تُحجب عن الرئيس صالح أو تُقدَّم له بصيغة تبريرية تقلل من أهمية هذا النشاط.

المواجهة الأولى

في حين كانت الساحة اليمنية تشهد جموداً غير عادي بعد الفوز الأخير الذي حققه الرئيس الراحل علي عبد الله صالح في انتخابات 2001 وفي المجالس المحلية، وتراجع دور وتأثير المعارضة السياسية، أفاق اليمنيون في منتصف يونيو (حزيران) على نبأ تسيير حملة عسكرية للقبض على حسين الحوثي مؤسس الجماعة.

وكان الحوثي الذي أطل من خلال مؤسسي منتدى «الشباب المؤمن» بدأ العمل على تأسيس تنظيم مسلح يقترب في رؤيته مع التوجه الإيراني، خلافاً لما كان عليه المذهب الزيدي، الذي تأسس المنتدى بحجة إعادة إحيائه.

الحوثيون استغلوا صراع القوى والأحزاب اليمنية للانقلاب على التوافق الوطني في 2014 (إ.ب.أ)

ويؤكد مسؤولون يمنيون سابقون أنه، وإلى ما قبل تعيين اللواء يحيى العمري محافظاً لمحافظة صعدة، كان أغلب المسؤولين يغضّون الطرف عن النشاط المتزايد لحسين الحوثي وأتباعه.

وقد أكد على ذلك الرئيس صالح بنفسه، والذي أمر بإطلاق حملة عسكرية للقبض على حسين الحوثي وإحضاره إلى صنعاء، لكنه رفض وأعلن المقاومة المسلحة حتى لقي مصرعه قبل نهاية العام ذاته، وهو ما يوضح- بحسب المصادر- حجم النفوذ والاختراق الذي كان هذا التيار قد وصل إليه في مختلف مفاصل الدولة اليمنية.

اختراق الأحزاب

بينما استفادت السلالة التي ينتمي إليها الحوثيون من الكراهية التي تكونت ضد جماعة «الإخوان المسلمين»، التي كان حزب «الإصلاح» آنذاك واجهتها في اليمن، تمكن المنتمون لها من التوزع في إطار المكونات السياسية الأخرى القومية واليسارية وحزب «المؤتمر الشعبي»، الذي أسسه وتزعمه الرئيس صالح.

وهذا الأمر، وفق سياسيين يمنيين، سهّل لهذا التيار التحكم في معظم التوجهات السياسية، ومكّنه من العمل، بل وتقديم المنتمين له بصفتهم البديل (الديني) الموضوعي المعتدل والمنفتح لفكر «الإخوان».

زعيم الحوثيين اكتفى في أحدث خطبه بالدفاع عن سلامة نوايا إيران والحديث عن قوتها (إ.ب.أ)

واستدلت المصادر بمواقف تكتل أحزاب «اللقاء المشترك»، الذي كان يضم حزب «الإصلاح» والتيارين القومي واليساري، من الحملة العسكرية ضد الحوثيين في بداية التمرد، حيث رفض التكتل إدانة رفع السلاح في وجه الدولة، بل وأدان العملية العسكرية من خلال وصفها بالحروب الداخلية.

ورأت المصادر، أن ذلك وفّر الغطاء السياسي للتمرد الحوثي، الذي تُوِّج في عام 2011 عبر ما عُرف باسم «الربيع العربي»، حين تم إدخالهم إلى ساحة الاعتصامات في جامعة صنعاء، ومن ثم تبنّي الحكومة التي ترأسها «المشترك» بقيادة حزب «الإصلاح»، إدانة الحرب على التمرد الحوثي، وإصدار رئيسها محمد باسندوة اعتذاراً رسمياً عنها.

مساندة باهتة

خلافاً لمواقف زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي وخطاباته تجاه الأحداث في المنطقة، تجنب في خطبته الأخيرة (الخميس) إعلان موقف واضح داعم للنظام الإيراني في المواجهة مع تل أبيب، أو الكشف عن خطوات يمكن أن تُتخذ لدعمه، بخاصة وأن سلطان السامعي، عضو المجلس الانقلابي الذي يحكم مناطق سيطرة الجماعة، كان قد استبقه وهدد بإغلاق مضيق باب المندب دعماً لطهران في هذه المواجهة.

ورأى المراقبون في خطبة الحوثي اعتدالاً غير متوقع من الحوثي، حيث كرّس خطابه فقط للدفاع عن سلامة النوايا الإيرانية بخصوص برنامجها النووي، مع محاولة طمأنة أتباعه بقوتها وعدم استسلامها؛ وهو ما يعكس حجم مخاوفه من تطور المواجهة بين تل أبيب وطهران.

وعلى الرغم من اشتداد المواجهة بين إيران وإسرائيل، فإن المشاركة الحوثية فيها بقيت محدودة حتى الآن، على عكس ما أظهرته الجماعة في السابق في إطار ما قالت إنه إسناد للفلسطينيين في قطاع غزة.

صواريخ إيرانية أُطلقت باتجاه إسرائيل رداً على ضربات الأخيرة (إ.ب.أ)

ولم يسُجّل سوى إطلاق عدد محدود من الصواريخ نحو إسرائيل، في خطوة لا تعكس مستوى العلاقة التي تربط الحوثيين بالقيادة الإيرانية، ولا الدعم العسكري الذي حصلت عليه ومكّنها من الصمود في مواجهة القوات الحكومية حتى الآن.

ويقول الباحث اليمني محمد حسين القاضي إن الدور الإيراني في اليمن أثار الجدل حول طبيعته وحجمه وأهدافه، فعلى مدى سنوات طويلة قبل عام 2011، كان هناك كثير من المؤشرات على أن إيران تتدخل في الشأن اليمني الداخلي، سواء عبر دعم الحوثيين في صراعهم مع الحكومة المركزية في صنعاء، أو عبر دعم بعض الأجنحة السياسية.

وفي حين كان من غير الممكن إنكار الدعم السياسي والإعلامي الإيراني للحوثيين أو لبعض الأطراف السياسية، فإن الدعم العسكري والمالي الإيراني لهم كان موضع تشكيك من قِبل البعض، ولم يكن سهل الإثبات دائماً. وفق ما يقوله الباحث اليمني.

لكن هذا الوضع– بحسب القاضي- شهد تغيراً واضحاً منذ عام 2011؛ إذ بدأ هذا الدعم يتخذ طابعاً سافراً مع تزايد التدخلات الإيرانية في اليمن، في ظل الأوضاع الفوضوية التي رافقت أو أعقبت أحداث الإطاحة بنظام الرئيس صالح.

وشكلت هذه الأوضاع- وفق قوله- مشهداً سياسياً معقّداً ومضطرباً، أتاح لإيران مجالاً رحباً لتعزيز دورها، وتوسيع نفوذها على الساحة اليمنية (...) وإمداد حلفائها -وخصوصاً الحوثيين المتقاربين معها مذهبياً وآيديولوجياً- بمختلف أشكال الدعم.